البنك الدولي يعزز تمويلاته المخصصة لتخفيف آثار التغير المناخي    محافظ حفرالباطن يرأس المجلس المحلي    محافظ الزلفي يلتقي مدير إدارة كهرباء منطقة الرياض    الأمم المتحدة تؤكد أنها نفذت خطط الاستجابة الإنسانية ل 245 مليون شخص    الأخدود يتعادل سلبياً مع القادسية في دوري روشن للمحترفين    أمطار متوسطة على منطقة المدينة المنورة    «المجنون» و«الحكومة» .. مين قدها    أبها تستضيف منافسات المجموعة الرابعة لتصفيات كأس آسيا تحت 20 عاماً    «الجيولوجيا»: 2,300 رخصة تعدينية.. ومضاعفة الإنفاق على الاستكشاف    5 محاذير عند استخدام العلم السعودي    محمد القشعمي: أنا لستُ مقاول كتابة.. ويوم الأحد لا أردّ على أحد    وظيفةُ النَّقد السُّعودي    جمعية النشر.. بين تنظيم المهنة والمخالفات النظامية المحتملة    حصّن نفسك..ارتفاع ضغط الدم يهدد بالعمى    احمِ قلبك ب 3 أكوب من القهوة    احذر «النرجسي».. يؤذيك وقد يدمر حياتك    ديفيد رايا ينقذ أرسنال من الخسارة أمام أتلانتا    هدف متأخر من خيمينيز يمنح أتليتيكو مدريد على لايبزيغ    جوشوا ودوبوا يطلقان تصريحات التحدي    مصادرة صوت المدرجات    النصر وسكّة التائهين!    قراءة في الخطاب الملكي    ماكرون: الحرب في لبنان «ليست حتمية».. وفرنسا تقف إلى جانب اللبنانيين    شرطة الرياض: القبض على مواطن لمساسه بالقيم الإسلامية    قصيدة بعصيدة    حروب بلا ضربة قاضية!    دراسات على تأثير غطاء الوجه على صحة الإناث..!    أدب تختتم ورشة عمل ترجمة الكتاب الأول بجدة    سوق المجلس التراثي بشقراء يواصل استعداداته للاحتفاء باليوم الوطني 94    التزامات المقاولين    الذكاء الاصطناعي يقودني إلى قلب المملكة    أمانة الطائف تكمل استعداداتها للإحتفاء باليوم الوطني 94    جازان: إحباط تهريب (210) كيلوجرامات من نبات القات المخدر    صحة جازان تدشن فعاليات "اليوم العالمي لسلامة المرضى"    الاستثمار الإنساني    سَقَوْهُ حبًّا فألبسهم عزًّا    هيئة الأفلام تطلق النسخة الثانية من "منتدى الأفلام السعودي" أكتوبر المقبل    نائب أمير جازان يطلق البرنامج الدعوي "انتماء ونماء" المصاحب لليوم الوطني ال 94    محافظ الأحساء: الخطاب الملكي يحمل حرصا شديدا على حماية هويتنا وقيمنا    أكثر من 5 ملايين مصلٍ يؤدون الصلوات في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي    الكويت ترحب بتبني الأمم المتحدة قرارًا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة    فريق طبي بمستشفى الملك فهد بجازان ينجح في إعادة السمع لطفل    برعاية خادم الحرمين.. «الإسلامية» تنظم جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    فريق بحثي سعودي يطور تكنولوجيا تكشف الأمراض بمستشعرات دقيقة    أمطار متوسطة إلى غزيرة مصحوبة بالبرد وتؤدي لجريان السيول على 5 مناطق    المواطن عماد رؤية 2030    المهندس الغامدي مديرا للصيانة في "الصحة"    العواد إلى الثانية عشرة    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 7,922 رجل أمن من مدن التدريب بمناطق المملكة    اليابان تحطم الأرقام القياسية ل"المعمرين"    تعزيز التحول الرقمي وتجربة المسافرين في مطارات دول "التعاون"    الأمير سعود بن مشعل يشهد اجتماع الوكلاء المساعدين للحقوق    إلى جنَّات الخلود أيُّها الوالد العطوف الحنون    وفد من الخطوط السعودية يطمئن على صحة غانم    سلامة المرضى    كلام للبيع    كسر الخواطر    هيئتا الأمر بالمعروف في بلجرشي والمخواة تفعّلان برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سورية - اسرائيل : خريطة الترتيبات والجدول الزمني
نشر في الحياة يوم 05 - 06 - 1995

"الانجاز" الذي أعلن وزير الخارجية الأميركي وارن كريستوفر الأسبوع الماضي في واشنطن التوصل اليه على المسار السوري - الاسرائيلي "أقل من اختراق فعلي، لكنه أكثر من مجرد تقدم".
هكذا لخصت مصادر سورية نظرة دمشق الى المرحلة التي بلغتها الجهود السلمية بينها وبين اسرائيل، وهو تلخيص أيدت فحواه أيضاً مصادر ديبلوماسية أميركية، وأوساط اسرائيلية قريبة من رئيس الحكومة اسحق رابين ووزير الخارجية شمعون بيريز.
واللافت ان التشابه في تقديم الأطراف الثلاثة لهذه الخطوة في المفاوضات السورية - الاسرائيلية، التي كان تعثرها سبباً دفع بعضهم الى فقدان الأمل بامكان احراز أي تقدّم حقيقي في المستقبل المنظور، يعكس الطريقة التي تم من خلالها التوصل الى هذا "الانجاز". وأشارت مصادر عربية وأميركية واسرائيلية، الى ان لپ"الدور الأكثر نشاطاً" الذي قررت الديبلوماسية الأميركية فجأة القيام به، كان له الفضل الأساسي في التوصل الى النتائج الأخيرة.
وأعربت دمشق عن ارتياحها الى هذا الدور الأميركي "الأكثر نشاطاً من السابق"، ولم يتردد مصدر سوري رفيع المستوى في وصف ما تم بأنه "اتفاق مثلث الأطراف"، مُذكّراً بأن الجانب السوري كان "يطالب دائماً بضرورة ممارسة واشنطن دورها كاملاً في عملية السلام، باعتبارها صاحبة المبادرة، واحدى الدولتين الراعيتين لها" الى جانب روسيا الاتحادية. وأضاف: "علينا ايضاً ان نذكر ان اسرائيل هي التي كانت دائماً تعترض على ذلك".
دمشق: ارتياح وترقّب
ومن يتابع ردود الفعل السورية الصادرة حتى الآن على الاعلان الأميركي، وما تلاه من تصريحات لمسؤولين اسرائيليين، لا يجد صعوبة في رصد شعور دمشق الضمني بالارتياح. بل ان هذا الارتياح، وان ظلّ غير معلن، يصل في بعض جوانبه الى الشعور بنوع من "الانتصار في الجولة الأولى"، وذلك من منطلق "ان الموقف السوري لم يتبدل، وأنه لا يزال على حاله في ما يتعلق بالأسس التي قامت عليها عملية السلام منذ انعقاد مؤتمر مدريد".
وتعتبر المصادر نفسها ان الجمود الذي واجه المسار السوري - الاسرائيلي ومعه بطبيعة الحال الجمود المرافق على المسار اللبناني - الاسرائيلي، كان ناجماً عن عدم التزام الطرف الاسرائيلي تلك الأسس ومحاولاته المتكررة تجاوزها والالتفاف عليها وتغيير القواعد التي كان يفترض ان تحكم سير العملية السلمية وصولاً الى النتائج المتوخّاة.
وكانت دمشق أعلنت ولا تزال تكرر ان جوهر موافقتها على المشاركة في عملية السلام هو مبدأ الأرض في مقابل السلام، وذلك على أساس انسحاب اسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة التي سيطرت عليها العام 1967، اضافة الى ضرورة الاقرار بأن أي سلام عادل وشامل لا يمكن ان يتحقق الا من خلال عملية سلمية شاملة ومتكاملة.
وتؤمن سورية بأن اسرائيل "هي التي أخلّت بهذه المبادئ منذ بدء عملية السلام، فكانت تعرب تارة عن عدم استعدادها للانسحاب الشامل، وتعمل تارة اخرى على الدخول في اتفاقات جزئية، وحلول منفردة لا تخدم السلام، بل تدفع المنطقة برمتها من جديد الى الصراع المسلح".
ورأى المصدر السوري الرفيع ان اسرائيل تجاهلت، بتعنت واضح، الفرصة الذهبية التي وفرتها قمة الرئيسين حافظ الأسد وبيل كلينتون العام الماضي في جنيف، والتي كان يفترض ان تشكل نقطة تحوّل أساسية في مسار عملية السلام. وكان الرئيس السوري أعلن صراحة آنذاك قبول بلاده بمبدأ "السلام الكامل في مقابل الانسحاب الكامل". وهو المبدأ الذي تصفه دمشق بأنه "المقدمة التي لا بد منها للانتقال من حال الحرب الى حال السلام. فإنهاء حال الحرب يتطلب بطبيعة الحال ازالة آثار الحرب. وبالتالي، فإن السلام الكامل لا يمكن ان يتم الا على أساس انحساب اسرائيل الكامل من الأراضي التي احتلتها العام 1967. وكلمة السلام الكامل تعني ما تعنيه تماماً، وذلك بالضبط مثلما هو الحال بالنسبة الى الانسحاب الشامل، الذي يجب بالتالي ان يكون شاملاً".
ماذا حدث؟
إذن، ما الذي حدث أخيراً حتى أصبح في الامكان اعادة تحريك المسار السوري - الاسرائيلي؟ المصادر السورية تمتنع عادة عن الدخول في أي تفاصيل، وتكتفي بالقول: "كلما اقترب الموقف الاسرائيلي من القبول بمبدأ الانسحاب الكامل في مقابل السلام الكامل، صارت احتمالات التقدم الى الأمام في عملية السلام أكبر". وتضيف انه لم يكن مجدياً أو ممكناً قبل الآن التحدث عن أي احتمالات لإحراز تقدم، لسبب بسيط هو: ان اسرائيل لم تظهر أي اهتمام خلال جولات المحادثات السابقة للقبول رسمياً بهذا المبدأ. فلا هي تعاملت بايجابية مع اعلان الرئيس الأسد عقب قمة جنيف مع الرئيس كلينتون، ولا هي عبّرت عن ذلك في مباحثات رئيس الأركان السوري العماد حكمت الشهابي مع نظيره الاسرائيلي آنئذ الجنرال ايهود باراك العام الماضي، ولا في الجولات المتكررة التي عقدها السفير السوري في واشنطن وليد المعلّم مع نظيره الاسرائيلي إيتامار رابينوفيتش.
وتشدد دمشق على ضرورة "توخي الحذر"، وانتظار ما سيأتي به الموفد الأميركي الى الشرق الأوسط دنيس روس في جولته المقبلة التي ستتبعها جولة كريستوفر في الأسبوع الثاني من حزيران يونيو الجاري، إلا انها تلمح، في المقابل، الى "مؤشرات الى تحريك ما، في الموقف الاسرائيلي، يصب في اتجاه ايجابي، ما يشكل سبباً كافياً لاستئناف المفاوضات على مستوى الخبراء العسكريين بين البلدين"، وهي المفاوضات التي كانت سورية تصرّ حتى الآن على رفض استئنافها، منذ النتائج غير المشجعة لمحادثات الشهابي - باراك.
ومن شأن موافقة دمشق الآن على استئناف المفاوضات على مستوى الخبراء العسكريين ان تشير، ولو ضمناً، الى ان ثمة تبدلاً طرأ في الموقف الاسرائيلي كان كافياً لاقناعها بجدوى استئناف المحادثات.
ولا تزال المصادر السورية تبدي الكثير من التحفظات عن المواقف الاسرائيلية المعلنة، وكان آخرها قول بيريز "ان الجولان أرض سورية، ونحن لا نود البقاء في أراضي الغير"، الأمر الذي ردّ عليه مصدر سوري رفيع المستوى بالقول: "نحن لا نفهم حتى الآن لماذا يصرّح الاسرائيليون دائماً بمواقف قد تكون مهمة خارج اطار الزمان والمكان المناسبين لإعلان مثل هذه المواقف، أي المفاوضات الرسمية نفسها. فمكان المفاوضات معروف، وأطرافها أيضاً معروفة. واذا كان لدى الاسرائيليين ما يريدون إبلاغنا اياه فعليهم ان يقوموا بذلك على طاولة المفاوضات، لأن مثل هذا الكلام يصبح عندئذ ملزماً وذا قيمة. أما خارج هذا الاطار فإن كل كلام يظلّ في نظرنا للاستهلاك الاعلامي، حتى إشعار آخر".
ركائز الموقف السوري
وتصر المصادر السورية على التشديد على النقاط الأساسية في موقف دمشق من العملية برمتها. وهي:
1 - "إن خيار السلام بالنسبة الى سورية خيار استراتيجي ثابت، وهو قرار اتخذ ولا رجعة عنه".
2 - "ان كلام الرئيس الأسد على ضرورة الانسحاب الكامل وان "سورية لن تتنازل عن حبة تراب واحدة" من الأراضي المحتلة عام 1967، هو بدوره موقف ثابت وليس تكتيكياً أو تفاوضياً.
3 - "ان الانسحاب الكامل مفتاح الحل".
4 - "إن السلام الكامل هو ثمن الانسحاب الكامل، وعندها تصبح كلّ القضايا الأخرى قابلة للتفاوض".
وإذا كانت هذه ركائز الموقف السوري الرسمي، فإن التساؤل يدور اذاً على ما حدث في الأسابيع الماضية حتى أصبح التفاوض بين الجانبين أمراً أكثر جدوى، بل ربما أكثر إلحاحاً. واذا كانت المصادر السورية لا تزال تتمسك بالحذر والترقب في تعاطيها مع الموضوع والحذر يظل على أي حال سمة مميزّة للسياسة السورية عموماً وحيال اسرائيل وعملية السلام خصوصاً، فلا يمكن استبعاد ان تكون دمشق حصلت على ما يكفي من مؤشرات، وربما أكثر من ذلك، لاقناعها بأن حكومة رابين اتخذت القرار الاستراتيجي المتعلق بالانسحاب من الجولان تمهيداً للتفاوض الجدي على ما تسميه المصادر السورية عادة "الأمور الأخرى".
وتلك "الأمور الأخرى" هي تحديداً "الترتيبات الأمنية" التي ستشكل الاطار العملي والفعلي لأي معاهدة سلام قد يتوصل اليها الطرفان.
الإطار الأمني
وقد يكون مفيداً النظر بدقة في التقويم الاسرائيلي لهذه المرحلة. فالمصادر الاسرائيلية القريبة من رئيس الحكومة ووزير الخارجية تقول، صراحة، إن ما تمّ التوصل اليه أخيراً هو بمثابة "اعلان تفاهم"، أي انه "الاطار الذي بات الجانبان متفقين على انه لا بد من ان يشكل أساس التسوية بينهما". وتضيف ان حكومة رابين تدرك تماماً "ان لا سلام مع سورية من دون انسحاب، وان مدى السلام مرتبط تماماً ومباشرة بمدى الانسحاب". ويعني ذلك ان رابين وبيريز يعرفان جيداً ان السلام الكامل مع دمشق يجب ان يعني الانسحاب الاسرائيلي الكامل من الجولان، وهو ما تطلق عليه اسرائيل عادة عبارة "التسوية الاقليمية" مع سورية.
واذا كان ذلك يمثل "الاطار الاستراتيجي" للتسوية، فإن الخطوة التالية تتمثل في الخطوات العملية التي لا بد من تطبيقها على الأرض. وهنا، يطرح الاسرائيليون والأميركيون ضمناً ما يقولون انه سيشكّل أساس المفاوضات الأمنية خلال المرحلة المقبلة، وهو الأساس الذي يقصده الجميع عندما يتحدثون عن "الكثير الذي لا يزال يتعين عمله". واستناداً الى المعلومات المتوافرة، فإن مسائل البحث والخلاف الحالي ستتركز على الجوانب الآتية:
أولاً: موضوع الحدود التي سترسمها التسوية نهائياً. ويصر الجانب السوري على "العودة الى حدود 4 حزيران 1967"، في حين يتحدث الاسرائيليون عما يسمونه "الحدود الدولية"، أي الخط الذي حدده قرار التقسيم العام 1947. والفارق بين الموقفين يتركز على ثلاث مناطق حدودية صغيرة في "مثلث الحمّة" ظلت تحت السيطرة السورية منذ 1947 إلى أن تمكنت إسرائيل من احتلالها العام 1967، وتصر دمشق على استعادتها كاملة مع مرتفعات الجولان الأخرى.
ثانياً: الجدول الزمني للانسحاب الإسرائيلي. ويصر السوريون على "استكمال عملية الانسحاب في فترة زمنية لا تتجاوز أشهراً"، بينما يفضل الاسرائيليون أن يكون الانسحاب بطيئاً ومتزامناً مع المراحل التي ستخضع لها الجوانب الأخرى من عملية السلام، أي مسيرة التطبيع.
ثالثاً: الترتيبات الأمنية، وهي، تحديداً، الخطط والاجراءات التي سيتفق عليها.
وتدخل هذه القضايا في صلب ما يعتبره كل من البلدين الاطار الاستراتيجي لأمنه الحيوي، وهي تعود لتتركز على مجموعة من المسائل الأساسية المطروحة على طاولة المفاوضات العسكرية المرتقبة، وأهمها:
أ- الانسحاب المتبادل للقوات المتواجهة على الحدود، تمهيداً لإقامة "منطقة عازلة منزوعة من السلاح". ويريد الإسرائيليون أن تكون المنطقة العازلة على الجانب السوري بعمق يراوح بين 40 و60 كلم أي تصل تقريباً إلى مشارف دمشق، لكنهم يقترحون منطقة عازلة أقل مساحة بكثير على جانبهم 10 - 15 كلم. بحجة افتقار شمال إسرائيل إلى العمق الجغرافي الاستراتيجي الذي تتمتع به سورية. وتصر دمشق، في المقابل، على مبدأ التوازن أساساً لتخطيط أي منطقة عازلة على جانبي الحدود.
ب - المنطقة والمواقع التي يفترض أن تنتشر فيها أي قوات دولية محايدة، وهوية تلك القوات، بما في ذلك احتمال مشاركة قوات أو وحدات مراقبين أميركية فيها، وحجم هذه القوات وصلاحياتها.
ج - وسائل الانذار المبكر التي سيستخدمها كل من الجانبين لمعرفة ما قد يخططه الجانب الآخر، أو يحاول تنفيذه من عمليات عسكرية هجومية مفاجئة ضد الآخر. وتتحدث المصادر الإسرائيلية والأميركية عن امكان التوصل إلى صيغة تحتفظ إسرائيل بموجبها بمحطة رصد وانذار مبكر في جبل الشيخ، في مقابل منح سورية محطة مماثلة في منطقة صفد في شمال إسرائيل، إلى جانب احتفاظها بمحطتها الموجودة حالياً في جبل الشيخ على الجانب السوري ومحطة أخرى في جبل الباروك في جنوب لبنان.
د - مبدأ الخفض المتوازن للقوات العسكرية، وترى إسرائيل أنه سيتعين على سورية خفض حجم قواتها المسلحة بنسبة النصف، من نحو 400 ألف إلى نحو 200 ألف جندي أو ما يزيد قليلاً على ذلك، بحجة ان حجم هذه القوات سيصبح عندئذ "متوازناً" مع حجم القوات المسلحة الإسرائيلية العاملة نحو 175 ألف جندي. لكن لسورية نظرة مغايرة تماماً في هذا الشأن. إذ ترى ان حجم القوات الإسرائيلية العاملة لا يعكس اطلاقاً حقيقة القدرة العسكرية الإسرائيلية القائمة على مبدأ استدعاء الاحتياط خلال 24 ساعة، يرتفع خلالها اجمالي القوة إلى ما يزيد على 600 ألف جندي.
ويشدد الجانب السوري على التفوق العسكري الاسرائيلي، كماً ونوعاً، في القوة التقليدية، خصوصاً في ميدان الطيران والمدرعات والذخائر الموجهة بدقة والعمليات الالكترونية والاستطلاع، إلى جانب التفوق الاستراتيجي المتمثل بامتلاك لأسلحة الدمار الشامل والصواريخ البعيدة المدى الكافية لتهديد كل أرجاء الشرق الأوسط. ويرى ان أي خفض للقوات العسكرية يجب ان يكون متبادلاً ومتوازناً، لكي يحقق التعادل في مجالات القوة بين البلدين، وليس التوازن العددي بينهما فحسب.
المخاض المنتظر
ويسود ترقب ممزوج بالارتياح والحذر في دمشق وتل ابيب وواشنطن في انتظار الدخول فعلياً في لب المفاوضات التي ستعقد في واشنطن نهاية حزيران يونيو الجاري. ولا يستبعد المراقبون ان يشارك في هذه المفاوضات رئيسا الأركان السوري العماد حكمت الشهابي والإسرائيلي الجنرال أمنون شاهاك. وهو أمر يتوقع أن يعطيها دفعة كبيرة لتحقيق نتائج ملموسة.
لكن الأهم من ذلك المؤشرات التي بدأت ترد تباعاً، خصوصاً على الصعيد الإسرائيلي، فبعد تصريحات بيريز عن تبعية الجولان لسورية، تحدث رابين عن تفهمه غضب المستوطنين في الجولان "تماماً كما تفهمتُ في الماضي غضب المستوطنين في سيناء". وإذا لم تكن مثل هذه الاشارة من جانب رابين إلى المصير الذي ينتظر مستوطني الجولان كافية لمن يريد أن يفهم، فقد ورد من القدس المحتلة ما يفيد أن المحكمة الإسرائيلية العليا بدأت تستعد لاتخاذ الاجراءات اللازمة تمهيداً للاستفتاء الشعبي الذي تعهد رئيس الحكومة اجراءه في شأن الانسحاب الاسرائيلي من الجولان.
يضاف إلى ذلك ما جاء في تقرير سري تلقته واشنطن من سفارتها في تل ابيب، أفاد أن إسرائيل "بدأت فعلياً باتخاذ اجراءات تهدف إلى الاستعداد للانسحاب من 98 في المئة من أراضي الجولان"، وأن الحكومة "طلبت من مكتب محاماة كبير في تل أبيب أن يتفرغ للنظر في طلبات التعويض التي قد يتقدم بها المستوطنون في الجولان". وأشار التقرير الأميركي إلى "ان المكتب نفسه كان عهد إليه في السابق مهمة درس طلبات المستوطنين الإسرائيليين السابقين في شبه جزيرة سيناء التي اعيدت إلى السيادة المصرية".
مؤشرات؟ نعم، لكنها على قدر كاف من الأهمية. فالواضح ان الاطار المستقبلي لمسار السلام السوري - الإسرائيلي بات محدداً لتصبح المسألة الآن عملية مخاض، ومسألة وقت وجهد، في ما يمكن ان يشكل، في حال نجاح ما يحدث حالياً، الدخول الفعلي في مرحلة السلام الشامل. وهي المرحلة التي لا بد من أن تترتب عليها إعادة رسم الخريطة الاستراتيجية للمنطقة برمتها.
ميزان القوى 1995 سورية
سورية:
- مجموع القوات المسلحة: 410 آلاف جندي، يضاف إليهم نحو 400 ألف احتياطي.
- الجيش القوات البرية: 300 ألف جندي، 4500 دبابة، ونحو 5 آلاف عربة مدرعة، و3 آلاف مدفع ميدان وراجمة صاروخية، و2000 مدفع مضاد للطائرات، ونحو 5 آلاف صاروخ مضاد للدروع، وحوالى 1000 منصة اطلاق صواريخ مضادة للطائرات.
- سلاح الجو: 100 ألف جندي بمن فيهم 60 ألفاً من أفراد قيادة الدفاع الجوي، مزودين نحو 600 طائرة قتالية، ونحو 250 طائرة هليكوبتر بينها 120 هليكوبتر قتالية، و30 طائرة نقل.
- سلاح البحرية: 10 آلاف رجل مزودين 3 غواصات، و20 قطعة سطح قتالية.
- القدرات الصاروخية وأسلحة الدمار الشامل: نحو 60 منصة اطلاق صواريخ أرض - أرض باليستية من طراز "سكود - سي"مداه 600 كلم، و"سكود - بي" مداه 300 كلم، و"س. س - 21" مداه 180 كلم، و"فروغ" مداه 70 كلم، وصواريخ ساحلية من طراز "س. س.سي - 1" مداها 300 كلم، و"س. س. سي -3" مداها 120 كلم، ومعلومات غير مؤكدة عن وجود رؤوس كيماوية وربما بيولوجية.
إسرائيل:
- مجموع القوات المسلحة: نحو 175 ألف جندي في القوات الدائمة، يضاف إليهم الاحتياطي الذي يمكن استدعاؤه في 24 ساعة ليرتفع المجموع إلى أكثر من 650 ألفاً.
- الجيش القوات البرية: 600 ألف جندي عند التعبئة العامة، 4500 دبابة، و12 ألف عربة مدرعة، و2000 مدفع ميدان وراجمة صاروخية، و1000 مدفع مضاد للطائرات، ونحو 5 آلاف صاروخ مضاد للدروع، ونحو 200 منصة اطلاق صواريخ مضادة للطائرات.
- سلاح الجو: نحو 40 ألف جندي عند التعبئة العامة، مزودين نحو 720 طائرة قتالية، و300 طائرة هليكوبتر بينها 120 هليكوبتر قتالية، و4 طائرات رصد وانذار استراتيجي مبكر، و25 طائرة عمليات رصد وتنصت الكتروني وتشويش ومكافحة تشويش متنوعة، و10 طائرات صهريج تموين جوي بالوقود، و60 طائرة نقل.
- سلاح البحرية: نحو 15 ألف جندي عند التعبئة العامة، مزودين 3 غواصات و30 قطعة سطح قتالية.
- القدرات الصاروخية وأسلحة الدمار الشامل: نحو 100 - 150 منصة اطلاق صواريخ أرض - أرض باليستية من طراز "لانس" مداه 120 كلم، و"أريحا - 1" مداه 650 كلم، و"أريحا - 2" مداه 1500 كلم، مع حوالى 200 رأس نووي وذخائر كيماوية وبيولوجية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.