الانتصارات العسكرية الأخيرة التي حققتها القوات البوسنية لم تمنع ظهور الخلاف بين القيادات السياسية. فقد ذكر مصدر في حزب العمل الديمقراطي البوسني ل "الوسط" ان الخلاف المتصاعد وغير المعلن بين نائب الرئيس البوسني ايوب غانتش ورئيس الوزراء حارس سيلادجيتش اقترب من الحسم لمصلحة الأول. واستشهد المصدر على ذلك ببروز نجم غانتش الاعلامي, وتصدره للتفاوض مع قادة القوات الدولية وإدارة الحوار مع الضيوف السياسيين للدولة واهتمام وسائل الإعلام المحلية المتزايد بتصريحاته, وقال ان موقف غانتش سيتعزز في مطلع الشهر المقبل وهو موعد توليه رئاسة الدولة الفيديرالية في فترتها الثانية, بدلاً من الكرواتي كرشمير زوباك الذي يحتل الآن هذا المنصب, في الوقت الذي سيتعين فيه على سيلادجيتش التخلي عن منصبه كرئيس للوزراء لنائبه الكرواتي, كما ينص على ذلك قانون الفيديرالية. ويعد غانتش من المقربين من الرئيس علي عزت بيكوفيتش الذي ايده عندما ظهرت بوادر خلاف بينه وبين سيلادجيتش المحسوب على تيار المسلمين الليبراليين في البوسنة والذي تربطه علاقات قوية مع اطراف كرواتية وغربية في الوقت الذي يحمل الرئيس البوسني توجهات فكرية اسلامية. وفي المقابل تصاعدت ايضاً حدة الخلافات بين الصرب حيث بدا واضحاً ان زعيم ميليشيات صرب البوسنة الجنرال راتكو ملاديتش والمختفي عن الأنظار بعد اصابته بشظية قنبلة استسلم تماما لضغوط رئيس صربيا سلوبودان ميلوشيفيتش الداعي لوقف الحرب والاكتفاء في هذه المرحلة بما تم التحصل عليه خلال 31 شهراً من الحرب, باعتبار ان بلاده لم تعد تتحمل استمرار فرض عقوبات اقتصاديه عليها, وذلك في مواجهة كارادجتيش المتصلب والذي يبدي اصراراً على الاستمرار حتى النهاية مؤكداً انها "فرصة تاريخية للشعب الصربي عليه ان ينتهزها". ويبدو ان عدوى الخلافات امتد لتشمل القوات الدولية نفسها, فقد ذكر مصدر عربي يعمل في مركز القوات الدولية في زغرب ل "الوسط" ان معارضي الجنرال مايكل روز قائد القوات الدولية في البوسنة, صعدوا معارضتهم له, خصوصاً اثناء زيارة المبعوث الدولي ياسوشي اكاشي الأخيرة لزغرب مطلع الشهر الجاري وهم يأخذون عليه ديكتاتوريته وتغييره في وقائع الاحداث اليومية في البيانات الرسمية للقوات الدولية ليبدو دورها اكثر ايجابية, كما اتهموه بمهادنة الصرب, من دون مقابل, فجنوده التابعون للوحدة الريطانية في غوراجدي اضطروا لاستخدام الأحصنة والحمير بعد ان رفضت الميليشيات الصربية وصول اي كمية من الوقود الى القوات الدولية في المناطق التي توقفت مركباتها تماماً. في غضون ذلك استمر تقدم القوات البوسنية على محاور الشمال والوسط فيما تناقضت الانباء في شأن مناطق الشمال الغربي في بيهاتش. ففي حين لزمت القيادة البوسنية الصمت ذكرت معلومات ان الميليشيات الصربية تمكنت في هجوم معاكس من استرداد ثلث الاراضي التي حررها المسلمون، غير ان الناطق الرسمي باسم القوات الدولية في ساراييفو قال انه ليس لديه أية معلومات في هذا الشأن، واشار في نفس الوقت بأن القوات البوسنية على محاور اخرى وفي بعض المناطق لا تجد مقاومة تذكر، وانه ليست هناك دلائل على هجمات صربية كبرى معاكسة كما كانت هددت بذلك القيادة الصربية. ويتوقع المراقبون ان تظل المعارك على حدتها حتى موسم سقوط الثلوج، فتهدأ انتظاراً لمعارك يعتقدون بأنها ستكون حاسمة في الربيع المقبل.