لم يكد يُعلن عن برنامج الدورة الخامسة عشرة ل "أيام قرطاج السينمائية" المزمع انعقادها بين 12 و19 تشرين الثاني نوفمبر، حتى جرى الهمس في الكواليس عن احتمال مشاركة بعض السينمائيين الاسرائيليين في نشاطاتها. وكانت التظاهرة المميزة التي يشرف عليها للمرة الثانية على التوالي المنتج احمد بهاء الدين عطية أعلنت، ضمن الصيغة الأولية لبرنامجها، عن تنظيم محور خاص بعنوان "رؤى من زمن السلام"، تعرض في اطاره افلام "تطرقت الى "المعضلة" العربية - الاسرائيلية". وأكد مصدر مطلع ل "الوسط" انه تم التفكير فعلاً في برمجة أفلام تقدمية تهاجم السياسة الصهيونية، وتحمل توقيع سينمائيين مثل إيال سيفان وأساف دايان وعمّوس جيتاي... لكن ادارة المهرجان غيّرت رأيها في اللحظات الاخيرة على ما يبدو، بل وأنكرت في بيان وجهته الى "الوسط" أية نية في اشراك مثل هذه الافلام من الاساس، معتبرة ما سبق "محض اشاعات ترمي من دون شك الى المس بسمعة مهرجاننا الذي ناضل ولا يزال من اجل حرية وكرامة شعوبنا العربية والافريقية". هل خشيت ادارة المهرجان، ان تنهال عليها تهم "التطبيع"، بعد انتشار اشاعات مغرضة - سرعان ما تم تكذيبها - عن توأمة وشيكة بين "أيام قرطاج" و "مهرجان حيفا السينمائي"... كل ذلك وهي لم تعلن بعد عن عناوين الافلام المقرر عرضها ضمن محور "رؤى من زمن السلام"؟! عبّر اكثر من مثقف وسينمائي عن أسفه لاجهاض هذه الخطوة الجريئة، البعيدة كل البعد عن اي نزعة "تطبيعية"، والتي كانت ستفتح المجال امام جمهور عربي للاطلاع على تجارب وأفلام مميزة هي في أغلبها معارضة للسياسة الاسرائيلية، حققها سينمائيون معروفون بمواقفهم الجذرية المتضامنة مع الشعب الفلسطيني. وفي كل الاحوال، لا ينبغي ان تؤدي تلك الضجة الى تحويل الاهتمام عن برنامج المهرجان الحافل بالأفلام والعروض البارزة من فيلم يوسف شاهين الاخير "المهاجر" المهدد بالمنع في القاهرة، الى الفيلم القصير الذي حققه محمود بن محمود عن كلوديا كاردينالي و "شبابها التونسي"، مروراً بتظاهرة تكريم للسينمائي الراحل مارون بغدادي تعرض أبرز افلامه، بآخر افلام رشيد مشهراوي فلسطين، يسري نصرالله مصر ومحمود زموري الجزائر، وبتكريم خاص للمخرج الايطالي ناني موريتي. أما الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية، فنشير بينها الى "باب الواد - سيتي" لمرزاق علواش الجزائر، "كومبارس لنبيل المالح - سورية، "آن الأوان" لجان - كلود قدسي لبنان، "هدى والوزير" لسعيد مرزوق مصر... وبين اعضاء لجنة التحكيم الدولية نذكر الكاتب الفلسطيني إميل حبيبي، الممثلة المصرية يسرا، المخرج المسرحي الفاضل الجعايبي، السينمائي السوري محمد ملص، والشاعر والناقد الجزائري الحبيب تنغور...