تحل في آب اغسطس المقبل الذكرى الخمسون لاسقاط القنبلة الذرية على مدينة هيروشيما اليابانية. وينظم متحف سمشونيان في المناسبة معرضاً خاصاً يدور حول "اينولا غاي"، وهي الطائرة التي اسقطت القنبلة. ومن المقرر ان يفتح المعرض للجمهور في أيار مايو. وهاجم أفراد ومنظمات أميركية كثيرة، خصوصاً صاحبة الطابع العسكري، فكرة المعرض بحجة انه مؤيد لليابان ومناهض لأميركا. وقامت الضجة مع استمرار جدل بعمر القنبلة حول ما اذا كان الرئيس هاري ترومان مضطراً الى استعمال القنبلة الذرية فعلاً لانهاء الحرب. ويميل عدد متزايد من المؤرخين الى استبعاد وجود حاجة فعلية لاستخدام القنبلة، وبين الافكار التي قرأتها التالي: - في سنة 1946 أكد استطلاع رسمي للقصف الاستراتيجي الأميركي انه لو لم تسقط القنبلة في آب 1945 لكانت اليابان استسلمت في أول تشرين الثاني نوفمبر أو قطعاً قبل نهاية كانون الأول ديسمبر. وكان سيحدث هذا حتى لو لم تدخل روسيا الحرب في المحيط الهادي، ولو لم تفكر القيادة الاميركية في غزو اليابان نفسها. - في سنة 1946 أظهرت دراسة لقسم العمليات في وزارة الحرب ان اليابان قررت الاستسلام، وكان السياسيون يبحثون عن عذر لاقناع العسكريين المتشددين بضرورة الاستسلام. وقدم دخول روسيا الحرب في المحيط الهادي في آب من تلك السنة عذراً كافياً. - اجرى ج. سامويل ووكر، المؤرخ الرئيسي للجنة التنظيم النووي الاميركية، مراجعة لدراسات الخبراء المحدثين عن الموضوع، وقرر ان اسقاط القنبلة لم يكن ضرورياً لتجنب غزو اليابان، وان ترومان وكبار مساعديه كانوا يعرفون ذلك. - عندما بلّغ ستالين ترومان في اواسط آب 1945 ان روسيا ستدخل الحرب ضد اليابان، كتب ترومان في مذكراته "اليابان ستنتهي عند ذلك"، ما يعني انه أيضاً كان يتوقع ان تركع اليابان من دون قنبلة ذرية. - هناك شبه اجماع على ان اليابان كانت ستستسلم لو ان الولاياتالمتحدة بلغتها انها تستطيع الاحتفاظ بالامبراطور، الا ان ترومان لم يشأ ان يبدو ضعيفاً في المفاوضات مع اليابانيين. - يزعم بعض المؤرخين انه بسبب المبالغ الهائلة التي انفقت على تطوير القنبلة النووية وجدت القيادة السياسية ان من المستحيل عدم استخدامها. - يزعم مؤرخون آخرون ان الولاياتالمتحدة استخدمت القنبلة الذرية ضد اليابان لارهاب الاتحاد السوفياتي في المفاوضات المقبلة معه. ورغم هذه الخلفية فقد تجاوب متحف سمشونيان مع الضاغطين ووافق على سحب الصور "المتكررة" عن الدمار في هيروشيما وناغازاكي، وحذف التكهنات ان ترومان أمر باستخدام القنبلة الذرية للضغط على موسكو، وزيادة الصور عن الفظائع التي ارتكبها الغزاة اليابانيون في جنوب شرق آسيا. وكانت قنبلة هيروشيما قتلت 150 الف شخص، بمن فيهم النساء والأطفال والشيوخ، ودمرت 75 في المئة من المدينة كلها. واحتاجت الولاياتالمتحدة الى نصف قرن قبل ان تخوض جدلاً مع نفسها في شأن تلك العملية ومدى الخطأ فيها. وقبل ذلك احتاجت الولاياتالمتحدة الى مئات السنين قبل ان تعترف بأن المستوطنين البيض اعتدوا على "الهنود الحمر" ودمروا قبائلهم وسرقوا بلادهم. اليوم الولاياتالمتحدة نشطة في عملية السلام بين العرب واسرائيل، وهي بذلك تعترف ضمنياً بالخطأ الذي اقترفته مع روسيا ضد الفلسطينيين قبل حوالى 50 سنة، وتحاول التعويض عنه ضمن أضيق نطاق. وإذا كان الهنود الحمر وهيروشيما المقياس على يقظة الضمير الأميركي، فان سنوات طويلة اخرى ستمضي قبل أن تقنع الولاياتالمتحدة نفسها بالخطأ وتترجم ندمها، او اعترافها به، مواقف ايجابية.