يسود اعتقاد بأن الأهل هم أول من يلاحظون ضعف حاسة أو وظيفة ما لدى أولادهم. ولكن ذلك ليس صحيحاً دائماً، فكثيراً ما يقترف الأهل اخطاء صغيرة بدافع الجهل أو الاهمال يؤدي تراكمها الى مشاكل جدية يعاني منها الأولاد عندما يكبرون. وجدت دراسة بريطانية ان الاهل لا يلاحظون ان طفلهم لا يسمع جيداً في ربع الحالات من أصل 171 تناولهم البحث. بل انهم فشلوا في 66 في المئة من الحالات في ملاحظة الضعف الشديد في سمع الطفل، وهذا أمر يدعو الى القلق ويحث على مزيد من اليقظة والخضوع للمعاينة بشكل منتظم. تقول سيدة انها كانت تنادي طفلتها التي تبلغ الخامسة فلا ترد على رغم اعادتها الكرة ثلاث وأربع مرات. واعتقدت الأم المنهمكة دائماً ان الطفلة مشغولة بألعابها أو بالبرامج التلفزيونية التي تشدها، وبالتالي تمنع سماعها النداء لفرط تركيزها على ما تقوم به. لكنها قامت يوماً باختبار بسيط أثارت نتيجته ذعرها: وقفت على بعد ثلاثة أمتار من الطفلة ونادتها بصوت منخفض مرات عدة فلم تسمع الطفلة. وعندما فحصها الطبيب الاخصائي في أمراض الأنف والأذن والحنجرة قال ان هناك قطعة لحم زائدة لحمية في أنفها تمنع تصريف إفرازه بشكل طبيعي فيتجه هذا نحو الأذن ويؤثر سلباً على السمع بنسبة أربعين في المئة في حالة الطفلة. واستأصل الطبيب اللحمية ومنع توجه افرازات الأنف نحو الأذن بتركيز خرزتين بين الاثنين. مسؤولية الجميع وكثيراً ما تقع المسؤولية على الأهل والطبيب معاً، وقد تكون مسؤولية الاخير شخصية تنبع من تهافت المرضى عليه لشهرته وعجزه عن معاينة الطفل بدقة لرغبته في التوفيق بين الأعمال في عيادته الخاصة والمستشفى، واحياناً الكلية الطبية اذا كان مدرساً. لكن المسؤولية قد تكون عامة، فثمة بلدان تهمل تلقيح الأطفال إلزامياً، وتنوء من ثم تحت عبء الأعداد الكبيرة من المعوقين فيها. فرنسا مثلاً تلقح أطفالها ضد مجموعة من الأمراض تفوق تلك التي تعتمد بريطانيا اللقاح الالزامي ضدها. وتلقح اميركا الأطفال ضد التهاب السحايا لكن بريطانيا تتمنع عن ذلك. وتهتم فرنسا اهتماماً كبيراً بتقويم القدمين في أسرع وقت ممكن لكن بريطانيا لا تهتم كثيراً به ويترك الطب فيها للوقت اصلاح الاعوجاج، واذا لم يفعل ينظر الطبيب في الأمر. جمعية الأطباء المختصين بعلاج القدمين في بريطانيا تعتبر ان لا وجود لما يسمى "القدم المسطحة" وان هذه إصابة موقتة لا تزعج المرء الا اذا طال أمدها وأدت الى تضخم عقدة أصبع القدم الكبرى أو ظهور "المسامير" تحته. وبينما يلجأ الطب في بريطانيا الى اصلاح الأمر بالتدرب على المشي وفق تقنية خاصة تسمى "تقنية الكسندر" بالتمارين الخاصة، يعالج الطب الفرنسي القدم المسطحة بحذاء طبي خاص ينتعله المصاب سنوات عدة في مرحلة الطفولة الأولى، اذ لا فائدة من الحذاء بعد اكتساب العظام صلابة تمنع تقويمها. طفل في الخامسة كان يعاني من اعوجاج القدمين وابتعاد الساقين عند السير عرضته والدته على طبيب مشهور مختص بالعظام في بريطانيا فقال ان لا شيء يستحق الاهتمام، وإذا لم يصلح الزمن الخطأ في القدمين والساقين يعالج الطب الأمر عند بلوغ الطفل سن المراهقة. وحدث ان اصطافت العائلة في لبنان فعرضت الأم طفلها على طبيب لبناني تخصص في فرنسا فلام الأم لأنها كان يجب ان تعالج الطفل بعد تعلمه السير بمدة قليلة وأوصى بانتعاله حذاء خاصاً في النهار وبوضع قدميه في قالب خشبي عند النوم. لكن الصغير لم يطق الحذاء ووجدت الأم ان القالب يمنع الطفل من النوم ليلاً فتركته من دون علاج. ويبلغ هذا الرابعة عشرة من عمره الآن وخفت المسافة بين ساقيه عند السير لكنها لا تزال تفوق بكثير تلك الطبيعية عند أترابه. رفض الخطأ أطفال كثيرون يطوون سيقانهم الى وراء ويجلسون عليها فيزيدون اعوجاج أقدامهم. الطريقة الصحيحة للجلوس على الأرض هي "تربيع" القدمين أمام الجسم لا تحته. واذا كان الأطفال يفتقرون الى الوعي الكافي للحفاظ على صحتهم فإن قسماً كبيراً من الأهل يتجاهل اصابة الطفل بضعف حاسة ما أو غيرها لأنه يرفض ان يكون هناك "خطأ" ما فيه سواء كان خلقياً أو لا. تقول أم انها حذرت سيدة من أضرار جلوس طفلها على قدميه لأنها عانت من الأمر نفسه مع طفلتها فنظرت هذه اليها شزراً ولم تكلف نفسها حتى عناء الرد. أم اخرى قرأت كل المقالات التي وقعت عليها عن ضعف النظر بعدما أصيب طفلاها به. لاحظت ان ابن عمهما يرف كثيراً بجفنيه فلفتت انتباه والده قائلة ان رف الجفنين قد يكون من علامات ضعف النظر. لكن الرجل قال ان الطفل "يتدلل" وان لا خطأ في عينيه أو غيرها. من الاشارات المحتملة الاخرى الى ضعف النظر الاقتراب كثيراً من جهاز التلفزيون لدى مشاهدة برامجه أو حني الرأس بشدة فوق الكتاب والدفتر عند القراءة والكتابة. على الجميع، صغاراً وكباراً، الابتعاد أكثر من مترين عن جهاز التلفزيون والاحتفاظ بمسافة ثلاثين سنتيمتراً بين العينين والكتاب أو الدفتر. والأهل الحسيرو النظر قد ينقلون هذا الضعف الى أطفالهم بالوراثة، حتى لو كانوا أصيبوا بالضعف بعد ولادة الطفل. ويبرر أطباء العيون ذلك بأن من لديه الاستعداد للاصابة بالضعف قد يورثه لطفله، واذا لم يهتم الأهل بمتابعة التزام أولادهم اجراءات الوقاية الصحية في الحياة اليومية وبالمعاينات الطبية الدورية قد يصاب هؤلاء بالضعف. ويغفل بعض الأهل إرشاد أولادهم الى ضرورة استخدام فرشاة الاسنان مرتين في اليوم، أو يسلمون جدلاً بأن هؤلاء يعرفون طريقة استخدامها. لكن الصغار يعتبرون تنظيف الاسنان واجباً بغيضاً عليهم الانتهاء منه بسرعة، وتكون النتيجة أسنان صفراء ينخرها السوس وحشوات سوداء تخفف جمال الابتسامة. وأفضل طريق لتنظيف الاسنان هي البدء من اللثة باتجاه الاسنان حتى أطرافها، وينطبق هذا على الفكين من الداخل كما من الخارج، مع الامتناع عن "الفرك" العنيف الذي يضر بالميناء، الطبقة اللامعة التي تغطي الأسنان، خصوصاً اذا كانت الفرشاة قاسية. ومعروف ان الفراشي ثلاثة أنواع: ناعمة، وسط، قاسية، ويستحسن اختيار الفرشاة الوسط ذات الرأس الصغير لكي يمكن تحريكها بسهولة في المناطق الداخلية من الفم. ويمكن استخدام الخيط يومياً للتخلص من "البلاك" المتراكم وما تعجز الفرشاة عن الوصول اليه. خطر الحلوى وعلى الأهل التخفيف من استهلاك أطفالهم للحلوى لأنها تترك فضلات على الاسنان تتحول أحماضاً وتتسبب بالتسوس. لكن بعض الأهل ينظرون الى الحلوى كمكافأة أحياناً أو كغذاء بديل اذا كان الطفل قليل الشهية الى الطعام. ومن الأمثلة على قمة الجهل أن أماً اخذت طفليها الى طبيب الأسنان لعلاج اسنانهما من التسوس. ولدى مرورهم أمام حانوت فور الانتهاء من زيارة الطبيب طلب الطفلان شوكولا فاشترته لهما لأنها لا تحب "حرمان" أطفالها ما يرغبون به! بعض الأطفال يأكلون أظافرهم لأسباب عدة منها القلق، وقد لا يعرف الأهل بالامر الا بعد استفحال العادة. لا فائدة من الثورة بل تنبيه الطفل الى قبح هذه العادة وضررها، لأن الأظافر تحتوي على جراثيم كثيرة. وكثيراً ما يأكل الأهل أنفسهم أظافرهم فيقلدهم الطفل. ويصعب التخلص من هذه العادة مع التقدم في العمر. اضطرابات المراهقة والحرص على الجمال والرشاقة، تدفع فتيات كثيرات الى القيام بأعمال قد تسيء إليهن عندما يكبرن. الرياضة العنيفة اثناء الدورة الشهرية قد تؤدي الى ظهور "الدوالي" اي الأوردة المنتفخة في الساقين، وهي ليست قبيحة فقط بل خطرة لأنها قد تتسبب بجلطة دموية، بالاضافة الى الاوجاع والمشاكل اليومية التي تعاني منها صاحباتها. وبعض المراهقات يزاولن "الايروبيك" ولكن الدراسات الحديثة كشفت خطر الموسيقى المصاحبة وهي صاخبة غالباً على السمع وتسبب الطنين والصداع أيضاً. وكثيراً ما يرتدي المراهقون، ذكوراً وإناثاً، ثياباً ضيقة على رغم انها تعرقل التنفس وتتسبب بضيقه. وبعض الفتيات يحتفظن بحمالة الصدر عند النوم، وهذه عادة مؤذية لأنها تعرقل عملية التنفس في وقت يحتاج فيه الجسد الى التنفس العميق. وعلى الفتيات - والنساء - خلع الحمالة متى استطعن خلال النهار ايضاً. وقلما نرى طفلاً يجلس وظهره مستقيم سواء أكان يأكل أم يدرس أم يلعب. وهذه عادة يشاركهم فيها البالغون، وقد تجر عليهم أوجاع الظهر وتقوسه. ويدفع الخجل مراهقين كثراً الى حني الرأس والكتفين عند السير والجلوس، ويمكن الأهل مساعدة أولادهم على التخلص من ذلك بالتنبيه المستمر بلطف وصبر.