يشكل احتجاب المجلات في مصر ظاهرة ، ومع ان الاسباب متنوعة الا ان النتيجة واحدة ، وقف الصدور . وتلتقي في ذلك مجلات اليسار واليمين على السواء ، وبينها اصدارات عريقة طبعت التحقيق الآتي يعرض الاسباب. مجلات اليسار : انحسار الماركسية في غلاف أسود حزين، ودّعت مجلة "اليسار" قراءها في آخر عدد لها أصدرته في تشرين الاول اكتوبر الجاري بعنوان "وداعا... هذا لحننا الأخير"، بعد صدور شهري منتظم استمر نحو خمس سنوات 1990 - 1995. واعاد احتجاب "اليسار" الى ذاكرة الجماعة الثقافية السياسية المصرية، تسلسلاً "طويلاً" من حلقات اختفاء مجلات اليسار الماركسي في مصر، على رغم تعدد محاولات واجتهادات اصدارها، وإذا كان صحيحا ان كثيراً من هذه الاصدارات اليسارية تزامن مع ظروف الزخم السياسي والفكري للحركة الوطنية والحركة اليسارية معا، فهل يصح القول ان احتجابه كان بسبب مشكة التمويل فقط؟ أم هي مشكلة الصعوبات والعقبات السياسية ذات الطابع الأمني؟ وما مدى علاقة الظاهرة بمقولة أزمة اليسار وغير ذلك من الأسئلة؟ يقول تاريخ الصحافة اليسارية في مصر ان محاولات اصدار مجلات يسارية ماركسية منتظمة، تعددت منذ العشرينات، مجلة الحساب وشهدت زخما منذ اوائل الاربعينات، حيث صدرت على التوالي المجلات الآتية: "العصر الجديد"، "الاسبوع"، "الفجر الجديد"، "التطور"، "الضمير"، "الجماهير" و"الملايين" ثم "الكاتب" في اوائل الخمسينيات واذا كان ذلك لا يدخل في باب الحصر الكامل، فالحاصل انها جميعا لم تلبث ان احتجبت واختفت الواحدة تلو الاخرى بعد مضي ما لا يزيد على سنتين تقريبا من صدور كل منها. ويشار إلى ان صحيفة "المساء" اليومية التي صدرت عام 1957بتمويل الدولة وقام على ادارتها ورئاسة تحريرها عضو مجلس قيادة الثورة خالد محيي الدين مع فريق تحرير من اليساريين، سرعان ما احتجب ثوبها اليساري في اذار مارس 1959 مع انها حققت نجاحا سياسيا وصحافيا وتوزيعيا ملحوظاً، بعد الازمة المعروفة بين الحكم واليسار الماركسي التي بدأت في نهاية عام 1958. وفي الستينات، واثناء الزخم السياسي والفكري العام لليسار، مصريا وعربيا ودوليا، صدرت مجلة "الطليعة"، التي حصلت على ترخيص قانوني عام 1964 باسم لطفي الخولي الذي تولى رئاسة تحريرها طوال فترة صدورها الشهري 1965 - 1977، بتمويل مؤسسة "الاهرام" التي كان يترأسها محمد حسنين هيكل، وهي أول تجربة لمجلة يسارية تصمد كل هذا الوقت 12 عاما على رغم تعدد محاولات ما كان يسمى بمجموعة علي صبري في الاتحاد الاشتراكي، لإغلاق "الطليعة" مرة في عام 1968 بزعم ان ملحقها الاسبوعى "البيان" كان يهدف الى اقامة تنظيم سياسي بعيدا عن الاتحاد الاشتراكي الحزب الواحد. ومرة اخرى عام 1970، اثناء علاج الرئيس جمال عبد الناصر في الاتحاد السوفياتي، بزعم ان دراساتها عن حركات الشباب الجديد في العالم كان يهدف إلى تحريض الشباب المصري على الحكم، وهو ما رفضه عبد الناصر بعد اطلاعه بنفسه على هذه الدراسات اثناء علاجه. وتعد "الطليعة" ابرز وانجح اصدارات اليسار واكثرها انتشاراً، حتى الآن، فقد اجتهدت في تطبيق شعارها "طريق المناضلين الى الفكر الثوري المعاصر" وفي رؤية الواقع المصري بعيون مصرية قومية لا بعيون الغير، وفي ظروف مصرية وقومية لا في ظروف الغير، وتمكنت من تأسيس مدرسة صحافية متميزة، اخصبت الصحافة المصرية والعربية معا. وكان الرئيس أنور السادات اصدر قرارا بالغاء ترخيص "الطليعة" بعد ان كسبت دعوى قضائية في استمرار الصدور، وليس سراً ان السادات كان قرر تغيير رئيس تحرير "الطليعة" بعد صدور عددها في شباط فبراير 1977 كونه وقف موقفاً مناصراً لتظاهرات الاحتجاج والغضب التي اشتعلت في 17 كانون الثاني يناير 1977، وبعد ان دفعت "الطليعة" الى المطبعة، من جهة اخرى، مواد عدد اذار مارس اللاحق. ولعله سر يذاع للمرة الاولى ان هذه المواد شملت رصدا يوميا "بالخبر والمقال والتحقيق والكاريكاتير" لشهر كامل من الصحف المصرية يكشف مسؤولية الحكومة وقتها عن تظاهرات الغضب. لكن المجلة لم تتمكن من الاستمرار بسبب اعتمادها فقط، على تبرعات محدودة كانت تنشر قيمتها واسماء اصحابها في كل عدد بلغ اجمالها نحو ثمانية آلاف جنيه مصري علما بأن اي عمل فيها، كتابة مقالات او تحرير او ادارة، كان تطوعيا. ويذكر أن "الطليعة" تناولت في اصدارها الثاني ما سمي بعد ذلك بأزمة الفكر اليساري. بعد "الطليعة" تعددت محاولات اخرى لاصدار مجلات يسارية ماركسية، مثل الغد، الحقيقة، البديل، اصوات مصرية... وكان صدور كل من "قضايا فكرية" 1985 برئاسة تحرير محمود أمين العالم، و"اليسار" 1990 - 1995 برئاسة تحرير حسين عبد الرازق رئيس تحرير صحيفة "الأهالي" سابقاً، اهم المحاولات الاخيرة، ويذكر أن "قضايا فكرية"، ككتاب غير دوري، تواصل صدورها ضمن صعوبات جسيمة تهددها بالاحتجاب ايضا. والحاصل ان ظاهرة اختفاء مجلات اليسار الماركسي في مصر ذكّرت ايضا بظاهرة اختفاء مجلات الإخوان المسلمين، مع مراعاة كل الفوارق. مجلات الاخوان : القانون والموت ... والمفاجآت من أغرب القصص في عالم الصحافة، قصص مجلات وصحف جماعة "الاخوان المسلمون" في مصر. فعلى رغم أن الجماعة لا تشكو قلة المال، أو ضعف الجماهيرية، وعلى رغم أنها لم تسع الى اصدار مجلات أو صحف لا تتمتع بوضوح "قانوني غير سليم"، فحصيلتها على مدار عهدي الرئيسين أنور السادات وحسني مبارك لم تتعد إصدار أربع مجلات وصحيفة واحدة انتهت جميعها بالاغلاق والمصادرة. والحصيلة هي إصدار مجلات "الدعوة" و"لواء الاسلام" و"الاعتصام" و"البشير"، وجريدة واحدة هي "الاسرة العربية"، وبعض النشرات التي أصدرتها النقابات المهنية التي يسيطر عليها الاخوان. واذا قارنا بين صحف ومجلات الجماعة وصحف ومجلات حزب مثل حزب الاحرار، والمقارنة في مجال الجماهيرية وقوة التنظيم وعدد العضوية هي في مصلحة الاخوان، نجد أن هذا الحزب أصدر صحفا ومجلات أضعاف ما أصدرته الجماعة، اذ اصدر صحف: الأحرار اليومية والأحرار الأسبوعية، والحقيقة أسبوعية والنور أسبوعية والأسرة العربية أسبوعية، إضافة الى صحف أخرى مثل العروبة، وشباب الاحرار، وأحرار الصعيد وأحرار حلوان، إلى آخر هذه القائمة التي تزيد على 30 مطبوعة. والمفارقة الاغرب ان الجماعة لم تصدر لها صحيفة او مجلة تمتلك رخصتها منذ عهد السادات وحتى اليوم. ف "الدعوة" صدرت بمقتضى ترخيص خاص باسم الشيخ صالح عشماوي. و"لواء الاسلام"، صدرت بترخيص خاص باسم أحمد باشا حمزة. و"الاعتصام" صدرت بترخيص خاص باسم أحمد عيسى عاشور. و"البشير" صدرت ككتاب غير دوري، من دون اسم الجماعة. و"الاسرة العربية" صدرت بترخيص خاص بحزب الاحرار. أما حظ هذه المجلات الأربع والصحيفة اليتيمة، فكان حظا عاثرا للغاية. ف "البشير" لم تصدر إلا لعدد واحد، ولم توزع في الأسواق إلا بعد عام من صدورها، و"الاسرة العربية"، لم تصدر إلا لخمسة اعداد فقط، أما السادس فسحب قبل طبعه بدقائق. و"لواء الاسلام" التي طال عمر صدورها من عام 1984 وحتى بداية التسعينات، تعرضت للتوقف والصدور مرات عدة حتى انتهت علاقة الاخوان بها بعد أزمة الخليج. و"الاعتصام"، التي واظبت على الصدور منذ الاربعينات، انتهى أمل صدورها بموت الشيخ عيسى عاشور صاحب امتياز الاصدار. و"الدعوة" أشهر مجلات الاخوان صدرت خلال ثلاث مراحل: الأولى في مطلع الخمسينات وتوقفت. والثانية في فترة السبعينات، وتوقفت. والثالثة جرت محاولات إصدارها على مدى أحد عشر عاما، ولم تصدر. ولكل صدور وتوقف قصة: "الدعوة" هي أشهر مجلات الاخوان، اذ نطقت بلسانهم في فترة عودتهم الى النشاط العلني بعد تنامي العلاقة بينهم وبين السادات. واذا كانت قصة توقفها بعد اعتقالات ايلول سبتمبر 1981 ومحاولاتها للصدور مرة أخرى بعد تولي الرئيس مبارك الحكم، هي قصة طويلة، فالأطول والأغرب منها هي قصة الشركة التي أسسها الاخوان لإصدار الجريدة، بعد انتهاء رخصتها امتيازها بوفاة الشيخ صالح عشماوي. وهي لاتزال تصدر، لكن في الخارج، حيث يصدرها "المركز الثقافي" في النمسا، بصفة شهرية. وتأخذ المسلسل نفسه أرقام صدور مجلة "الدعوة" المصرية التي توقفت عند العدد 66، لتصدر في الخارج في عددها الأول حاملة الرقم 67. والدعوة المصرية صدر العدد الأول من اصدارها الثاني في تموز يوليو 1976. وكان الاصدار الأول في الخمسينات، وظلت تصدر طوال خمسة أعوام وبضعة أشهر، حتى كان عددها الأخير في ايلول سبتمبر 1981، والذي تعرض للمصادرة، فأعيد نشره في الخارج. وفي عهد الرئيس مبارك، وبعد الافراج عن المعتقلين المتحفظ عليهم، وكان بينهم الشيخ عمر التلمساني المرشد العام السابق للاخوان، انتعشت آمال الاخوان في إعادة إصدار مجلتهم. وظنوا أن الفرصة واتتهم بعد صدور حكم من المحكمة الادارية ببطلان قرار الرئيس الراحل السادات باعتقال 1546 من القيادات السياسية لانعدام أسبابه. فعرض الاخوان أمر المجلة على القضاء، فصدر حكم لمصلحتهم بإعادة إصدارها، لكن صدور الحكم شيء، وتنفيذه شيء آخر، حيث ظل الاخوان يحاولون تنفيذ الحكم، حتى حسم الموت الأمر، إذ توفي صاحب الامتياز الشيخ صالح عشماوي في كانون الاول ديسمبر 1983 لينتهي امتياز الاصدار وفقا للتعديل الذي ورد في القانون 28 لعام 1980 الذي ينظم إصدار الصحف، ويقضي بعدم توريث رخص امتياز لإصدار الصحف. فالامتياز يموت مع صاحبه. وبوفاة الشيخ صالح عشماوي، ماتت رخصة "الدعوة" وتحرك الاخوان بسرعة، وبعد شهر واحد، كانوا قد انتهوا من اعداد أوراق تأسيس شركة مساهمة - حسبما يقضي القانون- لإصدار مجلة بالاسم نفسه، لتبدأ قصة جديدة عمرها الآن 11 عاما، ولم تنته بعد. وكان في انتظار الاخوان، ثلاث مفاجآت: المفاجأة الأولى أن القانون 28 لعام 1980، لم تصدر لائحته التنفيذية بعد. وعليه ليس في إمكان المجلس الأعلى للصحافة - الجهة صاحبة الحق الرسمي في الموافقة على إصدار الصحف - إعطاء نموذج ترخيص للشركة. ولم يكن هناك حل سوى أن يرفع الاخوان قضية ضد رئيس المجلس الاعلى للصحافة، ليسلم الاخوان هذا النموذج. ومع الرفض المتكرر من المجلس تسليم النموذج، قضت المحكمة بحبس رئيس المجلس صبري ابو المجد اذا لم يسلم النموذج خلال 15 يوما. وتحت ضغط حكم المحكمة عقد المجلس الاعلى للصحافة اجتماعا عاجلا أعد فيه النموذج المطلوب، لتفادي الحكم بحبس رئيسه. وكانت المفارقة ان سلم المجلس الاخوان النموذج المطلوب قبل نشره في الجريدة الرسمية كما ينص القانون نفسه. واستغرقت قصة النموذج، عاما كاملا. المفاجأة الثانية ان صراعا دب بين أجهزة الدولة حول الجهةالتي تتبعها الشركة الجديدة. هل هي المجلس الأعلى للصحافة أم هيئة الاستثمار ومصلحة الشركات؟ ووسط ضياع الوقت، والخلافات لم يكن هناك بد من اللجوء الى القضاء لحسم المشكلة، ارسلت أوراق الشركة الى ادارة الفتوى في مجلس الدولة لاعطاء فتوى تحسم الخلاف. وكانت الاجابة ان الشركة تخضع لقانون الاستثمار وتنظيم الصحافة في آن واحد. واستغرق الأمر ايضا عاما آخر. أما المفاجأة الثالثة فكانت اشتراط موافقة الجهات الادارية التي يعمل فيها المؤسسون على مشاركتهم في تأسيس الشركة. ولما كان عدد المؤسسين مئة، فقد تطلب الأمر الحصول على مئة موافقة. وبطبيعة الحال لم يحصل معظم هؤلاء على موافقات من جهات عملهم، مما تطلب احلال غيرهم محلهم، وفق دورة معقدة، حيث ينص القانون على عرض كل اسم من أسماء المؤسسين على المدعي الاشتراكي، ليبت ما اذا كان قد صدر صده حكم من محكمة القيم. واستغرقت عملية التبديل والعرض على المدعي الاشتراكي عامين آخرين. وهنا تدخل القدر ليلعب لعبته. فقد خطف الموت، على فترات متقطعة، بعض المؤسسين. وما أن يتوفى أحدهم، حتى تبدأ دورة قضائية معقدة، يجري خلالها تحديد الوراثة وصدور حكم قضائي بإعلانها. وتقديم أوراق واقرارات جديدة، وهي في كل حالة لا تستغرق أقل من عام. وبحكم ان معظم قيادات الاخوان من كبار السن، فقد دخلت القصة في دورة لم تنقطع حتى الآن، وكان أهم الذين غادروا الحياة من هؤلاء المؤسسين الشيخ عمر التلمساني المرشد العام للاخوان المسلمين نفسه. اما في الاوقات التي كانت تفصل بين وفاة أحد المؤسسين وآخر، فقد استخدمت مصلحة الشركات حقها في إخطار المؤسسين بنقص أي معلومة أو تأشيرة، ما أدى الى تعطيل اصدار الترخيص، حيث ينص القانون على ضرورة مرور شهرين من دون أي اعتراضات، وليس هناك أسهل من ارسال ورقة الى مقر الشركة قبل مرور شهرين على سابقتها. بقي أن نعرف أن الأمر استغرق حتى الآن أكثر من 11 عاما، وان مقر الشركة - وهو في قلب القاهرة - هو المقر الرسمي للاخوان المسلمين. قصة منذ 1924 اما "لواء الاسلام"، فأهم ما يميزها انها مجلة صادرة برخصة شخصية منذ عام 1924، وفي الاسكندرية لا القاهرة. وكان أحمد باشا حمزة وزير التموين في حكومة صدقي باشا، اشترى هذه الرخصة في عام 1946، واصدر المجلة التي كانت متوقفة، وظلت تصدر كواحدة من أهم المجلات الاسلامية في الستينات. واستمر الحال على هذا النحو حتى توفي صاحب المجلة وانتقل الترخيص الى ابنته فاطمة، اذ كان القانون وقتها يسمح بتوريث امتياز اصدار الصحف. وبدأت علاقة الاخوان بهذه المجلة في اوائل الثمانينات، حيث أصدروا العدد الأول منها في شباط فبراير 1984. وهنا تحرك المجلس الاعلى للصحافة لتطبيق القانون الصادر في عام 1980 بعدم توريث امتياز الاصدار، وبدأ في ارسال الاخطارات الى صاحبة الامتياز، ومطالباً ايضاً بتنفيذ قانون آخر هو سقوط الحق في الامتياز بسب عدم إصدار أي عدد من المجلة لمدة ستة شهور متواصلة. وعندما استمرت المجلة في الصدور، رفع المجلس الأعلى قضية على صاحبة الامتياز طالبا إيقافها عن الصدور. وتوقفت بالفعل. واستأنف الاخوان الذين وقفوا خلف صاحبة الامتياز الحكم الصادر، وتمكنوا في عام 1986 من الحصول لصاحبة الترخيص على حكم قضائي بمعاودة الصدور. وواصلت المجلة صدورها حتى عام 1990 عندما اصابتها شظايا حرب الخليج. وكان صاحب الموقف هذه المرة هو صاحبة الامتياز نفسها. ومع عام 1991 تراجعت عن موقفها وسمحت للاخوان بإعادة اصدار المجلة، ليصدر منها عددان، تقرر بعدها انهاء اتفاقها مع الاخوان بصفة نهائية في الإطار الرسمي. واستبدل الاتفاق بآخر يقضي بأن يصدر المجلة صحافيون بينهم إخوان. لكن التجربة لم تستمر أكثر من تسعة أعداد، تغير بعدها اتجاه المجلة وصدورها. مجلة من عدد واحد "البشير"، كان حظها اسوأ من مصير كل مطبوعات الاخوان، حيث لم يصدر منها سوى عدد واحد في قصة امتدت عاماً كاملاً في الثمانينات. فإزاء توقف "الدعوة"، وتضاؤل الأمل في صدورها بشكل عاجل يلبي حاجة الاخوان الى مطبوعة تنطق باسمهم، استعرض الشيخ عمر التلمساني الذي أفرج عنه مع قيادات المعارضة في اوائل عهد الرئيس مبارك، أوضاع صدور المطبوعات، فلاحظ أن كثيرا من التيارات، خصوصاً اليسارية أصدر مطبوعات تحمل اشارة الى أنها "مطبوعات غير دورية" فقرر اصدار مطبوعة تحت التوصيف نفسه. كانت المطبوعة هي مجلة "البشير"، التي كتب على ترويستها انها تصدر تحت اشراف عمر التلمساني، وفور انتهاء طبع عددها الاول صدر قرار بمصادرتها ومنع توزيعها. ولم يكن أمام الاخوان سوى اللجوء الى القضاء الذي اصدر بعد عام كامل، حكمه باعادة توزيع العدد المصادر. فظهر في الاسواق متأخراً عن موعد صدوره عاماً كاملاً. وانتهت القصة عند هذا الحد، اذ لم يحاول الاخوان اصدار عدد ثان منها. "الاسرة العربية" تحت مظلة الاحرار اذا كان الاخوان، رضوا في علاقتهم مع جريدة "الشعب"، بكتابة مقال اسبوعي ثابت فيها، وتدريب بعض كوادرهم الصحافية في الجريدة، فانهم تخطوا ذلك مع حزب الاحرار الى إصدار جريدة تعبر عنهم بشكل كامل. فقد تقدم محمود ياسر رمضان، وكيل حزب الاحرار في ذلك الوقت بعرض الى الاخوان يرمي الى اعادة إصدار جريدة "الاسرة العربية" المتوقفة عن الصدور، في ثوب "اخواني". وحسب مصادر الاخوان، فقد كان للرجل في ذلك رؤية اقتصادية، اذ استهدف إصدار جريدة تلبي حاجة الجمهور الواسع للاخوان، فتحقق بذلك عائداً مالياً كبيراً. غير أنه، ولتقديرات المصادر نفسها، لم يكن يتوقع هذا القدر الهائل من الضغوط التي ظهرت منذ العدد الاول. صدرت الجريدة أسبوعية في 18-4-1993، حاملة الرؤية الاخوانية، وكان المطبوع منها في عددها الأول خمسة آلاف نسخة، وصلت في العدد الخامس الى 25 ألف نسخة. غير أن العدد السادس لم يكتب له الصدور، بعد ارساله للطبع في مطبعة "الاهرام"، فصدرت أوامر من مصطفى كامل مراد رئيس الحزب، بمنع طباعتها. وانتهى الامر هذه المرة من دون قضاء ولا قضايا، بل ولم تصدر الجريدة بعد ذلك. أما مجلة "الاعتصام"، فلم تصدر باسم الاخوان وإن عبرت عنهم، لكنها صدرت كلسان حال الجمعية الشرعية في مصر، وبامتياز باسم صاحبها الشيخ احمد عيسى عاشور، الذي بدأ في إصدارها منذ عام 1936، وبوفاة الرجل انتهت رخصة اصدار المجلة وتوقفت، وفقا لما نص عليه القانون 46 لعام 1980.