ظاهرة غريبة... تشهدها الساحة الكروية في مصر في الوقت الحالي. الظاهرة هي ان مشاهير النجوم يريدون العودة الى الأضواء بصورة مختلفة. فمحمود الخطيب نجم الأهلي المعروف استغل فرصة بطولة الأندية العربية لأبطال الكؤوس التي اقيمت في القاهرة، ليمد جسوراً مع ادارة النادي التي كادت ان تحرمه من تحقيق أمانيه عندما تم الاتفاق على عدم دخوله الانتخابات الماضية منذ حوالي عامين. مجدي عبدالغني نجم الأهلي ومنتخب مصر في كأس العالم 1990، وصاحب الهدف الوحيد في مرمى هولندا... حاول ان يعود من خلال دور جديد يستطيع ان يلعبه، وهو المدير الاداري للمنتخب... وما زال يحاول... ويستند في ذلك الى الخبرة الكبيرة التي يتمتع بها نتيجة احترافه الطويل في البرتغال. طاهر أبو زيد نجم الأهلي والمنتخب، الذي اجبرته ادارة ناديه على الأعتزال منذ أكثر من عامين، بذل جهوداً كبيرة كي يشق طريقه كرجل أعمال، يستطيع ان يفرض وجوده، خصوصاً في انتخابات النادي بعد عامين... وأغلب الظن انه قطع مشواراً طويلاً في هذا المجال. أما جمال عبدالحميد نجم الزمالك ومنتخب مصر الذي اعتزل منذ حوالي أربع سنوات فقد جرب حظه في السينما، وهو يريد الآن بعد فشله ان يغلق ملف الفن نهائياً ليعود الى كرة القدم التي يعتقد انها في حاجة الى جهوده... ولا سيما كمدير فني لمنتخب مصر. "الوسط" التقت جمال عبدالحميد أو "جيمي" كما يحلو للجماهير ان تناديه، ولم يخف نجم مصر السابق انه يطمح الى تدريب المنتخب. رصيد نادر هل تفكر فعلاً في ان تتولى مسؤولية تدريب منتخب مصر؟ - نعم... وهذا من حقي ولعله طموح منطقي بعيداً عن الغرور والأوهام. كيف؟ - من المؤكد ان خبرتي ورصيدي كلاعب يجعلانني مؤهلاً أكثر من سواي لتدريب المنتخب... من هو اللاعب الذي تألق في الأهلي والزمالك وكان رئىساً لمنتخب مصر في كأس العالم 1990، وقبل ذلك حقق لأكبر ناديين في مصر رقماً قياسياً من البطولات المحلية والقارية... كما حقق للمنتخب الفوز بذهبية افريقيا في القاهرة 1986، وذهبية الدورة الافريقية في نيروبي 87؟ ان بمقدور اللاعب الذي يملك هذا الرصيد ان يكون مدرباً ناجحاً خصوصاً اذا درس بعد الاعتزال... وأنا درست. يبدو أنك في انتظار فرصة العمر. - اعمل الآن مدرباً لفريق تحت 19 سنة بنادي الزمالك، وسأظل أعمل في التدريب حتى يأتي يوم أتولى فيه تدريب منتخب مصر. ولكنك طلبت ذلك رسمياً منذ أقل من عامين. - نعم، لقد أدركت أنني قريب جداً من اللاعبين، اذ شاركت بعضهم اللعب، وكما قلت ان خبرتي "طازجة" واستطيع ان أوصل فكري وقدراتي الى اللاعبين أكثر من أي مدرب آخر. بعد ان استغنى اتحاد كرة القدم عن الروماني ستايكو عقد الاتحاد اجتماعاً لاختيار مدرب يقود المنتخب في بطولة الامم الافريقية في تونس في آذار مارس 1994. كان ذلك قبل البطولة بشهرين، فعرضت خدماتي، وقلت انني على استعداد لأن أتولى المهمة... ولم تكن هذه مغامرة، ولكن كانت مسألة مدروسة جداً. متى تدق الساعة وهل استجاب اتحاد الكرة؟ - لم يستجب، ويبدو انه لا يزال يرى ان خبرتي ضعيفة. وهل أنت ترى ان الوقت لم يحن بعد؟! - أنا من المؤمنين ان التدريب موهبة، ومن الممكن ان يقوم النجم الذي يتمتع بالخبرة بدور المدير الفني، وان يأتي بمن يساعده في وضع برنامج اللياقة البدنية. هذا يعني ان أي نجم كبير يمكن ان يكون مدرباً لمنتخب بلاده دون دراسة؟ - قلت: ان رصيد النجم من الرحلات والمباريات والبطولات يضيف اليه خبرة تزيد كثيراً على الخبرة التي يملكها من عكف على دراسة في كل بلاد الدنيا... ولكنه لم يلعب. والمثال على ذلك هو ان فرنسا وهي دولة عظمى في كرة القدم لم تفرط في موهبة بلاتيني واسندت اليه مهمة تدريب منتخبها بعد اعتزاله مباشرة... والشيء نفسه فعلته المانيا مع القيصر بيكنباور. إذن... كان اختيار محمود الخطيب كمدير اداري لمنتخب مصر مع الجوهري في آخر 1988 قراراً موفقاً لاتحاد الكرة؟ - نعم، فالخطيب لاعب كبير، ومقنع، واعتقد انه قادر على تدريب منتخب مصر ايضاً... أو بمعنى آخر قيادة المنتخب من الناحية الفنية. ولكنه فضل مشوار الادارة؟ - الخطيب ناجح إدارياً ويمكنه ان ينجح فنياً اذا أراد ان يقتحم هذا المجال؟ هل تعتقد ان جيلك لم يأخذ حظه من الرعاية في حقل التدريب؟ - من الصعب الحكم على جيل بأكمله، لأن لكل فرد طموحه... فطموحي مثلاً يختلف عن الخطيب، بدليل أنني اعمل الآن مدرباً للشباب، والخطيب يمشي في طريق الادارة. وأنا أختلف عن مجدي عبدالغني الذي فضل ان يكون رجل أعمال. وهكذا يكون من غير المنطقي ان يكون الكلام بشكل عام. ما هي مقومات المدير الفني من وجهة نظرك؟ - المدير الفني يجب ان يكون شخصية مقنعة للاعبين، وهذا لن يحدث إلا اذا شعر اللاعبون ان مديرهم الفني أعلى منهم مستوى في كل شيء. ومن هو المدير الفني الذي يملك هذه المقومات من وجهة نظرك؟ - لا يوجد في مصر إلا محمود الجوهري. إنه يتمتع بشخصية قوية ومقنعة للاعبين لأنه كان لاعباً مشهوراً، ولعب دولياً ويملك موهبة التدريب. وهل أنت تملك موهبة التدريب؟ - نعم أملكها. لماذا لم يعطك الزمالك الفرصة إذن؟ - في الزمالك طابور طويل من المدربين الذين يجلسون في إنتظار دورهم، وهؤلاء يفضلون النادي، ويجدون أنفسهم فيه، أما أنا فربما كنت أكثر ارتباطاً بالمنتخب نتيجة للسنوات الطويلة التي أمضيتها فيه. هل أنت محظوظ؟ - أحياناً أشعر أنني مظلوم، وأحياناً اشعر أنني محظوظ. متى شعرت بالظلم؟ - عام 1984 عندما طردني النادي الأهلي... وقتها كنت أؤدي التدريب عندما اصطدم بي زميلي اكرامي حارس المرمى فأصبت بكسر في الساق، تطلب اجراء جراحة خطيرة، وبالفعل وضعوا في ساقي 18 مسماراً، ولم يتوقع أحد أن أعود الى الملاعب مرة اخرى، ولكني تحديت نفسي، وعدت الى الملاعب وانضممت الى نادي الزمالك وحققت معه الكثير والحمد لله ويكفي انني كنت رئيساً لمنتخب مصر في كأس العالم 1990 وهو قمة المجد لأي لاعب. ومتى شعرت بأنك محظوظ؟ - عندما تألقت وسمعت هتافات الجماهير وتلك كانت لحظات كثيرة في مشوار حياتي. ومتى بلغت قمة السعادة؟ - عندما عدت من كأس العالم بإيطاليا 1990 شعرت بأنني اسعد انسان في الدنيا لأنني تقدمت الجيل الذي أعاد مصر الى المونديال بعد 56 عاماً من الغياب. وماذا ينقص الكرة المصرية من وجهة نظرك؟ - اذا تحملت مسؤولية تدريب منتخب مصر، فأول قرار سأتخذه هو تطبيق نظام الاحتراف بمعناه المعروف في أوروبا، حتى يمكن محاسبة اللاعب واخضاعه للأصول والمبادئ التي ترفع مستواه. ان تطبيق الاحتراف سيوفر الكثير في تنفيذ أساليب التدريب، وو ضع نظم الاحتكاك في الداخل والخارج. وهل فعل الجوهري هذا؟ - أهم أسباب نجاح الجوهري انه حاول ان يطبق نظام الاحتراف على لاعب المنتخب بصفة خاصة لأن الأندية واتحاد كرة القدم لم ينفذا الاحتراف بمعناه المفهوم، لقد وضع الجوهري لائحة للاعبين ولائحة للمكافآت ولائحة للتدريب كما و ضع نظاماً مالياً للتعامل والتزم اللاعبون تطبيق كل ما هو مطلوب فكانت النتائج ايجابية لا سيما بعد فرص الاحتكاك التي اخذها اللاعبون في دول اوروبا وفي الدول العربية والافريقية. ان هذا الاسلوب الذي وضعه الجوهري أدى الى النجاح وقد استفدت من هذه التجرية كمدرب الآن. أسباب التراجع ما رأيك في مستوى الكرة المصرية الآن؟ - الكرة المصرية تتراجع بعد ان وصلت الى الذروة في ايطاليا 1990. ما هو السبب؟ - بل ما هي الاسباب، السبب الأول: عدم وضوح هوية اللعبة. وثانياً: عدم استقرار المسابقة المحلية وأعني بذلك الدوري. وثالثاً: عدم توفر الكوادر الوطنية من المدربين القادرين على النهوض بمستوى فرقهم. رابعاً: قلة المواهب في الملاعب وبالطبع تلعب الموهبة دوراً مهماً في اضفاء الشكل الجمالي على اللعبة، كما تلعب دوراً في تحقيق افضل النتائج. وكيف تعمل مع فريقك في الزمالك في ضوء هذه الاسباب؟ - المدرب اذا كان لاعباً معروفاً، فهو بذلك يلعب دوراً اساسياً في التعليم، تعليم التمرير، التسديد، العاب الهواء، وتعليم الخطط أيضاً، وانا أعمل بهذا الاسلوب العصري، لهذا من المتوقع ان تظهر بصماتي في الفريق الأول للزمالك بعد سنوات قليلة. ما رأيك في مستوى الزمالك؟ - الزمالك يضم أفضل مجموعة لاعبين بين الاندية المصرية، وبعد اعتزالي توقعت ان يحتفظ الفريق ببطولة الدوري سنوات عدة، ولكن هذا لم يحدث لأن الخلافات هي السمة الغالبة على العلاقات سواء بين اللاعبين وبين الادارة واللاعبين... ولو ان الأمور سارت هادئة لما وقف أي فريق أمام الزمالك. وكيف ترى مستقبل الفريق؟ - مستقبل الفريق يتوقف على موقف الادارة أولاً. من هو خليفتك في الملاعب؟ - كان عندي أمل ان يكون مصطفى ابراهيم لاعب الزمالك الذي لم يشترك هذا الموسم الا نادراً... هو خليفتي، ولكنه لم يأخذ فرصته. هل أنت "أهلاوي"؟ - لا... أنا "زملكاوي". ما هي أمنياتك؟ - أمنيتي الأولى ان أقود منتخب مصر كمدرب، وهذا سيحدث آجلاً أو عاجلاً.