أبدت أوساط الخارجية الاسرائيلية ارتياحها الى موافقة الزعيم الأسود الأميركي جيسي جاكسون على تلبية دعوة تلقاها من نائب وزير الخارجية الاسرائيلي يوسي بيلين لزيارة اسرائيل، وذلك خلال اجتماعهما أخيراً في نيويورك. وستكون هذه أول زيارة رسمية يقوم بها جاكسون للدولة العبرية، اذ كان زارها عام 1979، بدعوة من "اتحاد الطلاب العرب" في الجامعات الاسرائيلية، ورفض خلالها الاجتماع مع أي مسؤول اسرائيلي في حكومة ليكود آنذاك، ومع أي مسؤول في حزب العمل. وتهدف الخارجية الاسرائيلية من وراء هذه الدعوة التي تمت بتنسيق مع منظمات يهودية أميركية، الى تعزيز الجهود التي تبذلها هذه المنظمات لاحياء الحلف السابق بين اليهود والسود في الولاياتالمتحدة، خصوصاً اثر تعاظم نفوذ المواطنين السود في المجالين السياسي والاقتصادي. وفي المقابل تتحدث أوساط المنظمات اليهودية الأميركية عن اقبال جاكسون من جانبه، خلال الفترة الأخيرة، على اتخاذ خطوات عدة تلمح الى استعداده لاحياء هذا الحلف، من أبرزها اجتماعه مع تامي اراد زوجة الطيار الاسرائيلي المفقود في لبنان رون اراد، وتأكيده أمامها أنه سيستعين بعلاقاته مع إيران وسورية لمحاولة معرفة مصير زوجها. وقد بادر بترتيب هذا الاجتماع عمدة نيويورك الأسود ديفيد دينكنز الذي تمكن من الفوز بمنصبه بفضل الدعم الذي حصل عليه من منظمات يهودية. كما ان جاكسون كان انضم الى جهود المصالحة التي نظمها ممثلو المواطنين اليهود والسود في حي كراون - هايتس في نيويورك، إثر اندلاع خلافات بين الجانبين نتيجة وفاة طفل أسود دهسته سيارة كان يقودها حاخام يهودي، وشارك في الحملة التي قامت بها منظمات يهودية أميركية لتسهيل هجرة يهود سورية، واجتمع مع السفير السوري في واشنطن وليد المعلم الذي نقل عنه قوله ان تقلص الهجرة اليهودية من سورية في الأشهر الأخيرة لم يأت نتيجة قرار سياسي وانما نتيجة المعاملة البيروقراطية. وحل جاكسون ضيف شرف على حفلة اقامتها المنظمات اليهودية الأميركية في حي هارلم في نيويورك لمناسبة عرض فيلم جديد عن تحرير معسكرات الاعتقال النازية خلال الحرب العالمية الثانية على أيدي وحدات عسكرية أميركية، غالبية أفرادها من السود. وبرز بين المشاركين في الحفلة القنصل الاسرائيلي في نيويورك كوليت افيتال التي ارسلت برقية الى الخارجية الاسرائيلية أشارت فيها الى أنها لاحظت خلال حديثها مع الزعيم الأسود اهتمامه بزيارة الدولة العبرية. وتعتبر مواقف جاكسون الحالية من المنظمات اليهودية الأميركية بمثابة نقيض كامل لمواقفه السابقة، وبالذات تلك التي اتخذها عام 1984، قبل اعلان ترشيح نفسه لتمثيل الحزب الديموقراطي في انتخابات الرئاسة الأميركية وبعد ذلك، فقد وصف اليهود آنذاك بكلمة "هايمي"، وهي كناية يستخدمها الأميركيون للاستهانة باليهود. كما وصف نيويورك ب "هايمي تاون"، ما أثار غضبهم عليه. وكانت مجلة "بورفارد" اليهودية الصادرة في نيويورك نسبت تقرب جاكسون من المنظمات اليهودية الى رغبته في تسلم منصب بارز في الادارة الأميركية الحالية، فضلاً عن ضمان الفوز مجدداً بدعم اليهود لعمدة نيويورك دينكنز خلال حملة الانتخابات المقبلة لرئاسة البلدية. إلا أن الزعيم الأسود نفى بشدة، خلال مقابلة مع صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية، ما أوردته "بورفارد". وأجاب عن سؤال يتعلق بالأسباب التي دفعته الى تغيير موقفه عن الخلاف الاسرائيلي - الفلسطيني، إثر مرور سنوات على تأييده الحقوق الفلسطينية، بقوله ان المواقف التي اتخذها قبل 15 عاماً باتت تحظى اليوم بدعم اعداد كبيرة من الاسرائيليين. وأضاف انه يؤيد التوصل الى حل بين اسرائيل والفلسطينيين يقضي بالاعتراف المتبادل بين الطرفين، ويرتكز على تعهدهما احترام القوانين الدولية وحقوق الانسان، وحق تقرير المصير، والعدالة الاجتماعية والاقتصادية. وبخصوص نظرته الحالية الى اسرائيل، ذكر ان الدولة العبرية تحتاج الى أصدقاء، وانه "يختار" أن يكون صديقاً لها.