أظهرت دراسة اقتصادية أعدها خبراء لمناسبة مرور عقدين على سقوط جدار برلين وإقامة الوحدة الألمانية، أن اقتصاد شرق البلاد لا يزال، على رغم التقدم الذي شهده في السنوات العشرين الماضية، متأخراً جداً عن شطرها الغربي، ويحتاج تالياً إلى وقت طويل لتحقيق تعادل نسبي. وإذا كانت المقارنة مع اقتصاد ألمانيا الديموقراطية السابقة أو مع اقتصاد بولندا وتشيخيا وغيرهما من الدول الشرقية، تظهر أن شرق ألمانيا حقق ازدهاراً مرموقاً وارتفاعاً في الدخل وتحسناً كبيراً في البنية التحتية، إلا أن المقارنة مع اقتصاد غرب البلاد تشير إلى أن الفوارق «لا تزال أكبر مما يعتقد» على حد ما تضمنته الدراسة التي وضعها معهد البحوث الاقتصادية في ميونيخ «إيفو». وأوضحت الدراسة التي أشارت إليها النشرة الاقتصادية الشهرية الأخيرة لغرفة التجارة والصناعة العربية - الألمانية في برلين، إلى أن إنتاجية المواطن الشرقي حالياً لا تتجاوز وسطياً 71 في المئة من إنتاجية المواطن الغربي، وأن معدَّل البطالة في الشرق لا يزال ضعف معدله في الغرب تقريباً بحسب ما أشارت إليه الإحصاءات الأخيرة (12،3 في مقابل 6،9 في المئة). ومقارنة مع الشركات الألمانية الغربية الضخمة والعملاقة، تبدو الشركات العاملة في الولاياتالشرقية صغيرة الحجم وغير مهيأة لتصدير إنتاجها. إضافة إلى أنها لا تمارس التطوير والبحوث العلمية إلا في إطار محدود، علماً أن خُمْسَ الطلب الداخلي في الشطر الشرقي لا يزال تُموَّله الدولة والاتحاد الأوروبي، وصناديق اجتماعية. وبلغ التمويل خلال العقدين الماضيين مئات بلايين اليورو. وكما ذكر خبير المعهد يواخيم راغنيتز، استنتجت الدراسة «أن النمو الاقتصادي الحاصل شرق البلاد، لا يحصل بقدرات ذاتية حتى الآن». وبحسب الدراسة أعلاه ارتفع متوسط دخل المواطن الألماني الشرقي من بين 1991 و2007 من 60 إلى 79 في المئة تقريباً من متوسط دخل المواطن الألماني الغربي، بفضل الدعم الذي أمنته الدولة طوال هذه المدة بتخصيص قسم من الضرائب العامة أو من التحويلات المالية للولايات الخمس الجديدة تحت شعار «إعادة إعمار الشرق». وتزيد التقديمات الاجتماعية التي يحصل عليها المواطن الشرقي 20 في المئة عن التقديمات التي يتلقاها المواطن الغربي، فيما تنخفض ضريبة الدخل 50 في المئة. واقترح معهد «إيفو» في دراسته على الدولة ألا تحدد حجم استثماراتها في الولاياتالشرقية بعد الآن تبعاً لمجمل الاستثمارات المخصصة للبلاد، لأن ذلك أدى في الماضي، بحسب رأيه «إلى تركُّز رأس المال في قطاعات محددة»، بل الأفضل أن تربط الاستثمارات بعدد فرص العمل التي تؤمنها الشركات. وقال الخبير راغنيتز إن هذا الأمر يساعد على مكافحة البطالة التي لا تزال مرتفعة في شرق البلاد. ويأمل خبراء ومسؤولون ألمان، بأن تتمكن الولاياتالشرقية الخمس من النهوض وحدها عام 2019 عندما ينتهي مفعول «عقد التضامن مع الشرق» الذي وقع قبل عشرين سنة. وتأمل الحكومة الألمانية أيضاً في أن تصبح هذه الولايات بعد عقدٍ في مستوى الولاياتالغربية الأقل تطوراً في ألمانيا مثل ولاية شليسفيك هولشتاين التي تشكل إنتاجية المواطن فيها 80 في المئة من إنتاجية الولاياتالغربية.