صادق مجلس النواب المغربي بالاجماع على الغاء اكثر القوانين المغربية صرامة ضد الحركات الاحتجاجية من تظاهرات واضرابات وتوزيع منشورات، وهو القانون الصادر في 29 حزيران يونيو 1935، لمواجهة حركة المقاومة ابان عهد الحماية الفرنسية، وظل ساري المفعول طوال 38 عاماً بعد الاستقلال. وينظر الى قرار الغاء القانون الذي تعثر عند عرضه عامي 1978 و1984، على انه بداية انفراج حقيقي بين الحكومة والمعارضة، لا سيما ان المجلس صادق ايضاً على عدد من مشاريع القوانين المتعلقة بالقضاء والعدل وتشجيع تشغيل العاطلين الشباب ومساعدتهم. فيما اعتبرته المعارضة "تطوراً مهماً" في التشريع المغربي و"خطوة في الاتجاه الصحيح لاقرار حق التعبير، بما فيه التظاهر ونشر الرأي". وفي كل الاحوال لا تبدو مشاريع القوانين التي جرى التصديق عليها، مجرد لفتات بعد فترة قصيرة من تولي الدكتور عبداللطيف الفيلالي رئاسة الحكومة، بل تحديد مسار جديد يصعب التراجع عنه، في وقت تتجه المعارضة وجمعيات حقوقية الى تشديد ضغوطها لاطلاق من تسميهم المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، والكشف عن مصير المختفين، وعودة المنفيين، والتراجع عن الاجراءات الانتقالية، ومراجعة القوانين المنظمة للسجون، وتحديث البيئة القانونية بما يعزز ضمانات الحريات الفردية وحقوق الدفاع وفق المعايير الحقوقية الدولية. وكانت أربع جمعيات لحقوق الانسان في المغرب اصدرت قبل فترة نداء بمشاركة نقابة المحامين المغاربة يدعو الى الافراج عن جميع المختفين واتخاذ الاجراءات الملائمة لوضع حد نهائي لظاهرة الاختفاء القسري، واصدار عفو شامل عن جميع معتقلي الرأي الذين صدرت في حقهم احكام في قضايا ذات طابع سياسي وجميع اللاجئين لأسباب سياسية او نتيجة لآرائهم، كما دعا الى رفع كل القيود عن ضحايا الاختفاء والاعتقال والنفي التي تحول دون ممارستهم لجميع حقوقهم المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وهي اشارة الى سكان المغرب الاصليين من الامازيغ، حيث تزامن صدور النداء مع محاكمة عدد منهم من جراء رفعهم شعارات باللغة البربرية في احتفالات عيد العمال الأخير. وعلى رغم التقدم الذي عرفه مجال حقوق الانسان في المغرب منذ 1990، بتشكيل "المجلس الاستشاري لحقوق الانسان" واجراءات العفو التي طالت حوالى 300 من المعتقلين، فضلاً عن احداث حقيبة وزارية لحقوق الانسان، أكدت هذه الجمعيات استمرار القيود التي تحد من الحريات الأساسية ومن التمتع بالحقوق الفردية والجماعية، سواء على مستوى المعايير القانونية او على مستوى الممارسة، وأشارت في هذا الصدد الى محتجزين لم يطلق سراحهم او توفوا اثناء فترة اعتقالهم، والى اختفاء آخرين في ظروف غامضة، كما اوردت قائمة تضم 348 من بقايا المعتقلين اثر احداث 1981 و1984 و1990 و1993 ولم يطلق سراحهم حتى الآن. ومن الواضح ان الحكومة المغربية عازمة على تنفيذ برنامجها. وتجدر الاشارة الى ان الدكتور عبداللطيف الفيلالي اكد امام مجلس النواب ضرورة معالجة المشاكل والقضايا الأساسية المطروحة، خصوصاً الادارة والقضاء، وذلك في اطار وفاق وطني مبني على الحوار. ويمكن الافتراض ان مصادقة المجلس، للمرة الأولى، بالاجماع على الغاء قانون 1935 هو بمثابة نقطة التحول في علاقة الحكومة بالمعارضة، وتدشين فعلي لمرحلة الوفاق بينهما.