الدولار الاميركي اكثر العملات تداولاً في العالم، وعلى رغم اتساع دائرة التعامل بعملات قوية أخرى، مثل الين الياباني والمارك الالماني والجنيه الاسترليني، الاّ أن التعامل بهذه العملات يمر في معظمه عبر الورقة الخضراء، التي يقول منظرون اقتصاديون اميركيون عنها انها فقدت طابعها الوطني لتصبح عملة دولية. ومع ذلك، فإن الدولار هو اكثر العملات تعرضاً للتزوير، وفي حين تحقق الاجهزة الاميركية نجاحات كبيرة في مطاردة المزورين، ولو خارج الحدود الوطنية، إلاّ أن ثمة اعتقاداً قوياً بأن "فن التزوير" حقق هو الآخر اختراقات كبيرة لانظمة الحماية. ويقول خبراء في طباعة النقد، ان الخطر يتسع كلما تقدمت التكنولوجيا، في اشارة مباشرة الى قيام مافيات التزوير باستخدام احدث التقنيات وأكثرها تطوراً لتنفيذ عملياتها، ما جعل التمييز بين الاوراق الحقيقية والاوراق المزورة، مسألة في غاية الصعوبة، حتى بالنسبة الى المصارف وشركات الصرافة التي تضطر في حالات كثيرة الى تحمل الخسائر الناتجة عن عجزها عن اكتشاف الدولارات المزيفة. وفي حين يقول خبراء المباحث الاميركية انهم نجحوا في تعطيل غالبية عمليات التزوير التي حصلت داخل الولاياتالمتحدة، فإن ثمة توافقاً على أن شل عمل المزورين في الخارج اكثر صعوبة، خصوصاً في الدول التي تعاني من اضطرابات امنية وسياسية، ومن تقلص رقعة تطبيق القوانين. وكانت واشنطن نجحت في اقناع العواصم الاوروبية بتطبيق اجراءات اكثر تشدداً لمكافحة عمليات تزوير العملة، إلاّ أنها فشلت في تحقيق مثل هذا النجاح في مناطق أخرى، مثل اوروبا الشرقية والشرق الاوسط، وحتى في روسيا ودول الكومنولث الجديد، اذ غالباً ما يستفيد المزورون في هذه المناطق من محدودية كفاءة الاجهزة الحكومية، الى جانب استفادتهم الاساسية من حالات الفوضى وتدني هيبة السلطات الرسمية. ودفع هذا النجاح المحدود السلطات النقدية الاميركية الى إدخال تعديلات تقنية على ورقة المئة دولار، عن طريق ادخال خطوط معدنية بالغة الدقة فيها، إلاّ أن مسؤولي النقد في واشنطن يقولون ان هذا الاجراء لن يكون كافياً لمواجهة مخاطر المستقبل، في اشارة مباشرة الى عمليات التجميل، التي قررت السلطات الاتحادية تنفيذها تباعاً على جميع الفئات النقدية، بدءاً من فئة المئة دولار التي ستتم زيادة مساحة الصورة الرئيسية صورة بنيامين فرانكلين بنسبة 50 في المئة، الى جانب تحريكها ضمن حدود دنيا الى اليسار. كما ستشتمل عمليات التجميل على إدخال تعديلات اساسية على الصورة المائية الجديدة التي ستكون في الجزء الاسفل من الجهة اليمنى للورقة، اضافة الى ادخال خيوط على سائر الفئات باستثناء ورقة الدولار الواحد التي ستبقى من دون خيط لقطع الطريق على عمليات غسلها واعادة تحويلها الى ورقة اعلى. وإذا كان الخبراء الاميركيون متفائلين، الا ان استمرار التقدم التكنولوجي معناه ابقاء سيف التزييف مسلطاً، وهو ما يشكل الثغرة الأساسية في حائط الدفاع عن الورقة الخضراء.