* علاقتنا بايران سياسية لا ايديولوجية * الفيديرالية هي الحلّ في السودان وصف وزير الدولة السوداني للشؤون الخارجية الاسقف غبريال روريج فكرة اقامة مناطق آمنة في جنوب بلاده بأنها "خطة اميركية لتعقيد مشكلة الجنوب". ورأى ان دور الاممالمتحدة "هو اساساً حفظ السلام وليس فرض السلام". ونفى ان تكون حكومته تحرض الجنوبيين على الاقتتال. واتهم بريطانيا بأنها "السبب الأساسي لتطور مشكلة الجنوب عندما نفذت سياسة فرِّق تسد". وأيد الفيديرالية حلاً للمشكلة. واتهم الوزير السوداني الادارة الاميركية بأنها تسعى الى التدخل في سيادة دول العالم الثالث بدعوى حماية حقوق الانسان. ووصف علاقات الخرطوم بالعالم بأنها متطورة و"ان لا صحة للاتهامات المثارة ضدها"، مؤكداً "ان علاقاتنا الخارجية تقوم على مبدأ السيادة ولا نقبل بأي تدخل خارجي لتوجيه هذه العلاقات". ووصف علاقة السودان بايران بأنها "سياسية وليست ايديولوجية"، اما اتهامه بأنه واجهة لايران "فتروج له دول تسعى الى عزله". وشدد اخيراً على موقف بلاده المبدئي من قضية حلايب وعلى ضرورة حلها مع مصر عن طريق الحوار. لماذا رفضت مصر عقد اجتماع وزيري الخارجية السوداني والمصري لمعالجة ازمة مثلث حلايب في الخرطوم كما طلبتم، واقترحت القاهرة؟ وما هو موقف الازمة بين البلدين حالياً؟ - حلايب في الأساس سودانية وتقسيم الحدود السودانية - المصرية في 9881 نفذه الحكم الثنائي البريطاني - المصري. وظلت حلايب جزءاً من مديرية كسلا. وعندما نشبت الازمة بين البلدين في 1958 رفعنا شكوى الى مجلس الامن فحكم لمصلحتنا. وبرزت المشكلة مرة اخرى عندما دفعت مصر بقواتها في حلايب في اكتوبر تشرين الاول الماضي وكنا قررنا عدم اللجوء الى القوة لفض النزاع لأن ما يربطنا بمصر كبير مثل علاقات الجوار ذات الخصوصية واتفاقات التكامل الاقتصادي ومياه النيل وقررنا رفع الامر الى محكمة العدل الدولية وقمة منظمة الوحدة الافريقية الاخيرة، لكننا وافقنا على سحب الشكوى من جدول القمة بعد وساطة من أوغندا وليبيا وزيمبابوي والسنغال، وعقد اجتماع بين الرئيسين عمر البشير وحسني مبارك، وتلاه اجتماع بين وزيري الخارجية في البلدين للبحث في مشاكل حلايب والاعلام وأوضاع الطلاب السودانيين. ومصر لم تذكر في رسالة الوزير عمرو موسى اية اسباب لطلب تغيير زمان لقاء الوزيرين ومكانه، والذي سترفع نتائجه للقاء الرئيسين. ومن جانبنا ابدينا مرونة سعياً الى حل المشكلة. وأعتقد بأن التغيير كان مرتبطاً بمهمات الوزير عمرو موسى الاخيرة في بيروت. عموماً ان موقفنا المبدئي من الصراع ثابت. لجوء عبدالرحمن نفيتم وجود اتصالات اميركية معكم في شأن لجوء الشيخ عمر عبدالرحمن الى السودان، هل سترفضون طلباً منه للجوء اذا تقدم به؟ - لم تحدث بيننا وبين الادارة الاميركية اية اتصالات في شأن لجوء الشيخ عمر عبدالرحمن، واعتقد بأن اميركا روجت لذلك في اطار سعيها الدائب الى وضع السودان في موضع الاتهامات باحتضان الارهاب، والشيخ عمر عبدالرحمن مصري في النهاية وليس سودانياً. السودان متهم بأنه اصبح واجهة للنفوذ الايراني في افريقيا؟ - علاقاتنا الخارجية تقوم على مبدأ السيادة ولا نقبل بأي تدخل خارجي لتوجيه هذه العلاقات. اما ايران فعلاقتنا معها ليست ايديولوجية بل سياسية. ربما كانت تجمعنا التوجهات لاتباع الكتب السماوية، اما اتهامنا بأننا واجهة لايران في المنطقة ففي اعتقادي انه ناتج من سوء فهم، فمبادؤنا تحرم علينا ان نكون اداة لقوى اخرى. وهذه الاتهامات تروج لها دول تسعى الى عزل السودان. اغلقتم اخيراً سفارتكم في مالي، واتهمتم الجزائر وتونس بالضغط على فرنسا لتمارس نفوذها على دول غرب افريقيا من اجل عدم السماح لكم بفتح سفارات فيها، ما هو الموقف في هذا الشأن؟ - فتح سفارات للسودان لم يتوقف، ونسعى حالياً الى فتح سفارة في موريتانيا واخرى في السنغال وغيرهما. وهناك اعتبارات سياسية واقتصادية تحدد فتح السفارات حتى تؤدي الغرض منها ولا تكون رمزية فقط، منها الاهمية الاقتصادية والسياسية للمنطقة واغلاق بعض السفارات تم لأسباب مالية. ما هو موقفكم من عقد الجولة الثالثة من مفاوضات السلام في ابوجا؟ وهل صحيح انكم تدعمون القتال بين فصائل "الجيش الشعبي" كما قالت الولاياتالمتحدة؟ - المتحاربون في الجنوب سودانيون في النهاية ولا افهم كيف يمكن الحكومة ان تشجع مواطنيها على ان يقتل بعضهم بعضاً. والذين يروجون لذلك يحاولون تعقيد مشكلة الجنوب. والحكومة في الواقع تريد ان يتحد جناحا حركة التمرد لتتواصل مفاوضات السلام في ابوجا والتي تأجلت بسبب ازمة الانتخابات في نيجيريا بعدما كان مقرراً لها 19 حزيران يونيو الماضي. ونحن جادون وجاهزون للحوار، وهو في رأينا أساس حل المشكلة وليس الحرب. المناطق الآمنة خطة اميركية أين وصلت الدعوة الى انشاء المناطق الآمنة في جنوب البلاد؟ - الملاذات الآمنة هي خطة اميركية لتعقيد مشكلة جنوب السودان عن طريق اقامتها في مناطق القتال التي تسيطر عليها الحركة الشعبية وهرب منها السكان الى المناطق الآمنة تحت سيطرة الحكومة. ونحن دعونا بدلاً من ذلك الى التركيز على نقل الاغاثة الى المتضررين في تلك المناطق بالاتفاق بين الحكومة والأمم المتحدة والمنظمات الطوعية من الخرطوم. ونحن نرى ان دور الاممالمتحدة هو اساساً حفظ السلام وليس فرض السلام. وقد فشلت المنظمة عندما عكست هذا الدور في الصومال ولبنان وغيره. اما في السودان فان تحقيق السلام هو مهمة سودانية صرف ويمكن بعد تحقيقه دعوة طرف ثالث كالاممالمتحدة الى حفظه. عضو مجلس اللوردات البريطاني البارونة كوكس زارت السودان للمرة الثانية وكانت رفعت تقريراً سلبياً الى المجلس بعد الزيارة الأولى، ما هي نتائج زيارتها الثانية؟ - البريطانيون هم السبب الأساسي لنشوء مشكلة جنوب السودان عندما نفذوا سياسة "فرِّق تسد"، وبذروا بذور الفتنة بين الشمال والجنوب ايام الاستعمار. لذا ارى ان عليهم العمل على حل المشكلة واعادة الثقة بين الشمال والجنوب التي دمروها، وذلك بتشجيع الحوار بين الحكومة والجيش الشعبي لتحرير السودان، وان يكونوا محايدين. نحن وجهنا الدعوة الى البارونة كوكس وأتحنا لها زيارة الجنوب وجبال النوبة لترى الاوضاع بنفسها، وتنقل ذلك الى مجلس اللوردات. وكانت عند زيارتها السابقة زارت مناطق التمرد فقط وكتبت تقريراً عن سوء الاحوال في الجنوب كله. حقوق الانسان وجهت الى الحكومة اتهامات بانتهاك حقوق الانسان، وناقش هذا الامر الكونغرس الاميركي واللجنة الثالثة للأمم المتحدة ولجنة حقوق الانسان؟ - ارسلت الاممالمتحدة خبيراً خاصاً الى السودان لمراقبة اوضاع حقوق الانسان، وكتبت تقريراً ايجابياً. ولكن عند عودته الى مقره التقى في القاهرة وجنيف المعارضين السودانيين فنقلوا اليه معلومات مشوهة غيرت بعض آرائه، لكننا نجحنا في الحصول على تأييد 14 دولة لموقفنا في مؤتمر حقوق الانسان في جنيف في فبراير شباط الماضي، منها الصين وايران وماليزيا وكوبا. وحتى في المؤتمر العالمي لحقوق الانسان الاخير في فيينا حصلنا على تأييد لموقفنا عندما عارضنا النظام العالمي الجديد الذي يهدف الى الانتقاص من سيادة دول العالم الثالث من خلال السعي الى التدخل فيها بدعوى حماية حقوق الانسان وهزمنا الاقتراح الاميركي في هذا الشأن في المؤتمر. كرجل دين وسياسي جنوبي ما هو رأيك في الحلول المطروحة لحل مشكلة الجنوب مثل الفيديرالية والكونفيديرالية؟ - الفيديرالية مطلب قديم للجنوبيين، وكان من اسباب اندلاع حرب الجنوب عام 1955، وعندما تحقق جزئياً في 1972 فرض الرئيس السابق جعفر نميري قراره بتقسيم الجنوب اقاليم ثلاثة في مطلع الثمانينات، ثم تجددت الحرب في 1983. اما ثورة الانقاذ الوطني فأدركت ان الحل هو العودة الى نظام الفيديرالية وتقسيم الجنوب ثلاث ولايات لحل مشكلة الهيمنة القبلية. اما الكونفيديرالية فلا تصلح في رأيي لأن هناك مشكلة فقدان الثقة بين الشمال والجنوب، مما سيعقد الوضع ويؤدي الى انفصال احدهما عن الآخر. وحتى جون قرنق نفسه يقول انه لا يطالب بالانفصال. حواركم مع الفاتيكان حول اوضاع المسيحيين في البلاد كيف يسير؟ - علاقتنا مع الفاتيكان تحسنت كثيراً بعد زيارة البابا يوحنا بولص الثاني الاخيرة للسودان. ونسعى باستمرار الى تطويرها. ونعمل حالياً على فتح سفارة او قنصلية لنا في الفاتيكان. وكانت للزيارة آثار ايجابية حتى على الكنيسة الكاثوليكية التي كانت متحجرة في خلافها مع الحكومة. وتم في الزيارة كما هو متعارف عليه رفع درجة رئيسها الى كاردينال. وحتى مطارنة الكنائس هنا رحبوا بدعوة الحكومة الى التسامح الديني وتعايش الثقافات. الى اي حد تأثرت علاقات السودان الخارجية بالعزلة المفروضة على البلاد؟ وكيف هي الآن مع الغرب وأفريقيا وآسيا؟ - ان علاقاتنا الخارجية بخلاف ذلك متطورة، وحتى حجم التمثيل الديبلوماسي الاجنبي في الخرطوم في ازدياد وعاودت دول عدة اخيراً افتتاح سفاراتها في الخرطوم، ومنها زامبيا وتنزانيا بعدما تأكد لها عدم صحة الاتهامات المثارة ضدنا. اما علاقاتنا مع المجموعة الأوروبية فنسعى معهم الى رفع الحظر على مساعدتهم لنا المقررة بموجب اتفاقات لومي البالغة اكثر من اربعمائة مليون دولار. ويمكن القول عموماً ان المجموعة الأوروبية ظلت معنية فقط بمشاكل اوروبا وهي تعاني خلافات وترى ان الدعم الكبير للعالم الثالث يؤثر في مصالحها خصوصاً الآن في أوروبا الشرقية. علاقاتنا العربية جيدة ونسعى باستمرار الى تطويرها وجاءت زيارة وزير الخارجية الدكتور حسين ابو صالح الاخيرة لقطر في هذا الاطار، وستعقبها زيارة مماثلة لسلطنة عمان. ومساعينا مع مصر تتم في الاتجاه نفسه لرأب الصدع العربي. اما في افريقيا فنحن كبلد عربي افريقي اكثر وجوده الجغرافي والتاريخي في افريقيا نسعى الى تطوير علاقاتنا مع دول القارة ولا سيما دول الجوار. وما قيل عن وجود مشاكل بيننا وبين كينيا او اوغندا في شأن نقل مائتين من الاطفال الجنوبيين الى معسكرات قرنق ليس صحيحاً اذ اننا طلبنا فقط ان تضمن عدم استخدام الاطفال في القتال الدائر من قبل قوات الجيش الشعبي. علاقتنا مع آسيا متطورة سياسياً واقتصادياً خصوصاً دول جنوب شرقي آسيا التي نحصل منها على مساعدات للتنمية من دون ضغوط بخلاف المساعدات الغربية.