باكراً بدأت حملة الانتخابات الرئاسية في ايران، المقررة في تموز يوليو من العام المقبل. فالانتخابات التشريعية التي حمى وطيسها في آذار مارس الماضي كانت مجرد ستار لانتخابات الرئاسة، والحديث عن المرشحين لمجلس الشورى كان يستهدف رئاسة الجمهورية، وما تشكيل مجموعة "كوادر بناء ايران" الملتزمة والمدعومة من الرئيس هاشمي رفسنجاني سوى دليل على ذلك. فهذا التجمع من "الكادرات" المؤيدة لخطة الاعمار والبناء التي يطبقها الرئيس الايراني في فترة الانتخابات الرئاسية هو المدخل العملي والاستعداد الحقيقي للانتخابات الرئاسية. قبل هذه الدورة لم تكن الانتخابات الرئاسية تثير حماس المسترئسين ولا شهيتهم. فالرئاسة كانت معقودة اللواء لپ"قلعة" الثورة والدولة في ايران، هاشمي رفسنجاني، لكن النص الدستوري الذي يمنع تمديد الرئاسة لفترة ثالثة هو الذي أثار الزوابع التي سرعان ما تحولت الى "اعصار" مع كل تأكيد بأن الدستور لن يعدل والرئاسة لن تجدد حتى ولو كان طالبها هاشمي رفسنجاني. ووراء عدم تعديل الدستور يكمن سببان: الأول، ان التعديل يعني ان ليس في البلاد شخصيات كفؤة لمنصب الرئاسة. والثاني، ان الوقت حان لفتح الباب أمام شخصيات سياسية لتتشكل من اجل مستقبل البلاد علي محمد بشارتي وزير الداخلية الحالي. وجاءت دعوة العلماء والشخصيات النافذة في قم الى اقرار هذا المبدأ تحت شعار ان رفسنجاني نفسه لا يريد التعديل ولا التمديد، لتحول نهائياً دون طرح الموضوع. وجاءت الجلسة الافتتاحية لمجلس الشورى في الأول من حزيران يونيو الماضي، لتحسم الجدل، فالمرشد علي خامنئي الذي يملك صلاحية طلب تعديل الدستور دعا في كلمته الى "اقامة علاقة صحية وسليمة بين مجلس الشورى والحكومة، سواء مع الحكومة التي يرأسها أحد أبرز شخصيات الثورة أي رفسنجاني أو مع الحكومة المقبلة التي ستكون بإذن الله على عاتق شخصية اخرى، هي أيضاً بارزة وكفء". هذا التأكيد من مرشد الثورة هو الذي أشعل نار الحملة الانتخابية للرئاسة، ودفع بالمسترئسين للخروج الى السطح، والعمل علانية من اجل هذا الاستحقاق الذي طال انتظاره. ومن الطبيعي ان الشخصيات المسترئسة، ليست حالات فردية، اذ تنتمي الى تيارات وقوى ناشطة داخل المجتمع الايراني وأيضاً - وهو الأهم - في قلب "نسيج" السلطة في الدولة. ويتم كل هذا في اطار خصوصية ايرانية ناتجة عن غياب الأحزاب منذ أمر الامام الخميني بذلك. والحديث عن "الخصوصية" الايرانية، يقود حتماً الى القول ان القوى السياسية والشخصيات الناشطة في مواقع القرار ليست مفروزة بشكل واضح وثابت ونهائي، فالتداخل قائم مما يقود في حالات كثيرة الى الخلط والمزج في التحليل والاحكام. والنقطة الجلية في قلب الحملة والنقاش المتعلق بالرئاسة هي: معمّم أم مدني للرئاسة الأولى؟ فهذا الموقع يتداوله منذ مطلع الثورة المعممون، بحيث لم يقترب منه أي مدني مهما علا موقعه. لكن قائمة الأسماء المطروحة حالياً للرئاسة تجمع معممين ومدنيين، والحسم في هذا الاتجاه أو ذاك سيكون أساساً من قبل خامنئي ومعه العلماء والمدرسون في الحوزات العلمية، خصوصاً في مدينة قم. لكن نقطة غامضة تطفو مرة على السطح وتختفي مرات وراء الستار أو في دهاليز مواقع القرار، هذه النقطة هي منظمة "الحجثية". ويعود الغموض الى ندرة المعلومات عنها، على رغم كثرة الاشارة همساً أو تصريحاً، الى دورها الفاعل، وحضور أعضائها وأنصارها في مواقع القرار. لذلك فإن الحملة الدائرة تمهيداً للانتخابات الرئاسية تشهد تركيزاً على الحضور المؤثر لپ"الحجثية" ولمناورات مضادة لها ولطموحات اعضائها. وأبرز الطامحين والعاملين منذ سنوات للرئاسة، هو رئيس مجلس الشورى الحالي علي أكبر ناطق نوري، وهو من دون شك "النجم الساطع" في الحياة السياسية في ايران. صعد السلم درجة درجة، بخبرة ودراية مستثمراً كل الفرص، ضمن دائرة واسعة من التحالفات. وتأكيداً للتداخل في المواقع والانتماءات فإن نوري كان من الأعضاء الناشطين في جمعية "روحانيات مبارز" رابطة علماء الدين المناضلين وأول ظهور له في الثورة، كان خلال استقبال الامام الخميني لدى وصوله الى طهران قادماً من باريس. فقد كان أحد أعضاء اللجنة الأمنية المسؤولين عن موكب الخميني وسلامته. وهو من دون شك، يقع في التيار المحافظ داخل "روحانيات". وهذا الانتماء هو الذي سهل له، بمد علاقاته باتجاه "المؤتلفة" جمعية الائتلاف الاسلامي و"الحجثية" وكلاهما على يمين الخط المحافظ لپ"روحانيات". وفي صيف 1994، أظهر نوري طموحه للرئاسة عندما اختلف مع آية الله كني أمين عام روحانيات منذ قبل الثورة وحتى ذلك التاريخ. وظهر هذا الخلاف الى العلن، عندما رفض كني علناً عمل نوري على تحزب الرابطة، وقد أدى الخلاف الذي تشعب وتناول دور رجال الدين في الدولة وعلاقة الدين بالسياسة الى استقالة كني من الامامة العامة للرابطة واختيار أمامي كاشاني اميناً عاماً مكانه. لكن نوري، الذي يعتبر أحد رجال خامنئي، يبدو وكأنه أصبح مصدر قلق، أساسه طموحه الزائد، والأهم شبكة علاقاته الواسعة التي تبدأ من "روحانيات" وتمتد يميناً لتربط "المؤتلفة" بپ"الحجثية" ومما يؤكد ذلك ان أعضاء من الشورى المركزية لجمعية الائتلاف الاسلامي، اجتمعوا قبل فترة قصيرة مع الأمين العام لپ"روحانيات مبارز" كاشاني والأمين العام لپ"جمعية مدرسي الحوزة العلمية" في قم أميني لدعم ترشيح نوري للرئاسة. وطبعاً جاء الجواب ان طرح الموضوع لا يزال سابقاً لأوانه، مما فسر بأنه "رسالة" مقرؤة من عنوانها. هل يعني ذلك ان حظوظ نوري معدومة؟ الواقع انه من المبكر القول ذلك، لكن من المؤكد ان حظوظه تتراجع، بسبب القلق من طموحاته غير المحدودة وطاقاته الكبيرة ومقدرته على المناورة. الى جانب ذلك فإن انتقال الرئاسة من رفسنجاني "المعتدل" الى نوري "المحافظ"، سيشكل انقلاباً أبيض على مرمى ثلاث سنوات من القرن الواحد والعشرين الذي يتطلب مرونة أكبر في صياغة العلاقات الدولية. المدني ولايتي هذا الوضع المستجد حول نوري يفتح الباب أمام مدني "عزيز على قلب" خامنئي، هو الدكتور علي أكبر ولايتي وزير الخارجية منذ الثمانينات. وولايتي طبيب الأطفال خريج جامعة بوسطن الأميركية، هو من منظمة "الحجثية" وكان عضواً فيها، ثم انضم الى الثورة فتخلى عن انتمائه علناً. ومنذ البداية احتمى بعباءة علي خامنئي. فتولى منصب نائب رئيس الهلال الأحمر ثم نائب وزير الصحة. وانتخب نائباً في مجلس الشورى في دورته الأولى، وعندما كان خامنئي رئيساً للجمهورية، طرحه مرشحاً لرئاسة الوزراء. الا ان الامام الخميني، وضمن خطته لمحاربة نفوذ "الحجثية" عمد الى تقوية تيار المتشددين الراديكاليين، فاختار مير حسين موسوي، لكن ذلك لم يمنع من تعيين ولايتي وزيراً للخارجية حيث لا يزال في منصبه. والمعروف عن ولايتي هدؤه، وقدرته الكبيرة على العمل اذ لا يزال يعالج مرضاه من الأطفال، ويؤلف الكتب الى جانب مهماته الوزارية. وقد استطاع خلال السنوات الطويلة في وزارة الخارجية ان ينسج شبكة علاقات خارجية واسعة، خصوصاً مع ألمانيا ووزير خارجيتها كينكل. يبقى ان حظ ولايتي في الرئاسة يتعلق أساساً بالتحول من معمم الى مدني لهذا الموقع، ثم في ثبوت التشكل النهائي للقوى، اذ لا يمكن لخامنئي، من خلال دوره التحكيمي، ان يدعم ولايتي المعروف علناً بانتمائه الى "الحجثية"، ولو سابقاً، وهو الذي يعارض ضمناً نوري بسبب علاقاته الخاصة بهذا التيار. الى جانب ذلك فإن وضوح قوة الراديكاليين من مجموعة "روحانيون مبارز" تجمع العلماء المجاهدين، وقدرتهم على عقد التحالفات خصوصاً مع "كوادر بناء ايران". موسوي مرشح الضد المرشح المدني الآخر، هو مير حسين موسوي، وهو المرشح "الضد" لنوري وولايتي، واللافت ان آخرين طرحوا اسمه في وقت لا يزال يرفض فيه هذا الترشيح مؤكداً قراره الاستمرار في عزلته السياسية. ومير حسين موسوي، تولى رئاسة الوزراء فترة طويلة ومعروف براديكاليته وتشدده الاقتصادي مع الاقتصاد الموجه والقطاع العام. والمدهش في ترشيح موسوي ان عبدالله نوري وزير الداخلية السابق والمنافس لناطق نوري على رئاسة مجلس الشورى أكد أخيراً ان الرئيس رفسنجاني "ينظر بارتياح وايجابية الى ترشيح موسوي". وفي اطار الحملة لدفعه الى ترشيح نفسه، فإن استطلاعات للرأي اجرتها صحف جادة أكدت حصول موسوي على نسبة مرتفعة من الأصوات وصلت الى 79 في المئة في حين ان ولايتي حصل على 9 في المئة وناطق نوري على 7 في المئة وحسن حبيبي على 5 في المئة. واضافة الى التأييد الشعبي الواسع الذي يحظى به بسبب سجله النظيف والخدماتي خلال فترة رئاسته للحكومة سنوات الحرب مع العراق وكونه يجمع بين الراديكالية الاجتماعية والاعتدال السياسي فإن موسوي يشكل ورقة من "العيار الثقيل" في المناورات الجارية. فالرئيس رفسنجاني ووراءه "كوادر بناء ايران"، يدفعون موسوي الراديكالي للموازنة مع نوري المحافظ، بحيث يصبح الحل العثور على شخصية معتدلة تحفظ لكل الأطراف مواقعها، خصوصاً كوادر البناء الخائفين من عملية استبعاد لرئيسهم رفسنجاني. كذلك فإن المتشددين من "روحانيون مبارز" يستخدمون موسوي ورقة للعودة بقوة الى الساحة السياسية والشعبية بعد أربع سنوات من الانكفاء. وأخيراً فإنه يتم من خلال ايقاظ هذا الوجه المتشدد وخلقه تيار "روحانيون"، وضع حاجز أمام تمدد المحافظين من تياري "الحجثية" و"المؤتلفة". عودة كروبي أما المعمم البديل لموسوي فهو مهدي كروبي، الذي أعلن أخيراً عودة "روحانيون مبارز" الى الساحة السياسية. وكروبي تولى رئاسة "مؤسسة الشهيد"، وانتخب نائباً منذ العام 1980 واختير نائباً لرفسنجاني عندما كان رئيساً لمجلس الشورى 1980 - 1989 ثم أصبح رئيساً للمجلس حتى انكفاء تياره في العام 1992. وهو الذي ترأس الحجاج الايرانيين خلال رحلة الحج التي وقعت فيها المصادمات في صيف 1987. وأخيراً فإنه يتولى منصب الأمانة العامة في "روحانيون مبارز". ولا شك في ان الانتخابات الرئاسية فتحت الباب من جديد أمام "روحانيون مبارز" للعودة الى المسرح السياسي بقوة، خصوصاً ان تحالفهم العلني مع "كوادر بناء ايران" داخل مجلس الشورى في اطار "تجمع حزب الله" يشكل نوعاً من اعادة الاعتبار اليهم، خصوصاً ان رفسنجاني هو الذي لعب الدور الأساسي في ضربهم وازاحتهم عن المجلس العام 1992. ويبدو ان رفسنجاني الذي اكتسب قوته من امساك الدفة بقوة، واستثمار التوازن بين المحافظين والمتشددين، شعر بحجم الخلل الذي وقع لمصلحة المحافظين مما أدى عملياً الى اضعافه شيئاً فشيئاً. وبين الطامحين، أيضاً، الشيخ حسن روحاني، نائب رئيس مجلس الشورى حالياً الذي يحاول ان يلعب دور المعتدل والحل الوسط بين المتطرفين. ولعل ترشيحه للانتخابات التشريعية على لائحتي المحافظين و"كوادر بناء ايران"، يشجعه على ذلك. ثم ان حصوله على 226 صوتاً من اصل 241 صوتاً في المجلس لمقعد النائب الأول للرئيس وهو ناطق نوري حصل على 132 صوتاً يعزز طموحاته. ان هذه الأسماء هي الأكثر تداولاً في بورصة المرشحين لخلافة رفسنجاني لأنها الأكثر تمثيلاً للتيارات الموجودة في ايران. لكن اللائحة يمكنها ان تضم أسماء اخرى قد تصعد أسهمها في الأشهر المقبلة أو تختفي، ومنها: حسن حبيبي، نائب رئيس الجمهورية، وقد شغل منصب وزير العدل في مطلع الثورة. والمعروف عنه ابتعاده الكامل عن المعارك التي تضطره على فرز نفسه سياسياً. الشيخ محمدي ريشهري ممثل المرشد خامنئي الى الحج والأمين العام لجمعية الدفاع عن قيم الثورة الاسلامية، ووزير "اطلاعات" الأمن سابقاً، وهو الذي رتب الملف الخاص بمهدي هاشمي في عملية لضرب حسين منتظري الذي انتهى باعدامه. ولا شك ان اسمه يثير ذكريات كثيرة تجعله خصماً لا رحمة في محاربته لتيار المتشددين ولقسم من علماء حوزة قم. محسن رضائي، قائد الحرس الثوري، وقد أخذ يتدخل علناً في القضايا السياسية الداخلية. لكن مسألة ترشيحه تشكل نوعاً من الانقلاب المرفوض من هيئة العلماء، على رغم طموحاته الكبيرة وقدرته على الانقلاب في تحالفاته داخل الحرس وخارجه. لكن مهما ارتفعت حدة النقاش والخلافات على خلافة رفسنجاني، فإنها في النهاية تتم في اطار دائرة مغلقة تجمع تيارات تتصارع فيما بينها لكن ليس الى حد التصفية. وتبقى هذه الخلافات على الانفتاح الداخلي والخارجي. ويصف مثقف معارض هذا الوضع بأن "الطرفين يريدان علاقة مع أميركا. الأول يقول نعم ولكن، والثاني يقول لا ولكن". ولذلك فإن توصل الطرفين الى حل وسط في النهاية ليس مستبعداً. ووسط ضجيج معركة الخلافة تستمر الأزمة الاقتصادية في نموها وتجذرها، فالديون الخارجية تجاوزت 40 مليار دولار، وسعر التومان في هبوط واضح. والحصار الأميركي قائم، والأخطر من ذلك ان ايران تقف على شفير الغرق في أوحال حربين يتداخل فيهما الاقليمي بالأهلي وهما حرب كردستان العراق وحرب أفغانستان. الحجثية تنظيم اسلامي أسسه الشيخ محمود حلبي في عهد الشاه الراحل، وضمت لائحة المؤسسين رسمياً الى جانب حلبي، حاج رضا رسول سيد حسين ساجدي، محمد همايون، غلام حسين وحاج محمد تقي تاجر. وكانت السلطات الايرانية دعمت انشاء تنظيم "الحجثية" وتطويره لسببين: الأول، لمحاربة التيارات الاسلامية، خصوصاً تيار الامام الخميني الذي يجمع بين الدين والسياسة، كما حاربوا بعنف علي شريعتي والفواكثيا ضده وهاجموه على المنابر في المساجد والحسينيات. الثاني، للوقوف في وجه "البهائية" التي اخذت في الانتشار والتغلغل في مؤسسات النظام. وقد استطاعت الحجثية الحصول على مواقع ونفوذ في الدولة وعلى منح دراسية الى الخارج، مما أدى الى تشكيل كادرات متخصصة وتحمل ايديولوجية اسلامية، مكنت اعضاءها من تسلم مناصب حساسة في إدارات الدولة التعليم والاعلام بعد الثورة في ظل غياب كادرات متعلمة في الخارج كافية لملء الفراغ الحاصل بسبب التطهير. وعندما وقعت الثورة، وعاد الخميني، انقسم التنظيم الى قسمين: الأول، وهو الأكبر، انفصل سياسياً وايديولوجياً. وانضم اعضاؤه إما الى الحزب الجمهوري وأما الى التنظيمات الراديكالية من مجاهدي انقلاب اسلامي، أو حتى مجاهدي خلق. وقسم ترك التنظيم سياسياً ولكن حافظ على انتمائه الفكري والايديولوجي، لكن اعضاءه عملوا على اختراق مؤسسات أساسية هي: التعليم والارشاد الاعلام والحرس الثوري نسبة ضئيلة لأن انتماءه راديكالي متشدد والاقتصاد البازار والهيئات الرديفة. ويعيد البعض قرار إلغاء الاحزاب الذي احدث فراغاً سياسياً، خصوصاً إلغاء الحزب الجمهوري الاسلامي، الى تصور الامام الخميني بأن الحجثية اخترقوا مؤسسات الدولة واصبحوا يشكلون العمود الفقري للحزب الجمهوري الاسلامي. وقد عمد اعضاء التنظيم الى الرضوخ علنا لقرار الخميني، لكنهم تابعوا نشاطهم مع العمل على ابعاد الانظار عنهم. ويمكن اختصار خط الحجثية السياسي من نقدهم المتواصل لسياسة رفسنجاني خصوصاً في صحيفة "ارسالت" التي يسيطرون عليها. فهم يرون ان سياسة الانفتاح داخلياً، وعدم تطبيع العلاقات مع الولاياتالمتحدة وبريطانيا قد اضعفا النظام. وباختصار فإن الحجثية يريدون تشدداً أكبر واعمق في الداخل خصوصاً على الصعيد الاجتماعي وانفتاحاً أوسع على الغرب خارجياً. معظم المعلومات مصدره صحيفة "انقلاب اسلامي" التي يصدرها الرئيس السابق الحسن بني صدر. روحانيات وروحانيون تشكلت "روحانيات مبارز" رابطة علماء الدين المناضلين قبل الثورة من ابرز رجال الدين المؤيدين للإمام الخميني ومنهم: آية الله بهشتي، آية الله كني، آية الله مطهري، آية الله اردبيلي، الشيخ رفسنجاني الشيخ خامنئي والشيخ كروبي. واهتمت الرابطة بتوزيع تعليمات الإمام وتنفيذها ناطق نوري كان من المنفذين وعندما انتصرت الثورة، شكّل رجال الدين العمود الفقري لها، كما شكّلوا الحزب الجمهوري الاسلامي الذي حلّه الإمام الخميني مع قرار حل بقية الاحزاب وفي مقدمها تنظيم "الحجتية". والمعروف عن "روحانيات" انها تشكّل اطاراً واسعاً لرجال الدين المحافظين على الصعيدين الاجتماعي والسياسي، وهي ازدادت محافظة بعد انشقاق "روحانيون مبارز" عنها، وإمساك رجال الدين الأكثر محافظة مثل ناطق نوري بزمام القيادة فيها. اما تنظيم "روحانيون مبارز" تجمع العلماء المجاهدين فتشكل في حياة الإمام الخميني وقد انشقت مجموعة من رجال الدين المقرّبين من الخميني نفسه، عددهم 23 شخصاً، بينهم ستة من اعضاء مكتبه عن "روحانيات مبارز" ووجهوا رسالة بهذا الخصوص الى الخميني في نيسان ابريل 1988 رحّب بها. وأبرز الوجوه التي تولت اعلان الانشقاق باسم "الاسلام المعادي لأميركا" و"اسلام الفقراء" أحمد الخميني ابن الإمام الخميني الذي شكّل مظلة شرعية احتمى بها اعضاء التجمع ومهدي كروبي، زعيم الحركة. وكان جلال الدين فارسي المرشح لرئاسة الجمهورية ضد ابو الحسن بني صدر مسؤول التوجيه في الجمعية حوكم بتهمة قتل عادية. اما خط الجمعية فمحافظ، راديكالي، لكنه لا يرفض بشكل مطلق مجموعة رفسنجاني من "كوادر البناء" وان كان يفصل بينهم وبين نهج رفسنجاني السياسي خصوصاً ما يتعلق بالانفتاح على الغرب.