التنسيق بين جماعة الاخوان المسلمين وحزب العمل في الانتخابات المقبلة، يختلف عما جرى في انتخابات 1987 تحت اسم "التحالف الاسلامي" الذي لم تعد لافتته مرفوعة حتى الآن على الأقل. ما هو تأثير هذه التطورات على طرفي التحالف الرئيسيين؟ وما هي التفاعلات الجارية داخل صفوف كل منهما، واحتمالات تداعياتها؟ وباختصار: ما هو مستقبل طرفي التحالف الذي لا يزال يشغل اهتمام المراقبين للعملية الانتخابية المصرية ونتائجها، خصوصاً بعدما طرح حزب العمل - منفرداً - برنامجه الانتخابي، يعني أنه لا برنامج موحداً للتحالف كما حصل سابقاً. حزب العمل، هو أكثر الأحزاب المرشحة - حتى الآن - للتأثر السلبي الشديد بالعملية الانتخابية ونتائجها المقبلة. ويصدق هذا التوقع بشكل أدق على قيادات متنفذة فيه من تيار الاسلام السياسي. ولعل حالة التوتر التي أصابت صفوف الحزب الأيام الماضية، واحدة من المؤشرات المبكرة الدالة الى هذا التأثر السلبي. ولهذا يجاهد رئيس الحزب لاحتواء هذا التوتر تحسباً لمضاعفاته. ويبدو أن أحد الاسباب الرئيسية لهذا التوتر يتصل بالخلاف على المدى الذي يمكن ان يذهب إليه الحزب في تحالفه مع جماعة الاخوان المسلمين. وتعد هذه مشكلة حقيقية باتت تفرض نفسها ضمن التداعيات الاخيرة للتحول الذي شهده الحزب عامي 8519 - 1986 وحسم رسميا في مؤتمره العام الخامس 1989 الذي انعقد تحت شعار "الاصلاح من منظور إسلامي"، وكان تعبيرا عن صعود تيار الاسلام السياسي داخل الحزب من جهة، وعن انفصاله عن التيار العام لليسار في حينه من جهة أخرى. وليس سرا أن هذا التحول الكبير ارتبط بصعود نجم عادل حسين الامين العام الحالي للحزب، باعتباره المنظر الذي أخذ على عاتقه عملية تجديد فكر الحزب وسياساته تحت شعار "الاسلام هو الحل". حيث رأى أن الاسلام ليس فقط عقيدة وفرائض أو مصدرا للتشريع، وإنما يقوم كنظام سياسي اقتصادي اجتماعي يمكن أن يقوده ما أسماه وقتها ب "المستبد العادل" الذي يستند الى نظام الشورى. والحاصل أن الحزب قام في الاصل على أساس طروحات سياسية واجتماعية لا تختلف كثيرا عن طروحات ثورة يوليو 1952. وهي الطروحات التي لم يكن ممكنا أن تتطابق مع منطلقات "الاخوان" او تحظى بقبولهم. ومعروف أن الحزب تأسس عام 1978 باسم "حزب العمل الاشتراكي" بتشجيع من الرئيس السابق انور السادات الذي وقّع بنفسه على أوراق التأسيس. وبدأ الحزب بتأييد زيارة القدس واتفاقية كامب ديفيد. ثم سحب هذا التأييد واتخذ موقفا معارضا مع اتساع صفوف القوى المعارضة للسادات. وفي انتخابات عام 1984 لم يستكمل الحزب شرط الحصول على نسبة 8 في المئة من اصوات الناخبين اللازم لتمثيله في البرلمان. ودخل أربعة من قياداته مجلس الشعب عن طريق التعيين، الأمر الذي دفع كثيرين الى التهكم على الحزب يومها. وبقدر ما يصعب توصيف قيادة حزب العمل التقليدية بتيار الاسلام السياسي على رغم نوازعها الدينية، بقدر ما يمكن القول أنها رغبت في التحالف مع جماعة الاخوان في انتخابات 1987 انقاذا للحزب وزعامته. والأرجح ان كلا من الحليفين رغب في أن يتعاون مع الطرف الآخر من دون الاندماج فيه. إذ استفاد الحزب من شعبية الاخوان الذين استفادوا بدورهم من مظلة الحزب للتمثيل النيابي في مجلس الشعب. حيث كان من المحظور في حينه على جماعة الاخوان أو أي جماعة سياسية غير شرعية، الترشيح إلا على قائمة أحد الاحزاب الشرعية المسموح بها. وحسب المراقبين فان عادل حسين الأمين العام لحزب العمل أحدث دفعة سياسية للحزب يصعب على معارضيه إنكارها، سواء بتعزيز مكانة الحزب بين احزاب المعارضة خلال الاعوام الماضية، أو بتعزيز مكانة صحيفة "الشعب" الناطقة بلسان الحزب التي تولى رئاسة تحريرها لمدة تزيد على خمسة أعوام شهدت خلالها رواجا غير مسبوق لكنه لم يستمر بعد ان غادرها. وقد تمكن الحزب بتأثير هذه الدفعة، من تجاوز أول هزة عنيفة تعرض لها عام 1989 حين انشق عليه اتجاه داخله عارض التحالف مع الاخوان، وتزعمه احمد مجاهد وفؤاد هدية وآخرون. غير أن تزعم عادل حسين لاتجاه مقاطعة الحزب لانتخابات 1990 جنبا الى جنب مع جماعة الاخوان شريكته في التحالف الاسلامي، وبالتالي عدم التمثيل في البرلمان، كبد الحزب خسائر ملحوظة ساهمت مع اسباب أخرى في تراجع الرصيد الحزبي والسياسي الذي كان الأمين العام حققه، وهو ما يعاني منه كثيرا هذه الايام ويدفعه الى الدفاع عن موقفه كلما جدد خصومه إثارة الموضوع. وعلى رغم الخطاب العام المشترك لحزب العمل ولجماعة الاخوان تحت شعار "الاسلام هو الحل"، فإن ذلك لم ينجح في اخفاء كثير من التناقضات. فبينما اتجهت مواقف الاخوان في منطلقاتها الاقتصادية - مثلاً - نحو الانفتاح وتحرير رأس المال الخاص من أي قيود والترحيب بالاستثمارات الخارجية، كان حزب العمل لا يخفي تحفظه عن هذا الاتجاه. ومنها كمثال آخر أن صحيفة "الشعب" تبنت خطابا أكثر توازنا أو محايدا تجاه الناصرية، بل ودعت "التحالف الاسلامي" الى حوار مع الناصريين والى عمل مشترك معهم، الأمر الذي لم يرحب به الاخوان. ومنها ايضا، ان قيادة الاخوان لم تكن تبدي في مجالسها الخاصة ارتياحها من تحول حزب العمل الى حزب اسلامي يتعاطف مع تيارات الجماعات الاسلامية. فيما يشكل من وجهة نظرهم منبرا جديداً منافساً بتوليفة ايديولوجية أكثر تماسكاً مما يطرحه الإخوان. إلا أنهم لم يعترضوا على خطاب العمل الإسلامي لأنه يفيد مرحلياً على الاقل من وجهة نظرهم. خصوصاً أن صحيفة "الشعب" تعطي مساحات ثابتة منتظمة اسبوعيا لقيادات الاخوان. معارضة داخلية ومنذ الاستقرار شبه النهائي على التنسيق المشترك في الانتخابات المقبلة، حيث اكتفي بمضمون التحالف من دون رفع لافتته بين حزب العمل و"الاخوان"، تصاعدت حدة التوتر داخل الحزب. فقد ظهر لكتلة المعارضة داخل الحزب ان التنسيق المشترك استبعد، مثلاً، ثلاثة من اعضاء اللجنة التنفيذية للحزب في محافظاتالقاهرةوالقليوبية والغربية لمصلحة مرشحين آخرين من "الاخوان". وذهب المعارضون الى حد اتهام الامين العام بالتهاون مع "الاخوان"، خصوصاً في دوائر القاهرة، وقالوا إن هذا التهاون يتم لمصلحة ترشيح الأمين العام نفسه، كمرشح وحيد للحزب في القاهرة، ولدفع جهود كل اعضاء الحزب في القاهرة وحلفائه من "الاخوان" باتجاه دائرته حيث يتنافس مع مسؤول كبير في الحزب الوطني الحاكم. ويقول المعارضون إن الأمين العام رشح نفسه في دائرة سبق لرئيس الحزب ان اعلن تزكيته لمرشح حزبي آخر فيها، خلال ندوة اقيمت قبل بضعة أشهر. كما ينتقد المعارضون "تصلب" الأمين العام في مفاوضات جرت بينه وبين قيادة بارزة في الحزب الوطني، حيث أصر على الدفاع عن "الاخوان"، في حين وافق هؤلاء في وقت لاحق على التفاوض والقبول بكثير من الشروط من دون أخذ وضع حزب العمل في الاعتبار. ويشار الى أن الدوائر السياسية تناقلت انباء هذا التفاوض حيث طرح على "الاخوان" إمكان دخول الانتخابات المقبلة من دون رفع لافتة التحالف ومن دون شعارات تحتكر الاسلام لنفسها، مع ضرورة إعلان موقف قاطع من قبل "الاخوان" تجاه الارهاب والجماعات المتورطة فيه، وعدم ترشيح المتهمين حالياً امام المحكمة العسكرية، ووقف الاتصالات بين الاخوان والتنظيمات الاسلامية في الخارج. وحسب المصادر نفسها، نفى الاخوان حدوث اتصالات مع الخارج بصفة رسمية. كما اوضحوا أنهم أعلنوا أكثر من مرة عن ادانتهم للارهاب، وطالبوا بوقف المحاكمة العسكرية والافراج عن اعضاء الجماعة، وإعطاء الفرصة لنجاح عدد منهم. وذكرت المصادر أنهم احيطوا علماً بعدم استئناف الحكم الذي قد تصدره المحكمة الادارية العليا اذا جاء مؤيدا لدفعهم لعدم دستورية الاحالة الى المحاكمة العسكرية، اذا التزموا ما طُرح عليهم، غير أنهم لم يتلقوا رداً على طلبهم اعطاء الفرصة لنجاح عدد منهم. وفي محاولة لاحتواء بعض اجواء التوتر اضطر ابراهيم شكري رئيس الحزب، قبل ايام، الى اعلان إلغاء ترشيح ابنه في إحدى دوائر محافظة القليوبية التي سبق أن أعلن أحد اعضاء اللجنة التنفيذية ترشيح نفسه فيها ممثلا للحزب. والظاهر من المعلومات التي رشحت عما يجري داخل حزب العمل حالياً أنه مقبل على أزمة داخلية. اذ يتردد في أروقة اللجنة التنفيذية العليا للحزب، أن أعضاء فيها استبعدوا من الترشيح قرروا ترشيح أنفسهم في دوائرهم كمستقلين، حتى لو تعارض ذلك مع وجود مرشحين للحزب في هذه الدوائر. كما يتردد أن اعضاء في اللجنة التنفيذية يدرسون احتمال التقدم بطلب في اجتماع اللجنة التنفيذية لسحب الثقة من بعض قيادات الحزب. واللافت أن العدد الخاص الذي أصدرته صحيفة "الشعب" أول الشهر الجاري عن الانتخابات، تضمن في الصفحة الأخيرة البرنامج الانتخابي لحزب العمل ومبادئه الاساسية في عشرة عناوين كبيرة لم يشر أي منها الى موضوع تطبيق الشريعة أو شعار "الاسلام هو الحل" أو غيرها من الشعارات التي كان يصخب بها البرنامج الانتخابي السابق للتحالف الاسلامي. لا معارك جانبية حينما سألت "الوسط" السيد حامد ابو النصر المرشد العام لجماعة "الاخوان" المسلمين في مصر عن وضع التحالف الاسلامي الذي يجمع الاخوان مع حزبي العمل والاحرار في ظل الانتخابات البرلمانية المقبلة التي ستجري بنظام الدوائر الفردية اجاب: "التحالف قائم ونحن نعتز به وكذا حزب العمل". وردا على سؤال عن المدى الذي يمكن ان يصل اليه التنسيق بين احزاب وقوى المعارضة السياسية ومن ضمنها "الاخوان" في مواجهة الحزب الوطني الحاكم، قال: "لا أعتقد بإمكان حدوث تنسيق بين جميع احزاب المعارضة وقد اعلن بعضها رفض هذه الفكرة". هكذا يحرص "الاخوان" على عدم فتح معارك جانبية وهم يخوضون معركتهم الرئيسية مع الحكومة، وبقدر ما هم مشغولون بمتابعة جلسات المحكمة العسكرية ومعرفة مدى تصعيد الحملة الحكومية ضدهم، بالقدر نفسه متمسكون ببقاء التحالف الاسلامي الذي نشأ منذ انتخابات العام 1987. ولا يخفي رموز الجماعة خشيتهم من ان يدفع ما يتعرض له الاخوان من عقوبات حكومية طرف التحالف الاخر وهو حزب العمل الى الابتعاد ولو قليلاً، فتفقد الجماعة بذلك حائطاً تستند اليه كلما انهكتها ضربات الحكومة. صفقة مع الحكومة وليس سرا أن بعضا من شباب الاخوان طرح على شيوخ الجماعة فكرة عقد صفقة مع الحكومة يتم بمقتضاها اعلان "الاخوان" مقاطعة الانتخابات المقبلة في مقابل الحصول على مكاسب تتيح للجماعة ممارسة نشاط علني خارج البرلمان من دون مضايقات حكومية، اضافة الى اطلاق رموز الجماعة وكوادرها ممن اعتقلوا خلال الاشهر الماضية، كان ذلك قبل ان يصدر الرئيس حسني مبارك في أوائل شهر ايلول سبتمبر الماضي القرار الجمهوري الرقم 279/95 الذي احال بموجبه 49 من قادة الجماعة، على رأسهم النائب السابق الدكتور عصام العريان، على القضاء العسكري. غير ان الاقتراح لم يجد قبولا حين نوقش في اجتماع مكتب ارشاد "الاخوان". فالشيوخ رأوا أن مقاطعة الانتخابات ستفقدهم تعاطف حزب العمل ومساندته، وبالتالي ستجعل جدار التحالف الاسلامي ينهار من اساسه، كما ان التضحية بعدم الدخول الى البرلمان لا توازيها اية مكاسب مرحلية قد تحصل عليها الجماعة ربما تفقدها في وقت لاحق، اي بعد انتهاء الانتخابات فيكتشفون انهم خرجوا من المولد "بلا حمص". واذا كان نظام الانتخاب بالقوائم الحزبية الذي جرت على اساسه انتخابات 8419 و1987 وضع "الاخوان" في موقف الطرف الضعيف على رغم ما يملكونه من كوادر قادرة على الترشيح في الانتخابات وناخبين منظمين حريصين اكثر من غيرهم على المشاركة في العملية الانتخابية والادلاء بأصواتهم على رغم كل الضغوط والصعوبات، الا ان العودة الى اتباع نظام الانتخابات بالدوائر الفردية اعاد الاخوان الى موقف الطرف القوي الذي يملك الكوادر والناخبين ولا يحتاج في الوقت نفسه الى غطاء يمر من تحته الى داخل البرلمان، بل على العكس فإن "الاخوان"، وفقا لما يرونه لكن لا يصرحون به حفاظا على العلاقة مع حزب العمل، يعلمون جيدا ان مرشحي العمل في الانتخابات المقبلة يحتاجون الى ناخبي "الاخوان". وفي حين تبدو رغبة "الاخوان" والعمل في الوقوف خلف مرشح واحد من المعارضة في كل دائرة في مواجهة مرشح الحزب الوطني صعبة التنفيذ، نظراً الى فشل احزاب المعارضة و"الإخوان" في الوصول الى صيغة يقبلونها جميعاً لوثيقة الوفاق الوطني التي طرحت للنقاش طوال الاشهر الماضية فإن مصادر في جماعة "الاخوان" اكدت ل "الوسط" ان "الاخوان" وحزب العمل اتفقا على الا يخوض مرشح من حزب العمل او "الاخوان" الانتخابات في دائرة رشح فيها الطرف الاخر مرشحا له، ويتفق ذلك مع ما صرح به المستشار مأمون الهضيبي نائب المرشد العام للاخوان والناطق بلسان الجماعة ل "الوسط" حين قال: "العلاقة بين الاخوان وحزب العمل طيبة جدا ولا مشاكل بينهما على الاطلاق ونأمل ان تستمر على القدر نفسه من التفاهم"، مشدداً على "ان المهم هو ان يتفق مرشحو التحالف في الدوائر الانتخابية لأن هذا هو التحالف الاقوى". تكتيك انتخابي ويطرح موقف قادة "الاخوان" ال 49 المتهمين في القضية الرقم 136/95 التي تنظرها حاليا المحكمة العسكرية تساؤلات حول تأثير المحاكمة على قدرة التحالف على الصمود ومنافسة الحزب الوطني والاحزاب الاخرى في الانتخابات، لكن الهضيبي اعتبر ان محاكمة هؤلاء ستزيد التعاطف الشعبي معهم، لكنه لم ينكر ان غيابهم عن الترشيح لا يتيح لغيرهم من مرشحي الاخوان القدر نفسه من احتمالات النجاح، وقال: "حسن الجمل الذي يحاكم حاليا امام المحكمة العسكرية حقق فوزاً ساحقاً في الانتخابات السابقة، وترشيح بديل عنه لا يضمن النتيجة نفسها". غير ان الهضيبي شدد على ان نظام الدوائر الفردية يتيح الفرصة امام الجميع للمشاركة. والمؤكد ان الاخوان والعمل، وهما طرفا التحالف الاسلامي القوي سيخوضان الانتخابات بأكبر عدد ممكن من المرشحين، غير ان الطرفين وفقا لمعلومات خاصة ب "الوسط" اتفقا على تجنب ترشيح رموز لهما في الدوائر التي سيرشح الحزب الوطني فيها وزراء تجنبا لاستفزاز الحكومة وتداركا لمعارك من النوع الثقيل. غير ان ذلك الاتفاق لن يطبق على دائرة مدينة نصر التي اعلن السيد عادل حسين الامين العام لحزب العمل ترشيح نفسه فيها في مواجهة الدكتور عبد المنعم عمارة وزير الشباب والرياضة. كما ان التحالف سيحرص على عدم ترشيح اي من رموزه في الدوائر التي سيرشح فيها رؤساء احزاب المعارضة الاخرى انفسهم فيها اضافة الى دوائر اخرى صار من المعروف انها محجوزة لشخصيات من احزاب المعارضة الاخرى، وربما يرجع ذلك الى رغبة التحالف الاسلامي في كسب اصوات ناخبي الاحزاب الاخرى في دوائر اخرى. ويبدو ان جلسة المحكمة العسكرية للاخوان الاسبوع الماضي تركت أثرا جيدا لدى قادة الجماعة، فالحشد الكبير من المحامين المنتمين الى كل التيارات السياسية اضافة الى الاقباط وحضور وفد من المحامين البريطانيين جلسة المحاكمة وموافقة رئيسي المحكمة على تأجيل نظر القضية لمدة اسبوعين كل ذلك زاد من امل "الاخوان" في عدم صدور احكام ضد المتهمين في القضية. بدائل عن المتهمين وأكد قطب اخواني كبير ل "الوسط" ان الجماعة كانت على يقين من نجاح 17 من اعضائها المتهمين في القضية في الانتخابات المقبلة وان عدم ترشيح هؤلاء يلقي على الجماعة مسؤولية بدائل لن يكونوا على المستوى نفسه لجهة القبول الشعبي والخبرة الانتخابية لخوض الانتخابات. وخلال الايام الماضية عكف "الاخوان" على درس كل الاحتمالات بالنسبة الى المتهمين في القضية وتم الاتفاق على ان يتقدم المتهمون عن طريق وكلاء لهم بأوراق ترشيحهم في الدوائر نفسها وفي حال حصول المتهمين في القضية على احكام بالبراءة او استمرار جلسات المحاكمة الى ما بعد اجراء الانتخابات ينسحب المرشحون الاحتياطيون ليخوض الاصليون الانتخابات، اما في حال صدور احكام ضد المرشحين الاصليين قبل موعد الانتخابات سيصبح ترشيحهم وفقا للقانون باطلاً فيخوض المرشحون الاحتياطيون الانتخابات بدلا منهم، وربما تساءل البعض لماذا كل ذلك. والجواب جاء على لسان المصدر الاخواني: "حتى لا نخسر فرصة فوز مرشح من الاخوان او التحالف الاسلامي في اي من الدوائر التي نتوقع الفوز فيها"، واوضح: "ربما تعمد الحكومة الى استمرار جلسات المحاكمة حتى موعد فتح باب الترشيح للانتخابات، فيتقدم المتهمون بأوراق ترشيحهم وبعد اغلاق باب الترشيح تفاجأ بالاحكام ويصبح ترشيح هؤلاء باطلا فتفقد 49 دائرة لا يتقدم اليها احد من التيار الاسلامي للترشيح". هكذا يفكر "الاخوان"، فهم يتعاطون مع كل موقف وفقا للظروف والضغوط التي يتعرضون لها وتساعدهم خبراتهم التنظيمية والسياسية على التعامل مع المواقف الطارئة بسرعة ومرونة تحسدها عليهم الاحزاب الاخرى. واذا كان المرشحون المستقلون يصعب عليهم رفع شعار يمثل استفزازاً للحكومة او الاحزاب القائمة فإن الشرعية التي يتمتع بها حزب العمل ستسمح له وللاخوان معه ان يظل شعار "الاسلام هو الحل" الذي خاض به التحالف الاسلامي انتخابات عام 1987 هو الشعار الاكثر تداولا اثناء الانتخابات ولكن هل ستسمح الحكومة لذلك الشعار ان يفرض نفسه؟ الاجابة يمكن استنتاجها من خبر صغير اوردته الصحف المصرية الاسبوع الماضي وجاء فيه ان اجهزة الامن ألقت القبض على خمسة اشخاص في مدينة الاسكندرية وضبطت في حوزتهم منشورات ولافتات مناهضة كتب على بعضها "الاسلام هو الحل".