أنتج الشطر الشرقي من المانياألمانياالشرقية سابقاً في العام الماضي نصف ما استهلكه. كما ان معدلات البطالة فيه لا زالت أعلى بصورة واضحة عما هي عليه في الشطر الغربي، من هذا البلد الذي انتظر 40 سنة لاعادة توحيد جناحيه. ومن غير الصعب، لا بل من السهل جداً رؤية الفارق الكبير بين "الالمانيتين" على رغم الموازنات الهائلة التي خصصتها بون لاعادة تجديد الآلة الصناعية في المناطق الشرقية من المانيا الواحدة، وغالباً ما يتجلى هذا الفارق في استمرار عشرات المصانع القديمة المتوقفة عن العمل، والسيارات القديمة، والسلع ذات النوعية المتدنية التي تبيعها غالبية المتاجر شرقاً. ومع ذلك، وعلى أهمية المشاكل الاقتصادية والتنموية التي يعاني منها "الاقتصاد الشرقي"، فإن ثمة مؤشرات واضحة الى أن معجزة اقتصادية باتت على الطريق، وهي معجزة قد لا تضاهيها الاّ المعجزة التي حققها الشطر الغربي بعد الحرب العالمية الثانية، واستطاع ان يجعل من اقتصاده الوطني في اقل من اربعة عقود احد اقوى الاقتصادات العالمية. وحسب الارقام والتوقعات التي اعدتها وزارة الاقتصاد الالمانية، فإن النمو الذي من المقدر ان يحققه الشطر الشرقي هذا العام قد يرتفع الى 7.5 في المئة، في مقابل 7.1 في المئة العام الماضي، ما يجعل المناطق الشرقية من اكثر المناطق الاوروبية نمواً اقتصادياً، في مقابل 1.5 في المئة متوسط النمو في دول اوروبا الغربية. الى ذلك، أظهرت ارقام طلبات التصنيع الجديدة زيادات واضحة بلغت 16 في المئة بالمقارنة مع الطلبات التي أمكن تسجيلها للفترة نفسها من العام الماضي، خصوصاً في قطاع البناء لتلبية الزيادة المحققة على المنازل الجديدة. اما المؤشرالاكثر اهمية فهو توالي تدفق الاستثمارات الخاصة الى الشطر الشرقي، اذ يقدر ان تصل في نهاية العام الجاري الى 160 بليون مارك. وهو رقم يزيد بنسبة 15 في المئة عما حققه العام الماضي، ما يعتبر من الاسباب التي ستساعد على ايجاد مزيد من فرص العمل، واطلاق آلاف المشاريع الجديدة التي تحاول الافادة من الحوافز المتوافرة في الشطر الشرقي، ومن استمرار توافر العمالة الماهرة بكلفة متدنية نسبياً. بعض الالمان يربط بين "تواصل المعجزة" الاقتصادية في الشطر الشرقي من البلاد ومسعى المستشار هلموت كول الى التجديد لنفسه ولحزبه في الانتخابات المقبلة، في تشرين الاول اكتوبر المقبل، وقد لا يكون هذا الكلام بعيداً عن الحقيقة، الاّ أنه لا يلغي الواقع الذي تحقق في أقل من 4 سنوات، وهو ان "معجزة اقتصادية" بدأت وهي على الطريق الى ان تستكمل في خلال السنوات القليلة المقبلة، فالتدفقات الاستثمارية متواصلة، والقسم الاهم من الاستثمارات الحكومية يتركز في المانيا الجديدة، وثمة من يقول ان عملية الاندماج بين الاقتصادين على رغم استمرار الفارق الواسع بينهما حتى الآن، على الطريق، وقد تتحقق في فترة قياسية تقل كثيراً عما كان مقدراً لها عند سقوط حائط برلين.