14% نموا في أعداد الحاويات الصادرة بالموانئ    أشبال الأخضر يجتازون الكويت في البطولة العربية الثانية    ضمن منافسات الجولة ال11.. طرح تذاكر مباراة النصر والقادسية "دورياً"    محافظ محايل يتفقد المستشفى العام بالمحافظة    الابتسام يتغلّب على النصر ويتصدّر دوري ممتاز الطائرة    الحكمة السعودية الصينية تحول الصراع إلى سلام    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    حكم بسجن فتوح لاعب الزمالك عاما واحدا في قضية القتل الخطأ    وزير الرياضة يشهد ختام منافسات الجولة النهائية للجياد العربية    أمير الرياض يرعى السباق ويتوج «المنقوش» بكأس الأمير محمد بن سعود الكبير    سياسات أقطاب «النظام العالمي» تجاه المنطقة.. !    ألوان الأرصفة ودلالاتها    «الجودة» في عصر التقنيات المتقدمة !    وطنٌ ينهمر فينا    المرتزق ليس له محل من الإعراب    ختام مزاد الصقور السعودي    الإعلان عن أسماء الفنانين العالميين في «نور الرياض» ومشاركة «18» سعوديًا    الارتقاء بالتعاون السعودي - الفرنسي في العُلا لمستويات أعلى    زيلينسكي يفضل الحلول الدبلوماسية.. ومجموعة السبع تهاجم روسيا    أسعار اليوريا العالمية تتباين في أعقاب الركود وتأمين المخزون في أميركا والهند    إحباط تهريب (32200) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي في جازان    تحقيق يكشف الدهاء الروسي في أوكرانيا    أمير تبوك يطمئن على صحة الضيوفي    «إنسان».. خمس جوائز وتأهل للعالمية    المملكة تقدم مساعدات إنسانية وإغاثية ب133 مليار دولار ل170 دولة    ضبط 20124 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل    التواصل الحضاري ينظم ملتقى التسامح السنوي    "ديوان المظالم" يقيم ورشة عمل لبوابة الجهات الحكومية    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    إمام المسجد النبوي: استبصار أسباب الفلاح يؤدي إلى السعادة    المؤتمر الوزاري لمقاومة مضادات الميكروبات يتعهد بتحقيق أهدافه    اتحاد القدم يحصل على العضوية الذهبية في ميثاق الاتحاد الآسيوي لكرة القدم للواعدين    إعلان برنامج انتخابات الاتحادات الرياضية 2024 – 2028    74 تشكيليا يؤصلون تراث وحضارة النخلة    توقيع مذكّرة تفاهم بين السعودية وتونس لتشجيع الاستثمار المباشر    المملكة تتسلم رسمياً استضافة منتدى الأمم المتحدة العالمي للبيانات 2026 في الرياض    ضبط يمني في الدمام سكب الأسيد على آخر وطعنه حتى الموت    الزفير يكشف سرطان الرئة    تطوير الطباعة ثلاثية الأبعاد لعلاج القلب    القهوة سريعة الذوبان تهدد بالسرطان    قوافل إغاثية سعودية جديدة تصل غزة    مسلح بسكين يحتجز عمالاً داخل مطعم في باريس    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    خطأ في قائمة بولندا يحرم شفيدرسكي من المشاركة أمام البرتغال بدوري الأمم    حسن آل الشيخ يعطّر «قيصرية الكتاب» بإنجازاته الوطنيّة    المواصفات السعودية تنظم غدا المؤتمر الوطني التاسع للجودة    تطبيق الدوام الشتوي للمدارس في المناطق بدءا من الغد    "السوق المالية" و"العقار " توقعان مذكرة تفاهم لتنظيم المساهمات العقارية    «سلمان للإغاثة» يوزّع 175 ألف ربطة خبز في شمال لبنان خلال أسبوع    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    الأمير محمد بن سلمان.. رؤية شاملة لبناء دولة حديثة    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكويت وثمن الأمن . شروط للتعامل مع أي نظام عراقي وارتياح الى الاتفاقات الدفاعية
نشر في الحياة يوم 12 - 12 - 1994

الاجماع في الكويت على قضايا كثيرة أمر محسوم، على المستويات الشعبي والحكومي والنيابي. والاختلاف في الرأي والموقف من قضايا كثيرة محلية وخارجية أمر واضح... لكنه لا يثير مخاوف وقلقاً. انها الكويت، تعبّر عن هذا الاختلاف في العلن. في الصحف الحافلة بالآراء هذه الصحف - الاحزاب. وفي الديوانيات، هذه الصحف غير المكتوبة حيث تتفلّت الآراء على السجية بلا حسيب أو رقيب.
الاجماع يتجلى في هذا الارتياح العام بعد اعتراف العراق بسيادة الكويت وحدودها الدولية. فهي المرة الأولى منذ اكثر من 30 عاماً من النزاع بات هناك مستند عراقي واضح وموثق في الأمم المتحدة... وان كان صادراً عن نظام الرئيس صدام حسين. وان بدا أن قوى في المعارضة العراقية عاودت نغمة الحديث ان مسألة الحدود تناقش في محادثات ومشاورات بين البلدين. فمثل هذا الكلام، أياً كان مصدره "ينم عن جهل" كما قال مسؤول حكومي كبير لپ"الوسط"، فلا الكويت ولا العراق لهما الحق في اعادة النظر في المسألة بعدما تولى مجلس الأمن ترسيم الحدود.
والاجماع يتجلى في رفض التعاون والتطبيع مع النظام الحالي في بغداد، حتى وان التزم التنفيذ الحرفي لكل القرارات الدولية، وأطلق الأسرى الكويتيين. وإن بدا ان بعض الجو الدولي والعربي، يتغير تمهيداً لعودة العراق الى المنظومة الاقليمية والمنظومة الدولية.
رئيس مجلس الامة السيد أحمد السعدون قال لپ"الوسط" ان العراق سيعود مستقبلاً الى المجتمع الدولي. ولو انه نفذ قبل 3 سنوات، اثر تحرير الكويت، القرارات الدولية من تدمير اسلحة الدمار الشامل، الى الرقابة الدائمة على الأسلحة، الى الاعتراف بالكويت وسيادتها واستقلالها وحدودها... لأعطى نوعاً من الصدقية في التزاماته. لكنه كان كثير المماطلة ولم يرضخ الا بالضغوط والتهديد. لذلك كله لا يمكن الوثوق به مطلقاً.
وأضاف السعدون ان أحداً لا ينكر ان العراق جار للكويت لا يمكن تجاهله، لكن الكويتيين لا يمكن ان يتعاونوا مع نظام صدام "ولا يمكن أحداً ان يفرض عليهم التعامل معه".
مثل هذا الكلام يردده أي مسؤول، حكومي أو نيابي. ويردده كل الكويتيين. الشيخ سعود ناصر الصباح وزير الاعلام يلفت الى ان الاعتراف العراقي بسيادة الكويت جاء نتيجة ضغوط كبيرة، ما يعني غياب حسن النيات. وهذا ما يجعل الكويتيين حذرين ومشككين، حتى وان تبدل النظام في بغداد. ويذكّر بأن الكويت عانت الكثير في مسألة الحدود مع العراق، من أيام نظام عبدالكريم قاسم وحتى نظام صدام، مروراً بنظام "العارفين" عبدالسلام وعبدالرحمن، وأحمد حسن البكر.
ويعترف بأن لا بد من علاقات يوماً مع هذا الجار الكبير "لأننا لا نرغب في علاقات متوترة أبداً". وما يمكن ان يوفر مثل هذه العلاقات "نظام جديد - وليس في يدنا ان نغير النظام العراقي - يحترم مواثيقه والتزاماته، ويقيم الديموقراطية والتعددية". ويطالب المعارضة العراقية بموقف واضح من سيادة الكويت واستقلالها. وأبدى أسفاً لموقف بعض هذه المعارضة التي ترفض الاعتراف العراقي الرسمي بسيادة بلاده. وتساءل ما معنى العودة الى نغمة "المشاورات الثنائية"؟ وقال: "اننا نتشاور من زمن، والموضوع الآن غير قابل للتشاور، ان ترسيم الحدود جاء بقرار من مجلس الأمن".
وماذا بعد هذه الخطوة العراقية؟ النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد الصباح يؤكد ان مجلس الأمن يصرّ على وجوب التزام العراق تنفيذ كل القرارات الدولية وعلى وجوب تحرك من بغداد في هذا الاتجاه. وأقر في لقاء مع "الوسط" بأن ثمة خلافات بين بعض الدول و"لكن ليس على وجوب تنفيذ القرارات وإنما في التفاصيل". وكرر ان الكويت ليست مسؤولة عن بقاء نظام صدام أو رحيله بل هي "مسؤولية الشعب العراقي".
المطلب الوحيد
وأين صار التحرك الكويتي لإعادة تطبيع العلاقات مع "دول الضد"؟ اجاب الشيخ صباح "ان هذا التعبير أزيل من قاموسنا، وتقبّل شعبنا ذلك". وذكر بأن "سفارتينا موجودتان في عمان وصنعاء"، وبأن الأمير الشيخ جابر الأحمد أعلن في خطابه أمام مجلس الأمة "اننا لا نريد من احد سوى مطالبته العراق بتنفيذ القرارات الدولية". وأضاف وزير الخارجية "ما نطلبه من اخواننا في الأردن هو ان يعلنوا ذلك. وكان الاعتراف العراقي بسيادة الكويت فرصة للترحيب بهذه الخطوة ولمطالبة بغداد بتطبيق القرارات الدولية... لكنهم لم يفعلوا ذلك، للأسف". الا انه بدا واثقاً بأن المسألة "تسير بالتدريج".
وكانت احدى الصحف المحلية الكويتية أجرت حواراً مع الملك حسين، لكنه لم ينشر، خصوصاً ان بعض الصحف الاردنية واصل انتقاداته للكويت وحمل بالتحديد على رئيس مجلس الأمة الذي أعلن في احد تصريحاته "ان صدام برأسين". وشكا اكثر من مسؤول كويتي من هذه الحملات الصحافية التي تزيد من تعبئة الرأي العام الكويتي ضد الأردن. ولاحظ السعدون في لقاء مع "الوسط" انه "لم يصدر حتى الآن عن الملك حسين ما يشير الى ادانة صريحة للغزو العراقي ومطالبة بغداد بتنفيذ قرارات مجلس الأمن".
ورأى وزير الاعلام "ان المياه العربية تعود الى مجاريها وان الاجواء تنقى عندما تتخذ بعض الانظمة مواقف واجراءات من الغزو العراقي والقرارات الدولية".
واستبعد مسؤول حكومي ان يغير زعماء عرب موقفهم من الغزو العراقي، لذلك استبعد ان يقبل الكويتيون بتعزيز العلاقات معهم. وتساءل: "لماذا الاهتمام بهذه القضية؟ الاحرى بنا أن نهتم بالمحافظة على علاقاتنا مع حلفائنا الغربيين والعرب الذين وقفوا معنا".
ورفض هذا المسؤول مقولة ان الكويت تركز على حلفائها الغربيين اكثر مما تفعل مع العرب. لكنه لفت الى ان الحشود العراقية يوم السادس من تشرين الأول اكتوبر الفائت "كادت أن تنذر بتكرار الغزو ربما في السابع او الثامن من الشهر نفسه، وكان علينا التحرك سريعاً". وتساءل امام "الوسط" في اشارة الى سرعة تحرك القوات الاميركية خصوصاً: "مَن مِن العرب يملك قوة لردع صدام وقادرة على مواجهة تهديداته بالسرعة المطلوبة؟" لذلك رأى "ان الاتفاقات الامنية والدفاعية التي أبرمتها الكويت مع عدد من الدول الغربية هدفها مواجهة أي تهديد مماثل لما حصل يوم 6 أكتوبر".
الأمن الغربي
صحيح ان الاعتراف العراقي بالكويت وسيادتها واستقلالها اشاع ارتياحاً في أوساط الكويتيين وخفّف اكثر من نصف اعباء الديبلوماسية الكويتية وعملها ونشاطاتها، وانه جاء "خطوة في الطريق الصحيح" كما قالت الحكومة... إلا أن ما يعزّز اطمئنان الكويتيين هو الوجود العسكري الغربي في المنطقة.
وأكد الشيخ سعود ناصر الصباح "ان التعاون الأمني مع الحلفاء سيستمر، وهو يشمل التدريب والمناورات المشتركة مع القوات الكويتية. ولا بد من حلفاء عرب وغربيين. اذ لا يمكننا ان نعيش بأمان كدولة صغيرة في ظل المتغيرات".
وفي حين شدّد مسؤول حكومي آخر لپ"الوسط" على ان الاتفاقات الأمنية والدفاعية "مع الحفاء الغربيين لا تمس، ولا علاقة لها بمستقبل النظام في العراق"، قال السعدون: "ان الوجود العسكري الأجنبي تنتفي الحاجة اليه، إذا قام نظام ديموقراطي حقيقي في بغداد يوحي بالاستقرار".
لكن ديبلوماسياً كويتياً عتيقاً ينبّه الى ان الأمن الغربي في المنطقة "ليس أبدياً أزلياً"، مشيراً الى ان الغربيين، ولا سيما منهم الاميركيون يلحون على أهل الخليج، أي دول مجلس التعاون، لبناء قوتهم الذاتية القادرة على حمايتهم وحماية مصالحهم. ويلاحظ ان "الردع الاميركي" في الخليج موجه ضد العراق وايران ايضاً. فالاميركيون "يعتبرون هاتين الدولتين خارجتين على القانون". ولا يعني ذلك ان الكويت ملتزمة "سياسة الاحتواء" الاميركية حيال طهران، وإن بدا ان واشنطن تفضل ألا تبدي الدول الخليجية حسن نيات تجاه الجمهورية الاسلامية ما لم تتخلَ عن ايديولوجيتها الثورية، كما يقول الديبلوماسي.
ويُضيف ان العلاقة الأمنية مع الغرب، خصوصاً اميركا، تترك أثراً الى حد ما على السياسة الخارجية للكويت من دون ان يعني ذلك الفرض او التبعية. لذلك تجد الديبوماسية الكويتية نفسها ملزمة الاتصال ليس بحكومات غربية او عربية وانما بهيئات وتجمعات أهلية لشرح مواقفها التي تمليها عليها مصالحها والظروف.
وذكر مثلاً ان الكويت رفضت ان تستضيف اجتماع أي لجنة من اللجان المنبثقة من المفاوضات المتعددة الخاصة بمسيرة السلام في الشرق الأوسط. وأشار الى ان الضغط يقف عند حدود إذا كان سيؤدي الى الاخلال بالتوازن والاستقرار الداخليين.
وفي هذا المجال تبدو المواقف في الكويت مختلفة ومتباعدة... إلا انها تتفق وتجمع على ان التعامل او اقامة علاقات مع اسرائيل رهن باستكمال التسوية على جبهتي لبنان وسورية. وهذا موقف واضح وحاسم حدّده أمير الكويت عندما بادره صحافي اميركي اثر ارفضاض اجتماعه مع الرئيس بيل كلينتون، الشهر الماضي، بالسؤال عن تطبيع العلاقات بين الكويت واسرائيل. وأجابه الشيخ جابر ان الموضوع يُنظر فيه عندما تستكمل عملية السلام.
مواقف متناقضة
لكن تحت سقف هذا الموقف دارت وتدور اجتهادات وتصريحات متناقضة وصفها لپ"الوسط" الشيخ صباح الأحمد والسيد السعدون بأنها جزء من الديموقراطية "في بلد يتمتع كل فرد بحرية الكلام"، إلا انها لا تلزم الحكومة ولا تلزم مجلس الأمة.
وذكر وزير الخارجية بأن الكويت كانت أول من أعلن رفع المقاطعة عن اسرائيل من الدرجتين الثانية والثالثة اللتين لا تتعلقان باقامة صلات مباشرة مع شركات اسرائيل. "اما رفع المقاطعة من الدرجة الأولى فأمر منوط بالجامعة العربية، وسنلتزم هذه المقاطعة الى ان تنتهي التسوية على جبهتي سورية ولبنان. وهذه تشكل لنا أهمية قصوى".
ومثله علّق رئيس مجلس الأمة على الموضوع. وقال ان الدعوات الى التطبيع مع الدولة العبرية والدعوات الى رفض التسوية "تنوع معروف في الكويت". وأضاف: "الكويت لا يمكنها منع ما يجري على مستوى التسوية، ولكن لا داعي لأن تكون في مقدم الذاهبين الى التطبيع".
وكان وزير الاعلام صرح بأن على الدول العربية ان تتخذ قراراً بالتعامل مع اسرائيل قبل ان يفرض عليها هذا القرار. فيما علت اصوات نيابية محسوبة على الاسلاميين داعية الى رفض التسوية برمتها. وذهب استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت المستشار في مجلس الأمة عبدالله النفيسي الى حد انتقاد اميركا محذراً من انها تريد افتعال مواجهة مع ايران، واقترح على الكويت التحالف مع الجمهورية الاسلامية.
وعزا مراقب مستقل موقف الاسلاميين الى تراجع مواقعهم في أوساط الرأي العام "لذلك قد تكون قضية رفض الصلح والتطبيع ورقة لتحسين هذه المواقع". إلا ان أوساطهم تجد هذا الموقف طبيعياً ومنسجماً مع فكرهم، وهم يلتقون بذلك مع معظم الحركات الأصولية العربية الرافضة مبدأ التسوية مع اسرائيل.
اما وزير الاعلام الشيخ سعود فيرى ان المقاطعة العربية لاسرائيل سترفع عاجلاً ام آجلاً. ويقول: "ان مصر والأردن ومنظمة التحرير وقعت اتفاقات مع اسرائيل. لنكن واقعيين ان المعنيين وقّعوا. وإذا وقّع لبنان وسورية فلماذا ننتظر؟ ان الاميركيين يريدون انهاء الصراع في المنطقة. وهم حلفاء لاسرائيل. ونحن حلفاء لهم. ويجب ان تتفق سياستنا مع سياسة حلفائنا. اننا عنصر مؤثر ويجب ان نساعد في ايجاد حل وتسوية في المسارين السوري واللبناني. لقد ساهمنا وشاركنا في قطار السلام، ولسنا في حجم وقفه. ويجب ألا نفقد صداقتنا مع الدولة الكبرى".
ضغوط؟
ويقال كلام كثير عن التسوية الشرق الأوسطية في الكويت، من باب ارتباط ما يجري على كل "جبهاتها" بالأمن الغربي في المنطقة. وليس جديداً، لتأكيد ذلك، الحديث عن ضغوط تمارسها الولايات المتحدة على بعض الحكومات في المنطقة وبينها الكويت، من أجل اتخاذ الاجراءات التي ترى انها تساعد على استعجال الحل الشامل. واعتبر ديبلوماسي خليجي سحب القوات الاميركية التي حشدت في الكويت بعد السادس من تشرين الأول نوعاً من الضغط على الكويتيين ليقدموا ما يعتبره الاميركيون "مقابلاً لمساعدتهم الدفاعية والأمنية". لكن الأمر في الكويت بالطبع ليس بهذه السهولة، إذا كان على الحكومة ان تأخذ في الاعتبار وجوب مراعاة مواقف الأطراف السياسية الداخلية، من مجلس الأمة الى الاسلاميين… من دون ان تنسى اشارات واشنطن الى انها لن تكون مستعدة دائماً لتحريك قواتها كما حصل في السادس من تشرين الأول الماضي.
الصحافة
في أي حال تظل هذه المسألة في أروقة مراكز القرار أكثر مما هي متداولة على المستوى الصحافي والاعلامي والشعبي اليومي. فالصحف في الكويت تغرق في المشاكل المحلية أكثر من اهتمامها بالشؤون الاقليمية والدولية. وهو اتجاه يترسخ منذ تحرير البلاد من الغزو العراقي. حتى بدا كأن الصحف احزاب تتبارى في ما بينها نقاشاً وجدلاً... ومواجهات يزيدها حدة قانون المطبوعات المطروح للتعديل في مجلس الأمة حيث تنظر فيه لجنة الشؤون التعليمية والثقافة والارشاد. وأبرز التعديل: فتح باب التراخيص لامتيازات جديدة، وتشديد العقوبات على الصحافيين وجرائدهم في حال المخالفات.
وهنا تبرز مواقف مختلفة ومتعارضة وتكثر التكهنات والتوقعات: رئيس مجلس الأمة أبلغ "الوسط" ان القانون الجديد للمطبوعات سيقر، و"ان الهدف هو كسر الاحتكار وفتح باب التراخيص لامتيازات جديدة". لكنه استدرك انه "ستكون هناك ضوابط لاصدار مطبوعات لئلا تعم الفوضى". أما وزير الاعلام فأكد أولوية "تنظيم شؤون الصحف الحالية" تصدر حالياً سبع صحف، معتبراً ان هذا هو "الحل الأفضل"، محذراً من خطورة ان يصبح أمر اصدار صحف في متناول أي فرد. وحبّذا قيام مؤسسات ومجالس ادارة ومساهمين لادارة الجرائد بدل ان تكون رهناً بقرارات فرد.
وأشارت أوساط اعلامية الى وجود أكثر من 500 طلب ترخيص في ادراج وزارة الاعلام! لذلك استبعد أكثر من مصدر مسؤول وأكثر من اعلامي فتح باب الامتيازات. وقال أحدهم ان نواب لجنة الشؤون التعليمية مع فتح الباب لامتيازات جديدة، لكن الاتجاه العام في مجلس الأمة يعارض ذلك. يبقى اذن ان التعديل سيطاول بند العقوبات لجهة تشديده ولكنه ليس الى حد فرض عقوبة السجن للصحافيين. وان كان يدفع الى التشديد نواب الحركة الدستورية الاسلامية والنواب الاسلاميون عموماً. ذلك ان هؤلاء يواجهون وحركاتهم انتقادات واسعة تزخر بها أكثر من صحيفة، علماً ان لهم منابرهم في صحف أخرى. ويرى مراقب محايد ان هؤلاء لم تعد لهم القوة التي كانت قبل سنتين، أيام الانتخابات. وهم بعدما فقدوا في التشكيلة الحكومية الأخيرة مواقع كانت لهم في سابقتها اذ استُبعد اثنان منهم، خسروا مواقعهم في اللجان النيابية التي اجريت انتخاباتها مطلع الشهر الفائت. ولاحظ ان فوزهم هذه السنة في اتحاد طلاب الجامعة كان ضعيفاً قياساً على الفوز الساحق الذي حققوه سابقاً. وتوقع تبعاً لذلك ان يخسروا هذا الموقع السنة المقبلة. وأشار ايضاً الى حل هيئة اتحاد الجمعيات التعاونية التي كانوا يسيطرون عليها. علماً ان كثيرين منهم يهادنون الحكومة. وخلص الى ان الاسلاميين باتوا موضع تساؤل في "الساحة الانتخابية".
الا ان أوساطاً منهم لا ترى ان الأمر على هذا النحو، وانهم لم يخسروا الكثير في اللجان وان عملهم في اطار اتحاد الجمعيات التعاونية انتقل الى الشارع بعد حل الهيئة. وأشارت الى ان مجلس الأمة وافق في مناقشة أولى على مشروع لانشاء جامعة جديدة في الكويت يمنع فيها الاختلاط بين الشبان والفتيات، ودعا الى منع الاختلاط "ما أمكن" في الجامعة الحالية.
ليس هذا الموضوع المحلي الطاغي، موضوع الصحافة والاسلاميين، بل في الأفق القريب موضوع المديونيات الذي سيعاد فتحه مجدداً. وقد يشهد تجاذبات، ذلك ان التجار وبعض الحكومة يسعى الى تمديد فترة جدولة الديون وخفض نسبة الدفع، في حين يعارض الاسلاميون ونواب آخرون ذلك.
والمعروف في هذا المجال ان الحكومة اشترت الديون المحلية من المصارف بمرسوم صدر عام 1992 وقيمتها نحو 18 - 20 بليون دولار. وأقرت يومها طريقتين لسداد هذه الديون، الأولى تقضي بحسم نسبة مئوية من الدين تصل تصاعدياً الى حدود 45 في المئة لمن يختار سداد المترتب عليه فوراً ودفعة واحدة. والثانية تقضي بجدولة الدين كاملاً اذا قرر صاحبه السداد على فترات. ويدفع عدد من المدينين والتجار الى قرار يقضي بجدولة الدين على مدى عشرين عاماً وبوجود فترة سماح.
وليس هذا هو الهم الاقتصادي الوحيد، فالترشيد في النفقات قائم في موازنات معظم الوزارات، فيما الاوضاع الاقتصادية تشهد انتعاشاً بسيطاً... وتستمر حملة التبرعات للمجهود الحربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.