عادت المسألة الألمانية مداورة الى الساحة الاوروبية، من خلال علامات الاستفهام التي طرحتها الانتخابات المحلية في مقاطعة الساكس السفلى عاصمتها هانوفر الممهدة لسلسلة انتخابات تنتهي في تشرين الأول اكتوبر 1994 مع الانتخابات التشريعية العامة، حيث يلعب المستشار هلموت كول رصيده السياسي في مواجهة رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي المعارض رودولف شاربينغ. النتيجة كانت متوقعة، لجهة تجديد الثقة بالحكومة المحلية، لكنها تجاوزت التوقعات الى حد ما، لجهة تراجع الحزب الديموقراطي المسيحي الحاكم في بون، ثم فشل الحزب الليبيرالي المشارك في الائتلاف الحكومي، في اجتياز عتبة الخمسة في المئة التي تسمح له بدخول برلمان هانوفر. لكن في اطار آخر، حيث سجلت حركة الخضر تقدماً بالنسبة الى الاقتراع السابق في العام 1990، فان الحركات الهامشية الصغيرة والحديثة المنشأ التي جعلت من معارضة الاتحاد الأوروبي وأي مشروع نحو صيغة فيديرالية، برنامج العمل الرئيسي، سجلت هي الاخرى نتيجة هامشية. في أيّ حال ومهما كان تأثير الانتخاب الاخير على الانتخابات اللاحقة، هناك ثوابت لا بد من التوقف عندها في مجال العمل الالماني على المستوى الاوروبي. منها ان المانيا سترأس الاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من العام الجاري، وبالتالي من المتوقع ان يركز حملته اولاً على الدور الاوروبي لألمانيا الموحدة، وثانياً على سلامة الخط الذي انتهجه قبل أربع سنوات في ادراج الوحدة الألمانية داخل المدى السياسي والاقتصادي النقدي الأوروبي. ان القناعات الاوروبية لمرشح الحزب الاشتراكي الديموقراطي للمستشارية تلتقي في الجوانب الرئيسية مع قناعات المستشار الحالي، وبالتالي فان عودة خلفاء ويلي برانت وهلموت شميت لن تؤثر على الخط العام لسياسة بون - برلين - فرانكفورت، لا من الناحية الأوروبية، ولا من الناحية الاطلسية، حسب مداخلات قام بها اخيراً شاربينغ. يبقى ان احتمال الغاء الحزب الليبيرالي من الخارطة السياسية، يلغي الوسط ذات التوجه الاوروبي، في كل التحالفات في المانيا منذ العام 1969، ومرة اخرى تلعب المانيا الموحدة الورقة الأوروبية، وهو الخط الذي رسمه تباعاً مستشارو المانيا الاتحادية من كونراد اديناور... الى هلموت كول.