أعطت الحملة الإعلامية الليبية على العرب والمسلمين، وما تضمنته من دعوات إلى التحالف مع الغرب بدلا من العرب، الانطباع للكثيرين وكأن زعماء العالم الغربي - من الرئيس بوش إلى القادة الأوروبيين - جاهزون ومستعدون لفتح صفحة جديدة مع ليبيا وإقامة علاقات ودية ومتينة معها، وكأنه، أيضا، يكفي أن يعبر الإعلام الليبي، أو بعضه، عن هذه الرغبة، حتى تهرع الدول الغربية إلى ليبيا للتحالف معها. لكن الحقيقة غير ذلك تماما. فالدول الغربية لا تثق بالنظام الليبي الحالي ولا بسياسات العقيد معمر القذافي، المتقلبة أو المتبدلة، وهي تضع مجموعة شروط قاسية لإقامة حد أدنى من "العلاقات الطبيعية" مع ليبيا. وهذه الحملة الإعلامية الليبية لا تنطلق من فراغ. فقد علمت "الوسط" من مصادر ديبلوماسية غربية رفيعة المستوى أن المسؤولين الليبيين بعثوا، خلال الأسابيع والأيام القليلة الماضية، إلى الولاياتالمتحدةوبريطانيا وفرنسا بشكل خاص، من خلال اتصالات مباشرة وغير مباشرة، باقتراحات سرية عدة لتجاوز الأزمة الحالية الناشبة بين ليبيا والدول الغربية خصوصا والمجتمع الدولي عموما، و"لتطبيع" العلاقات بين طرابلسوواشنطن ولندن وباريس. وكشفت هذه المصادر الغربية ل"الوسط" أن الولاياتالمتحدةوبريطانيا وفرنسا "متفقة في ما بينها" على عقد اجتماع جديد لمجلس الأمن الدولي يوم 15 آب أغسطس المقبل لدرس اتخاذ إجراءات وعقوبات إضافية ضد ليبيا، إذا لم يتم تسليم المتهمين الليبيين بتفجير طائرتي الركاب، الأميركية فوق لوكربي عام 1988 والفرنسية فوق النيجر عام 1989، إلى السلطات المختصة، قبل ذلك الموعد. ووفقا لهذه المصادر فان القذافي يسعى إلى إيجاد "حل ما" لأزمته هذه مع الغرب قبل الخامس عشر من آب أغسطس المقبل. لكن قبل التطرق إلى شروط الغرب للتقارب مع ليبيا واقتراحات ليبيا السرية إلى الدول الغربية، لا بد من التوقف عند الحملة الإعلامية الليبية على العرب والمسلمين. هذه الحملة قادتها صحيفة "الجماهيرية"، التي تصدرها اللجان الثورية في ليبيا، واستمرت أياما عدة، قبل وخلال انعقاد "المؤتمر الشعبي العام" في سرت، نشرت خلالها مجموعة مقالات تضمنت انتقادات شديدة لسياسة القذافي المساندة للقضايا العربية. وقد بثت الإذاعة الليبية بعض هذه المقالات. ومن العبارات في هذه الحملة: "لا وألف لا للعروبة والإسلام"، "نريد أن نلتفت إلى مصالحنا ونتعامل مع من يحقق مصالحنا. والذي يحقق مصالحنا هو شقيقنا، سواء كان صينيا أو هنديا أو أميركيا". وتضمن المقالات دعوة القذافي إلى التخلي عن "سراب" الوحدة العربية وعدم الاهتمام سوى بمصلحة ليبيا. وخاطب أحد المقالات القذافي قائلا: "إذا كنت تتوهم الخير في عربك فتخيره وحدك... اذهب إليهم وحدك واستجدهم وحدك، أما نحن فلم نعد نطيق استهزاءهم بنا بسببك". وجاء في مقال آخر: "لقد دفعت بنا - والمقصود القذافي - إلى معاداة الغرب فعادانا الغرب وتنكر لنا عربك... فتحملنا الحصار لأجلهم هم حيث لا مشكل لنا مع الغرب". ودعت المقالات إلى خفض الروابط الاقتصادية بين ليبيا والدول العربية والإسلامية - وهو أمر قد يؤدي في حال تنفيذه إلى طرد عشرات الآلاف من العمال العرب للحصول على التكنولوجيا الحديثة. وطالب أحد المقالات بإعادة النظر في اتحاد المغرب العربي بسبب التزام دوله بتطبيق قرارات الحظر الدولي المفروضة على ليبيا. واستثنت صحيفة "الجماهيرية" المصريين من حملتها على العرب وأوضحت في مقال لها مطلع الأسبوع الماضي: "نقول لأشقائنا في مصر لا علاقة لهم بما نكتب... إننا لا نعنيكم أبدا بموقفنا هذا لأنكم أنتم أيضا عشتم هذه المرارة وهذا الخذلان العربي الذي نعيشه نحن اليوم". الظواهر توحي بأن هذه الحملة القاسية تشكل نوعا من "الانقلاب" على القذافي أو على الأقل على السياسة التي اعتمدها منذ وصوله إلى الحكم عام 1969. لكن مصادر عربية وغربية وثيقة الاطلاع على الشؤون الليبية أبلغت "الوسط" أن القذافي نفسه هو الذي يقف وراء هذه الحملة، بل أن بعض هذه المصادر ذهب إلى حد القول أن القذافي نفسه كتب هذه المقالات التي تعرضت له بالنقد القاسي. وبذلك يوجه القذافي النقد للقذافي! والهدف الحقيقي من هذه الحملة ليس بالطبع الانتقاص من دور الرئيس الليبي أو العمل على إضعافه داخل بلاده، بل الهدف محاولة الإيحاء للدول الأخرى - وخصوصا الغربية - بأن هناك "نقاشا ديموقراطيا وصريحا" في ليبيا حول توجهات هذا البلد السياسية في المرحلة المقبلة، وأيضا حول تسليم - أو عدم تسليم - المتهمين بحادثي تفجير الطائرتين الأميركية والفرنسية. فوسائل الإعلام الليبية الأخرى لم تنضم إلى صحفية "الجماهيرية" في حملاتها على العرب، كما أن "المؤتمر الشعبي العام" الذي بدأ أعماله في سرت يوم 13 حزيران "يونيو" الجاري استمع إلى خطباء أشادوا بالعلاقات مع العرب والمسلمين. وكان من بين هؤلاء أمين المؤتمر عبد الرزاق الصوصاع الذي وجه التحية إلى العرب والمسلمين وأكد في الوقت نفسه أن القانون الليبي يمنع تسليم المتهمين إلى دول أخرى، فردت عليه صحيفة "الجماهيرية" وقالت عنه انه "لا يمثل إلا نفسه" غير أن اللافت في هذه الحملة أن الدعوات التي تتضمنه "شبه انتحارية" وغير قابلة للتطبيق، إذ أن ليبيا هي التي ستخسر من مقاطعة العرب، وهي في أي حال لا تستطيع أن تنفذ هذه المقاطعة فعليا لأسباب عدة. وهذه الحملة تحمل من التناقض في مضمونها، إذا إن مضمون المقالات المنشورة يوحي وكأن الذين كتبوها يؤيدون تسليم المتهمين إلى الدول الغربية. لكنهم في الوقت نفسه يهاجمون الدول العربية التي نصحت كلها أو معظمها، بشكل أو آخر القذافي بتسليم المتهمين للمحاكمة في الخارج. عرض سري ليبي في أي حال هذه الحملة الإعلامية الليبية التي تشبه فورة الغضب سبقتها اتصالات سرية ومكثفة أجراها عدد من المسؤولين والديبلوماسيين الليبيين - سواء مباشرة أو بصورة غير مباشرة عن طريق دول عربية كمصر أو دول أوروبية كإسبانيا أو جهات غير رسمية - مع المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، قدم خلالها الجانب الليبي ما يمكن اعتباره "عرضا متكاملا" لفتح صفحة جديدة من العلاقات بين ليبيا وبين أميركا وبريطانيا وفرنسا خصوصا والدول الغربية عموما. وكشفت مصادر ديبلوماسية غربية رفيعة المستوى ل"الوسط" أن هذا العرض الليبي السري تضمن الاقتراحات الأساسية الآتية: 1- استعداد لبيا لاتخاذ كل التدابير والإجراءات الملموسة والمطلوبة لقطع العلاقات كليا بأفراد أو مجموعات أو تنظيمات متورطة في أعمال إرهابية، على أن يشمل ذلك معاقبة كل ليبي يثبت تورطه في أعمال إرهابية وإبعاد كل مواطن عربي أو أجنبي له علاقة بالإرهاب. 2- استعداد ليبيا لاستقبال لجنة دولية أو مراقبين أميركيين وبريطانيين وفرنسيين يعملون بإشراف مجلس الأمن الدولي أو أية لجنة دولية ملائمة للتأكد من عدم وجود معسكرات أو مراكز للإرهابيين في الأراضي الليبية. 3- استعداد ليبيا لإخضاع منشآتها التي تنتج مواد كيماوية أو ما يمكن اعتباره "أسلحة دمار شامل" لرقابة دولية للتأكد من تقيدها بكل القوانين الدولية التي تحرم امتلاك هذه الأسلحة. 4- تعهد ليبيا بالامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وعدم القيام بأية أعمال يمكن أن تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة. 5- استعداد ليبيا للمشاركة، مع الدول العربية الأخرى، في المفاوضات المتعددة الأطراف الموازية لمفاوضات السلام العربية - الإسرائيلية، وفي لجان العمل التي تبحث قضايا تعنى ليبيا. يرافق ذلك التعهد عدم القيام بأية أعمال من شانها أن تؤثر على عملية السلام الجارية برعاية الولاياتالمتحدة. 6- رغبة ليبيا في إجراء محادثات رسمية مباشرة، وعلى أي مستوى كان، مع الولاياتالمتحدةوبريطانيا وفرنسا لمناقشة جوانب الأزمة معها، ودرس إمكانات تطوير التعاون مه هذه الدول في مختلف المجالات النفطية الاقتصادية والصناعية والسياسية وسواها. لكن اللافت للانتباه أن هذه الاقتراحات تتضمن استعداد ليبيا لتسليم المتهمين بتفجير طائرة لوكربي الى بريطانيا أو الولاياتالمتحدة، وهما عبد الباسط علي المقراحي والأمين خليفة فحيمة والسماح للسلطات الفرنسية بالتحقيق مع 4 متهمين ليبيين في حادث تفجير الطائرة الفرنسية وأبرز هؤلاء عبدالله السنوسي "المسؤول عن الأمن الشخصي للقذافي". هذه الاقتراحات كلها تمت تحت شعار استعداد ليبيا "لفتح صفحة جديدة مع أميركا وأوروبا ودول الغرب عموما ولتوثيق العلاقات معها". الرد الغربي ماذا كان رد فعل الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين على هذا العرض الليبي؟ المصادر الغربية نفسها أكدت ل"الوسط" أن رد هؤلاء المسؤولين على الاقتراحات الليبية تلخص في النقاط الأساسية الآتية: 1- مطالب ليبيا بأعلان موقفها "الجديد" هذا من الإرهاب في بيان رسمي علني. 2- مطالبة ليبيا بتقديم أدلة ملموسة فورية تثبت تخليها عن الإرهاب والجماعات الإرهابية. 3- الإصرار على تسليم المتهمين بتفجير الطائرة الأميركية إلى أميركا أو بريطانيا والسماح للسلطات الفرنسية باستجواب المتهمين بتفجير الطائرة الفرنسية فوق النيجر. 4- لا مجال لعقد أي لقاء رسمي مع أي مسؤول ليبي لمناقشة مستقبل العلاقات مع ليبيا قبل تسليم المتهمين وتنفيذ كل ما جاء في قراري مجلس الأمن الدولي 731 و748. وتجاوب المسؤولون الليبيون، جزئيا، مع هذه الطلبات الأميركية والبريطانية والفرنسية فأقدموا في الفترة الأخيرة على الخطوات البارزة الآتية: 1- أصدرت وزارة الخارجية الليبية يوم 14 أيار مايو الماضي بيانا هو الأول من نوعه أعلنت فيه قبولها القرار 731 واستعدادها لتنفيذ ما ورد فيه بشأن نبذ الإرهاب بصورة قاطعة وبجميع أشكاله. وأورد البيان مجموعة إجراءات تنوي ليبيا اتخاذها لإثبات نبذها الإرهاب. 2- وافق المسؤولون الليبيون - بصورة غير معلنة - على تلقي مذكرة رسمية بريطانية سلمت إليهم عن طريق جهة عربية وتتضمن مجموعة كبيرة من الأسئلة الموجهة إليهم حول علاقات ليبيا مع منظمة "الجيش الجمهوري الايرلندي" التي تقوم بأعمال إرهابية ضد أهداف ومصالح بريطانية. وأعد الليبيون ردودا على هذه الأسئلة، فتم عقد اجتماع في قصر الأممالمتحدة في جنيف يوم 9 حزيران يونيو الجاري بين وفد ليبي برئاسة عبد العاطي العبيدي السفير لدى تونس ووفد بريطاني ضم ديبلوماسيا واحدا فقط هو ادوار تشابلن المستشار لدى السفارة في جنيف. وعقد هذا الاجتماع بحضور أنطوان بلانكا المدير العام للأمم المتحدة في جنيف. وخلال هذا الاجتماع طرح تشابلن مجموعة كبيرة من الأسئلة حول علاقات ليبيا "بالجيش الجمهوري الايرلندي" - مكررا ما ورد في المذكرة البريطانية السرية إلى طرابلس - ورد العبيدي، شفويا، على جميع الأسئلة. ووفقا لما أكدته ل"الوسط" مصادر بريطانية وثيقة الاطلاع فقد حصل البريطانيون من الجانب الليبي على "معلومات مهمة ودقيقة" تتناول أسماء إرهابيي "الجيش الايرلندي" الذين زاروا ليبيا أو تدربوا فيها، وقيمة الأموال التي دفعها الليبيون لهذه المنظمة وكذلك أنواع وكميات الأسلحة والمتفجرات التي زودوهم بها، إضافة إلى معلومات عن طبيعة التدريب التي تلقته عناصر من هذه المنظمة في ليبيا. وقد حرص الجانب الليبي على نفي تزويد "الجيش الجمهوري الايرلندي" بصواريخ أرض - جو مضادة للطائرات. وتمنى الليبيون إحاطة كل هذه المعلومات "بالسرية التامة". واعتبر المسؤولون البريطانيون أن هذه المعلومات الليبية "مفيدة وتساعد في المعركة ضد الجيش الجمهوري الايرلندي". 3- أبدى المسؤولون الليبيون استعدادهم لدرس طلب تقدم به الأميركيون يدعو إلى تسلم "الجهات المختصة" - ربما مجلس الأمن - قائمة بأسماء "إرهابيين" موزعين حاليا في أنحاء العالم ويحتفظون بكميات من متفجرات "سيمتكس" الشديدة الفعالية التي استخدمت لتفجير طائرة لوكربي. كما وعدوا بدرس طلب أميركي يدعوهم إلى تقديم "معلومات" عن "إرهابيين" و"منظمات إرهابية" شرق أوسطية تعاونت مع ليبيا. 4- تم، بسرية تامة، إبعاد عدد من المسؤولين "الأمنيين" الليبيين من مناصبهم على أساسا "الاشتباه" بتورطهم في نشاطات إرهابية. شروط "التطبيع" وبدا نتيجة ذلك للأطراف المعنية أن المسؤولين الليبيين مستعدون لتقديم كل التنازلات المطلوبة منهم، ما عدا تسليم المتهمين بتفجير الطائرتين، ليس فقط على أساس أن القانون الليبي لا يسمح بذلك، بل على أساس "قناعة ليبية" بأن القرار 731 لا يطالب بتسليم هؤلاء المتهمين. وكشف مصدر ديبلوماسي أميركي وثيق الاطلاع ل"الوسط" أن مسؤولاً مصرياً أبلغ الإدارة الأميركية أن القذافي لن يوافق على تسليم المتهمين أو السماح باستجوابهم، إلا إذا حصل على ضمانات رسمية بأن "العملية كلها" ستتوقف عند هذا الحد، وأن التحقيقات مع المتهمين لن تطال مسؤولين ليبيين آخرين - وربما القذافي نفسه - تعتقد واشنطن أنهم متورطون في حادثي تفجير الطائرتين. وأضاف المصدر الديبلوماسي الأميركي أن إدارة بوش رفضت تقديم مثل هذه الضمانات إلى القذافي، بل أكدت للمصريين أن السلطات الأميركية ستلاحق وتطلب اعتقال كل من تثبت علاقته بحادث تفجير الطائرة الأميركية. وفي هذا الإطار قام دوغلاس هيرد وزير الخارجية البريطاني "بمساع جدية" - خصوصا عن طريق الرئيس حسني مبارك والمسؤولين المصريين - لإقناع القذافي بتسليم المتهمين إلى السلطات البريطانية لمحاكمتهم في سكوتلندا. وقدم هيرد مجموعة ضمانات لإجراء "محاكمة نزيهة" للمتهمين أبرزها السماح لمراقبين من الأممالمتحدة والجامعة العربية بزيارة المتهمين يوميا وحضور محاكمتهما للتأكد من عدم تعرضهما لأية ضغوط. واعتبر المصريون أن هذه الضمانات "كافية" ونصحوا الليبيين بتسليم المتهمين إلى السلطات البريطانية. وكان رد الليبيين أن هذا الموضوع سيناقش في المؤتمر الشعبي العام الذي انعقد الأسبوع الماضي في سرت. ونعود إلى السؤال: -ما شروط الغرب للتجاوب مع الدعوة الليبية إلى إقامة علاقات وثيقة - قد تصل إلى حد التحالف - بين ليبيا والدول الغربية؟ مصادر أميركية وأوروبية مسؤولة أوضحت ل"الوسط" رداً على سؤال، أن التحالف الليبي - الغربي ليس واردا، وأن "العقبة الأساسية" التي تقف أمام تطوير العلاقات الليبية - الأميركية والليبية - الأوروبية عموما هي القذافي نفسه والسياسات التي اتبعها طوال السنوات الماضية. والشرط الأول - وفقا لهذه المصادر - لبدء عملية "تطبيع" العلاقات مع ليبيا تدريجيا، لا التحالف، هو تسليم المتهمين بتفجير طائرة لوكربي والسماح للسلطات الفرنسية باستجواب المتهمين بتفجير الطائرة الفرنسية. ويجب أن تتبع ذلك سلسلة خطوات وإجراءات ملموسة - سواء على صعيد إحداث تغييرات داخل ليبيا نفسها وفي عدد من مواقفها السياسية - تجعل الولاياتالمتحدة والدول الغربية "تطمئن فعلا" بأن "انقلاباً سياسيا حقيقيا" حدث في ليبيا وفي توجهاتها. وتبدي هذه المصادر "شكوكا قوية" حول رغبة أو قدرة القذافي على إحداث هذه التغييرات الجذرية، بل ترى أن القذافي "يدور حول المشكلة الحقيقية" ويقدم "تنازلات كثيرة" لتجنب تسليم المتهمين بتفجير الطائرتين، خوفا من ذيول هذا التسليم ونتائج اعترافات المتهمين. لكن الدول الغربية الثلاث المعنية بهذه القضية لن تتراجع عن مواقفها. فالولاياتالمتحدةوبريطانيا تصران على تسليم المتهمين الليبيين بحادث لوكربي لمحاكمتهما، وفرنسا تصر على استجواب المتهمين الليبيين الأربعة بحادث تفجير الطائرة الفرنسية فوق النيجر. وأمام القذافي مهلة بضعة أسابيع للاستجابة لهذه المطالب قبل عقد اجتماع جديد لمجلس الأمن الدولي في 15 آب أغسطس المقبل لاتخاذ إجراءات إضافية أكثر تشددا ضد ليبيا.