"الحوار من أجل المصالحة الوطنية" هو رغبة المواطن الجزائري العادي، كما عبر عنها يوم 8 أيار مايو الجاري في مسيرات صامتة، شملت مدناً رئيسية مثل العاصمة ووهران وقسنطينة وورقلة. الهدف الأول لهذه المسيرات التي شارك فيها آلاف المواطنين هو اعطاء دفع جديد لمسيرة "الحوار الجاد" حسب لغة الرئيس الجديد، بعد أن ظل يراوح مكانه بفعل التأثير المزدوج للحملات السياسية والاعلامية التي يشنها خصوم الحوار والمصالحة من جهة، و"التحفظات الجدية" من قبل بعض الدوائر الأمنية من جهة ثانية. ويسجل المراقبون ان الرئيس زروال، بعد أكثر من ثلاثة اشهر على تعيينه على رأس الدولة، لا يزال يواجه صعوبات واضحة في احداث التغيير. فالحكومة الجديدة والتغيير الأخير على رأس الجيش اظهر مرة اخرى، ان "منطق مِنّا وإلينا"، ما زال سائداً من دون منازع. ومن أبرز مظاهر هذا المنطق ابقاء المناصب الحساسة في الدولة والجيش بيد فئة قليلة من كبار الضباط والمسؤولين، تتناوب عليها من دون غيرها. ولعل هذا ما يفسر ان دار لقمان ما زالت على حالها منذ وقف المسار الانتخابي مطلع 1992، على رغم اقالة الرئيس بن جديد، ومجيء بوضياف ثم اغتياله وأخيراً انهاء مهام "المجلس الأعلى للدولة" وتعويضه بالرئيس زروال في 31 كانون الثاني يناير الماضي. وقد يتغلب هذا المنطق في نهاية الأمر على نزعة التغيير والتجديد لدى زروال، ومن ثمة قد يلاقي "الحوار الجاد" الذي يدعو اليه المصير نفسه الذي لقيه حوار الرئيس كافي قبله. هذه الهواجس الجدية دفعت أنصار الحوار الى تنظيم المسيرة بهدف دفع زروال الى المضي قدماً في "الحوار من دون اقصاء" وهو الشعار الذي حمله مذ كان وزيراً للدفاع.