فاروق جعفر هو اشهر شخصية كروية في نادي الزمالك خلال الأعوام الثلاثين الأخيرة. كان النجم الأول للزمالك على مدار 15 عاماً، رغم وجود الافذاذ طه بصري وحسن شحاتة وعلي خليل وابراهيم يوسف... واصبح اصغر من تولى وظيفة المدرب في النادي العتيد عندما اختاره الاسكتلندي دايف ماكاي المدير الفني للفريق في الموسم 91-1992، وحقق في موسمين متتاليين ما لم يحققه مدرب آخر عبر تاريخ النادي حيث قاده الى احراز الدوري عامي 92 و93، وحقق الفوز على الأهلي ذهاباً إياباً للمرة الأولى في تاريخ الدوري. وقفز جعفر الى مقعد المدير الفني لمنتخب مصر عام 1996، وأخيراً عاد الى بيته الأصلي والأول، وبات أصغر مدير فني من ابناء الزمالك... حاورته "الحياة" وكان صريحاً للغاية في ردوده. هذا ما فعلته يعيش الزمالك عصراً ذهبياً منذ بدأت تدريبه نهاية العام الماضي. فاز في خمس مباريات في الدوري وكأس مصر... إنجاز جيد و18 هدفاً وشباك نظيفة. فهل الفرصة ذهبية للفوز بالكأس في غياب الأهلي والمصري والاتحاد؟ - ابتسم قليلاً ثم اتسعت ابتسامته وضحك بصوت عالٍ لا يمكن القول ان الزمالك يعيش عصراً ذهبياً لمجرد الفوز في خمس مباريات متتالية بينها مباراتان على فريقين من الدرجة الثانية، لكنني أؤكد أن الزمالك نحو الأفضل بعد رحلة بالغة الصعوبة فقد خلالها الفريق هويته واسلوبه وخسر ثلاث مباريات من أصل 5 في الدوري، وهو أمر لم يحدث في تاريخ النادي منذ تأسيسه، وتعرض عدد كبير من اللاعبين للقهر داخل ناديهم. ومن دون الخوض في تفاصيل الفترة السابقة التي تولى خلالها الهولندي رود كرول مسؤولية الزمالك عبر 20 شهراً متصلة، حرصت على الاهتمام بعدة أمور رئيسية أولها غرس الانتماء وحب النادي لدى اللاعبين... والحقيقة أن الزمالك تحول في المرحلة الماضية الى عزبة خاصة للاعبين القادمين من الاندية الأخرى حتى اصبح كالملجأ لا يعرف فيه اللاعبون بعضهم، وفقد ابناء النادي شعورهم بالثقة والامان، ونجحت تماماً مع زملائي في هذه النقطة وعاد الكبار الى مواقعهم في الفريق. فنياً، كان ضرورياً تغيير طريقة اللعب من 4 - 4- 2 الى 3 - 5 - 2 التي تتلاءم مع طبيعة اللاعب المصري، وكان دفاع الزمالك أشبه بالشوارع المفتوحة في ظل الطريقة السابقة، ولم يدخل مرمانا أي هدف بعد إجراء التعديل في الدفاع. ولا يخفى على أحد أن ثبات التشكيل هو الطريق الأول للنجاح، وكان الزمالك اعتمد على أكثر من 30 لاعباً - رقم قياسي بين الاندية المصرية - في النصف الاول من الموسم. كأس مصر توقف فاروق جعفر قليلاً وتنهد بعمق واستأنف حديثه أما عن كأس مصر والحديث عن فوز الزمالك بها قبل الأوان فهو أمر لا يرد إلا عن شخص غير فاهم أو غير متابع للتاريخ والأحداث، أو شخص يريد غرس الثقة الزائدة والزائفة في قلوب اللاعبين وعقولهم لإبعادهم عن الفوز بالكأس... ذكريات الزمالك مع كأس مصر مؤلمة جداً، ولم يفز باللقب منذ 11 عاماً كاملة، وكان خروجه في معظم المواسم الماضية على أيدي فرق صغيرة. وعلى سبيل المثال، خرجنا العام الماضي في القاهرة على يدي نادي الشرقية للدخان من الدرجة الثانية، وتكرر خروجنا على ايدي غزل المحلة والمنصورة والاسماعيلي، لذلك لا يمكن أبداً التأكيد على فوز الزمالك بالكأس، وشاهدنا أخيراً هزيمة الأهلي على ملعبه وأمام جمهوره في القاهرة من الاتحاد السكندري في مباراة سادها الأهلي تماماً... ثقتي كاملة بأن مسابقة الكأس لا تزال في الملعب، وهي صعبة جداً ولدينا مباراة قوية مع مزارع دينا في ربع النهائي، ولم يفز الزمالك عليه في الدور الأول للدوري إلا بهدف يتيم وكان مزارع دينا الفريق الأحسن معظم الوقت. ويلعب الزمالك في حال فوزه ضد المنصورة في نصف النهائي في المنصورة، والجميع يعلم أن الزمالك لم يفز في المنصورة خلال المواسم الثلاثة الأخيرة، وخسر مرتين 1-4 عام 1996 وصفر-1 عام 1998 وتعادلا 2-2 عام 1997 مما يشير الى الصعوبة الهائلة للمباراة. ولا تزال في الجانب الآخر من مسابقة الكأس فرق الاسماعيلي والمقاولين العرب والكروم، وكلها فرق محترمة وقوية. الدوري والأهلي طموحكم كبير في إحراز بطولة الدوري بعد تدهور مستوى الأهلي أخيراً. هل هذا صحيح؟ - تبدو المهمة أصعب جداً لأن الأهلي يتقدم في النقاط وبفارق كبير، وحصولنا على اللقب لا يرتبط فقط بنتائجنا الطيبة في المباريات المقبلة بل يرتبط أيضاً بالنتائج السلبية التي يمكن ان يحققها الأهلي... أختلف مع القائلين إن مستوى الأهلي تدهور بشدة، ومعرفتي الطويلة به تؤكد أنه يتجاوز المحن والأزمات بسرعة بفضل إدارته القوية والروح العالية للاعبيه، ونحن في الزمالك لا ننظر لنتائج الأهلي ونركز أولاً على ضرورة الفوز في كل المباريات المقبلة، والفاهمون لكرة القدم يدركون أن انتصارات الزمالك تشكل ضغطاً على لاعبي الأهلي والعكس صحيح... لذلك ستكون مباراتنا المقبلة ضد الاسماعيلي في الاسماعيلية نقطة تحول في مسار الفريق، والفوز بها يفتح الطريق أمام الزمالك لمنافسة جادة وطويلة على لقب البطولة. والمشوار لا يزال طويلاً للفريقين خصوصاً أن كل المباريات صعبة، وشاهدنا الأهلي يتعادل ويخسر في القاهرة مع غزل المحلة والاتحاد بينما يفوز في الاسماعيلية والمحلة والمنصورة والاسكندرية. ويمكنني القطع بأن الزمالك لن يكون منافساً سهلاً أو مستسلماً، ونحن حريصون على التمسك بكل أمل لنا في الفوز بالبطولة التي لم نحصل عليها منذ الموسم 93-94. كنت مدرباً للزمالك مع الاسكتلندي ديف ماكاي في آخر موسم حصل فيه الفريق على بطولة الدوري في 92-93. ما هو سر فوزكم سابقاً وأسرار الهزائم التي لحقت بالفريق بعد ابتعادكم؟ - الزمالك في بداية التسعينات كان احسن فريق في مصر بكل المقاييس، كان لدينا أكثر من حارس ممتاز مثل حسين السيد وأيمن طاهر ونادر السيد، وأحسن لاعبي الدفاع على الاطلاق هشام يكن واشرف قاسم واحمد رمزي وحسين عبداللطيف، واحسن لاعبي الوسط أيضاً رضا عبدالعال واسماعيل يوسف وحمادة عبداللطيف وخالد الغندور واحسن المهاجمين جمال عبدالحميد وايمن منصور، ونعمنا بفترة إدارية ناجحة ونفذنا فكراً تدريبياً متطوراً، واجتمعت كل العناصر لنحقق الفوز باستمرار، ولم يكن الأهلي هو المنافس لنا في ذلك الوقت بسبب فارق المستوى الكبير لمصلحتنا. لكن خسارة مفاجئة أمام الاهلي صفر-3 في مباراة غير متكافئة مطلقاً بعد أن لعبها الزمالك بعشرة لاعبين من الدقيقة الأولى اثر طرد نبيل محمود قلبت الموازين، فتدخلت الإدارة بشكل خاطئ وأطاحت بالجهاز الفني وبدأ الانهيار في الزمالك، وعلى مدار خمس سنوات قام بتدريب الزمالك 9 مدربين بينهم 3 أجانب من المانيا والنمسا وهولندا... وكما قلت أسعى أولاً لإعادة الاستقرار والثقة والثبات للاعبين وبعدها تأتي الانتصارات والبطولات... كرة القدم الحديثة لا تعترف اليوم بالاسماء أو النجوم أو "المعلمين" كما يطلق عليهم جمهور الزمالك وانما باللاعب القوي والسريع والملتزم. جعفر في سطور - من مواليد حي المنيرة في القاهرة عام 1952، وله عشرة أشقاء. - حصل على الشهادة الجامعية في تخصصه، كرة القدم، من كلية التربية الرياضية وحصل أيضاً على الدراسات العليا. - كان أهلاوياً متعصباً في طفولته وعاشقاً لرفعت الفناجيلي نجم وسط الأهلي في الستينات، وحاول الانضمام للاهلي عام 1965، لكن اصدقاءه اصطحبوه الى الزمالك وكان حسن الاستقبال من مدربه الأول حمادة الشرقاوي وراء تحوله التام ليصبح قطباً من اقطاب الزمالك. - لعب في معظم مراكز الفريق، وبدأ مع الناشئين في الجناح الأيسر، وعرفه الجمهور عندما لعب رأساً للحربة، وبدأ مع الفريق الاول في مركز الظهير الأيمن، وتحول الى مركزه المفضل في وسط الملعب، ولعب مضطراً في مركز قلب الدفاع مباريات عدة. - انضم الى الفريق الأول للزمالك عام 1969 ولعب مباراته الأولى قبل أن يكمل 17 عاماً بديلاً لكابتن الزمالك يكن حسين الذي أكمل في ذلك الموسم 20 عاماً في ملاعب الكرة. - انضم جعفر الى منتخب مصر عام 1970 في دورة ألعاب البحر المتوسط في ازمير، ولعب مباراته الأولى ضد يوغوسلافيا. - كان أول لاعب مصري يتخطى حاجز 80 مباراة دولية. - احترف لشهور قليلة في نادي نيويورك كوزموس عام 1980. - اعتزل اللعب عام 1986، وشهد أكثر من 100 ألف متفرج مباراة اعتزاله بين منتخبي مصر والكويت في القاهرة عام 1989. - عمل في التدريب فور اعتزاله، وتنقل كثيراً بين اندية مصر في المحلة وشبين الكوم وبورسعيد والقاهرة، وتولى منصب المدير الفني لمنتخب مصر عام 1996. - يحصل على أعلى راتب لأي مدرب وطني في الاندية المصرية.