تحدي NASA بجوائز 3 ملايين دولار    سجن سعد الصغير 3 سنوات    تحديات تواجه طالبات ذوي الإعاقة    حرفية سعودية    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    السد والهلال.. «تحدي الكبار»    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    قيود الامتياز التجاري تقفز 866 % خلال 3 سنوات    رئيسة (WAIPA): رؤية 2030 نموذج يحتذى لتحقيق التنمية    سعود بن مشعل يشهد حفل "المساحة الجيولوجية" بمناسبة مرور 25 عامًا    أمطار على مكة وجدة.. «الأرصاد» ل«عكاظ»: تعليق الدراسة من اختصاص «التعليم»    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    «الاستثمار العالمي»: المستثمرون الدوليون تضاعفوا 10 مرات    فصل التوائم.. أطفال سفراء    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    في الشباك    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    قمة مرتقبة تجمع الأهلي والهلال .. في الجولة السادسة من ممتاز الطائرة    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    نائب أمير الشرقية يكرم الفائزين من القطاع الصحي الخاص بجائزة أميز    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    ضاحية بيروت.. دمار شامل    من أجل خير البشرية    وفد من مقاطعة شينجيانغ الصينية للتواصل الثقافي يزور «الرياض»    ألوان الطيف    مملكتنا نحو بيئة أكثر استدامة    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    حكايات تُروى لإرث يبقى    جائزة القلم الذهبي تحقق رقماً قياسياً عالمياً بمشاركات من 49 دولة    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    أهمية قواعد البيانات في البحث الأكاديمي والمعلومات المالية    كلنا يا سيادة الرئيس!    القتال على عدة جبهات    معارك أم درمان تفضح صراع الجنرالات    نقاط شائكة تعصف بهدنة إسرائيل وحزب الله    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    تطوير الموظفين.. دور من ؟    الدكتور ضاري    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    قصر بعظام الإبل في حوراء أملج    ما قلته وما لم أقله لضيفنا    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    التوصل لعلاج فيروسي للسرطان    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    الأهل والأقارب أولاً    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد سنة الاختراقات وسباق المسارات . الاردن : اعادة صياغة الدور والوحدة الوطنية - ملفان كبيران : عائدات السلام والكيان الفلسطيني
نشر في الحياة يوم 12 - 09 - 1994

سائق التاكسي دفتر أخبار المدينة ومشاعرها. لهذا سألت السائق الأردني عن مقدار اهتمامه بأخبار السلام فأجاب: "جربنا الحرب ولم تنفع، وحالة العرب معروفة ومنظمة التحرير نفسها وقّعت". وصمت قليلاً قبل ان يضيف: "المهم ان يكون السلام كما يقولون عنه". وفضل السائق الانتقال سريعاً الى حديث الغلاء والأسعار كأنه يتجنب الخوض في الكلام عن مجهول يقترب بسرعة ومن دون اتضاح ملامحه وانعكاساته.
وأعاد الكلام الى ذاكرتي ما سمعته من أحد مواطني برلين الشرقية غداة سقوط الجدار اذ قال: "نحتفل اليوم لكن السؤال هو عما سنفعله بعد سنة". ومن عادة سقوط الجدران المزمنة ان توقظ الآمال وتطلق الأوهام وتثير المخاوف. وفي عمان لا يحتاج الزائر الى أدلة اضافية على سقوط جدار النزاع العربي - الاسرائيلي.
عشية 13 ايلول سبتمبر الحالي لا يستطيع المرء مغالبة رغبته في استرجاع شريط الاحداث التي بدأت في اليوم نفسه من العام الماضي. انها سنة الانقلاب الكبير. بدأت برؤية ياسر عرفات واسحق رابين يوقعان في حديقة البيت الأبيض ويتصافحان. وشهدت في كانون الثاني يناير قمة سلام في جنيف بين الرئيسين بيل كلينتون وحافظ الأسد. وسجلت اختراقاً جديداً في 25 تموز يوليو برؤية الملك حسين واسحق رابين يلتقيان علناً ويوقعان ويتصافحان. وقبل ان تختتم السنة مواعيدها أعلنت اسرائيل والمغرب اتفاقهما على إقامة مكتبي اتصال. وبين ايلول وايلول جالت المفاوضات المتعددة الاطراف على عواصم عربية وتحركت الرسائل في أكثر من اتجاه.
حديث السلام هو الهم الطاغي في مكاتب المسؤولين الأردنيين وفي صالونات عمان السياسية وهي كثيرة ولا يتردد المشاركون فيها في فتح الملفات وتوجيه الانتقادات والمجاهرة بالمواقف. والواضح هو ان خيار السلام خيار نهائي لا رجعة فيه خصوصاً ان بعض الاجراءات العملية لم ينتظر توقيع معاهدة السلام. ولا شك في ان معسكر مؤيدي السلام يمثل غالبية الاردنيين، لكن درجة الآمال والمخاوف تختلف داخل المعسكر نفسه، غير ان القاسم المشترك الأبرز هو الشعور بأن خيار السلام هو الخيار الوحيد الذي كان مطروحاً أمام الاردن.
"انقلاب السلام"
تعتقد غالبية المسؤولين الرسميين والحزبيين الموالين بأن الاردن نجح في الشهور الأخيرة في ترتيب انقلاب حاسم على الوضع الذي وجد نفسه فيه غداة حرب الخليج الثانية.
ويقول اكثر من مسؤول ان التقدم على طريق السلام مكن الاردن من طي صفحة العزلة التي كان يعانيها ومن الدخول بفاعلية الى النظام الدولي الجديد وحجز مقعد ودور في الشرق الأوسط الجديد الآخذ في التشكل. وبينهم من يشدد على ان الاردن نجح في الدرجة الأولى بالحصول على تعهدات قاطعة من اسرائيل والولايات المتحدة معاً أن الحل لن يكون على حسابه، لا بل أنه سيكون شريكاً في رسم ملامح هذا الحل.
واضافة الى اختراق العزلة يتحدث المسؤولون الأردنيون عن تفادي الاختناق الاقتصادي وضمان حصة من ورشة التنمية التي ستطلقها حلول السلام. وعن التوقيت الذي اختاره الأردن يقول سياسي أردني اشترط عدم ذكر اسمه: "لم يرد الأردن أن يكون أول من يوقع ولو فعل لاتهم بالتفريط وهكذا أعفاه توقيع ياسر عرفات من هذه المشكلة. ولم يرد الأردن ان يكون آخر من يوقع فيدعى الى لبس ثوب جاهز فصل في غيابه".
ويضيف: "اختارت منظمة التحرير طريقها وكان على الأردن ان يختار طريقه. وما كان الأردن ليوقع "اعلان واشنطن" لولا تأكده ان شيئاً جدياً يتحرك على المسار السوري - الاسرائيلي. والآن يرجح ان ينتظر الأردن ظهور نتائج ملموسة على المسار السوري - الاسرائيلي قبل أن يوقع معاهدة السلام من دون ان يعني ذلك استعداده للانتظار الى ما لا نهاية".
ويرد السياسي الأردني بابتسامة على سؤال "الوسط" عن التنسيق، يقول: "لم يكن التنسيق جدياً في أية مرحلة. وكان كل طرف عربي يطلع من الأميركيين على ما يدور على المسارات الأخرى أكثر مما يطلع من العرب أنفسهم. ثم لم يكن هناك أصلاً أي اتفاق جدي ملزم في شأن التزامن. عندما تفصل المسار الفلسطيني فانك تفصل القضية وتترك للآخرين مهمة التفاوض الثنائي في شأن مشاكلهم. وهكذا راح كل طرف يفاوض في شأن حقوقه ودوره. الأردن يريد أرضه ومياهه ودوراً في المعادلة الجديدة. وسورية تريد الجولان وضمانات حول دورها الاقليمي مستقبلا وتحديدا في لبنان. التنسيق الوحيد كان بين سورية ولبنان وهو في النهاية نوع من التطابق بسبب طبيعة العلاقة المعروفة القائمة بينهما".
ملفان: الأرقام والوحدة
في ختام سلسلة لقاءات مع رسميين وحزبيين أردنيين ومع قياديين فلسطينيين يقيمون في عمان أو يمرون عبرها، وبعد الاستماع الى الحوارات الصريحة المفتوحة في كل لقاء يستنتج زائر عمان ان الأردن سينشغل في الأعوام المقبلة بملفين كبيرين: الأول تحديث مؤسساته وقوانينه للتمكن من الاضطلاع بدوره الجديد كشريان لا كجدار والافادة من عائدات السلام، والثاني ترسيخ الوحدة الوطنية وتعميقها وبلورة صيغة لعلاقة دائمة مع الكيان الفلسطيني الجديد.
على الصعيد الأول يستعد الأردن الذي تصل نسبة البطالة فيه الى 20 في المئة ويعيش 30 في المئة من سكانه تحت خط الفقر، لتحديث ادارته المثقلة بالموظفين وتحديث تشريعاته لاجتذاب المستثمرين وتشجيعهم. وشكل قرار الولايات المتحدة بعد "اعلان واشنطن" بشطب الديون المستحقة لها على الأردن نحو 700 مليون دولار على ثلاث مراحل اشارة مشجعة تماماً كنجاح الحكومة في اعادة جدولة جزء من ديون نادي باريس 1.2 مليار دولار لمدة 20 سنة. وتبلغ ديون الأردن الخارجية نحو خمسة مليارات دولار. ويراهن على ارتفاع مداخيله السياحية التي سجلت انخفاضاً كبيراً بعد حرب الخليج الثانية، كما يراهن على مجموعة مشاريع مشتركة مطروحة بينها سلسلة من المناطق الحرة من طبريا شمالاً وحتى العقبة جنوباً، أي على مسافة 450 كيلومتراً. وفيما تواصل المفاوضات الأميركية الأردنية - الاسرائيلية البحث في وسائل التنمية في المنطقة والتعاون بين الأطراف تتابع المفاوضات الثنائية الأردنية - الاسرائيلية البحث في جدول أعمالها المؤلف من أربع نقاط حسب الترتيب الآتي: توزيع المياه وترسيم الحدود والأمن والبيئة واللاجئون والنازحون.
وعلى رغم ظهور صعوبات في المفاوضات الدائرة، فإن الاعتقاد السائد في عمان هو انها قابلة للحل وانها ستحسم سريعاً حين يتخذ القرار السياسي بتوقيع معاهدة سلام وفي ضوء التطورات على المسار السوري - الاسرائيلي.
الأردن والكيان الفلسطيني
في الملف الثاني، وهو حاسم وبالغ الدقة، يميل الجميع الى التروي في إبداء المخاوف واطلاق الأحكام لشعورهم بأن "الملك حسين يعطي بالتأكيد الأولوية لترتيب البيت الأردني وتعزيز الوحدة الوطنية". لكن أزمة الثقة بين السلطة الأردنية وقيادة منظمة التحرير لا تحتاج الى أدلة. ويسمع زائر عمان عتباً على الطريقة الغامضة الملتبسة التي أبلغ فيها الأردن مجريات "القناة الخلفية"، وعلى قرار عرفات ارجاء كل بحث أو تنسيق مع الأردن الى ما بعد دخوله الأراضي المحتلة ثم انتظار امتداد السلطة الفلسطينية الى الضفة الغربية، اضافة الى اسلوب "اقتراح تشكيل اللجان لملء الوقت لا للعمل".
ولا يتردد عدد من المسؤولين الفلسطينيين المقيمين في عمان في تحميل عرفات المسؤولية عن أزمة الثقة هذه ،وفي الاعراب عن تخوفهم من عدم قيام مؤسسات حقيقية في الأراضي المحتلة تكون مهمتها ترسيخ الكيان الفلسطيني من جهة وبلورة علاقة دائمة ومستقرة مع الاردن من جهة اخرى.
وعلى الصعيد العملي يطرح قيام الكيان الفلسطيني المستقل في الضفة الغربية وغزة مجموعة مسائل عملية بينها: هل يحمل الفلسطيني المقيم في الأردن جنسيتين وجوازي سفر، وأين ينتخب الفلسطيني المتحدر من الضفة، وماذا سيكون وضعه في الاردن اذا اختار الجنسية الفلسطينية؟
وترى مصادر ديبلوماسية في عمان ان العلاقة الكونفيديرالية بين الكيان الفلسطيني والاردن تشكل معبراً الزاميا للحل لاعتبارات اسرائيلية واميركية واقتصادية وجغرافية. وتشدد المصادر على ان صياغة هذه العلاقة تحتاج الى سلطة فلسطينية منتخبة وموثوق بها تدير سياستها بعيداً عن محاولات "امتلاك الأوراق هنا أو هناك".
وتعتبر ان موضوع الأدوار في القدس ومقدساتها لا يزال في مرحلة تسجيل الحقوق وان بته مسألة معقدة تحتاج الى الوقت وعلاقات ثقة بين أطراف كثيرة.
العراق والانتظار
اذا كانت العلاقة المستقرة مع الكيان الفلسطيني من موجبات الدور الاقليمي للاردن، فإن عمان لا تستطيع ايضاً تجاهل ما يجري في بغداد، على حد قول سياسي أردني أضاف: "عزلة العراق لا يمكن ان تتحول بنداً ثابتاً في حياة المنطقة. لكن عودة العراق سواء عبر بوابة المفاوضات المتعددة أم غيرها تبقى مرهونة بتسوية عراقية - اميركية". وأشار إلى ان نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز شدد لدى مروره حديثاً في عمان على ان بغداد تريد قبل كل شيء معرفة ما تريده واشنطن فعلاً وكيف تتصور مستقبل العراق ودوره.
بين 13 ايلول 1993 و13 ايلول 1994 ضرب الانقلاب الكبير جدار النزاع العربي - الاسرائيلي واندلع سباق مسارات استعداداً لحجز المواقع والادوار. والاكيد هو ان الذين صعدوا الى قطار مدريد لا يملكون غير متابعة الرحلة بكل ما تقتضيه من تغيير في القاموس ومفرداته وفي خياراتهم الاقتصادية والسياسية، وان تفاوتت سرعة وتائر التغيير والقدرة على المقاومة.
سنة الانقلاب الكبير: عرفات في غزة مع متاعب الامن والمساعدات ومخاوف الانتخابات. والمسار السوري - الاسرائيلي ينتظر كريستوفر وبيروت تنتظر دمشق، فيما يستعد الأردن لتمضية آخر سنوات القرن مع الملفين الكبيرين.
"الوسط" طرحت على عدد من المسؤولين والسياسيين الأردنيين الاسئلة المتداولة والمخاوف وهنا اجاباتهم:
اللوزي: لا مبررللخوف من ابتلاع
عن السؤال الذي يشغل الأردن حالياً، قال احمد اللوزي رئيس مجلس الاعيان: "السؤال هو في الحقيقة سؤال السلام لأن كل الفروع الاخرى كالاقتصاد والأمن والبيئة والتجارة هي جزئية. السلام يعني تطبيق الشرعية الدولية، اي قراري مجلس الأمن، اي الأرض في مقابل السلام. بمعنى ان تعود الأرض في مقابل السلام والتعاون والتجارة مع كل دول المنطقة. نحن نعتبر ان السلام يجب ان يكون حقيقياً وان تلتزمه الدول والشعوب لا ان يكون سلاماً تكتيكياً او مزيفاً. وبهذا المعنى يصبح خيار السلام ممثلاً لخيار الأمن والمستقبل والبناء.
السلام يعني عودة ارضنا المحتلة 380 كيلومتراً مربعاً وعودة مياهنا، وهذا الموضوع حيوي. ثم ان يتوقف نهائياً والى الأبد حديث ما يسمى "الوطن البديل" والحدود التي تقرر بالقوة. المصير الفلسطيني يجب ان يقرر على الأرض الفلسطينية اي الضفة الغربية وغزة. كما يعني السلام عودة الجولان وجنوب لبنان وعودة كل الأراضي العربية وفي طليعتها القدس لتصبح مركزاً للسلام وملتقى لابناء الديانات السماوية الثلاث".
ويرى اللوزي "ان المعارضة للسلام في الأردن لا تصل الى عشرين في المئة. ووصولها الى هذه النسبة يرجع الى كون المصداقية تحتاج الى الاختبار واذا تحقق السلام فستتقلص نسبة المعارضين له. لكن الواضح هو ان الخط البياني مرتفع لمصلحة المؤمنين بالسلام".
ويرفض الحديث عن "غليان اسلامي في الأردن" ويقول: "هناك رأي للتيار الاسلامي يعارض السلام ونعتبر وجوده مشروعاً ومن خصوصيات الأردن ونظامه. لكل التيارات الحق في الوجود والتعبير. انت تعرف ماذا يجري في الجزائر ومصر وافغانستان وبقاع كثيرة. هذه ممارسات تخرج عن حدود الرأي. أي ممارسات من هذا النوع في الأردن تحال على القضاء. العنف غير مقبول والارهاب غير مقبول. لا اعتقد ان الاسلاميين في الأردن سيمارسون العنف ضد السلام. والحالات الفردية التي حصلت احيلت على القضاء".
ولا يرى اللوزي مبرراً للاعتقاد بأن قيام كيان فلسطيني مستقل سيطرح تحدياً على الأردن، يقول: "الحقيقة اننا مع العرب منذ قمة الرباط في 1974 في اعتبار المنظمة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. ونحن مع اي قرار يتخذه الشعبان الأردني والفلسطيني في شأن مستقبل العلاقات بمحض اختيارهما وقرارهما الحر. وذلك يبقى مرهوناً أولاً بحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه في الأرض وما يستتبع ذلك. لا ارى مجالاً لتهديد الوحدة الوطنية في الأردن لأنه سيتبع نشوء الكيان الفلسطيني قرار للشعبين بتحديد العلاقة. لو كان هناك عمل عربي مشترك لساعد كثيراً. ما دام الفلسطيني يعيش في الأردن فله حقوقنا نفسها ولكن اذا قام كيان فلسطيني فربما من العدل ان يختار. لكن الحديث الآن سابق لاوانه".
ولا يتخوف اللوزي من الابتلاع الاقتصادي ويرى في التنمية الشاملة مصلحة للجميع.
الروابدة: التركيب الديموغرافي ليس نقطة ضعف
وسألت "الوسط" وزير التربية والتعليم الأمين العام لحزب اليقظة عبدالرؤوف الروابدة هل تستعد وزارته لتعديل بعض المواد والتسميات في ضوء خطوات السلام مع اسرائيل، فأجاب: "اعتقد بأن لمرحلة السلام مترتباتها، كما ان لمرحلة الحرب مترتباتها. وما تم التوصل اليه حتى الآن هو انهاء حالة الحرب ولم يتم الدخول في مرحلة السلام التي لا تتم الا بعد حصول الأردن على حقوقه الثابتة في أرضه ومياهه وشمول الحل كل جوانب القضية العربية. اذا حدث ذلك لا بد من مترتبات على مختلف الصعد. وهذه المترتبات لن تكون في اتجاه واحد بل يجب ان تشمل طرفي المعادلة، ولا اعتقد بأن المرحلة الحالية تستدعي بحثاً في هذا الموضوع".
وعن الانعكاسات المحتملة لقيام كيان فلسطيني مستقل، قال: "أنا لا اعتقد بأن الأردن سينظر الى الكيان الفلسطيني خطراً عليه، فهذا الوطن الذي بُني في مطلع القرن مركزاً متقدماً للقاء جميع الاخوة العرب وصهرهم في بوتقة الوحدة الوطنية لا يمكن الا ان يكون مع استقلال اي طرف عربي وسيادته الكاملة على أرضه، ولا يمكن ان يكون الا وحدوياً مع أي طرف يمد يده الى هذا البلد وعلى قاعدة من حق الشعب في ابداء رأيه في التصور الوحدوي بديموقراطية وحرية.
قد يظن بعضهم ان التركيب الديموغرافي للأردن نقطة ضعف لكنني اعتبره مركز قوة، لأن وحدتنا الوطنية تمثل التعدد والاتفاق. وهو أمر يعز على الكثيرين ان يصلوا اليه. فهو تعدد في الديموغرافيا واتفاق على شرعية النظام والحكم. لذلك انا اعتقد بأن مرحلة السلام، اذا تمت وفق المفهوم الأردني اي السلام العادل الشامل الذي ترضى به الاجيال وتدافع عنه، سيكون مرحلة قوة لشرعية هذا الوطن ونظام الحكم والديموقراطية والتعددية وكرامة الوطن والمواطن وتوفير متطلباته الضرورية. لن تكون المكاسب الاقتصادية مرجعية لهذه القوة وانما سيكون النموذج الأردني بكل جوانبه هو مصدر القوة الرئيسي وعامل الجذب للقوى والأطراف الاخرى. ونحن نتكلم على نموذج ندعو الى الاحتذاء به ولا ندعو الى تصديره.
ويستبعد الروابدة ان تشكل معارضة الاسلاميين للسلام خطراً على الديموقراطية في الأردن، يقول: "الديموقراطية في الأردن لم تأت من فراغ وانما هي متجذرة في هذا الوطن وان غابت في مرحلة لظروف خارجة على ارادة الأردن. لقد كانت الممارسة الديموقراطية تزداد او تقل وفقاً لتلك الظروف. كان تعامل النظام مع التيار الديني تعاملاً منطقياً وواقعياً ينطلق من ثابت دستوري أن هذه الدولة العربية دينها الرسمي الاسلام. وكانت التيارات الدينية في هذا البلد رافداً رئيسياً من روافد النظام تختلف معه ولا تصادمه ويختلف معها ولا يقمعها.
أنا اعتقد بأن التيار الديني بمختلف اطرافه يعيش الحياة الديموقراطية في هذا الوطن ويمارس معارضته المبدئية بأسلوب دستوري. بمعنى ان وسائله سلمية ومشروعة، وضمن اطار هذا الجو الديموقراطي لم تترعرع الا اعداد قليلة جداً من المتطرفين كان معظمهم مستورداً. ومن الظلم للاسلام ان تقتصر اتهامات الأصولية عليه وتنسى ان جميع الأديان سماوية وغير سماوية دخلت مرحلة التطرف، الا انه يبدو ان هناك اهدافاً لبعض القوى ان لا تتوجه سهام النقد الا الى الاسلام وأهله.
"جبهة العمل الاسلامي": المعركة ضد التوقيع والتطبيع
النائب الشيخ حمزة منصور الناطق الرسمي باسم كتلة نواب حزب جبهة العمل الاسلامي الاخوان تحدث الى "الوسط" عن التحديات الجديدة، معتبراً ان الخطوات التي رافقت استفراد الدول العربية هي "خطوات تطبيقية تشكل تحدياً للانسان الأردني والعربي والمسلم، وعلى المخلصين من أبناء هذه الأمة ان يضطلعوا بمسؤولياتهم لاخراجها من هول الصدمة. الله عز وجل يقول "لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود". واليوم نسمع اننا ابناء ابراهيم عليه السلام وأبناء عمومة. الكيان الصهيوني الآن ليس من أبناء ابراهيم بل من ابناء بولندا... ليعد الغزاة الى أوطانهم ولا مانع لدينا في ان يعيش في الوطن العربي كل يهودي عربي وان تحفظ له حقوقه كاملة في المواطنة. كان هناك 50 ألف يهودي فقط على أرض فلسطين. الكيان اليهودي عودنا انه مفسد في الأرض. وكلمة "تطبيع" عندنا تعني "ايدز".
نحن نخشى على اقتصادنا الناشئ، وقدرنا في هذا البلد ان امكاناتنا محدودة واعتمادنا، بعد الله، على انساننا اذ نحاول ان نشق طريقنا في الصَخر. تطبيع العلاقات مع العدو سيشكل ضربة لهذا الاقتصاد الذي لا تستطيع الدولة ان تحميه وبالتالي سيصبح اقتصاداً مشلولاً أو تابعاً للاقتصاد الاسرائيلي. كما نخشى ان تكبلنا الاتفاقات بقيود تجعلنا نتراجع عن كثير من مقومات ثقافتنا العربية الاسلامية".
ويرى منصور ان المواجهة يجب ان تنطلق من برنامج حد أدنى بين الاحزاب والقوى الحية ووفق خطة تفرد دوراً للمعلم في المدرسة وللعمل الاعلامي بالتنسيق مع نقابة الصحافيين "التي نقدر رفضها للتطبيع" كما يجب ان تشتمل الخطة على شق اقتصادي بالتعاون مع النقابات وغرف التجارة وتفعيل دور المسجد.
ويشدد على "ان المعركة ستكون ضد التوقيع وضد التطبيع. اتفاقية الاستسلام لم توقع بعد. ونحن نرفض اعلان انهاء حال الحرب. وفي اعتقادي ان المعارضة تزداد صلابة ... اود ان اؤكد ان معارضتنا هي معارضة دستورية قانونية وليست لدينا الا الوسائل الديموقراطية نعارض من خلالها. وهي وسائل ليست قليلة إذا أحسنّا توظيفها وحددنا اهدافاً مرحلية مقنعة لجماهيرنا نضمن التفافها حولها. ثم اننا نعول كثيراً على الفشل الذي يمنى به المفاوض العربي. نحن حريصون على استمرار المسيرة الديموقراطية وتفعيلها والسنوات الخمس الماضية شاهد على ذلك فنحن أم الولد لكننا لا نريد للمسيرة الديموقراطية ان تستعبدنا ونحن نتمسك بكل مبادئنا وثوابتنا".
وعن الاسئلة التي سيطرحها قيام كيان فلسطيني مستقل، قال: "الوحدة الوطنية هي من أولى اولويات جبهة العمل الاسلامي. هناك جهات تستهدف الوحدة الوطنية وأول الجهات العدو اليهودي في فلسطين، وثاني هذه الجهات قصار النظر وأصحاب المصالح في شرق النهر وغربه. قضية الكيان الفلسطيني تعتمد على طبيعة هذا الكيان، فإذا كان ممثلاً للشعب الفلسطيني تمثيلاً حقيقياً ويمتلك مقومات السلطة الحقيقية فعندها سيكون عامل قوة للوحدة الوطنية في الأردن لا عامل ضعف لأن الشعب الفلسطيني، كما الشعب الأردني، شعب وحدوي وفق صيغة يرتضيها الشعب الواحد في فلسطين والأردن. أي تصديع للوحدة الوطنية خطير ونحن نتخوف من محاولات تفكيك وتجزئة في المنطقة".
وانتقد منصور الاستناد الى نتائج استطلاع للرأي في الأردن اظهر ان نسبة مؤيدي مسيرة السلام تصل الى 80 في المئة، وقال: "قد تكون النسبة العالية تأييداً لشخص جلالة الملك وليس للمسيرة السلمية وقد تكون للحفاظ على الأردن موحداً ولصالح استرجاع الأرض والمياه وحل المشكلة الاقتصادية وليس للمسيرة السلمية. هناك معلومات مضللة ولا بد من اعطاء المعارضة فرصة كافية لتوضيح وجهة نظرها ثم قياس اتجاهات الرأي العام".
وعن رأيه في الهجمات التي تستهدف السياح والاجانب في مصر والجزائر، قال: "ينبغي ان ننظر الى المرض لا الى العرض. الالتهاب الرئوي لا أعالجه بحبات الاسبيرين. العنف في مصر بدأته الحكومة بمنع الاسلاميين من العمل السياسي. هذا الحرمان قد يدفع بعض المتحمسين الى ما لا يريده التيار الاسلامي اصلاً. وفي هذه الحالة انا لا احاكم من ألجأته الى هذا الموقف بل احاكم من ألجأه. اما في الجزائر فإن مواقف السلطة المغتصبة للحكم والتأييد القائم على التعصب من فرنسا وأميركا هي المسؤولة عما يجري للاجانب".
الكباريتي: اعادة صياغة مضمون الوحدة الوطنية
النائب عبدالكريم الكباريتي قال لپ"الوسط": "أهم نجاح للسياسة الاردنية هو ان ما قام به جلالة الملك حسين من تحرك في اتجاه اعلان واشنطن انما يشكل انقلاباً تمكن من خلاله الملك والأردن من كسب الرأي العام ومعظم وسائل الاعلام الى جانب الدور الاردني الجديد المعتمد على تقديم نفسه نموذجاً يحتذى به في اعادة رسم خريطة المنطقة اقليمياً ودولياً على أساس الديموقراطية والحرية وحقوق الانسان. في حال تمكن الاردن من التوصل الى اتفاق يستطيع بموجبه ترسيم خط حدودي بين دولة الأردن ودولة اسرائيل فإن ذلك يعني في الضرورة تمكن الاردن من المساهمة الرئيسية في القضاء على فكرة الصهيونية المعتمدة على "مشروع بلا حدود" ويمكن القول ان هذه الاتفاقية اذا تمت ستكون بداية نهاية فكرة الصهيونية".
ورأى رداً على سؤال "ان قيام كيان فلسطيني يشكل تحدياً لمضمون الوحدة الوطنية في الأردن، ولذلك فان على الأردن ان يعيد صياغة مضمون الوحدة الوطنية ومفهومها ليتمكن في المرحلة الانتقالية للحكم الذاتي من التعامل مع السلطة الوطنية الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير كأن فك الارتباط أبدي، ومن التعامل مع اهلنا في الضفة الغربية كأن فك الارتباط لم يكن ومن دون ان يبدو الأردن كأنه راغب في الهيمنة على القرار الفلسطيني".
في انتظار المواعيد الجديدة للسلام والانهماك الاردني بإعادة صياغة الدور والوحدة تنشغل الاوساط السياسية والنيابية في عمان أيضاً بالحديث عن تغيير حكومي محتمل ولا يتردد بعض النواب في التأكيد "ان حكومة الدكتور عبدالسلام المجالي باتت في خريف العمر ولن تعبر الخريف".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.