حين انتقلت الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، مطلع الشهر الجاري، من فرنسا الى اسبانيا، شكلت هذه الخطوة تأكيداً اضافياً على التوجه المتوسطي للرئاسة السابقة، في اطار ما يسمى تجاوزاً، السياسة الخارجية الأمنية المشتركة. ان الأولويات التي أكد عليها برنامج عمل الرئاسة الاسبانية للشهور المقبلة، وكذلك تصريحات وزير الخارجية سولانا في ستراسبورغ، تدفع الى الاعتقاد بأن أحدى الأولويات البارزة بالنسبة الى مدريد هي انجاح المؤتمر الوزاري الاوروبي - المتوسطي، الاول من نوعه، في تشرين الثاني نوفمبر المقبل في برشلونة. واصبح في حكم المؤكد الآن، ان الدول المتوسطية المعنية 12 دولة بما فيها تركيا واسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية ستشارك في مؤتمر برشلونة، بعد ان تم نوع من الفصل بين هذا المؤتمر من جهة ثم المفاوضات المتعددة الاطراف من جهة ثانية، وكذلك بعد ان تمكنت قمة المجلس الاوروبي في كان من تجاوز الاشكال المالي، بالنسبة الى الدعم الخارجي للمتوسط، للفترة ما بين 1995 و1999، وفي اطار التعبير عن توازن مفقود حتى الآن مع انفتاح الاتحاد الاوروبي باتجاه اوروبا الشرقية والوسطى. ؤقد تكون الرئاسة الفرنسية للاتحاد الاوروبي، لعبت دوراً، في رسم حدود اكثر انفتاحاً للعلاقة مع المتوسط، ولكن يبدو ان السلطة الفرنسية الجديدة، لم تتمكن حتى الآن، من حل تناقضاتها الاوروبية، على رغم خطابات حسن النية والالتزام الاوروبي، التي عبر عنها الرئيس جاك شيراك امام برلمان ستراسبورغ، وكذلك خلال القمة المشتركة مع المستشار هيلموت كول. وصحيح الى حد ما ان الانتخابات التشريعية في المانيا ثم الانتخابات الرئاسية في فرنسا، عرقلت الرئاستين السابقتين للاتحاد الاوروبي، والتمنيات السياسية - المطروحة من بروكسيل على الأقل - تدعو الى تجنب سيناريو ثالث من الطراز نفسه، نظراً الى الصعوبات الداخلية التي يتخبط فيها رئيس الوزراء الاسباني فيليبي غونزاليس، وان كانت المؤشرات المتوافرة حتى الآن تتوقع اجراء انتخابات عامة في الربيع المقبل. الحساسية الاسبانية المتوسطية، لها اسبابها التاريخية ونطاقها الجغرافي، لكن مركز الثقل السياسي في الاتحاد الاوروبي ينتقل تدريجياً نحو الوسط والشمال ويتجه نحو الشرق. ولعل النجاح الجزئي الذي رافق القمة الفرنسية - الالمانية الاخيرة في ستراسبورغ، يعكس الى حد ما هذا التحول.