قد يكون الاجتماع الوزاري نصف السنوي، لاتحاد اوروبا الغربية، الذي انعقد في برشلونة، الاهم من نوعه خلال السنوات الماضية، فقد استعرض دور هذه المنظمة بما هي الذراع العسكرية للاتحاد الاوروبي وكذلك الجناح الاوروبي في منظمة حوض شمالي الاطلسي، وان كان التوصل الى هذا الهدف يستغرق بضع سنوات وما يزال يلاقي صعوبات سياسية وتقنية، نظراً الى صعوبة تحديد دور متجدد للملف ولعدم وضوح الرؤية الاستراتيجية للدور الاميركي المقبل في الامن الاوروبي. من هذه الزاوية، تمت في لشبونة، بمشاركة الدول العشر الاعضاء والدول المراقبة من اسكندينافيا الى الدول البلطيقية، مروراً بأوروبا الشرقية والوسطى، مناقشة الجزء الاول من الكتاب الابيض حول شؤون الامن القاري، وهو تصور يتجاوز من حيث الاهمية المحادثات التي تمت في اطار معاهدة الاستقرار والأمن، ويمكن ان يشكل مدخلاً ضرورياً للمساهمات المكثفة الآن بصدد اعداد المؤتمر الحكومي الاوروبي العام المقبل، لمراجعة شاملة لمعاهدة ماستريخت. لكن، في المقابل، كشفت مناقشات لشبونة، عن قصور في الدور العملياتي المفترض لاتحاد اوروبا الغربية، والمحصور الآن فقط بتقديم دعم لوجيستي لادارة مدينة موستار في البوسنة، وكذلك بممارسة رقابة دولية، انطلاقاً من البحر الادرياتيكي، على الحظر المضروب على جمهوريتي صربيا والجبل الاسود، من الاتحاد اليوغوسلافي السابق. غير ان اي اتجاه جديد، لتطور عملياتي، انطلاقاً من مقررات لشبونة، يتخذ الآن طابعاً متوسطياً في الدرجة الاولى، عبر تشكيل "قوة برية من عشرة آلاف عنصر تضم وحدات تابعة لفرنسا وايطاليا واسبانيا والبرتغال مع تحديد مدينة فلورنسا الايطالية مقراً لقيادة موحدة، على ان تكون مهمة "اوروفورس" القيام بعمليات دعم وتدخل لمصلحة الاممالمتحدة أو الأمن الاوروبي، في مناطق لا يستطيع ان يتدخل فيها الحلف الاطلسي. واللافت ان الدول الاربع نفسها، ارست تعاوناً بحرياً من خلال تشكيل قوة بحرية اورومارفورس لكن من دون قيادة مركزية، في حين من المفترض ايضاً ان تستند القوتان البرية والبحرية، الى قوة جوية مشتركة مشكلة من فرنسا وبريطانيا، وكل ذلك في اطار من التنسيق والتعاون، يمكن القوة الرئيسية الان على المستوى الاوروبي، والمشكّلة اساساً من فرنسا والمانيا بمشاركة عناصر من بلجيكا واسبانيا ولوكسمبورغ، ومهمتها وضع قوة عملياتية من خمسين ألف رجل، تحت تصرف الحلف الاطلسي او اتحاد اوروبا الغربية، انطلاقاً من ضرورات أمنية ليست واضحة تماماً حتى الآن. ان دول الجنوب في الاتحاد الاوروبي، المتعاونة دفاعياً في اطار اتحاد اوروبا الغربية، باشرت مفاوضات أمنية مع الدول الواقعة في جنوب المتوسط، ابتداءً بالجزائر وانتهاء بمصر، مروراً بتونس والمغرب. ويبدو من هذه الزاوية ان حوار المتوسط الجنوبي مع اتحاد اوروبا الغربية هو اسهل من الحوار مع الحلف الاطلسي.