أكد الأمين العام للهيئة الاستشارية للثقافة محمد رضا نصرالله أن وزارة الثقافة والمثقفين بحاجة «إلى لفتة قوية وسريعة من وزارة المالية، من هنا جاءت دعوة وزيرها الدكتور إبراهيم العساف للمشاركة في واحد من المحاور، واشتعل الحماس لدعوة العساف ليس بسبب موقعه الرسمي فحسب، وإنما بوصفه أحد الأكاديميين والخبراء وهو كما أعلم متذوقاً للفنون والآداب – بخاصة الفن التشكيلي – لذلك أنا متفائل من حضوره والتفاعل مع مطالب المثقفين والمبدعين السعوديين»، موضحاً أن أبواب «ملتقى المثقفين السعوديين» مفتوحة «للجميع دون استثناء ولا إقصاء ولا تصنيف في التوجه الفكري أو التجربة الإبداعية أوعامل العمر»، مؤكداً دعوة وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة لعدد كبير من المثقفين، مما لهم إنتاج ثقافي وأدبي. وحول وجود إستراتيجية للتنمية الثقافية أصدرتها وكالة الثقافة العام الماضي، فلماذا لا يتم اعتمادها والشروع في تنفيذ ما هو أهم من وجهة نظر المثقفين، أي البنية التحتية، أو أن هذه الإستراتيجية عاجزة عن تلبية تطلعات المثقفين؟ أوضح نصر الله ل«الحياة» قائلاً: نعم، كان الهدف من انعقاد الملتقى الأول للمثقفين بأوراق العمل والجلسات والتوصيات فيه أن يكون أساساً وضع الاستراتيجية الوطنية للثقافة في المملكة، مع التأكيد على إقامة الملتقى دورياً كل سنتين، وذلك لاستمرار مداولة النقاش في الوضع الثقافي، هذا الذي استلمت وزارة الإعلام مسؤولية الإشراف عليه، بعد نقل قطاعاته المبعثرة من الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ووزارة المعارف بحسب التسمية وقتذاك، ووزارة التعليم العالي حيث مازالت تباشر الإشراف على معارض الكتب وبعض المناسبات الثقافية خارج المملكة. وأحسب أن الانتهاء من صياغة أية إستراتيجية يأخذ وقتاً طويلاً، مثلاً على مستوى دول مجلس التعاون فقد انتهى للتو من إنهاء الإستراتيجية التعاونية لدول المجلس في اجتماع أبو ظبي الأخير وذلك بعد سنوات طويلة من مداولات الرأي فيها، علماً بأن هذه الإستراتيجية في نظري لا تغطي حقيقة الواقع الثقافي في دول المجلس، خصوصاً المملكة، التي لم يجر فيها أي مسح ثقافي لموجوداتها من أسواق قديمة وآثار، وقصص وروايات وأشعار وألحان ونسيج وتطريز ومشغولات يدوية، وكل ما ينطوي تحت مصطلح «الإنتاج الثقافي غير المادي» الذي صكته منظمة اليونسكو، ودعا دول العالم ومن بينها المملكة للتوقيع على اتفاق يحمل هذا الاسم، من أجل حماية الخصوصيات الثقافية للشعوب أمام مد العولمة الكاسح لهويات الدول الحضارية، حيث يتم تداول مصطلح «التنوع الثقافي» في أروقة المؤسسات الثقافية العالمية والإقليمية من أجل التأكيد على ثقافة كل أمة من أمم العالم في الشرق أو الغرب». وأشار إلى أن استمرار مداولة النقاش في الملتقى الثاني للمثقفين، «يأتي استكمالاً لما تطارحه الأكاديميون والمثقفون والمبدعون السعوديون من الجنسين، بهدف بلورة الأهداف الأساسية في الإستراتيجية الثقافية، واقتراح الوسائل القادمة على تنفيذ الأهداف، وأيضاً فإن انعقاد الملتقى الوقت - رغم تعثر انعقاده على امتداد السنوات الماضية - سيمكن المشاركين لمطارحة قضية الثقافة السعودية، من حيث انتهى الآخرون في الدول التي سبقتنا، ولذلك فقد تمت دعوة عدد محدود من الخبراء في مجال التنمية الثقافية في الدول ذات التجارب الثقافية المميزة - عربياً – وأيضاً تمت دعوة مديرة المعهد العربي في باريس منى خزندار، لكي تضع الملتقى أمام أحدث التجارب الثقافية في العالم، إذ ستشارك في حلقة نقاش خاصة مع أبرز الخبراء في مجال التنمية الثقافية لعرض بعض التجارب الناجحة عالمياً وعربياً، ومن المشاركين أيضاً وزير الثقافة والرياضة وتنمية المجتمع في الإمارات عبد الرحمن العويس ووزيرة الثقافة البحرينية مي آل خليفة ووزير الثقافة السابق في لبنان طارق متري، والأمين العام للمجلس الكويتي للآداب والثقافة علي اليوحه». ورداً أيضاً على ما تناولته بعض الأقلام من أن الملتقى قد «حجز مسبقاً ألف دعوة حصرية»، قال: أولاً: شيء لافت أن يكون في المملكة ألف مثقف ومثقفة، أديب وأديبة، فنان تشكيلي وفنانة تشكيلية، نحات ونحاتة، خطاط وخطاطة، مصور ومصورة ضوئية. قصدت من هذه المزاوجة التأكيد أن المرأة قد أصبحت موجودة اليوم في مجمل حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والثقافية، بعدما كانت هناك ممانعة ضد تعليم المرأة! ثانياً: كيف يمكن لأمانة الملتقى أن تحصر هذا العدد من الأسماء الألف لو لم يكن هؤلاء موجودين بآرائهم الثقافية وإبداعاتهم الفنية». وفي ما يخص إمكان تفعيل نتائج مقترحات الملتقى عن طريق التعاون مع مؤسسات تعليمية أو ثقافية كالصحف أو المراكز الثقافية مثل مركز البابطين أو مركز حمد الجاسر؟ قال الأمين العام للهيئة الاستشارية لثقافة الملتقى: «إننا نعول على مساهمة القطاع الثقافي مع المؤسسات الحكومية في دعم حراك المثقفين، لذلك تمت دعوة الدكتورة مي آل خليفة وزيرة الثقافة في مملكة البحرين، لا بوصفها وزيرة فحسب، وإنما باعتبارها تحمل تجربةً ناجحةً - قبل أن تصبح وزيرة في المواءمة بين القطاع الخاص والمؤسسات الرسمية في دعم المشاريع الثقافية»، لافتاً إلى أن المشكلة الحقيقية «التي تغيب عن أذهان كثير من مثقفينا وأدبائنا، لكنها بالتأكيد غير غائبة عن مسرحيينا وتشكيليينا، هو افتقار وزارة الثقافة والإعلام في المملكة إلى (بنية تحتية) من مقار للمراكز الثقافية تحتوي قاعات مسرح ومتاحف للفنون التشكيلية والبصرية، ومعارض للمأثورات الشعبية، وأندية ثقافية للأطفال والشباب في الأحياء، وكذلك دعم صناعة الكتاب السعودي عبر إنشاء هيئة وطنية للكتاب، وتشجيع المؤلفين والناشرين – مادياً ومعنوياً – لتمكينهم من طبع ونشر المؤلفات السعودية وتوزيعها داخل المملكة وخارجها وتحويل المكتبات العامة التي استلمتها وزارة الثقافة والإعلام من وزارة التربية والتعليم لمكتبات جاذبة لكل الأجيال، خصوصاً في هذا العصر المعلوماتي، وتحويل بعض المكتبات الموجودة في المحافظات والقرى والهجر النائية إلى مراكز ثقافية، وأيضاً إطلاق جوائز تقديرية وتشجيعية، للمميزين من منتجي الأفكار ومصيغي النصوص، إضافةً إلى صندوق تعاوني لرعاية أحوال المثقفين والمبدعين تسهم فيه الدولة لسد حاجاتهم ومتطلباتهم. هذه وغيرها غير ممكن توفرها دون إعادة هيكلة القطاع الثقافي – وهو الآن في وضع رديء – وتوفير المال الحكومي اللازم، حيث يئن القطاع الثقافي في الوزارة من حجم الموازنة المتدني الذي لا يقارن مع موازنة أصغر دولة عربية في هذا المجال». ما كتب حول «تنفيع» المثقفين العرب ... عنصرية!