تصاعدت وتيرة حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية اذ من المرجّح ان يعلن الجنرال كولين باول الرئيس السابق لهيئة أركان القوات المسلحة، وأحد أبرز الشخصيات السياسية المستقلة في الولاياتالمتحدة حالياً، ترشيحه رسمياً لهذه الانتخابات في 15 الشهر المقبل، فيما يقول المراقبون انها خطوة قد تؤدي الى هزّة حقيقية في الوضع السياسي والحزبي الأميركي، خصوصاً بالنسبة الى حظوظ المرشحين الأبرز حالياً، وهما الرئيس بيل كلينتون نفسه الذي يحاول الفوز مرة ثانية بترشيح الحزب الديموقراطي، وغريمه السناتور روبرت دول الذي يعتبر حالياً في مقدّم المرشحين الجمهوريين لمنافسة كلينتون. وسيأتي الاعلان المتوقع عن ترشيح الجنرال باول في اعقاب اعلان السناتور الديموقراطي بيل برادلي ترشيحه الأسبوع الماضي. وعلى رغم ان برادلي لم يعلن ترشيحه في صورة رسمية أو نهائية، بل اقتصر على القول انه "يعتزم على الأرجح خوض الانتخابات كمرشح مستقل لمنصب الرئاسة"، فإن خطوته أثارت الاهتمام، لا سيما من زاوية انه أول شخصية سياسية ديموقراطية بارزة تعلن عن استعدادها لمنافسة الرئيس كلينتون من جهة، ولكونه يعتزم خوض الحملة بصفة مستقلة من جهة ثانية. ويعتبر برادلي، وهو عضو مجلس الشيوخ عن ولاية نيوجيرسي المهمة، احد اكثر الشخصيات السياسية الأميركية احتراماً. وهو يحظى بالتقدير، بصورة خاصة، لخبرته الطويلة في الكونغرس، حيث مضى عليه في منصبه 18 عاماً، وكونه من المهتمين في شؤون الضرائب والبيئة والتجارة الدولية، وهي القضايا التي يتوقع ان تشكل محاور أساسية في الحملة الانتخابية المقبلة، الى جانب تمرّسه الجيد في الشؤون الخارجية عموماً. وفي ما يتعلق بالشرق الأوسط، يذكر ان برادلي، على رغم كونه ديموقراطياً، أيّد بشدة مبادرة السلام التي بدأتها الادارة الجمهورية السابقة خلال عهد الرئيس جورج بوش ووزير خارجيته جيمس بيكر. كما انه كان من بين المرشحين البارزين لمنصب وزير الخارجية في بداية عهد الرئيس كلينتون قبل أن يتم اختيار وارن كريستوفر لهذا المنصب. لكن غالبية المراقبين السياسيين في واشنطن يعربون عن الاعتقاد بأنه على رغم هذه "المزايا" التي يتمتع بها السناتور برادلي، فإن حظّه الحقيقي في خوض المعركة الانتخابية لن يكون بصفة مرشح للرئاسة، بل لمنصب نائب الرئيس. ولا يستبعد الكثيرون منهم ان تكشف الأسابيع أو الأشهر المقبلة عن "مفاجأة كبرى" تتمثل في انضمام السناتور برادلي الى الجنرال باول في قائمة مستقلة يكون فيها باول المرشح للرئاسة وبرادلي نائباً له. ويقول المراقبون ان قائمة كهذه قد تحظى بتأييد واسع النطاق، وانها ستكون قادرة على الارجح على التفوّق في استطلاعات الرأي العام على كلّ من الرئيس كلينتون ونائبه آل غور من جهة، وعلى روبرت دول أو أي قائمة جمهورية اخرى من جهة ثانية. ويضيفون ان برادلي سيتمكن في صورة شبه اكيدة من إحراز الفوز في الانتخابات التمهيدية في ولايته نيوجيرسي، سواء خاضها بصفة منفردة او على قائمة مشتركة مع الجنرال باول، علماً بأن الانتخابات الرئاسية الاميركية منذ عام 1952، أسفرت دائماً عن فوز المرشح الذي سبق له الفوز بولاية نيوجيرسي خلال المراحل التمهيدية. ولم يشذ عن هذه القاعدة سوى الرئيس الجمهوري السابق جيرالد فورد الذي خسر الانتخابات عام 1976 لمصلحة المرشح الديموقراطي آنئذ جيمي كارتر. تبقى الاشارة الى ان الموعد المرتقب لإعلان الجنرال باول عن ترشيحه في 15 الشهر المقبل يصادف الاحتفال بنشر مذكراته، وهي بعنوان "رحلتي الأميركية". ويخطط باول في اعقاب ذلك للبدء بجولة تستغرق ثلاثة أسابيع من المقرّر أن يزور فيها 22 مدينة اميركية رئيسية، وبعدها يقوم بجولة أوروبية يزور فيها كلا من لندن وباريس. وعلى رغم ان الهدف الرسمي المعلن من هاتين الجولتين هو الترويج لكتابه، فإن ثمة اجماعاً على ان باول سينتهز هذه الفرصة لبدء حملته الانتخابية عملياً.