من النادر ان يمر اسبوع من دون ان تشهد المواجهة بين الحكومة وجماعة "الاخوان المسلمين" المحظورة تصعيدا جديدا. وهو ما تؤكده الشواهد وتطورات الاحداث. ففي الوقت الذي انشغل فيه الجميع بمتابعة محاكمة 49 من قادة الجماعة امام المحكمة العسكرية واجه "الاخوان" تحديا جديدا الاسبوع الماضي عندما ألقت الشرطة القبض على 15 من قادتهم. واللافت ان اعتقال هؤلاء جاء في اليوم نفسه الذي اعتمد فيه مكتب الارشاد الذي يسير حركة "الجماعة" لائحة مرشحي الاخوان في الانتخابات التي مثلت مفاجأة كبيرة، حيث اعلن الاخوان ترشيح 150 من قادتهم وكوادرهم وهو عدد يفوق بكثير ما كان متوقعا بعد الاجراءات التي اتخذت ضد الجماعة خلال الأشهر الماضية. ولوحظ ان اسماء المرشحين لم تشمل المتهمين في القضية المنظورة امام القضاء العسكري انتظارا لما ستسفر عنه تطورات القضية. لذلك فإن ترشيح المتهمين في الدوائر التي ينتمون اليها ما زال وارداً، الأمر الذي يعني ان عدد مرشحي الاخوان قد يصل الى 200 مرشح، واذا اضيف هذا العدد الى عدد مرشحي حزب العمل المتحالف مع الاخوان منذ العام 1987 فإن ذلك يعني ان "التحالف الاسلامي" سيخوض الانتخابات بحوالي 300 مرشح ليكون القوة الاكثر تهديداً للحزب الوطني الحاكم. واذا كانت لائحة مرشحي الاخوان مثلت مفاجأة فإن نبأ القبض على الدكتور عبدالمنعم ابو الفتوح والپ14 الآخرين يبدو وكأنه لم يفاجئ الاخوان. فالمستشار مأمون الهضيبي نائب المرشد العام لپ"الجماعة" قال ان الاتهامات التي وجهت الى هؤلاء "تثير السخرية" ولا تخرج عن الاتهامات التي توجه كل فترة الى الاخوان حينما تريد الحكومة القبض على أي منهم. واعتبر "ان استمرار السلطات على هذا النهج أمر لا يبشر بخير ويضرب عرض الحائط بمصلحة الوطن والمواطنين". وكان البيان الرسمي الذي أصدرته وزارة الداخلية اتهم المقبوض عليهم بأعمال الإثارة وبمساندتهم العناصر الارهابية في محافظات الوجه القبلي وأنهم خططوا للإخلال بالأمن العام واستغلوا ظروف الانتخابات، موضحا انهم "فتحوا قنوات اتصال مع قيادات الارهاب الفارة في الداخل بهدف دعم الارهابيين بالأموال ومؤازرة ومساندة أسر الارهابيين وأقارب المحكوم عليهم والمتهمين في قضايا الارهاب ودعمهم ماليا". ورأى مراقبون ان إقدام "الاخوان" على خوض الانتخابات بهذا العدد الكبير يمثل تحدياً لحكومة الحزب الوطني الحاكم وان اعلان قائمة مرشحي "الاخوان" وتوزيع قادة "الجماعة" على الدوائر الانتخابية قبل اعلان الحزب الحاكم رسميا أسماء مرشحيه ترك انطباعا بأن "الجماعة" واثقة من قوة مرشحيها بغض النظر عن المنافسين لهم. ولوحظ ان الجماعة لم ترشح أياً من المنتمين في الدوائر الانتخابية التي أعلنت أحزاب المعارضة ترشيح رموز لها فيها، وهو أمر اعتبره المراقبون انه يتوافق مع خطط الاخوان التي تقوم على محاولة كسب كل الاطراف في مواجهة الحكومة وفي الوقت نفسه فإن الاخوان وضعوا مرشحين في دوائر أعلن ان الحزب الحاكم سيرشح فيها وزراء. لكن أهم ما أوضحته قائمة "الاخوان" هو اصرار طرفي "التحالف الاسلامي" الاخوان وحزب العمل، على دخول الانتخابات بالقدر نفسه من الاتفاق والتضامن اللذين دخلا بهما انتخابات العام 1987. اذ لم يرشح أي من طرفي "التحالف" مرشحاً في دائرة رشح فيها الطرف الاخر احد المنتمين اليه. وفي معلومات ل "الوسط" ان الاخوان تنازلوا عن ترشيح القيادي البارز في الجماعة لاشين ابو شنب في احدى دوائر محافظة الغربية بعد ان اصر المهندس ابراهيم شكري رئيس حزب العمل على ترشيح امين الحزب في المحافظة صلاح قفص في الدائرة نفسها. وفضل الاخوان البحث لابو شنب عن دائرة اخرى بدلا من ان يتسبب ترشيحه في نفس دائرة صلاح قفص في حدوث انقسام داخل "التحالف". غير ان السلطات اعتقلت ابو شنب قبل ان يستقر الاخوان على الدائرة التي سيرشحونه، فيها فاستراح قفص وابو شنب في آن.