مع حلول ذكرى ثورة 21 تشرين الاول اكتوبر التي قامت ضد الحكم العسكري الذي قاده الفريق ابراهيم عبود يجب ان نستلهم روح ذلك الحدث في معالجة ازماتنا الحالية لبناء غد مشرق في السودان حتى يستطيع ان يلعب دوره المفروض في الساحة الدولية. فقوى القهر والتسلط ما زالت جاثمة على صدره تكتم انفاسه وتمنعه من الحركة ولكنها هذه المرة أتت في شكل اشد شراسة وأكثر خطورة من ذي قبل فالسودان الآن يرزح تحت جبروت حكم عسكري لا يختلف شكله كثيراً عن سابقيه بينما هو أصولي في حقيقته ونستطيع ان نصفه بالفاشية وضميرنا مرتاح. فهم يحملون عداء وحقداً ليس على الشعب السوداني وحده بل وعلى غيره من الشعوب الاخرى. ويتوضح هذا العداء بشكل جلي في ممارسات النظام الداخلية والخارجية منذ بدء حربه على الديموقراطية في 30 حزيران يونيو 1989. فهؤلاء قبضوا على السلطة بحجة ان ممارسات الديموقراطية الثالثة في السودان قد ادت الى تدهور الاوضاع الاقتصادية وانهيار الخدمات الصحية والتعليمية واستشراء الفساد وتشكيل الميليشيات الحزبية وتدهور العلاقات الخارجية وإهمال القوات المسلحة والفشل في تحقيق السلام، وربما كان في بعض هذه الاتهامات ما هو صحيح الى حد ما بالتأكيد فإن لذلك اسبابه الموضوعية واذا سلمنا بصحة هذه الادعاءات كلها فهل هذا يعطي الحق بقيام انقلاب عسكري على حكومة شرعية انتخبها الشعب وأولاها ثقته؟ ثم ما الذي تحقق الآن بعد اكثر من خمس سنوات على انقلابهم؟ لقد وصلت الحالة الاقتصادية الى مرحلة من التدهور لا يستطيع العقل تصديقها وتخطت آثارها الجلد لتنخر في العظم، وذلك ليس فقط بسبب السياسات المتخبطة او سوء ادارة الدولة بل وبشكل مباشر يمكن ارجاع هذا التدهور الى السرقات العلنية التي يقوم بها افراد الجبهة القومية الاسلامية بهدف تقوية مؤسساتهم الاقتصادية والتي يعتمدون عليها كعامل حاسم في السيطرة على البلاد وتوجيهها حسب مخططاتهم. وفي هذا الصدد لا تخفى الامتيازات الممنوحة مباشرة لقادة الجبهة القومية الاسلامية. اما عن انهيار الخدمات الصحية والتعليمية فحدث ولا حرج، فلقد اصبح شيئاً معتاداً ان يتناول المريض نصف جرعات الدواء او ان يتداوى بالعلاجات البلدية لعدم مقدرته المالية ولعدم وجود الادوية نفسها، وأصبحت المرافق التعليمية مراكز لتدجين وأدلجة الاجيال المقبلة بفكر الجبهة القومية الاسلامية ضمن مخطط يعمل بأسلوب غسل المخ فيصبح الشعب كالقطيع يسوقه الراعي حيث يريد. ولم تصل القطيعة بين السودان وغيره من الدول هذا الحد الذي هي عليه منذ استقلاله. فالسودان حالياً بلد محاصر تماماً ويكاد ان يكون معزولاً بالكامل عن العالم الخارجي بسبب سياسات قادة الانقاذ، لقد استهدف نظام الترابي - البشير ومنذ أول ايامه قطاعات عريضة من الشعب السوداني فشردها من اعمالها مبتدعاً ورقة الصالح العام واعتقل الآخرين في معتقلات سماها بيوت الاشباح وأذاقهم شتى اصناف وألوان التعذيب لم يسبق ممارستها في السودان من قبل، كما نفذ العديد من الاغتيالات بحق آخرين وتشهد بذلك ملفات حقوق الانسان. ان همومنا كبيرة كالسودان نفسه والمطلوب منا في هذه الذكرى العطرة، ذكرى اكتوبر المجيدة ان نواصل الطريق لانقاذ المجتمع من الآثار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي جرها عليه حلف الترابي - البشير، ولتحقيق الديموقراطية المصادرة في السودان. الجبهة الديموقراطية للطلاب السودانيين بيروت - لبنان