فيما كانت تتفاعل في القاهرة القضية التي أثارتها زيارة المسرحي علي سالم الى اسرائيل، كان وفد من السينمائيين يتهيأ لرحلة أخرى الى "مهرجان حيفا". ها هي رياح التطبيع اذاً تعصف مرّة أخرى بالمثقفين المصريين طارحة عليهم، وعلى أقرانهم العرب، مجموعة من الاسئلة والتحديات. ومن المعروف أن مبدعين من أقطار عربية عدّة كانوا، في منزل عازر وايزمن قبل أيام، بين "المحتفلين" بالذكرى الاولى لتوقيع اعلان المبادئ في واشنطن. لكن السجال لم يأخذ شكلاً علنياً الا في مصر المعروفة بتقاليدها الفكرية العريقة في هذا المجال. و"الوسط" اذ تخصص ملفاً لهذه القضية المتفجرة، تطمح الى تعميم النقاش، ونقله من الكواليس والغرف السرية الى الساحة العامة، كي يساهم فيه أكبر قدر ممكن من المبدعين والمثقفين. هل وصل قطار التطبيع الثقافي مع اسرائيل الى السينما المصرية؟ خلافاً لأوساط أدبية وفنية أخرى تعرف نوعاً من المقاومة الشرسة للموجة التي حملتها رياح المتغيرات الاقليمية والعالمية راجع مكاناً آخر من هذا الملف، يبدو الفن السابع أكثر تعرّضاً، وأكثر قابلية للانخراط في تلك المسيرة. وربما عاد السبب الى أهمية هذا الفن الجماهيري كأداة دعاية وترويج وكسلعة مربحة، والى قابليته للخضوع الى مجموعة ضغوط اقتصادية، أيديولوجية وتسويقية. يكفي كي يتثبّت المرء من هذه الحقيقة أن يلقي نظرة سريعة على الحجج التي يقدّمها دعاة الانفتاح على الكيان الصهيوني: حماية حقوق الفيلم المصري، البحث عن اسواق ومصادر تمويل جديدة، والتعرف الى أدوات "الآخر" وحقيقته وأهدافه. الشرارة التي أطلقت هذا النقاش هي أنباء ترددت في القاهرة قبل أسابيع عن اعتزام عدد من المنتجين والمخرجين المصريين زيارة اسرائيل، ضمن وفد من اتحاد الصناعات المصرية، وذلك بهدف "البحث في أوجه التعاون المختلفة بين البلدين، بما فيها صناعة السينما". واكتشف الرأي العام في المناسبة نفسها أن وزارة الاقتصاد المصرية أصدرت قراراً يعفي الجهات المعنية بتصدير الافلام من الحصول على موافقة التصدير الخاصة، عند التعامل مع اسرائيل. وكانت شركات الانتاج والتوزيع السينمائي الاسرائيلية حاولت سابقاً عقد اتفاقيات مع عدد من المنتجين المصريين، عبر "غرفة صناعة السينما" التي رفضت العرض في مرحلة أولى. لكن تلك الشركات كرّرت محاولاتها فتغير موقف الهيئة المشار اليها، وأعلن منيب شافعي رئيس "غرفة صناعة السينما المصرية"، أن اتفاق غزة - اريحا، وبدء مباحثات السلام مع سوريا، واتجاه المنطقة الى عقد اتفاقيات صلح مع اسرائيل... كلها عناصر خلقت واقعاً جديداً، يطرح امكان التعامل السينمائي مستقبلاً مع اسرائيل. والموقف نفسه عبّر عنه نائب رئيس الغرفة ايهاب شافعي، بشيء من الحذر والتحفّظ: "عندما يحدث تطبيع كامل مع كل الدول العربية، ويستعيد العرب اراضيهم المحتلة وحقوقهم السياسية لن يكون هناك مانع". ويوضح رئيس الغرفة المصرية خلفية التوجّه الجديد قائلاً: "أفلامنا تسرق في وضح النهار، ولا نحصل على شيء. من حق السينمائي المصري أن يسعى وراء حقه ولو في اسرائيل". اسرائيلية في "مهرجان القاهرة" في الوقت نفسه، وقبل أن تهدأ الضجة التي أثارها موقف غرفة صناعة السينما، أعلنت مجموعة من السينمائيين المصريين قبولها دعوة "مهرجان حيفا السينمائي" الذي عقد في أيلول سبتمبر الماضي، فيما بقي آخرون - ممن وجهت اليهم الدعوة نفسها - على موقفهم الرافض للتطبيع بكل اشكاله ومستوياته، ومهما كانت الحجج والمبررات! أما هذه الدعوة، فبدأت حكايتها في كانون الاول ديسمبر الماضي عندما حضرت الى مصر سينمائية تدعى نيناه بلاير، وحلّت ضيفة على "مهرجان القاهرة السينمائي" الأخير. وسرعان ما اكتشف المعنيون أن بلاير هذه مواطنة اسرائيلية، قدمت نفسها كمديرة ل "مهرجان حيفا السينمائي"، واستأجرت غرفة في الفندق الذي احتضن فعاليات مهرجان القاهرة، على الرغم من أن رئيسه سعد الدين وهبة رفض مقابلتها - حسب أوساطه المقربة - واعتذر عن استضافتها أو حتى عن دعوتها الى مشاهدة الافلام! لكن مديرة "مهرجان حيفا" الذي يقام منذ عشر سنوات في أواخر ايلول سبتمبر من كل عام، وتنظمه وزارة السياحة الاسرائيلية بالاشتراك مع التلفزيون الاسرائيلي، ويرعاه بنك اسرائيل الوطني، سعت - بدأب شديد على ما يبدو - الى التعرف الى السينمائيين المصريين، ثم وجّهت الى عدد منهم دعوة لزيارة اسرائيل والمشاركة في التظاهرة التي تشرف عليها. ثم عادت من حيث أتت دون أن تلفت انتباه أهل المهنة أو الصحافة. ولم يشر الى زيارتها منبر اعلامي يذكر، اللهم اذا استثنينا خبراً صغيراً نشرته اسبوعية مصرية، أشارت فيه الى أن "مهرجان حيفا يدعم عملية السلام في المنطقة"، ومنحته صفة "المهرجان الدولي الكبير"! وحسب معلومات سرّبها ل "الوسط" مصدر في غرفة "صناعة السينما"، كان بين أعضاء الوفد الذي سافر الى اسرائيل، فإن خيار المركز الاكاديمي الاسرائيلي في القاهرة، وقع على مجموعة محددة من السينمائيين المصريين وأعد لائحة بأسمائهم وعناوينهم أرسلت الى ادارة المهرجان في تل أبيب. ويبدو أن أشرف فهمي هو - حسب المصدر المشار اليه أعلاه - السينمائي المصري الوحيد الذي بادر بنفسه الى الاتصال بمدير المركز المذكور، معرباً عن رغبته في المشاركة، فجاءه الجواب بأن المركز لا يملك حق توجيه الدعوات! إلا أن أشرف فهمي نفى ل "الوسط" قيامه باجراء أي اتصال بمدير المركز الاكاديمي الاسرائيلي. فتلك الشائعات تأتي بتعبيره في سياق "حملة ضارية قادها عدد من المزايدين" للضغط عليه وثنيه عن السفر، مشيراً الى أن هناك من اتهمه ب "الجاسوسية" لمجرد أنه اعتبر فكرة السفر الى اسرائيل وحضور هذا المهرجان "خطوة مهمة لوقف سوء تفاهم قائم على الافكار المسبقة". "إن هؤلاء متأخرون عن زمنهم ثلاثين عاماً على الاقل - يقول فهمي - فالعالم يعاد تشكيله من جديد، والسلع الاسرائيلية تملأ السوق المصرية، واذا تأخرنا نحن، فسيذهب غيرنا ليقطف ثمار ما زرعناه وتعبنا فيه سنوات. إن غالبية مثقفينا للأسف يعيشون في غياهب الماضي". اليوم تغيرت أشياء كثيرة! والمخرج المصري الذي كان واحداً من أبرز المدافعين عن عودة السينما الى القطاع العام وملكية الدولة، وبين أقسى منتقدي سياسات الانفتاح الاقتصادي ورموزها في أفلامه: "سأذهب الى اسرائيل... إنما بشروطي الخاصة، وأهمها أن تكف يدها عن جنوبلبنان وايذاء الفلسطينيين في الاراضي المحتلة مهما كانت المبررات !، وان يكون سفري وحضوري المهرجان ضمن وفد سينمائي وثقافي على أعلى مستوى، وليس بشكل منفرد، والاهم ان تشارك في المهرجان وفود عربية ووفد فلسطيني". وأكد أشرف فهمي ل "الوسط" التي التقته قبل انعقاد "مهرجان حيفا"، أن الدعوة وجّهت الى سينمائيين من دول عربية أخرى، ولم تحدث ضجة. وهذا صحيح، لكن السينمائيين الذين شاركوا من تونس والمغرب وأقطار أخرى، أحاطوا زيارتهم بهالة من السرية، فلم يفطن اليها أحد، وهذا غير ممكن ضمن تقاليد الحياة الثقافية المصرية! ولم يصطحب السينمائي المذكور أياً من افلامه "لسبب بسيط هو أنها تعرض وتباع في اسرائيل على اشرطة فيديو دون الرجوع الى اصحابها، أي عن طريق القرصنة". وتساءل فهمي أخيراً: "لمَ كل هذا الضجيج؟ إنني مخرج معروف ولي أفكاري التي أؤمن بها وأدافع عنها بعيداً عن أية مصلحة شخصية، ولا يعنيني ما يقال"، وأضاف: "أنا الفنان الوحيد الذي تحدث عن القضية الفلسطينية من تلقاء نفسه وعن قناعة شخصية في فيلم "سعد اليتيم" الذي اخرجته عام 1983. في الوقت الذي أدار الفنانون ظهورهم للقضية، وان كان بعضهم ظل يهرول وراء المنظمة لأغراض أخرى". ونفى مصدر مسؤول في ادارة المهرجانات في وزارة الخارجية المصرية، أن تكون الادارة وجهت دعوات الى الفنانين المصريين للمشاركة في "مهرجان حيفا". واشار الى ان الاجراء الوحيد الذي يمكن للادارة أن تتخذه في مثل هذا الوضع، هو "القيام باستطلاع رأي في صفوف الفنانين والنقابات الفنية واتحاد الفنانين العرب". ورجّح المصدر نفسه أن تكون السفارة الاسرائيلية اتصلت مباشرة بالسينمائيين المرشحين للاشتراك في المهرجان، مؤكداً أن الدعوة الاسرائيلية أصرّت على اشتراك مصر بفيلم "الارهابي" وتمنت حضور بطله عادل امام شخصيّاً! كان من الطبيعي أن نسأل عادل امام رأيه. "لو ان زيارتي الى اسرائيل كانت لتعود بفائدة حقيقية لمصر، لوافقت على السفر - صرّح الفنان الشعبي من دون تشنج. فهذا واجب كل مصري يحب وطنه". وقال موضحاً: "في ظل تبادل الاحضان بين ياسر عرفات واسحق رابين، وبين الملك حسين ورابين، علينا ان نعيد النظر في قناعات أيام زمان. عندما كنا نسافر الى خارج مصر ونلتقي مصادفة شخصاً يهودياً، كنا نصاب بحالة هلع. اليوم تغيرت أشياء كثيرة!". أما كاتب السيناريو أحمد عبد الوهاب، صاحب افلام "انتبهوا ايها السادة"، و"اجراس الخطر"، وهما بين أول الافلام التي حذرت من مخاطر الانفتاح الاقتصادي، فلفت اليه الانظار هو الآخر، حين أعلن موافقته على السفر الى اسرائيل. وهو قبل المشاركة في مهرجان حيفا لأكثر من سبب. ف "اللقاءات التي تتم، من خلال هذا النوع من المهرجانات، بين المثقفين المصريين والاسرائيليين، لا بد أن تؤدي الى تطوير وعي الفريقين بالمفهوم الحقيقي للسلام في ضوء المستجدات الراهنة". واعتبر ان مثل هذه اللقاءات "تستكمل جهود السلم التي يبذلها ساسة المنطقة ومنظروها". أما شرطه الوحيد للمشاركة، فكان أن يقوم المهرجان بتقديم أفلام فلسطينية. بالمقابل، أعلن عدد من السينمائيين المصريين استمرار رفضهم لكل اشكال التطبيع بين مصر واسرائيل، وأكدوا أن انقاذ السينما المصرية لا يأتي عبر تل أبيب، "بل بترتيب البيت من الداخل". واشار هؤلاء الى امكان اعادة الحياة للفيلم المصري بفتح اسواق جديدة في افريقيا وآسيا، فضلاً عن الاهتمام بالاسواق التقليدية من خلال تصدير أفلام ذات مستوى جيد، بعيداً عن المواصفات الرديئة". "لا تصالح"! صلاح أبو سيف يرى مثلاً أن الكلام عن استعادة الحقوق المهدورة عن طريق القرصنة، "مستهلك" وغير مقنع. فالسينما المصرية "مسروقة منذ الازل، وآفتها الدائمة هي الموزع الخارجي. ونحن كفنانين لسنا مطالبين بالقيام بهذه الخطوة المؤلمة كي نستعيد حقوقنا. لماذا لا نذهب الى الدول العربية كي نطالب بها؟ واذا كنا نريد انتاجاً مشتركاً، فامامنا ليبيا والسعودية وغيرهما من الدول الشقيقة". وأضاف أبو سيف: "لسنا دعاة حرب، ولكننا أيضا لسنا دعاة تكيّف بأي ثمن مع المعادلات المفروضة قسراً. أنا لا أفهم لماذا يهرول الجميع الى اسرائيل، وكأنها المنقذ والمخلص!". ويستدرك المخرج الكبير: "لا أريد أن أخوّن أحداً، أو أصادر قرار أحد، فكل انسان حر في ما يفعل. لكنني أنتمي الى جيل من الفنانين والمثقفين، نشأ على حقيقة ثابتة هي أن اسرائيل عدو رئيسي وليست جاراً نتفق ونختلف معه كما هو الحال بالنسبة الى دولة عربية مثلاً! فما الذي تغيّر على أرض الواقع، كي نعيد النظر بهذه المسلّمات؟ أعرف أن الذين جعلوا من الحقد على اسرائيل بضاعتهم الاساسية، هم الآن أكبر المروجين للتطبيع، لكن يصعب على مبدع من جيلي، أن يقبل فكرة السفر الى اسرائيل. ربما الاجيال القادمة لا ترى مشكلة في ذلك، اما أنا فلا استطيع ان أنسى ...". وختم صلاح أبو سيف مستشهداً بأبيات من قصيدة أمل دنقل الشهيرة "لا تصالح": "كيف تنظر في يد من صافحوك فلا تجد الدم... إن سهماً أتاني من الخلف سوف يجيئك من ألف خلف". أما المخرج توفيق صالح فيدحض الحجج الواهية التي يرفعها دعاة التطبيع. فالسينما المصرية "لا تتعرض للنهب في اسرائيل كما يعتقد البعض. إن المنتج المصري يبيع فيلمه للاردن بضعف الثمن، إذ يعرف سلفاً أن الفيلم سيذهب الى اسرائيل بطريقة أو بأخرى. كما أنه يسلّم نسختين من الفيلم الواحد وليس نسخة واحدة. وغرفة صناعة السينما في مصر تعرف ذلك". أما السفر الى اسرائيل، فوراءه - حسب توفيق صالح - "نيات أخرى": "اسرائيل وحدها هي المستفيدة من اي تعاون بيننا وبينهم، فنحن بالنسبة اليهم سوق ضخمة، يستطيعون من خلالها التسلل الى بقية الاسواق العربية". وقال مخرج "المخدوعون" عن رواية كنفاني "رجال في الشمس"، وهو من أبرز وأهم الافلام العربية التي تناولت قضية فلسطين، إنه لم يشارك في هذا المهرجان، ولا في أي مهرجان آخر في اسرائيل، مشيراً الى أن عرض أحد أفلامه في "مهرجان حيفا" العام الماضي، تم من دون علمه: "أعتقد أنهم حصلوا على الفيلم بالتحايل، وليس بطريقة رسمية". "من تحت الطربيزة!" وتساءلت الفنانة نادية لطفي: "ما الذي يغري مثقفاً أو فناناً مصرياً بالذهاب الى اسرائيل؟ اسرائيل لا تسرق أفلامنا، بل تدفع ثمن الفيلم ونحن نبيعه لهم، ولكن "من تحت الطربيزة!". نوّهت نادية لطفي بموقف المخرج الراحل شادي عبد السلام، اذ "عرض عليه أحد المنتجين الاسرائيليين أربعة ملايين دولار لانتاج فيلم "أخناتون" الا أن شادي رفض بشدة، على الرغم من أن مشروع هذا الفيلم كان حلم حياته. فالمواقف لا تتجزأ". أما نور الشريف - بطل فيلم "ناجي العلي" - فأبدى كثيراً من الاستغراب، وشيئاً من السخرية ازاء الادعاء بامكان الاستفادة من اسرائيل في تطوير صناعة السينما المصرية ! ف "السينما الاسرائيلية أضعف مما نتصور، ومعظم افلامهم انتاج مشترك خاصة مع المانيا". واتهم السينمائيين الذين قبلوا فكرة السفر الى اسرائيل والمشاركة في مثل هذه "المهرجانات المشبوهة" ب "افتقاد الحس السياسي، واهدار كرامتهم، والاساءة الى غيرهم من الفنانين أصحاب المواقف الراسخة". ومن موقعه كأحد أبرز المتخصصين في دراسة السينما الصهيونية، وصورة العرب في أفلام اليهود سواء في اسرائيل أو خارجها، قال الناقد السينمائي أحمد رأفت بهجت: "إن الاهتمام الاعلامي الذي يحظى به "مهرجان حيفا" في مصر ليس الا امتداداً للتوجه نفسه الذي تجسد في قرار منع "لائحة شندلر"! وحذّر السينمائيين المصريين من أن ينخدعوا في السلام الاسرائيلي والديموقراطية الاسرائيلية، مذكراً ب "موقف اللوبي الصهيوني في الغرب من الممثلة البريطانية فانيسيا ردغريف التي استقبلت في اسرائيل ببرود وبموجة اسيتاء، لمجرد أنها مثلت في فيلم يتعاطف مع الموقف الفلسطيني". وحين سألنا علي بدرخان رأيه، فضّل المخرج المعروف اعتبار مبادرة زملائه السفر الى اسرائيل، لا نوعاً من "الاسترخاص" أو "قصوراً في الوطنية"، بل "عدم فهم، وسوء تقدير للوضع السياسي في المنطقة .... عرض التلفزيون الاسرائيلي فيلمي "الراعي والنساء"، فهل هذا سسبب كاف كي اذهب الى هناك، واقف في محاكمهم مطالباً بحقوقي؟!". "بزنس"! أما المخرج يسري نصر الله، فكشف ل "الوسط" عن تلقّيه دعوتين للسفر الى اسرائيل. وهو رفض الذهاب في كلا المرّتين، لكن هذا لا يمنع من التفكير في الامر، على حد قوله: "عندما يتم افتتاح التلفزيون الفلسطيني، قد أذهب واقدم أفلامي هدية. وعندما يصبح للفلسطينيين مهرجان سأشارك فيه. أما أن نستبق اللحظة المناسبة ونهرول اليهم لمجرد انهم وجهوا الينا دعوة، فهذه مسألة أخرى. ولا بد أن الدوافع والطموحات شخصية وأنها أقرب الى البيزنس!". وفيما أعلن نقيب السينمائيين المصريين يوسف عثمان أن اي فنان يزور اسرائيل او يشارك في مهرجاناتها "يخرق قرارات النقابة، ولابد من اتخاذ موقف ضده"، زاد حمدي غيث نقيب المهن التمثيلية بأن النقابة أعلنت في بيان لها "أن المشاركين في "مهرجان حيفا" لا يمثلون مجمل فناني مصر أو نقاباتهم، بل يمثلون أنفسهم فقط". وأكد غيث أن النقابة تبحث في اتخاذ الاجراءات اللازمة بحق الذين خالفوا قرارات النقابة الرافضة للتطبيع مع اسرائيل". أما سعد الدين وهبة رئيس "اتحاد الفنانين العرب"، فلم يضف جديدا الى موقفه الرافض لأي تعامل بين الفنانين المصريين واسرائيل. وتساءل مجدداً "ماذا يغري الفنان المصري بالذهاب الى هناك؟ لا يوجد فن اسرائيلي أساساً. وأعتقد أن الراكضين الى اسرائيل اشخاص فاشلون في أغلبهم. أما الذين يدّعون أنهم ذاهبون لاستعادة حقوق أفلامهم، فلا يخدعون سوى انفسهم. اسرائيل لا تسرق أفلاماً مصرية بل أراضيَ عربية، فليستردوها! ثم لماذا يبحثون عن هذه الحقوق في بلد تعداده مليونا نسمة؟ أليس من الافضل أن يبحثوا عنها في أوروبا وأميركا؟". وأنهى وهبة قائلاً: "المسألة على كل حال لا تستحق هذا التشنج والضجيج. من اراد ان يذهب فليذهب دون اعلان، فاسرائيل مفتوحة ومستعدة لهذه الخطوة منذ عام 1979، أي منذ توقيع اتفاقات كامب ديفيد".