تبعاً للقانون الاسكتلندي سيعيش عبد الباسط علي محمد المقراحي ما تبقى له على قيد الحياة في السجن. واغلب الظن ان يقضي سنوات حكمه المؤبّد في سجن بارلينّي بمدينة غلاسكو الاسكتلندية حيث جُهّزت له زنزانة انفرادية بعيدة عن زنازين باقي المساجين. وهو، وإن كان لا يملك حق الاستئناف على نحو آلي، يملك الحق في طلب الاستئناف شريطة ان يعلن عن رغبته هذه في غضون اسبوعين لا اكثر. لكن الاساس الوحيد لطلبه، عملا بالقانون الاسكتلندي، هو الطعن بعدالة المحاكمة والحكم، او ما يُعرف قانونياً ب"إجهاض العدالة". أما المتهم الليبي الآخر الأمين خليفة فحيمة فسوف يطلق سراحه في اية لحظة، بحيث يستطيع مغادرة كمب زايت في هولندا والعودة حرّاً الى بلده. لكن ما الذي يعنيه الحكم في ما خص العقوبات المفروضة على ليبيا؟ الواقع ان عقوبات الاممالمتحدة التي اشتملت على حظر السفر ومنع بيع السلاح وبعض التجهيزات النفطية، كانت قد عُلّقت منذ 1999، اي منذ أن قامت طرابلس بتسليم المقراحي وفحيمة. بيد ان العقوبات لا تزال، بالمعنى التقني للكلمة، قائمة. وهذا يعني ان على ليبيا القيام بخطوات معينة قبل الرفع الرسمي للعقوبات: وأهم ما ينبغي ان تقوم به كشف كل ما تعرفه عن عملية التفجير، ودفع التعويضات لذوي الضحايا البالغ عددهم 270 شخصاً. وحتى الآن لم يوضع جدول زمني لرفعها، الا ان ديبلوماسيين في الاممالمتحدة وبريطانيا وليبيا اعلنوا، الاسبوع الماضي، انهم باشروا مراجعة العقوبات ونظامها. اما الولاياتالمتحدة فبدت اشد حذراً وتحفظاً بالنسبة الى رفع عقوباتها هي على طرابلس. والحال ان ذوي الضحايا الاميركان كانوا قد رفعوا، قبل سنوات، دعوى مدنية بهدف الحصول على ما يزيد عن عشرة بلايين دولار كتعويضات من الحكومة الليبية. فما ان صدر الحكم يوم أمس حتى جدد باسمهم بيتر لونستاين، والد احد الضحايا، الاعلان عن عدم توقف الدعوى. لا بل يبدو ان الحكم على المقراحي عزز زعمهم في ما خص تورط الحكومة الليبية. وبدورها فان عائلات الضحايا البريطانيين تبدي رغبتها في المطالبة بتحقيق عام يفضي الى بعض الاجابات عن اسئلة اثارتها المحاكمة المديدة ولم تحسم أمرها. أبعد من هذا كله ان النتيجة التي تم التوصل اليها، حتى الآن، توحي ان ثمة فصلاً بين محاكمة المتهمين الليبيين ومحاكمة السياسة الليبية. وهذه النتيجة، اذا ما نقضتها تطورات لاحقة، ستكون مشجعة في ما خص عودة طرابلس الى الاندراج في العلاقات الدولية المقبولة. واذا كانت السياسات الاخيرة للعقيد معمر القذافي، والتي وصفها المراقبون بالجنوح الى الاعتدال، تلتقي مع هذه التقديرات، يبقى ان المؤشر الحاسم سيجسّده موقف واشنطن من العقوبات على ليبيا. وهذا بند مهم وحساس ينتظر الكثيرون جلاءه قبل ان يُختتم الفصل الذي افتُتح بتفجير لوكربي.