أبدت القاهرة أخيراً اهتماماً اعلامياً زائداً بما يجري في الجزائر، مع ان العاصمة المصرية اتسمت بالحذر، في متابعة أحداث العنف منذ اشتعالها في كانون الثاني يناير 1991. وهذا الاهتمام ليس مستغرباً اذ ان القاهرة وصعيد مصر شهدا في الفترة ذاتها، مجابهات مع الجماعات الاسلامية المتشددة. الا ان التغطية الاعلامية لاحداث الجزائر، بدت من قبيل متابعة اعمال العنف، اكثر منها متابعة لما يجري على أرض بلد عربي شقيق. ولكن "الطفرة الاعلامية الاخيرة في ما يخص الجزائر"، تثير تساؤلات عدة سياسية وأمنية، يجب رصدها، من أجل الوقوف على آخر المؤشرات في ما يخص المجابهات بين السلطتين، وخصمهما المشترك الجماعات الاسلامية المسلحة، باختلاف تياراتها واتجاهاتها الفكرية. عقدت اخيراً لقاءات عدة بين الرئيس الجزائري: الأمين زروال، وقادة الاحزاب السياسية المختلفة، باستثناء جبهة الانقاذ، وعُد ذلك انتصاراً للنظام على الحركة المعارضة. وعلى الصعيد الأمني، كانت العملية الكبرى التي راح ضحيتها ما يقرب من 600 من قادة وزعماء وناشطي الجماعات المسلحة الجزائرية، وهي التي قيل في اعقابها، ان نهاية النشاط العسكري لهذه الجماعات، قد أزفت في القاهرة، فيبدو الاحتفاء الاعلامي بالوضع الداخلي في دولة ما، مثيراً للفضول والدهشة، ولكن الأسباب التي تبرر مثل هذا "الخروج عن المألوف" كثيرة، وأهمها: أولاً: التعاون الأمني الوثيق بين الجهات المعنية في كلا البلدين. ثانياً: الانتصار الامني ضد متشددي الجزائر يتيح للحكومة المصرية ان تؤكد للساسة، وخاصة في تيار المعارضة، ان سياستها المتشددة صائبة، وان "دعوة الحوار" التي تتردد بين الفينة والاخرى لا ضرورة لها. ثالثاً: اقتراب الانتخابات البرلمانية المصرية، وخشية الحكومة من تيار الاخوان المسلمين، والذي مازال مسيطراً على عدد من النقابات المهنية في مصر. الدكتور أحمد شوقي عبدالفتاح القاهرة - مصر