أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي    مدرب الفيحاء يشتكي من حكم مباراة الأهلي    استقالة مارتينو مدرب إنتر ميامي بعد توديع تصفيات الدوري الأمريكي    6 فرق تتنافس على لقب بطل "نهائي الرياض"    ضبط مقيم ووافد في جدة لترويجهما (9.6) كيلوجرامات «شبو»    بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    رحلة ألف عام: متحف عالم التمور يعيد إحياء تاريخ النخيل في التراث العربي    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    أمانة الشرقية تقيم ملتقى تعزيز الامتثال والشراكة بين القطاع الحكومي والخاص    الهلال يفقد خدمات مالكوم امام الخليج    دوري روشن: التعادل الايجابي يحسم مواجهة الشباب والاخدود    منتدى المحتوى المحلي يختتم أعمال اليوم الثاني بتوقيع 19 اتفاقية وإطلاق 5 برامج    «الصحة الفلسطينية» : جميع مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل    المملكة توزع 530 قسيمة شرائية في عدة مناطق بجمهورية لبنان    اعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم    انطلاق مهرجان الحنيذ الأول بمحايل عسير الجمعة القادم    «طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    فيتنامي أسلم «عن بُعد» وأصبح ضيفاً على المليك لأداء العمرة    هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    باص الحرفي يحط في جازان ويشعل ليالي الشتاء    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    الذهب يتجه نحو أفضل أسبوع في عام مع تصاعد الصراع الروسي الأوكراني    الملافظ سعد والسعادة كرم    استنهاض العزم والايجابية    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    «الأنسنة» في تطوير الرياض رؤية حضارية    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    فعل لا رد فعل    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    ترمب المنتصر الكبير    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بحائل يفعّل مبادرة "الموظف الصغير" احتفالاً بيوم الطفل العالمي    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    «المسيار» والوجبات السريعة    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو دولة فلسطينية ؟. معركة التنفيذ بعد التوقيع
نشر في الحياة يوم 02 - 10 - 1995

قبل ساعات قليلة من بدء اسرائيل عطلتها احتفالاً ببدء السنة اليهودية كان الرئيس ياسر عرفات ووزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز يستعدان لمغادرة منتجع طابا بعد ان أعلنا أمام وسائل الاعلام توقيع الاتفاق الذي يعطي للفلسطينيين سلطة على عدد من مدن الضفة الغربية وقراها.
وإذا كان عرفات وبيريز طلبا، كل على حدة، من مستشاريهما ووزرائهما ومساعديهما الاستعداد للذهاب الى واشنطن للمشاركة في احتفال التوقيع على الاتفاق، وبادر الرئيس بيل كلينتون الى الاتصال هاتفياً بعدد من القادة العرب ودعوتهم للمشاركة في الاحتفال قائلاً ان الولايات المتحدة تستضيف الحفل في البيت الأبيض بناء على رغبة الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، فإن عرفات وبيريز أجمعا على النفي حين استفسرت منهما الدكتورة حنان عشراوي عن الموضوع، وقال كل منهما ان الذهاب الى واشنطن كان بناء على طلب البيت الأبيض الذي سبق له ان حدد مواعيد للتوقيع تأجلت أكثر من مرة بسبب عدم التوصل الى نتائج مرضية في المفاوضات التي امتدت أشهراً بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي.
ولمثل هذه الحادثة مغزى، في وقت حرصت دوائر البيت الأبيض على تسريب معلومات اضافية قالت فيها ان الاسرائيليين والفلسطينيين هم الذين ألحوا على التوقيع في البيت الأبيض لاعطاء الاتفاق وزناً يحافظ على اندفاع عملية السلام وجمع التأييد الدولي لها.
وتقول دوائر أميركية مطلعة ان الرئيس كلينتون حرص شخصياً على تحقيق انجازات تستفيد منها ادارته قبل بدء حملته الانتخابية، ولعل في ايقاظ وزير خارجيته وارن كريستوفر من قبل عرفات وبيريز الساعة السابعة من صباح يوم الأحد قبل الماضي بتوقيت واشنطن لابلاغه بتوصلهما الى اتفاق، وايقاظ مساعده لشؤون الشرق الأوسط دنيس روس قبل ذلك بأربع ساعات من قبل بيريز من أجل اقناع عرفات بالعودة الى طاولة المفاوضات بعد ان تركها احتجاجاً على الخرائط المقدمة له والتي تحدد أماكن التمركز الجديدة للقوات الاسرائيلية جاعلة مدن الضفة الغربية وقراها جزراً يحتاج كل مواطن في مدينة من مدنها للحصول على اذن لزيارة المدينة المجاورة.
ولا ينفي الأميركيون انهم يستفيدون من أي نجاحات تتحقق في مفاوضات من هذا النوع ويجيرونها لمصلحة حملتهم الانتخابية، لكنهم يؤكدون ان المستفيد الأكبر هما الطرفان المتنازعان. ومع ان دنيس روس مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط يصر على حياده وموضوعيته في الوساطة إلا ان المقربين منه لا يخفون انه غالباً ما لجأ الى سياسة "العصا والجزرة" ويضربون مثلاً فيقولون انه عندما تعقدت المفاوضات في شأن تواجد المستوطنين في وسط الخليل، واصرار كل طرف على موقفه، تدخل روس لدى عرفات وقال له ان الولايات المتحدة ستقدم مساعدات سخية لمساعدة سكان الخليل على حل أزمة المياه، ومع ان الفلسطينيين يعتبرون ان هذا الكلام غير دقيق، بدليل ان مستقبل الحرم الابراهيمي لم يتقرر بعد وترك لمفاوضات لاحقة، إلا ان ما ذكر على لسان الاميركيين يعطي صورة عن أشكال التدخل التي مارسوها والتي تراوحت بين التهديد والوعيد.
وتقول الدكتورة حنان عشراوي، التي تفرغت في العامين الماضيين لنشاطات تتعلق بحقوق الانسان في الأراضي المحتلة، ان ما حققته اتفاقية طابا حدّ من مساوئ اتفاقية القاهرة واضرارها. وأضافت لپ"الوسط": "لقد اعادت اتفاقية طابا وصل الضفة الغربية بقطاع غزة، وبشرت ببداية انسحاب الاحتلال من مدن الضفة الرئيسية".
وأوضحت عشراوي انها تأمل ان تكون المرحلة المقبلة متجهة نحو خطين: مسار انهاء الاحتلال، ومسار بناء الدولة.
وعن المقارنة بين وصول السلطة الفلسطينية الى غزة ووصولها الى الضفة الغربية، قالت: "ان وجود كثافة سكانية وواقع اقتصادي أقل سوءاً من قطاع غزة ومؤسسات مختلفة يجعل متطلبات سكان الضفة وأولوياتهم مختلفة عن تلك التي في غزة".
وتسرد عشراوي عدداً من هذه المتطلبات: نظام ديموقراطي، السلطة في خدمة الشعب، توفير النظام والأمن، كفاءة عمل المؤسسات، واصدار قوانين تشجع الاستثمار وتنشط القطاع الخاص.
وعن رد فعل الشارع في الضفة الغربية تقول ان "الشارع لا يتوقع ان تأتينا الحرية على حصان أبيض، والشعب مستعد لأن يصبر طالما ان هناك خطوات الى الأمام يتم السير فيها".
وحذرت عشراوي من تجاهل الاسرائيليين لحقائق التاريخ والجغرافيا، وقالت ان "خلقهم لأمر واقع ومحاولة فرضه لن تنجح، ولذلك فإن وجود مستوطنيهم في الخليل أمر غير طبيعي ويجب اخلاؤهم قبل فوات الأوان".
ويعتبر الدكتور محمد الوحيدي والد السجينة سهير الوحيدي التي حكمت عليها سلطات الاحتلال بالسجن سبعة عشر عاماً بعد اتهامها بتنفيذ عمليات عسكرية ضد قوات الاحتلال قبل ثلاثة أعوام، ان في الاتفاق ما يدعو الى التفاؤل، ويوضح الدكتور الوحيدي، ان أمله برؤية ابنته الشابة تخرج من سجون الاحتلال لم يكن يراوده قبل أشهر، اما الآن فقد أصبح حقيقة واقعة.
واستطرد الدكتور الوحيدي، وهو من كبار موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، قائلاً: "بغض النظر عن المزايدات التي نسمعها هنا وهناك، لا يمكن لأهل أي أسير او سجين إلا ان يفرحوا باطلاق سراح ابنهم وهذا وحده كاف لرؤية آلاف الوجوه الباسمة والمشرقة". وقال ان اسرائيل قد تراوغ في تنفيذ الاتفاق لكن ثقتنا بشعبنا وقدراته هي التي ستجبرها على الالتزام بما تعهدت به.
تقسيم الشعب
ولا يتفق الدكتور ابراهيم اليازوري احدى الشخصيات الاسلامية البارزة المقربة من حركة "حماس" مع الوحيدي، ويقول ان ما جرى في طابا وما اعقبه من مظاهر احتفالية في البيت الأبيض "سيء في كل المقاييس، اذ ان ما جرى تكريس للاحتلال وتقسيم للشعب الفلسطيني حتى داخل الأرض المحتلة".
وتساءل اليازوري عن الانتصارات التي يتحدث عنها البعض: "هل بسط السلطة الفلسطينية على ثلاثين في المئة من مساحة الضفة الغربية انتصار، وهل رؤية الطرق الالتفافية التي توصل المستوطنات بعضها ببعض منظر جميل"؟
واعترف اليازوري الذي كان ضمن مجموعة مبعدي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" الى جنوب لبنان قبل أكثر من عامين بأن الشارع الفلسطيني لم يكترث بما تحقق، ولم يظهر أي رد فعل، لكنه لم يستبعد انفجار الشارع في أي لحظة. واتهم المعارضة الفلسطينية بالضعف، وقال انها "شكلية ومبعثرة القوى" في وقت حوّل فيه الاحتلال مدننا وقرانا الى محميات يطوقها جنود الاحتلال ومستوطناته.
ويصف حنا سنيوره، وهو من الشخصيات البارزة في القدس الذي تحول من العمل الاعلامي الى النشاط الاقتصادي في العامين الماضين، المعارضة الفلسطينية والاسرائيلية للاتفاق بأنها متشابهة، معتبراً ان ما تحقق في طابا هو خطوة نحو تحقيق الدولة الفلسطينية، خصوصاً بعد بسط سلطة الحكم الفلسطيني على مدن الضفة الغربية وقراها. وقال سنيوره ان المرحلة المقبلة ستشهد اجراء انتخابات فلسطينية ووجود سلطة تشريعية وتنفيذية. ولم ينس ان يقول ان تحقيق هذه الخطوات مرتبط بمدى التزام اسرائيل تنفيذ هذا الاتفاق، واعطاء فرص أفضل للمواطن الفلسطيني في التحرك وافساح المجال أمام نمو اقتصادي وحرية في تصريف شؤونه اليومية. ويقارن السنيوره بين الوضع في قطاع غزة اثناء الاحتلال وبعده، ويقول كان الاحتلال في غزة يفرض منع التجول، ويمنع الناس من الوصول الى الشاطئ ويواجههم بالقمع على مدار الساعة، في حين نرى الناس الآن، يتجولون بحرية ليلاً نهاراً، على رغم الحصار المفروض من قبل اسرائيل والذي تجاوز 188 يوماً العام الماضي، إلا ان ما شهدته غزة من عمران وبناء دليل الى تحسن الأحوال.
وأضاف سنيوره: "عندما وقعنا اتفاق اوسلو كانت غزة وأريحا أولاً، وها نحن نتجاوز ذلك لنعطي الحرية لكل مدننا وقرانا، ولا بد ان المراحل المقبلة على رغم صعوبتها ستعطينا الفرصة لرؤية القدس تعود الى الولاية الفلسطينية، والمستوطنات تشهد الزوال".
وقال سنيوره: "يجب ألا ننسى ان حلم المستوطنين ببناء دولة اسرائيل الكبرى، وفرض سيطرتهم على ما يسمونه يهودا والسامرة انهار، ومتى اقتنعوا بأن ذلك أمر انقضى، فسنراهم يرحلون".
ويعتبر الياس فريج رئيس بلدية بيت لحم ان أي خطوة الى الامام افضل من الجمود، ويتفق مع سنيوره على ان فكرة تقلص الوجود الاسرائيلي في الضفة سيزيل من اذهان المستوطنين فكرة اسرائيل الكبرى.
ويصف فريج المستوطنين بأنهم عالة كبرى على اسرائيل وجيشها، ويقول ان نجاح السلطة الفلسطينية في بناء ادارة ناجحة تشجع المشاريع الاقتصادية ستخفف من حجم البطالة في الأراضي المحتلة.
وقال فريج الذي يشغل حقيبة السياحة في السلطة الفلسطينية لپ"الوسط" ان السياحة ستزدهر بلا شك، وهناك فرص لاقامة مشاريع سياحية ضخمة، لافتاً الى ان هناك حاجة ضرورية لاقامة فنادق حديثة تستوعب السياح، بدلاً من ان تستوعبهم الفنادق الاسرائيلية.
ويقول الدكتور هشام عورتاني من مدينة نابلس ان الاتفاق يحقق ما هو أقل بكثير من تطلعات الفلسطينيين لأن السلطة على الأرض، من الناحية الفعلية، تبقى لاسرائيل. وأشار الدكتور عورتاني الى ثلاث قضايا رئيسية لا تزال غامضة، وهي مستقبل القدس ومصير المستوطنات وقضية اللاجئين، وأضاف: "من المعيب جداً ألا نطرح موضوع اللاجئين وأهلنا من سكان لبنان وقطاع غزة ينامون في العراء على حدود الدول المجاورة لأرضنا".
وتخوف عورتاني من عودة الاقطاع الفلسطيني الى الامساك بزمام السلطة من جديد بعد الانتخابات المقبلة. وقال ان الأراضي المحتلة تشهد تراجع الانتماء السياسي والحزبي لمصلحة الانتماء العائلي والعشائري الأمر الذي يبشر بعودة ابناء العائلات المعروفة الى حكم البلاد. ويقترح عورتاني تأجيل الانتخابات لفترة حتى لا تكون المدن والقرى الفلسطينية محكومة من ممثلي الفصائل والأحزاب او ابناء العائلات والعشائر.
العلاقات من الشعب
ويرفض السيد ماهر المصري شقيق رئيس الوزراء الأردني السابق طاهر المصري وإحدى شخصيات نابلس المعروفة ان يكون مؤيداً لاختيار قيادات وممثلين للشعب لمجرد انتمائهم الى عائلات. ويقول ان "العلائلات هي جزء من الشعب الفلسطيني وليست شيئاً طارئاً عليه، ومثلما قدمت قطاعات من الشعب الفلسطيني تضحيات قدمت هذه العائلات ما ساعد على استمرار النضال الفلسطيني والعربي، ومن غير العدل ان ينظر الى ابناء هذه العائلات كفئة خارجة عن الشعب الفلسطيني ومعاناته وتطوره وكفاحه".
ووصف المصري اتفاق طابا بأنه دفعة الى الأمام لأنه سيخرج الاسرائيليين من مناطق في الضفة ويعطي صلاحيات أكبر للفلسطينيين. وقال ان كل اتفاق او حل وسط لا يمكن ان يكون ايجابياً بالكامل، ولهذا فإن ما تم التوصل اليه بين الاسرائيليين والفلسطينيين سيظل مثار جدل.
وأبدى اقتناعه بأن كل توسع للحكم الفلسطيني سيتم على حساب تقليص الوجود الاستيطاني وهذا منطق لا تفرضه الاتفاقات المكتوبة.
وحث السلطة الفلسطينية على اتخاذ خطوات في المجال الاقتصادي تؤمن الوضوح في القوانين التي تنظم الاستثمار من كل جوانبه، كما دعا المؤسسات الفلسطينية التي شكلت لادارة الحياة الاقتصادية الى تقديم التسهيلات التي تبعد الأجهزة عن الممارسة البيروقراطية والمماطلة وبما يخدم تطوير القطاع الخاص وانجاحه كمقدمة لتطوير الاقتصاد الوطني.
وشكا ابراهيم عبدالهادي رئيس مجلس "المؤسسة العربية للتأمين" ورئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين في الضفة الغربية قيد التأسيس من الصعوبات التي تضعها السلطات الاسرائيلية أمام رجال الأعمال الفلسطينيين، سواء لجهة تنقلهم او مرور بضائعهم. وأضاف ان جمعية رجال الأعمال قاطعت الاجتماعات التحضيرية لقمة التنمية الاقتصادية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا احتجاجاً على استمرار اسرائيل في تضييق الخناق على رجال الأعمال الفلسطينيين والتشدد في الاجراءات المتخذة في مجالات الاستيراد والتصدير.
وقال عبدالهادي ان الاتفاقات عندما تعلن على شاشة التلفزيون تظهر الوجه الحسن، لكن عندما ينتظر المواطن طوال ساعات تحت أشعة الشمس الحارقة فإن ذلك الانطباع ينعكس تماماً.
وطالب بحرية أكبر لحركة البضائع بين مدن الضفة وقطاع غزة وبين هذه المناطق والعالم الخارجي، كما قال ان الاعفاءات من ضريبة الدخل والجمارك ربما تشجع رجال الأعمال في مرحلة من المراحل على الاستثمار بشكل أفضل مما يتيح المجال لايجاد فرص عمل جديدة للعاطلين عن العمل.
وإذا كان الدكتور هشام عورتاني اجرى مقارنة بين الأوضاع والأولويات التي تحكم كلاً من قطاع غزة والضفة الغربية ولاحظ ان رفع مستوى المعيشة في القطاع تكاد تتقدم على غيرها من المشاكل، فإن الأولويات في الضفة تتراوح بين القلق على مسائل مثل الديموقراطية وحرية التعبير والصحافة والقوانين التي تشجع الاقتصاد وتساعد على ايجاد فرص عمل للعاطلين.
ويتهم الدكتور سفيان الخطيب رئيس تحرير صحيفة "الميثاق" المقدسية المعارضة لعملية السلام السلطة الفلسطينية بأنها أعطت اسرائيل من الحقوق في الضفة وغزة ما فشلت على تحقيقه عبر عقود.
وأضاف الخطيب قائلاً: "ان النجاح الموقت للسلطة الفلسطينية في غزة وأريحا ما كان ليتم لولا القمع اللامحدود وكظم الغيظ من قبل القوى الاسلامية والوطنية رفضاً للحرب الأهلية".
اما بسام الشكعة رئيس بلدية نابلس السابق فوصف اتفاق طابا بأنه سيعمق التناقضات الفلسطينية. وقال لپ"الوسط" ان السلطة الفلسطينية أخذت على عاتقها حماية الأمن الاسرائيلي الأمر الذي سينعكس سلباً على الشعب الفلسطيني ويعزله عن محيطه العربي، بل ويقوده نحو المشروع الشرق أوسطي الذي يعمل حكام اسرائيل على تسويقه.
ادارة الخليل
ويدعو مصطفى النتشه رئيس بلدية الخليل سكان مدينته للقبول بالاتفاق الذي يعطي الفلسطينيين الحق بادارة المدينة، كما يفرض سلطتها على نسبة 85 في المئة من مساحتها.
ويعترف النتشه لپ"الوسط" بوجود توتر وقلق لأن المستوطنين باقون في وسط الخليل، ومستقبل الحرم الابراهيمي سيخضع للتفاوض بعد ثلاثة أشهر.
وأعرب النتشه عن أمله في ان يرحل المستوطنون لأن وجود قوة مشتركة تمنعهم من التعدي على العرب لن تبقي مبرراً لوجودهم وسط 150 ألف عربي. وقال ان الخليل سيدخلها 400 شرطي فلسطيني مسلحين وسيتمركزون في مختلف انحائها.
اما الشيخ تيسير التميمي قاضي المحكمة الشرعية في الخليل فيؤكد ان وجود المستوطنين في مدينته هو قنبلة موقوتة ستنفجر في أي لحظة. وأوضح الشيخ التميمي لپ"الوسط" ان الخليل "مدينة عربية واسلامية عبر العصور وكل اتفاق يكرس الاحتلال والاستيطان غير مقبول". واستبعد ان تعود الحياة الى طبيعتها في الخليل "في ظل وجود مجموعة متعصبة ومغتصبة في وسط المدينة". وقال ان الحرم الابراهيمي الشريف مسجد اسلامي منذ صدر الاسلام "ولن نقبل بالسماح للغير بالتواجد فيه او نقبل بتقسيمه، ومثل هذا الموقف اجمع كل سكان الخليل عليه". وأعرب عن أمله بعدم تطبيق هذه الاتفاقية المجحفة واستشهد بآية كريمة تقول "او كلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم".
وتقول اوساط الرئيس ياسر عرفات ان تنفيذ الاتفاق يعتمد على ثلاثة عوامل مهمة: الأول، الجدية الاسرائيلية في التنفيذ والأمانة في التنفيذ. الثاني، القدرة الفلسطينية على التنفيذ والأمساك بزمام الأمور. الثالث، دور المعارضة الفلسطينية والاسرائيلية.
وتضيف الأوساط ان الاتفاق الذي يقع في 400 صفحة حقق تواصلاً جغرافياً بين المناطق وكفل عدم وجود حواجز بين المدن وربط الضفة الغربية بقطاع غزة، الأمر الذي يعني حتماً ان جنين الكيان الفلسطيني بات أكثر وضوحاً.
ويصف اللواء نصر يوسف قائد الشرطة الفلسطينية الاجراءات الأمنية التي يعتزم اتخاذها في الضفة الغربية بأنها لن تكون مشابهة لتلك التي تمت في قطاع غزة. ويضيف قائلاً لپ"الوسط": "الانتشار في الضفة سيتم على ثلاث مراحل حتى يشمل كل التجمعات السكانية، وسيحتاج الى فترة أطول، كما انه سيبدأ بنشر ستة آلاف شرطي ثم يزداد ليصل الى اثني عشر ألف رجل". ويعترف بأن امكانات الشرطة لا تزال ضعيفة وهي تفتقر الى الآليات والوسائل التي تتيح لها السيطرة على مناطق ذات طبيعة جغرافية تختلف عن قطاع غزة. وأكد وجود كميات كبيرة من السلاح في الضفة الغربية كما ان النزاعات القبلية والتنظيمية أكثر تعقيداً. وقال ان مثل هذا الواقع "لا يمنعنا من القول ان كل شيء يجب ان يضبط بشكل جيد حتى لا نكرر تجربة غزة".
وفي أي حال فإن المعيار النهائي لنجاح او فشل اتفاق طابا سيظل محكوماً بطبيعته المرحلية. فالأساس هو ان هذا الاتفاق موقت بانتظار التوصل الى صيغة الوضع النهائي للأراضي المحتلة التي لا يمكن للفلسطينيين إلا ان يتصوروها دولة مستقلة لم يعد اسرائيليون كثيرون، بما في ذلك رئيس الحكومة اسحق رابين، يستبعدون قيامها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.