التميمي يُشارك في فعالية "الفضاء لتحقيق أهداف التنمية المستدامة"    مقتل 51 شخصا في انفجار منجم للفحم في شرق إيران    إشادة عالمية بفوز الهلال على الاتحاد في الكلاسيكو السعودي    الأمم المتحدة تحذر من "كارثة وشيكة" في الشرق الأوسط    شيخ شمل قبيلة السادة والخلاوية: نستلهم في اليوم الوطني ال94 النجاحات المُحققة للمملكة على مرّ الأجيال    القيادة تهنئ رئيس الفترة الانتقالية رئيس الدولة في جمهورية مالي بذكرى استقلال بلاده    "فلكية جدة": اليوم "الاعتدال الخريفي 2024" .. فلكياً    الربيعة يتحدث عن التحديات والأزمات غير المسبوقة التي تعترض العمل الإنساني    "الأرصاد" استمرار هطول الأمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على هذال بن سعيدان    الموت يغيب مطوف الملوك والزعماء جميل جلال    رايكوفيتش: كنا في غفوة في الشوط الاول وسنعود سريعاً للإنتصارات    أخضر تحت 20 عام يبدأ التصفيات الآسيوية بالفوز على فلسطين    البليهي: مشكلة الاتحاد انه واجه الهلال وكل المدافعين في اتم الجاهزية    مئوية السعودية تقترب.. قيادة أوفت بما وعدت.. وشعب قَبِل تحديات التحديث    السيوفي: اليوم الوطني مناسبة وطنية عظيمة    صناديق التحوط تتوقع أكثر السيناريوهات انخفاضاً للديزل والبنزين    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الجزائري الأوضاع في غزة    في كأس الملك.. الوحدة والأخدود يواجهان الفيصلي والعربي    ولي العهد يواسي ملك البحرين في وفاة خالد آل خليفة    "متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام في السودان" يؤكد على مواصلة العمل الجماعي لإنهاء الأزمة في السودان    «الأمم المتحدة»: السعودية تتصدر دول «G20» في نمو أعداد السياح والإيرادات الدولية    أمانة القصيم توقع عقداً لنظافة بريدة    وداعاً فصل الصيف.. أهلا بالخريف    «التعليم»: منع بيع 30 صنفاً غذائياً في المقاصف المدرسية    "سمات".. نافذة على إبداع الطلاب الموهوبين وإنجازاتهم العالمية على شاشة السعودية    دام عزك يا وطن    بأكبر جدارية لتقدير المعلمين.. جدة تستعد لدخول موسوعة غينيس    279,000 وظيفة مباشرة يخلقها «الطيران» في 2030    "قلبي" تشارك في المؤتمر العالمي للقلب    فريق طبي بمستشفى الملك فهد بجازان ينجح في إعادة السمع لطفل    اكتشاف فصيلة دم جديدة بعد 50 عاماً من الغموض    لا تتهاون.. الإمساك مؤشر خطير للأزمات القلبية    لعبة الاستعمار الجديد.. !    فأر يجبر طائرة على الهبوط    حل لغز الصوت القادم من أعمق خندق بالمحيطات    مسيرة أمجاد التاريخ    مركز الملك سلمان: 300 وحدة سكنية لمتضرري الزلزال في سوريا    ضبط 22716 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    فلكياً.. اليوم آخر أيام فصل الصيف    إقامة فعالية "عز الوطن 3"    الابتكار يدعم الاقتصاد    تعزيز أداء القادة الماليين في القطاع الحكومي    صور مبتكرة ترسم لوحات تفرد هوية الوطن    الملك سلمان.. سادن السعودية العظيم..!    خمسة أيام تفصل عشاق الثقافة والقراء عنه بالرياض.. معرض الكتاب.. نسخة متجددة تواكب مستجدات صناعة النشر    تشجيع المواهب الواعدة على الابتكار.. إعلان الفائزين في تحدي صناعة الأفلام    مجمع الملك سلمان العالمي ينظم مؤتمر"حوسبة العربية"    "الداخلية" توضح محظورات استخدام العلم    مصادر الأخبار    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. تنظيم المسابقة المحلية على جائزة الملك سلمان    "الداخلية" تحتفي باليوم الوطني 94 بفعالية "عز وطن3"    يوم مجيد لوطن جميل    أحلامنا مشروع وطن    «الخواجات» والاندماج في المجتمع    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضاغطاً على النخاع الشوكي    أبناؤنا يربونا    خطيب المسجد النبوي: مستخدمو «التواصل الاجتماعي» يخدعون الناس ويأكلون أموالهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الجبهة الشعبية الى كارلوس الى بادر ماينهوف . الالمانية مونيكا هاس ل "الوسط" من زنزانتها : لست نادمة
نشر في الحياة يوم 27 - 11 - 1995

في سجن النساء في فرانكفورت تنتظر الألمانية مونيكا هاس، وهي زوجة أحد قادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، محاكمتها بتهمة المشاركة في عدد من العمليات التي شملت خطف طائرات أو التخطيط لها، سواء نفذتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جناح وديع حداد على وجه الخصوص أو منظمة "بادر ماينهوف" الألمانية المعروفة أيضاً باسم "الجيش المسلح الأحمر" التي شنت هجمات عدة ضد أهداف أميركية، واختطفت رجال أعمال وصناعيين ألمان أبرزهم رئيس جمعية الصناعيين الألمان شلاير العام 1977.
وإذا كانت مونيكا هاس اسمها الحركي أمل المولودة في العام 1948 في مدينة فرانكفورت تبدو هادئة إلى أقصى درجة، على رغم ان التهم الموجهة إليها، كفيلة بابقائها في السجن مدى الحياة في حال ادانتها، إلا أنها لا تتردد في القول إنها تعتقد ان الشاهدة الوحيدة التي ستدلي بأقوال ضدها أمام القضاء الألماني في منتصف كانون الثاني يناير المقبل وهي الفلسطينية سهيلة اندراوس المعروفة بثريا الانصاري ارغمت على ذلك.
ويذكر ان الأخيرة هي الناجية الوحيدة من فريق الخاطفين بعد اقتحام الطائرة في مقديشو ومقتل قائدها وأربعة من مختطفيها.
وتنفي مونيكا هاس ان تكون قد سافرت إلى مايوركا أو زارت الفندق الذي كان يقيم فيه المختطفون، على رغم أن سهيلة اندراوس تقول إنها رأتها مرة واحدة هناك.
وترى مونيكا ان المحققين الألمان الذين انتقلوا إلى اوسلو للتحقيق مع سهيلة اندراوس استغلوا ظروفها النفسية و"خيّروها بين الادلاء بإفادة ضدي وتخفيف العقوبة عليها وبين الحكم عليها بالسجن لفترة طويلة". وكانت سهيلة قضت في سجن مقديشو حوالى العام قبل أن يطلق سراحها.
وتضيف مونيكا ان السلطات الألمانية احتجزتها العام 1992 بضعة أشهر بعد العثور على بعض ملفات جهاز استخبارات المانيا الشرقية ستازي التي تناولت دورها وعمليات شاركت في تنفيذها. لكن عدم وجود أدلة كافية دفع السلطات الى اطلاقها، قبل أن تعتقلها مجدداً العام الماضي.
وترفض مونيكا، التي تلقبها الصحافة الألمانية ب "كاتمة الأسرار"، كشف أي معلومات عن معارفها من الاسماء اللامعة في عالم العنف وخطف الطائرات مثل وديع حداد والفنزويلي كارلوس وليلى خالد. وتبرر عدم الحديث عن هؤلاء بأنه ليس الموضوع الأساسي بالنسبة إليها، "وقد رفضت الرد على هذه الأسئلة حتى لا اسبب مشاكل للآخرين".
في حضور مترجمة ومسؤولة في السجن في غرفة نظيفة وبابيّ حديد مغلقين باحكام، جرى مع مونيكا الحوار الآتي:
كيف ومتى راودتك فكرة مغادرة المانيا والالتحاق بالمقاومة الفلسطينية؟
- في العام 1975 بسبب الاتصالات السياسية بيني وبين المقاومة الفلسطينية. في تلك الفترة كان الوضع صعباً لكل العناصر الالمانية التي كانت تتخذ مواقف راديكالية في المانيا، ولم يكن هناك مفر من مغادرة بلدي.
مع اي جهة كنت تعملين في ذلك الوقت؟
- لم انخرط في حياتي في تنظيم أو حزب. لكنني كنت قريبة جداً من منظمة RAF التي كانت معروفة باسم "بادر ماينهوف". ونمت تلك الصلة بيننا خلال رعايتي لسجنائهم السياسيين داخل السجون الالمانية، وكل من كان على اتصال بهؤلاء السجناء او كان يدعمهم كان مستهدفاً من قبل اجهزة الامن الالمانية.
مع من كنت على صلة من سجناء "بادر ماينهوف"؟
- لا اريد الدخول في تفاصيل من هذا النوع، لكني اود الحديث عن تطورات معينة.
على ماذا كانت تتركز نشاطات "بادر ماينهوف" في تلك الفترة؟
- كانت الحركة تقوم بعمليات ضد منشآت واهداف اميركية.
من دون تخطيط مسبق
كيف وصلت الى العالم العربي؟ وأين كانت محطتك الاولى؟
- الاشياء التي تسأل عنها مهمة في موضوع محاكمتي، ولم اتكلم عنها اطلاقاً. وليست لي نيّة للخوض فيها الآن. وارجوك ان تتفهم موقفي لأن التفاصيل هذه غير مهمة. المهم انني ذهبت الى الشرق الاوسط، وبقيت هناك من دون تخطيط مسبق بعدما تزوجت فلسطينياً.
هل كانت بيروت محطتك الاولى؟
- تضحك.. تسألني عن اشياء قلت انني لا اريد ان اتكلم عنها. نعم كنت ايضاً في بيروت واعرفها، لكنني لن اخوض في تفاصيل عن اين ذهبت وعشت.
ليس سراً انك كنت مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؟
- لست انا شخصياً، كما انني لم اكن الالمانية الوحيدة الموجودة هناك. انضميت الى مجموعة من الاشخاص كانت موجودة في بيروت، وكانوا على اتصال بالجبهة الشعبية. لم اذهب الى العالم العربي بصفة فردية، وانما كان هناك اشخاص آخرون موجودون.
ماذا عن تاريخ التعاون بين هذه المجموعة من الالمان والجبهة الشعبية؟
- في حياتي لم اكن كاتمة اسرار، كنت دائماً اتحرك على هامش هذه المجموعات، لم تتح لي الفرصة مثلاً للاطلاع على تركيبتها على الاطلاق. لم اكن عضواً فيها. ذهبت الى المنطقة لكي اعطي نفسي فرصة التفكير بهدوء في ما اذا كان الكفاح المسلح سيصبح طريقي وسأسلكه.
وما هي الفكرة التي كنت تحملينها عن القضية الفلسطينية قبل وصولك الى بيروت؟
- من خلال المقالات والتقارير والاخبار المترجمة من الصحف، كان وما يزال الاحساس لدي كألمانية، انني اتحمل جزءاً من المسؤولية عما حدث للفلسطينيين سياسياً. فلولا الاحداث التي تعرض لها اليهود إبان الحكم النازي، وعمليات القتل المنظم لليهود يومذاك، لما كان ممكنا من الناحية السياسية انتزاع الارض الفلسطينية من اصحابها الاصليين واعطاؤها لليهود. ان الشعب الفلسطيني يدفع ثمن الاخطاء التي ارتكبها الالمان بحق اليهود. كان ذلك موقفي ولا يزال.
تعاطف سليم ومنطقي
تقولين انك لم تكوني وحيدة بل معك مجموعات اخرى من الالمان في بيروت، كم كان عدد افراد تلك المجموعات؟
- كانوا اشخاصاً وليس مجموعات. حقيقة انا لا اريد ان اخوض في تفاصيل، ربما كانت مهمة بالنسبة الى الصحف او المدعي العام، لكني لن اتكلم عنها. يقال انني سأمضي فترة عقوبة طويلة في السجن، لذلك انا حذرة جداً من الادلاء بأشياء قد تستخدم ضدي، لأن للقضاء الالماني طرقه الخاصة في تأويل ما اقول.
ان المرحلة الماضية من حياتي تتعرض للملاحقة بشكل حاد جداً، وهذا لا يقتصر عليّ انا فقط، بل يشمل اشخاصاً آخرين ولذلك لا احبذ اعطاء معلومات، تنتج عنها ملاحقة اشخاص آخرين.
في منتصف السبعينات كان هناك تعاطف من قبل منظمات عالمية متطرفة مع القضية الفلسطينية. ماذا كان ذلك يعني لك؟
- كنت ارى ان هذا التعاطف سليم ومنطقي.
شهدت بداية السبعينات عمليات خطف طائرات وهجمات انتحارية سواء من النوع الذي شارك فيه الجيش الاحمر الياباني او بادر ماينهوف، هل كنت تؤيدين هذا النوع من العمليات؟
- هذا صحيح، لانه لم تكن في تلك الفترة وسيلة اخرى للفت المجتمع الدولي الى ما يعانيه الفلسطينيون او ما يطالبون به.
هل اختلطت بعناصر غير المانية مشاركة في الكفاح الفلسطيني مثل الجيش الاحمر الياباني او الالوية الحمراء الايطالية؟
- مرة واحدة وبشكل عابر لاحظت وجود عناصر هولندية، لكن لم اكن اعرف لأي مجموعة ينتمون، ولا سبب وجودهم بين الفلسطينيين. كان هؤلاء وحدهم غير الالمان الذين التقيتهم. وكما ذكرت فقد كنت أعيش حياة هامشية جداً، وكنت حريصة على ان لا اتدخل في الاشياء التي لا تهمني بشكل مباشر. وفي بداية 1976، اتخذت، في قرارة نفسي، قراراً نهائياً بأن هذا النوع من الكفاح المسلح ليس هو الطريق الصحيح بالنسبة اليّ، لأنني غير قادرة على انتهاجه، ولا على مواصلته.
ما هي تلك الاسباب؟
- اتخذت هذا القرار بعد ان القي القبض عليّ في نيروبي. كنت مكلفة بتوصيل رسالة الى مكان محدد في العاصمة الكينية. عندما اعتقلتني السلطات الكينية في المطار، اخضعت للاستجواب لمدة ثلاثة ايام، ولاحظت ايضاً وجود سجناء المان آخرين في السجن نفسه. لم اكن اعرف ما هي محتويات الرسالة لأنها كانت مكتوبة باللغة العربية. ولاحظت من التحقيقات التي اجريت معي ان امرأة اخرى سبقتني الى نيروبي، وان السلطات الكينية كانت تسعى الى القاء القبض عليها. لا ادري ما هو السبب، لكنها كانت مهمة جداً بالنسبة اليهم. حاولوا ان يرغموني على العودة لكي احاول اقناع تلك المرأة بالعودة الى نيروبي.
ماذا كانت تهمة الالمان الموجودين في السجن الكيني؟
- كل معلوماتي عنهم لا تتجاوز المعلومات التي اصبحت معروفة الآن، وهي انهم كانوا مجموعة كوماندوز ارسلت الى هناك لخطف طائرة اسرائيلية من نيروبي، ولا اعرف حتى الآن هل تلك المعلومات صحيحة أم لا.
اليوم عندي معلومات اكثر بكثير مما كان لديّ في السابق، لأن امامي اكواماً من الملفات تحوي اشياء كثيرة، لكن في نهاية الامر ليس بمقدوري الحكم على صدقيتها. انا اقرأ هذه الملفات واحاول ان استخلص التناقضات الموجودة فيها، بحيث اكون قادرة على تكوين صورة عن مدى صحة او عدم صحة المعلومات الواردة فيها.
لقد طلب مني رجال الامن الكينيون المساعدة في القاء القبض على تلك المرأة العربية وان اقنعها بالسفر الى نيروبي، وهذا هو السبب الذي دفعهم لاطلاق سراحي، وسمحوا لي بمغادرة البلاد. لكني طبعاً لم انفذ هذه المهمة، ولا اعرف تماماً ماذا كانت مهمة تلك المرأة في نيروبي.
هل كانت تلك المرأة عضواً في الجبهة الشعبية؟
- افترض ذلك. ولا اعلم على وجه اليقين اذا كانت عضواً فيها ام لا. لكن وجود ثلاثة فلسطينيين معتقلين في كينيا بالاضافة الى شخصين من المانيا، ووجودي شخصياً مع تلك المجموعة قادني الى تلك الخلاصة.
هل عشت في بيروت المدينة ام في المخيمات؟
- دائماً في العاصمة. لم اكن اقضي معظم وقتي في بيروت بل في عدن. اذ بعد اطلاق سراحي في نيروبي لم اعد الى بيروت بل ذهبت الى عدن.
ما هي العواصم العربية التي كنت تترددين عليها؟
- كل زياراتي للعواصم العربية اتت في وقت متأخر، وكانت بصفتي زوجة واماً. كنت اقوم بزيارات لأقارب زوجي الموزعين في انحاء العالم العربي. تجربة نيروبي في العام 1976 كانت بالنسبة إلي نهاية لنشاطي السياسي.
متى تعرفت على زوجك زكي هللو؟
- هذه اسئلة يوجهها المدعي العام، وارفض الاجابة عنها تضحك.
ماذا كان يعني بالنسبة اليك وديع حداد؟
- اعرف انه احد القادة الفلسطينيين، ورغم معرفتي هذه، فلن اتكلم عن اشخاص.
متى التقيته للمرة الأولى؟
- تضحك.. وتهز رأسها رافضة الاجابة.
وماذا عن ليلى خالد؟
- افضل ان لا ادخل في تفاصيل من هذا النوع، ومع ذلك شخصياً لا اعرف ليلى خالد، وأود ان الفتك الى انني كنت حريصة على عدم الاختلاط بشخصيات معروفة.
متى تركت نيروبي الى عدن؟
- في كانون الثاني يناير 1976 غادرت نيروبي بعد احتجازي هناك لمدة ثلاثة ايام.
هل كنت متزوجة وقتذاك؟
- ... تقريباً.
وأين كنت تقيمين في عدن؟
- سكنت في اماكن مختلفة، في البداية عشت في منزل كان يستخدم مكتباً للجبهة الشعبية، وبما انه لم تكن لي علاقة بالمنظمة، فقد تركته، وسكنّا في شقة يملكها شخص نعرفه، وقدمنا طلباً للحصول على شقة خاصة بنا. ولم نحصل عليها الا بعد ولادة طفلتي.
هل كنت تترددين على معسكر تدريب؟
- في البداية، ولفترة قصيرة، كنت في احد معسكرات التدريب.
وماذا عن تدريبك على استعمال السلاح؟
- لم يكن تدريباً بالمعنى المعروف. لقد كان وجودنا في المعسكر في العام 1975، وهدفنا الاساسي مع الاشخاص الآخرين التفكير في الاستراتيجية السياسية التي سنسلكها، كنا نتبادل الآراء والتصورات حول آراء سياسية معينة.
هل التقيت بكارلوس خلال تلك الفترة في المعسكر المذكور؟
- تضحك.. لماذا لا تأخذ كلامي حول رفض الحديث عن اشخاص بجدية.
لكن كارلوس كان يتردد على عدن في تلك الفترة؟
- ما دمت تعرف ذلك فلماذا تسألني؟ ما اعرفه عن كارلوس مكتوب في الصحف. انه ليس سراً ان تلك الفترة كانت بداية المشاكل بين كارلوس والجبهة الشعبية.
وهل استمر نشاطك مع الجبهة الشعبية بعد انفصال وديع حداد عنها؟
- لم اكن في حياتي عضواً في الجبهة الشعبية.
في منتصف السبعينات كان هناك تيار داخل الجبهة الشعبية يدعو الى وقف عمليات خطف الطائرات، هل كنت من انصاره، خصوصاً بعد اعتقالك في نيروبي؟
- احب ان اوضح ان الموضوع لم يكن بهذه الطريقة. وانا لم أقل انني اعدت النظر في هذه السياسة بشكل عام. انا شخصياً لم اكن قادرة على ان اقوم بأشياء من هذا النوع. وقد استخلصت بعد هذه التجربة انني لست مقاتلة يمكنها ان تلجأ الى ذلك النوع من الكفاح.
حياة عائلية مملّة
كيف كنت تقضين وقتك في عدن؟
- مثل كل النساء الاخريات تضحك.
سهيلة اندراوس المعروفة بثريا الانصاري التي شاركت في خطف طائرة شركة لوفتهانزا الى مقديشو، قالت انها شاهدتك في معسكر تدريب في عدن.
- لا اعتقد ان ذلك صحيح بالشكل الذي ذكرته، لقد مرّت على هذه الاحداث فترة طويلة، وأنا لم اتبادل مع هذه المرأة اكثر من عشر جمل، او ربما اقل. اعتقد انني التقيتها في المكتب الذي اشرت اليه في السابق في عدن، وكان ذلك لوقت قصير. وفهمت انها اتت الى عدن للتدريب. لكن انا شخصياً لم اكن اتردد على معسكر التدريب الا نادراً.
ولماذا كانت تكرهك ثريا؟
- لا اعرف، لم يكن بيننا اي خلاف. التفسير الوحيد الممكن ان اطرحه، هو ان المشاكل التي تعاني منها الآن تعتقد انها مرتبطة بي، لكنني لست مسؤولة شخصياً عن ذلك. فلدّي مشاكل مشابهة.
متى اتخذت قرارك بمغادرة عدن والعودة الى المانيا؟
- في العام 1980.
كيف امضيت السنوات الاربع في عدن؟
- كانت حياة عائلية مملة. عدن مدينة فقيرة، وكانت حياة الاولاد والاسرة تستأثر بنشاطي الاساسي.
لكن هناك من يقول انكم تمتعتم بحياة متميزة…
- ماذا تقصد بالمعاملة الخاصة؟
كان الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم آنذاك يقدم تسهيلات للمنظمات اليسارية والفصائل الفلسطينية…
- انتظرنا فترة طويلة جداً للحصول على شقة خاصة بنا. كنّا في وضع افضل من ناحية واحدة، وهي اننا كنا نمسك عملة صعبة وقدرة مالية عالية للشراء غير متوافرة للمواطن اليمني العادي. كما ان سفر زوجي كان فرصة مناسبة لكي يحضر لنا من الخارج ما كنا نفتقر اليه في عدن. لم تكن تلك الامتيازات سياسية.
هل كنت تستعملين جواز سفر يمنياً جنوبياً في تنقلاتك؟
- هذا شيء لن اخوض فيه.
كيف كنت تسافرين اذن؟
- لم اكن اسافر كثيراً، وفي الغالب كنت اسافر مع زوجي، ارافقه في رحلاته في العالم العربي. كل الاسئلة التي تهم المدعي العام الالماني لن اجيب عنها.
ثريا الانصاري تقول انها شاهدتك مرة واحدة في فندق في مايوركا قبل اقدام مجموعتها على خطف طائرة لوفتهانزا. وانت تنفين نقلك للسلاح الى مايوركا او لقاء مجموعة الخاطفين. ما هي الحقيقة؟ وهل لديك ما يثبت وجودك في عدن آنذاك؟
- لدي محضر الاستجواب الذي حررته الشرطة الالمانية مع ثريا الانصاري في النروج. في المرحلة الاولى من التحقيق ذكرت اشياء كانت فعلاً تتذكرها. وعندما وجهت اليها اسئلة عن الاسلحة قالت انها لا تملك معلومات عن طريقة نقلها الاسلحة الى مايوركا، كما لم تكن لديها تفاصيل عن العملية وخطط تنفيذها، وان قائد العملية هو الذي كان يملك المعلومات بشكل مستفيض، وما كانت تعرفه ثريا على حد قولها في التحقيق الذي اجراه المحققون الالمان لم يتجاوز ما يخص دورها في تنفيذ العملية، وبما ان السلاح لم يكن ضمن مهامها، فقد قالت انها لا تعرف تفاصيل.
لكن ثريا قالت انها شاهدتك في الفندق؟
- الذي ساعد ثريا على قول ذلك ان المحققين الالمان الذين استجوبوها وضعوها امام الخيار التالي: اما السجن مدى الحياة او عقوبة اقل من ذلك بكثير. وكان ادعاؤها انها رأتني افضل الخيارات لتخفيف العقوبة. سلطات التحري الالمانية استغلت وضع ثريا النفسي السيء. كل المعلومات التي ادلت بها كانت معلومات سبق ان طرحت عليها على شكل اسئلة من جانبهم، وهذه المعلومات مستقاة من الاشاعات الموجودة في ملفات "الستازي" استخبارات المانيا الشرقية التي كشف النقاب عنها بعد الوحدة الالمانية.
هل يعني هذا الكلام انك لم تنقلي الاسلحة في عربة اطفال الى الفندق في مايوركا؟
- لا.
بعد 18 سنة؟
اين كنت في تلك الفترة؟
- في عدن.
وهل لديك ما يثبت ذلك؟
- هذا امر غير ممكن بعد مرور 18 عاماً.
وكيف ستثبتين للمحكمة وجودك في عدن خلال تلك الفترة؟
- لو كان بامكاني اثبات ذلك لما امضيت في السجن سنة حتى الآن. وبعد 18 عاماً من الصعب العثور على شخص يتكلم عن تلك الفترة. او يقول مثلاً انه تناول العشاء معي او زارنا في المنزل.
ما هي الاسباب التي دفعتك الى اتخاذ قرار العودة الى المانيا ومغادرة عدن؟
- اتيت الى فرانكفورت العام 1980، حيث انجبت طفلي الثالث، وفي الصيف عدت الى عدن، وفي العام 1982 رجعت الى المانيا بشكل نهائي.
وماذا عملت بعد عودتك؟
- بدأت اسعى الى ايجاد مكان لنفسي في المجتمع الالماني، عندما كبر الاطفال، بدأت دراسة جديدة، وبعدها بدأت الانخراط في مجال العمل.
بعد الفترة التي عشتها في العالم العربي، هل وجدت صعوبة في العودة الى نمط الحياة الغربية؟
- نعم شعرت بأنني عدت الى عالم مختلف تماماً. من مجتمع فقير جداً الى مجتمع ثري الى اقصى حد. رجعت من محيط لدى الناس فيه متسع من الوقت، الى مجتمع وقت ابنائه ضيق. وبالرغم من ذلك فان المانيا هي بيئتي الثقافية وبلدي، ولقد كان سهلاً علي التأقلم من جديد مع هذه الاجواء.
هل انت نادمة على تلك الفترة؟
- ابداً، لقد اكتسبت خبرات، وحصلت على دفعات مهمة بالنسبة الي شخصياً.
في اي مجال؟
- العرب بشكل عام لا يأخذون الامور بالجدية الخانقة نفسها التي نأخذها في بلادنا، كما انهم منفتحون على الغرباء.
وهل بقيت على اتصال بزوجك بعد عودتك الى المانيا؟
- بالطبع. وكنا نقضي اجازات معاً.
في العام 1984 تعرض زوجك لمحاولة اغتيال في مدريد. ماذا كانت الاسباب؟
- لا اعرف. هناك اشاعات انتشرت بعد قضية نيروبي بأنني اعمل لمصلحة الاستخبارات الالمانية، وهي اشاعات روجتها استخبارات المانيا الشرقية في العالم العربي بشكل عام، ووسط افراد جهاز الامن الفلسطيني. الذي فهمته ان التهم لم تكن موجهة ضدي لسبب شخصي، وانما بسب مؤامرات وتنافس سياسي على اساس انني نقطة الضعف بالنسبة الى زوجي. فقد كنت امثل شرف زوجي السياسي، اذ اني اوروبية متزوجة من قائد فلسطيني. لم يكن الكثيرون يعرفون شيئاً عن خلفيتي او اسرتي، وبعد اعتقالي في نيروبي، بدأ كثيرون من الذين لم يكونوا يعرفون لماذا اطلق سراحي في كينيا يتخيلون اشياء كثيرة في هذا الصدد، ويروجون تلك الاشاعات الموجهة بالدرجة الاولى ضد زوجي.
لماذا تروج المانيا الشرقية اشاعات بأنك عميلة للموساد او لجهاز امن المانيا الغربية؟
- كانت لزوجي اتصالات مهمة مع الحكومة اليمنية، وانا انطلق من ان مواقفه كانت مناقضة لمصالح المانيا الشرقية في اليمن.
في اي مجال كان زوجك يناقض مصالح المانيا الشرقية في عدن؟
- لا اعرف التفاصيل، لكن هناك مواقف سياسية مختلفة، وكذلك مصالح متناقضة. لقد كانت المانيا ترفض زوجي، ومن الامثلة على ذلك، انه بعد تعرضه لمحاولة الاغتيال طُلب من سلطات المانيا الشرقية المساعدة في علاجه فرفضت. ما اعرفه هو الاطار الواسع، لكني لا اعرف التفاصيل.
قلت ان زوجك كان مسؤولاً مهماً وعلى اتصال بالحكومة اليمنية. ماذا كان موقعه؟
- لا اريد الخوض في هذا الموضوع.
ماذا عملت بعد عودتك الى المانيا؟
- اول وظيفة كانت قيادة سيارة اجرة في الليل، لأن الاطفال كانوا صغاراً، وكان ابني الاكبر يرعى اخوته ليلاً. لم تطل مدة هذه المهنة، فقد عملت بعدها في مكاتب مختلفة في مجال الادارة، بعدها ذهبت الى مدرسة ليلية. ثم آخر وظيفة لي قبل سجني كانت في الادارة في مستشفى الجامعة في فرانكفورت.
لماذا تم القاء القبض عليك في العام 1992، واطلق سراحك بعد ذلك بأشهر؟
- ليست لدي معلومات محددة، عندي بعض الافكار.
مثل ماذا؟
- لا اريد تعقيد الامور، لكن عاملاً مهماً حصل وهو ان ملفات استخبارات المانيا الشرقية الستازي بدأت بالظهور. وكانت تتضمن اشاعات كثيرة، مثل مشاركتي في عمليات كثيرة. سلطات المانيا الغربية استخلصت منها الاحداث التي لم تكن طرحت بعد امام القضاء.
ما هي اهم التهم التي كشفتها "الستازي" عنك؟
- مهمة الملف الذي وضعته "الستازي" ان يثبتوا انني عميلة للامبريالية الالمانية الغربية. وقالوا ان العمليات التي ادعوا مشاركتي بها تمت بعلم الاستخبارات الالمانية الغربية.
ما هي العمليات التي قالوا انك شاركت في تنفيذها؟
- عملية نيروبي والاشاعات التي نتجت عنها وعملية مقديشو، وانطلاقاً من هذه الحوادث، بدأ نسج الاشاعات. طريقة التفكير تقول ما دامت الواقعة صحيحة، فقد تكون الاتهامات الأخرى صحيحة. ومن دون ادلاء سهيلة اندراوس بشهادتها لا يمكن للسلطات الالمانية ان توجه هذه التهمة، لأن الاشياء الأخرى نشأت في حضن الاستخبارات. وألقي عليَّ القبض للمرة الأولى العام 1992. نظرت المحكمة العليا في هذا الملف وفحصته، وقالت ان فيه تناقضات كثيرة، وان المعلومات تستند الى مصادر مجهولة، ولذلك لا تشكل اثباتاً من الناحية القانونية، وأطلق سراحي على الأثر. لهذا كان من المهم جداً للسلطات القضائية الالمانية ان تجد شيئاً جديداً لاعادة فتح ملفي. وهذه المهمة تقوم بها اقوال سهيلة اندراوس المعروفة بثريا الانصاري.
هل ورد في ملف "الستازي" ما يتهمك بالتورط في قتل رجل الأعمال الالماني شلاير؟
- لا.
لماذا اذن اتهمك الادعاء بالمشاركة في قتل ذلك الصناعي الالماني البارز؟
- هذا تلفيق قانوني. لأن اختطاف طائرة شركة لوفتهانزا اعتبر دعماً لعملية اختطاف شلاير. خصوصاً ان مختطفي طائرة لوفتهانزا طرحوا مطالب مختطفي شلاير نفسها وهي اطلاق معتقلين من اعضاء منظمة بادر ماينهوف.
يتهمونك في وسائل الاعلام الالمانية بأنك من أهم كاتمي الاسرار في المانيا واوروبا الغربية، خصوصاً نتيجة رفضك الكشف عن دورك في المرحلة السابقة. كيف تنظرين الى هذا الوصف؟
- من وظائف الاعلام في المانيا ان يمهد لعريضة اتهام من النوع الذي يعد ضدي. كان واجباً عليهم ان يرفعوا شأني لتبرير مثل هذه التهم الموجهة ضدي. لم تسلك كل الصحافة الالمانية هذا المسلك. لقد عُرض عليّ نفس ما عُرض على ثريا الانصاري. اذ حاولت السلطات الالمانية تحويلي الى شاهدة ادعاء.
ضد من؟
- ضد محتجزين في السجون الالمانية سترفع قضايا جديدة عليهم. وفي الدرجة الأولى ضد بريجيتا مون اويت التي تعتقد الشرطة الالمانية انها كانت لها اتصالات مع مجموعات فلسطينية. وطلب مني ان اؤكد صحة هذه الاتصالات.
هل وعدوك باطلاقك اذا شهدتِ ضدها؟
- وعدوني بتخفيف العقوبة الى حد كبير.
وهل تعرفين بريجيتا شخصياً؟
- ليس هذا المهم، ثريا الانصاري لم ترني في مايوركا ورغم ذلك ستشهد ضدي.
هل حاول "الستازي" تجنيدك للعمل لمصلحته وفشل؟
- لم اسمح لهم بالاقتراب مني حتى يعرضوا عليّ هذا الأمر.
لقاءات حذرة جداً
من المعروف ان عدن كانت في السابق مركزاً مهماً للمنظمات اليسارية وأجهزة أمن الدول الشيوعية قبل انهيارها. هل حاول أي من أجهزة الدول الاشتراكية تجنيدك للعمل لمصلحته؟
- لم يتم اي شيء مباشر. اتصالاتي بالقادمين من اوروبا الشرقية كانت نادرة جداً. ولم أكن أعرف سوى عائلة واحدة من المجر. كنا في بعض الاحيان نلتقي بأوروبيين شرقيين في نادي السباحة في عدن، وكان هؤلاء يعاملونني بلطفٍ شديد، ولكني كنت حذرة جداً، لأنني لم أكن ارغب في الاتصال بأي شخص.
كيف كان رد فعل زوجك وقادة الجبهة الشعبية بعد الاشاعات عن تعاملك مع المخابرات الالمانية والاستخبارات الاسرائيلية موساد؟
- كانت هناك ردود فعل مختلفة. على المستوى القيادي سمعوا بالقصة التي رويتها، وأنا متأكدة انهم راجعوها وتحققوا من صحتها، وكان واضحاً بالنسبة اليهم ان ما قلته صحيح، لكن يظهر ان عدداً كبيراً من الناس لم يصدق روايتي، ولم أطلع على هذا الأمر غير الآن، لأن زوجي كان يخفي عني الاشاعات التي كانت تدور. كنت من حين لآخر اسمع ان جهاز الاستخبارات الالماني الشرقي يقول انني عميلة للألمان الغربيين، لكن لم آخذ ذلك على محمل الجد، لأنني كنت أعتقد ان ذلك امر سخيف. كنت اعتقد انهم مجانين، لأنهم كانوا يتصورون ان كل ألماني غربي يعمل لمصلحة الاستخبارات في بون.
كيف تنظرين الى مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين بعد مرحلة خطف الطائرات واحتجاز الرهائن؟
- آمل ان يكون ذلك بداية تسوية سياسية. هل ستستمر عملية السلام خاصة وان هناك اطرافاً يحاولون تعطيلها؟ لا اعرف. اتمنى ان يحصل الفلسطينيون على حقوقهم. لكن أرى ان الطريق لتحقيق هذا الهدف لا يزال طويلاً.
هل زوجك على اتصال بك وأنت داخل السجن؟
- عن طريق اطفالي.
ماذا عن تفاؤلك باطلاقك؟
- انا مقتنعة ببراءتي، لكن نهاية هذه القضية ما زالت غير واضحة على الاطلاق، لأنني غير قادرة ان اثبت انني لم أكن موجودة في مايوركا الاسبانية، ولم أترك مدينة عدن على الاطلاق. انني حقيقة في وضع لا أحسد عليه، ولا أزال متمسكة بضرورة حضور ثريا الانصاري الى المانيا للادلاء بشهادتها. انه من السخف ان تقدم ثريا للمحاكمة. سياسياً انا ارفض هذا الشيء، لكن طالما انها مستغلة هذا الاستغلال السيء وتدلي بمثل هذه الاقوال، فيجب ان اصمم من ناحيتي على حضورها امام المحكمة، حتى تتاح لنا الفرصة انا والمدافعين عني لاستجوابها امام المحكمة.
هل لديك رسالة تريدين توجيهها الى ثريا الانصاري في اوسلو؟
- لو قلت اي شيء سيتهمونني بأنني اضغط عليها. سبق ان بعثت اليها برسالة، وطلبت منها ان تقول الحقيقة فحسب. لكن المدعي العام يتهمني بأنني مارست ضغطاً عليها. وما أراه انهم - أي الحكومة الالمانية - هم الذين يضغطون عليها. انا لا استطيع ان اهدد ثريا بالسجن مدى الحياة اذا لم تدل بتلك الاتهامات ضدي. وهو أمر قامت به الحكومة الالمانية.
كيف وجدت المانيا الموحدة وكانت مقسمة عندما غادرتها العام 1975؟
- ما زلت يسارية في افكاري. وعلى رغم انني لا ارغب في وضع الناس في اطارات جادة، لكني لم أكن منتمية الى اليسار الذي يعتبر المانيا الشرقية المثل الأعلى، لأن هذا النوع من الاشتراكية كان نظاماً ديكتاتورياً منغلقاً. وأي نظام يحرم المواطنين من حريتهم هو نظام مختل.
لوحظ في الآونة الأخيرة تعاون بين الأنظمة العربية وأنظمة غربية في مجال تسليم الضالعين في اعمال عنف وخطف طائرات بعد تسليم السودان لكارلوس واليمن لمواطن الماني، هل تعتبرين ان المرحلة الآن تختلف عن المرحلة الماضية؟
- الحقيقة ان الترتيبات على المستوى الدولي تغيرت، ولم يعد ممكناً الحديث بشكل مطلق عن مواقف يسارية. لا استطيع ان اتوقع ما سيحصل. لكن علينا ان نتعلم من الاخطاء التي ارتكبها المعسكر الاشتراكي، لقد كان ذلك من آمالي. لكن لا يوجد ما يدعو الى تحقيق مثل هذا الأمل. الوضع معقد، ويجب ان نناقش الموضوع بالتفصيل حتى نحدد نقاطاً معينة. انطباعي هو ان العالم في حالة اضطراب.
قلت انك لا زلت يسارية، ولست نادمة على تجربتك الماضية. لو اتيح لك العودة الى المرحلة نفسها، هل كنت تتصرفين بالطريقة نفسها؟
- هذا افتراض لا استطيع الاجابة عنه، لكن ما حدث في الماضي كان يجب ان يحدث بسبب الظروف والوقت.
منظمة "بادر ماينهوف"
منظمة ألمانية غربية معروفة باسم الجيش المسلح الاحمر، اسسها اندرياس بادر وأولريك ماينهوف.
تتوسل الارهاب والكفاح المسلح في خطها السياسي بشكل مشابه لتوجهات منظمتي الالوية الحمراء في ايطاليا والجيش الاحمر في اليابان.
نفذت العديد من الاغتيالات السياسية والهجمات على القواعد الاميركية في المانيا، كما نسفت عدداً من المؤسسات الكبرى وسطت على مصارف. ومن أشهر عملياتها اختطاف رئيس اتحاد الصناعيين الالمان هانز مارتان شلاير في العام 1978 واعدامه بعد رفض السلطات الالمانية دفع فدية واطلاق بعض السجناء من اعضاء المنظمة.
برز هذا التنظيم مع فشل ما سمي بالثورة الطلابية في برلين التي اندلعت العام 1965 ضد حرب فيتنام وسياسات الادارة الاميركية آنذاك.
طرحت نفسها بديلاً لليسار الشيوعي بعد ان اتهمته بالنزعة الاصلاحية. وقد انتحر عدد من اعضائها داخل السجون الالمانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.