حملت تصريحات العقيد القذافي بأنه لن يمانع في سفر المتهمين الامين فحيمة وعبدالباسط المقراحي الى خارج ليبيا للمحاكمة اذا رغبا في ذلك طواعية حلاً لأزمة لوكربي. لكن الزعيم الليبي اشترط حصول ليبيا على تعهد بأن يكون المتهمان هما آخر المطلوبين في قائمة المحاكمة والا تشمل الدعوى شخصيات اخرى. وكان القذافي صرح بذلك على هامش الاجتماعات التي عقدها مع الرئيس حسني مبارك في طرابلس الاسبوع الماضي. وقالت مصادر ديبلوماسية في القاهرة انه في حال حصول ليبيا على هذا التعهد قد يعلن المتهمان رغبتهما في المثول للمحاكمة امام القضاء الاميركي او البريطاني، والاخير هو الاكثر احتمالاً بعد تقديم ليبيا كل المعلومات عن دعمها الجيش الجمهوري الايرلندي خلال اربعة لقاءات بين مسؤولين ليبيين وبريطانيين في القاهرة وجنيف. وأضافت المصادر نفسها ان "آمال ليبيا خابت في الاعتماد على عنصر الوقت وتفجير خلاف بين المصالح الاقتصادية للولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في اعقاب التحذير الثلاثي الذي صدر عن لجنة العقوبات التابعة لمجلس الامن الدولي". وقال ديبلوماسي مصري لپ"الوسط" ان الرئيس حسني مبارك سيجري خلال زيارته لنيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لقاءات مع قادة الدول الثلاث لتجنيب ليبيا مسألة تصعيد العقوبات ضدها في حال استمرار رفضها تسليم المتهمين وعدم القدرة على الحصول على ضمان بعدم مطالبة الغرب باشخاص آخرين للمحاكمة في الوقت نفسه. وعلى رغم مظاهر الفرح التي رافقت الاستعدادات لاحتفالات عيد "الفاتح من سبتمبر"، فان القلق سيطر على الشارع الليبي بعد انقضاء المهلة التي اعطاها مجلس الامن لليبيا. وقال وافدون من ليبيا ان الناس هناك تتساءل عن مدى صحة السياسات التي قادت بلادهم الى هذا الوضع، باعتبارها "منبوذة" على الساحة الدولية ومتهمة بتشجيع الارهاب، ولم تستطع حتى ان تضمن لنفسها تضامن الدول المغاربية او العربية او تدفعها الى تأييدها ورفض تنفيذ الحظر المفروض على طيرانها المدني وأجوائها منذ عام ونصف. ويقول الوافدون من ليبيا ان كثيرين من المواطنين هناك اصبحوا يعبرون عن مواقفهم الرافضة علناً ولم تعد عقدة الخوف مسيطرة كما كانت سابقاً، وهم يدركون ان فرض حظر شامل من شأنه ان يؤدي الى ندرة في المواد المعروضة بحيث ينخفض مستواهم المعيشي الى مستوى اي دولة فقيرة في افريقيا. ويشاهد الليبيون بجزع تدهور قيمة عملتهم التي كانت قوية. ففي السوق الحرة والموازية في تونس يجري علناً تبديل الدينار الليبي الذي تبلغ قيمته الرسمية اكثر من ثلاثة دنانير تونسية الدينار التونسي يساوي دولاراً بحوالي نصف دينار تونسي، اي اقل بست مرات من قيمته. وهناك من المراقبين من يراهن على ان ليبيا قد تتخذ خطوات عملية مفاجئة، في شأن قضية لوكربي، مباشرة بعد احتفالات "الفاتح من سبتمبر" التي دعت اليها وفوداً رسمية ومثقفين وصحافيين من بلدان عدة، كأن "تدفع" بالمتهمين الثلاثة الى تسليم انفسهم الى القضاء الاسكوتلندي باعتبار ان الحادث حصل جغرافياً في اسكوتلندا.