مؤشرات الانفراج في الجزائر في ارتفاع ملحوظ منذ مجيء حكومة السيد مقداد سيفي التي استقبلتها المعارضة الوطنية والاسلامية بارتياح واضح. ومصدر هذه البوادر الانفراجية ان السلطة الجزائرية الجديدة، بقيادة الرئيس زروال، تبدي عزماً واضحاً على دعم مسار السلم المدني وتوفير الشروط الموضوعية لحوار جاد ومصالحة وطنية حقيقية. ولقي هذا العزم تجاوباً ملموساً من جبهة الانقاذ ممثلة في الشيخين علي جدي وعبدالقادر بوخمخم، اللذين أثمرت مساعيهما مع "الحركة الاسلامية المسلحة"، "هدنة فعلية"، يعبر عنها الهدوء النسبي الذي تعيشه الجزائر منذ رحيل حكومة رضا مالك وتراجع "الحل الأمني". ومن المتوقع ان يشجع هذا الاتجاه السلطات الجزائرية على اتخاذ اجراءات جديدة، حيث تتردد معلومات عن إفراج قريب عن الشيخ عباسي مدني ورفاقه، وعن رفع حظر التجول المفروض على عشر ولايات محيطة بالعاصمة ابتداء من حزيران يونيو المقبل. وأكد رئيس الحكومة من جهة اخرى، في أول حديث صحافي له، ان السلطة القائمة على أتم الاستعداد لتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية قبل نهاية الفترة الانتقالية، اذا كانت الظروف تسمح بذلك. ومعلوم أن هناك إجماعاً في أوساط المعارضة على تقليص الفترة الانتقالية الى سنة ونصف السنة او سنتين على أبعد تقدير. والملاحظ أن الطمأنينة بدأت تعود الى المواطن العادي، ففي عطلة عيد العمال خرج سكان العاصمة، على غير عادتهم، بكثافة الى الروابي المجاورة للمدينة للتمتع بقدوم الربيع. ومن المؤشرات الايجابية ايضاً ارتفاع سعر العملة الوطنية في السوق الحرة، حيث استعاد الدينار حوالي 40 في المئة من قيمته مقارنة بالفرنك الفرنسي. فقد بلغ سعر الفرنك الواحد - قبل شهر - 19 ديناراً، فأصبح لا يتجاوز 12 ديناراً حوالي ضعف السعر الرسمي. وتصب المؤشرات الدولية في الاتجاه نفسه، بعد ان لقي قرار الجزائر باعادة جدولة ديونها 26 مليار دولار ارتياحاً في الأوساط المالية، سواء في واشنطن أو في باريس أو في بروكسيل.