احتفلت الحركة البربرية في 20 نيسان ابريل الماضي بالذكرى 14 لپ"الربيع الامازيغي" الذي يؤرخ لميلاد الحركة، في أعقاب حوادث دامية عاشتها مدينة تيزي وزو وضواحيها عام 1980. وقد تلا هذه الحوادث انعقاد "مؤتمر ياكورن" الذي وضع الأرضية الأساسية لنشاط الحركة البربرية ومبادئها وأهدافها. ومن هذه الاهداف: "جعل اللغة الامازيغية في مستوى اللغة العربية". وكانت تلك المرة الأولى التي تظهر فيها الحركة البربرية بمثل هذه الاطروحات الثقافية. والجدير بالملاحظة في هذا الصدد ان "جبهة القوى الاشتراكية" التي انشأها الزعيم القبائلي حسين آيت احمد أحد "الزعماء الخمسة" المشهورين في خريف 1963، كانت حركة محض سياسية، ولم يكن برنامجها الاصلي يتضمن أية إشارة الى مثل هذه المطالب الثقافية. لكن بعد فرار حسين آيت أحمد من سجن الحراش في أيار مايو 1966، وبصفة خاصة بعد تأسيس "الأكاديمية البربرية" في باريس سنة 1967 بدأ الطابع الثقافي للحركة البربرية يتبلور شيئاً فشيئاً، الى أن برز أخيراً في شعارات مثل "نحن لسنا عرباً" و"الأمازيغية لغة وطنية ثانية". وتعتبر الظاهرة البربرية في الجزائر ظاهرة قبائلية أساساً: أي منطلقها منطقة محددة هي المنطقة الجبلية المعروفة بمنطقة "القبائل" الواقعة على بعد 100 كلم شرق العاصمة الجزائرية: وقد بذلت عناصر الحركة البربرية وما زالت جهوداً حثيثة منذ أقرار الديموقراطية والتعددية السياسية والحزبية بهدف إخراجها من "الغيتو القبائلي" حسب تعبير رئيس حكومة سابق، لكن نتائج الانتخابات المحلية عام 1990 والانتخابات التشريعية عام 1991، بينت ان إشعاع الحركة لا يزال يتركز في ولايتي تيزي وزو وبجاية. بل انها تواجه منافسة قوية في منطقة القبائل ذاتها من طرف جبهة التحرير الوطني والحركات الاسلامية بدءاً بجبهة الانقاذ... فقد فازت جبهة التحرير في انتخابات 12 حزيران يونيو 1990 بمجلس مدينة بجاية وعضّ أنصار الانقاذ أصابعهم بدائرة بني اوريتلان لأن حسين آيت أحمد فاز بمقعدها في انتخابات 26 كانون الأول ديسمبر 1991. وتفسر "الظاهرة البربرية" القبائلية أساساً بعدة تفسيرات أهمها: - التعلق "بالهوية البربرية" ورفض الذوبان في المحيط العربي الاسلامي الذي شكل ويشكل الامتداد الثقافي والحضاري والطبيعي لأغلبية الجزائريين. - رد فعل على ظاهرة التعريب التي شملت منذ الاستقلال التعليم في كل مراحله وبدأت تمتد الى مجالات الادارة والتسيير. وهذا يحول التحرك البربري الى نوع من الحماية لموقع اللغة الفرنسية بالجزائر، لغة الادارة والاقتصاد والمالية الخ. ويتنازع الحركة البربرية تياران: - تيار نخبوي يتنافس على قيادته كل من حسين آيت أحمد وسعيد سعدي، يريد ربط الحركة بالمجال الثقافي الفرنكوفوني. - تيار شعبي تتبناه كل من جبهة التحرير والحركات الاسلامية ويريد للحركة ان ترتبط بالمجال الثقافي العربي الاسلامي: من علامات هذا التنازع الاختلاف حول الحروف التي ينبغي ان تكتب بها "اللغة الامازيغية" فالتيار الأول يعمل على رسمها بالحروف اللاتينية، بينما يحرص التيار الثاني على كتابتها بالأبجدية العربية. ويقول كمال داود الأمين العام بالنيابة لجبهة القوى الاشتراكية لپ"الوسط" "ان الهوية الجزائرية مركبة من العروبة والاسلام والامازيغية وهي في البلاد كلها وليست في ناحية معينة ولكن الحكم الذي سير البلاد منذ 1962 لم يعترف بكل مكونات الهوية الجزائرية فقد اعترف بالعربية والاسلام وبتر الامازيغية. ويجب ان تكون الشخصية الجزائرية كاملة لكل الجزائريين دون اقصاء وبالتالي على الحكم ان يعترف بالامازيغية كلغة وطنية ورسمية وان يترجم اعترافه هذا بشكل ملموس". ويقول داود ان منطقة القبائل هي جزء من تراب الوطن ومشاكلها تشبه بقية مشاكل الجزائر، ولكن الناس هناك لديهم ثقافة ديموقراطية قديمة. ويضيف: هناك في منطقة القبائل رفض للأصولية والتطرف ولكن المنطقة هي منطقة مسلمة ويوجد في تيزي وزو اكبر عدد من المساجد على المستوى الوطني. تخضع المناطق البربرية في الجزائر لتجاذب كبير بين تيار يعبر عنه الدكتور سعيد سعدي رئيس "التجمع من اجل الثقافة والديموقراطية" الذي يدعو الى مقاومة الاسلاميين بالسلاح، وتيار اكثري يُعبّر عنه السيد حسين آيت احمد رئيس "جبهة القوى الاشتراكية" الذي يطالب بالمصالحة الوطنية ويرفض جر البربر الى مواقف متطرفة. فهل تمارس المناطق القبائلية رقصة الحرب مع سعيد سعيدي ام تنتظر بهدوء وعقلانية مع حسين آيت أحمد؟ لم يكن اهالي تيروردة يعتقدون ذات يوم بأن قريتهم النائية في منطقة القبائل الكبرى في تيزي وزو ستكون حديث وسائل الاعلام. لا شيء يستحق الذكر في هذه القرية. ولم يُعقد فيها في نهاية ذلك الأسبوع من شهر تشرين الأول اكتوبر الماضي اي لقاء سياسي مهم ليستدعي الاشارة او الحديث الاعلامي. ليس في القرية مركز عسكري ليُستهدف طرف من الجماعات الاسلامية المسلحة والمنظمة في اطار عصابات مقاتلة. وهي ليست مقراً للاسلاميين لتستهدفها قوات الجيش النظامي. كل ما في الأمر ان المسلحين يعاونهم أفراد من البربر الاسلاميين سيطروا على القرية في احدى الليالي وانتزعوا من اهلها بنادق الصيد الشخصية ووجهوا الى بعضهم اهانات، ووعدوهم قبل ان ينصرفوا بالعودة ثانية اذا أبدوا تعاطفاً مع الدولة. وعلى رغم ان المهاجمين لم يقتلوا احداً من أبناء القرية، الا ان اهاليها شعروا بالخوف وتساءلوا عما يجب عمله. لم تكن حادثة تيروردة الأولى من نوعها، فقد وقعت حوادث ضئيلة في قرى بربرية هنا وهناك كانت كافية في نظر سياسي جزائري مقيم في باريس، لعقد لقاء عام لممثلي القرى البربرية في بلدة إيفرهونان تدارس فيه المجتمعون سبل حماية قراهم والدفاع عنها في مواجهة حوادث اخرى. وشكلوا لهذه الغاية لجاناً مدنية للدفاع الذاتي تتولى المراقبة الليلية وتُنبِّه السكان لئلا يؤخذوا على حين غرّة كما حصل من قبل. ويروي السياسي نفسه لپ"الوسط" ان الاهالي رفضوا عرضاً من الجيش تزويدهم السلاح لردع المهاجمين المحتملين بوسائل عسكرية، ظناً منهم ان هذا الأمر يجعلهم هدفاً سهلاً للمسلحين المتمردين الذين يبحثون عن السلاح، وعن المتعاونين مع الجيش النظامي ايضاً. وكان هذا الرفض تعبيراً عن عدم وجود نية لديهم للانخراط في المواجهة المسلحة التي تخوضها الدولة ضد الاسلاميين المسلحين. اما الحكومة التي كان يرأسها السيد رضا مالك في حينه فكانت راغبة في دفع القرويين البربر الى هذه المواجهة لأسباب عدة. منذ ذلك التاريخ لم تُسجّل حوادث هجوم على قرى بربرية في منطقة القبائل الصغرى بجاية او منطقة القبائل الكبرى تيزي وزو، والعمليات العسكرية التي نفذها الاسلاميون وهي ضئيلة كانت محصورة بأهداف تقليدية درجوا على استهدافها من دون ان يعني ذلك ان مناطق البربر ظلت بكاملها محايدة في الصراع بين الدولة والاسلاميين المسلحين. الواحة البربرية مهددة شهدت الفترة الفاصلة بين تشرين الأول الماضي وتاريخ التصعيد السياسي الذي ترافق مع الاحتفال بالذكرى الپ14 للربيع البربري الامازيغي في 20 نيسان ابريل الماضي احتفال سنوي بذكرى احداث تيزي وزو وانتفاضة القبائل عام 1980، نشاطات سياسية سلمية ندوات، اعتصامات، اضرابات نظمها انصار الدكتور سعيد سعدي للمطالبة برفض اي مصالحة مع الاسلاميين ورفض الارهاب ووصف الدولة في خطبه الأخيرة بحاضنة التيار الأصولي ودعا الى اسقاطها. في هذا الوقت كانت المناطق البربرية تحولت الى ملاجئ آمنة للباحثين عن السهر ومستلزماته بعيداً عن عيون الاسلاميين. فهذا النوع من النشاطات بات متعذراً في العاصمة والمدن الكبرى الأخرى التي تعيش لياليها في ظل الخوف وأعمال الدهم من طرفي المواجهة. لكن "الواحة البربرية" في الحرب الدائرة في الجزائر حيث يسود نوع من الأمن الثابت نسبياً صارت مهددة بالتحول الى مسرح حربي شبيه بالمسارح الاخرى، بسبب الضغوط التي يتعرض لها البربر من اتجاهات مختلفة بربرية وغير بربرية من اجل الانخراط في الحرب. مثقف بربري التقته "الوسط" في باريس لفت الى ان حوادث الاغتيال التي طاولت جزائريين منذ كانون الثاني يناير الماضي وحتى الآن - وهي الفترة التي تسلم فيها الرئيس الحالي الأمين زروال السلطة - استهدفت بأكثريتها الساحقة عناصر بربرية وأخرى تنتمي الى غرب الجزائر. ويرى المثقف الذي رفض الافصاح عن هويته، ان خريطة الاغتيال التي يصعب التحقق من المسؤولين عنها، تذكر بالانقسام المثلث المعروف تقليدياً في الجزائر بين كتل جغرافية ثلاث هي: الشرق والقبائل والغرب. ويعتقد ان هذه الاغتيالات قد تكون من بين وسائل الضغط المستخدمة لحمل التيار البربري على الانخراط في المواجهة. هذا الكلام قد لا يكون بعيداً عن تصريحات نارية أدلى بها اخيراً الدكتور سعدي ودعا فيها الى المقاومة المسلحة ضد الدولة والاسلاميين في آن. وقال ان اللعبة الداخلية يجب أن تكون مثلثة من الآن فصاعداً بين الدولة والقبائل والاسلاميين. وقال سعدي في مقابلة شهيرة نشرتها جريدة "لوفيغارو" الفرنسية 30 - 3 - 94 ان "البربر" فهموا ان عليهم ان يتولوا حماية انفسهم بوسائلهم الخاصة، وان "مجموعات مسلحة ظهرت للدفاع الذاتي ضد الاصولية، وليس لأننا ديموقراطيون لا نستطيع استعمال السلاح". وأكد في تصريحات هي الأولى من نوعها انه يعرف "موظفين كباراً وعسكريين وديبلوماسيين يؤيدون فكرة المقاومة" المسلحة للتيار الأصولي. وجدد مطالبته بالعلمانية في الجزائر وعدم ايمانه بالحل التفاوضي، واعتبر نفسه مقاوماً "بفعل الأمر الواقع". ودعا فرنسا الى دعم هذا التيار ما دام أن "طهران تتحالف مع الاسلاميين" الجزائريين على حد تعبيره. وكان "التجمع من اجل الثقافة والديموقراطية" الذي يرأسه سعدي حمل بعنف على الحكومة الجديدة التي عيّنها الرئيس زروال بعد اقالة رضا مالك ووزير داخليته سليم سعدي، وهما من ابرز حلفاء التيار الداعي الى "سحق الاسلاميين". وقال سعدي ان تعيين الحكومة الجديدة أصابه بپ"الذعر والذهول"، خصوصاً لجهة دعوتها الى المصالحة الوطنية مع التيار الاسلامي المسلح. ولعل التيار العلماني والفرنكوفوني الجزائري بكامله يؤيد مواقف سعدي في هذا المجال ويجد في الجماعات البربرية تأييداً ما زال محدوداً حتى الآن. دوافع عسكرية واقتصادية ليست "المصالحة الوطنية" وحدها الدافع الى انتقال الدكتور سعدي من دعم النظام الى الانقلاب عليه، فالأطراف التي كان يرتكز اليها في دعمه النظام بدأت مواقعها تضعف في ضوء معادلة القوى الجديدة حول الرئيس زروال. ويُستفاد من المؤشرات القليلة الواردة من الجزائر ان ممثلي التيار البربري في قيادة الجيش، وهما الجنرال محمد تواتي والجنرال محمد مديان المعروفان بتشددهما ضد الأصولية وبرفضهما المصالحة مع الاسلاميين، قد أصبحا يمثلان اقلية في القيادة التي صارت تميل الى المصالحة الوطنية بعدما جربت الحلول الامنية في السنتين الماضيتين. ومعروف ان تقاليد التضامن داخل الجيش وتماسك النواة العسكرية التي يتمحور حولها لا تسمح بانشقاقات عسكرية، لكن ذلك لا يعني ان العسكريين يمتنعون عن التعبير عن مواقفهم من خلال اطراف مدنية، كما هي الحال بالنسبة الى الدكتور سعدي الذي كثيراً ما استند في قوته الى كتلة الحسم العسكري والحل الامني في الجيش، حتى بات يُقال عنه انه من انتاج هذه الكتلة. ومن بين الدوافع الاخرى الى انشقاق سعدي عن النظام الحالي، مشاريع الرئيس زروال التي تشكل تهديداً جدياً للكتلة الاقتصادية التي يستمد منها بعض قوته. فهذه الكتلة ستتعرض لهزات حقيقية بعد الاجراءات الليبيرالية التي ستعتمدها الحكومة تنفيذاً لتعليمات صندوق النقد الدولي بعد الاتفاق الاخير الموقّع بين الطرفين. يُضاف الى ذلك استياء النقابات وهي من بين حلفاء سعدي، من الاصلاحات الاقتصادية التي ستهدد حتماً القوة الشرائية للنقابيين. وإذا اضيفت هذه الدوافع الى الموقف الفرنسي الذي لم يعبّر حتى الآن عن حماسته الشديدة الى مشروع "المصالحة الوطنية" الذي يرعاه الرئيس زروال، فانه سيصبح مفهوماً سبب انتقال الدكتور سعدي من التأييد المطلق لمشروع النظام الجزائري والحكومات السابقة، والقاضي باعتماد الحل الامني في مواجهة التيار الاسلامي الى القطيعة المطلقة مع هذا النظام الذي بات مقتنعاً بالحوار مع الاسلاميين. فهل يؤدي هذا الانتقال الى المعارضة، او المعارضة المسلحة في أسوأ الحالات الى قلب المعطيات في المناطق البربرية وخلط أوراق اللعبة برمتها وبالتالي الى انشقاق المناطق القبائلية عن الجزائر؟ آيت أحمد هو القطب للاجابة عن هذا السؤال لا بد من الرجوع الى الوراء للاشارة الى انن سعدي ليس لاعباً منفرداً في المناطق القبائلية، فهو لم يتمكن في الانتخابات النيابية من ايصال اي نائب الى البرلمان، في حين استطاعت "جبهة القوى الاشتراكية" التي يرأسها السيد حسين آيت أحمد ان تشكل قطباً نيابياً ثالثاً بعد جبهة الانقاذ الاسلامية وجبهة التحرير الوطني. وبدا الزعيم التاريخي للثورة الجزائرية الناطق الفعلي باسم التيار البربري، وهو كان في طليعة الداعين الى عدم الغاء نتائج الانتخابات النيابية ولم يتردد في معارضته في مناسبات عدة للنظام والحكومات الجزائرية السابقة التي أصرت على الحلول الأمنية للأزمة. وفي حين ظل سعدي في الداخل بحماية النظام، انتقل آيت احمد الى الخارج لمواصلة معارضته. ولم يتردد آيت احمد في التعبير عن مواقف مناقضة تماماً لتلك التي اتخذها الدكتور سعدي، فقد عقد مؤتمراً صحافياً في اواسط نيسان الماضي في "بيت اميركا اللاتينية" في باريس دعا فيه الى رفض الحلول المتطرفة للأزمة، وعبر عن ذلك بشعار رفعه خلال المؤتمر: لا لدولة بوليسية اي الحل الأمني لا لجمهورية اصولية الحل الاسلامي. لا للحرب الأهلية اي الدعوة الى المقاومة الشعبية المسلحة التي يرفع لواءها التيار العلماني الفرنكوفوني. وقال ان حركته تدعو الى وصل الجسور بين الجزائريين و"عدم دفعهم الى الاقتتال وتأليبهم بعضهم على بعض"، في اشارة واضحة الى دفع التيار البربري الى الانخراط في الحرب ضد الاسلاميين. وتعتقد مصادر جزائرية مطلعة ان وزن آيت احمد ومواقفه العقلانية داخل التيار البربري لعبت حتى الآن دوراً حاسماً في عدم دفع هذا التيار الى أتون الحرب. ولعل ضغط آيت احمد في اتجاه المصالحة الوطنية ورفضه الغاء نتائج الانتخابات النيابية نهاية 1991، كل ذلك يجعله في موقع أفضل من الدكتور سعدي الذي يظلّ قادراً على تشكيل مجموعات مسلحة بربرية والانخراط في مقاومة مساعي المصالحة. ان هذا الخيار الذي تعززه أنباء لم تؤكد بعد عن عمليات تسليح لأنصار هذا الخيار الانتحاري، في نظر مصادر جزائرية، قد يزيد من تعقيد الأزمة ويعطي الحرب بعداً اضافياً لا تحتاج اليه الجزائر اليوم. اما انشقاق القبائل وتشكيل منطقة حكم ذاتي داخلي، فانه في نظر المطلعين على الخريطة البربرية في الجزائر، امرٌ غير واقعي وغير ممكن لأسباب كثيرة من بينها ان البربر يتوزعون في المناطق المختلفة خصوصاً في المدن الكبرى شأن وهرانوالجزائر العاصمة وهم ليسوا محصورين بجزيرة معينة كما هي حالة الكورسيكيين حتى يمكن القول بانفصالهم وإعلانهم القطيعة مع محيطهم. ولعل آيت احمد مرة اخرى، قد خبر ذلك بنفسه عندما قاد تمرداً بربرياً على الرئيس السابق أحمد بن بيلا في العام 1963. خلاصة القول ان التيار البربري في الجزائر يخضع لتجاذب قوى غير متكافئة فمن جهة يحاول الدكتور سعدي دفع هذا التيار الى ممارسة الرقص المسلح في الحرب ومن جهة ثانية يعمل آيت احمد الى تجنيب هذا التيار رقصة الموت، والرهان معقود على عقلانية بربرية كانت وما زالت حاضرة في كل المنعطفات الجزائرية الكبرى.