يواجه السودان حالياً أزمة حادة في الوقود بسبب شح العملات الصعبة اللازمة لشرائه والتي تبلغ أكثر من 300 مليون دولار سنوياً، بالاضافة الى تأثير توقف موارد النفط الليبي الذي كان يغطي أكثر من 50 في المئة من احتياجات البلاد، بسبب مطالبة ليبيا السودان بسداد ديون تبلغ حوالي 600 مليون دولار استحق منها حوالي 183 مليون دولار، وكان موضوع النفط في مقدمة المواضيع التي بحثها الرئيس عمر البشير مع العقيد القذافي خلال زيارته الأخيرة الى ليبيا. "الوسط" توجهت الى وزير المال السوداني عبدالرحيم حمدي وسألته إذا كانت زيارته الى ليبيا في منتصف هذا الشهر تتعلق بموضوع النفط فاكتفى الوزير بالقول ان هدف الزيارة "متابعة المسائل التي تمت مناقشتها في اجتماع الفريق البشير مع الزعيم الليبي معمر القذافي". وقال حمدي "أوضحنا من قبل ان السبب الرئيسي لأزمة البترول هو شح النقد الأجنبي... وليبيا ظلت تمدنا بكميات كبيرة من المواد البترولية بلغت أحياناً 600 ألف طن من الديزل عدا المواد البترولية المكررة". وحول إمكانية ان يستورد السودان النفط من إيران قال الوزير حمدي ان إيران تطلب عادة ضمانات من طرف ثالث. وتحدث وزير المال السوداني عن علاقة السودان بصندوق النقد الدولي فقال ان هذه العلاقة لم يطرأ عليها جديد. وكان من المتوقع ان يعقد مجلس إدارة الصندوق اجتماعاً في الثالث من نيسان ابريل الجاري لتقييم موقف السودان، إلا أن الاجتماع تأجل ويتوقع ان تصل الى الخرطوم بعثة من خبراء الصندوق في تموز يوليو المقبل، وأوضح حمدي انه لا يوجد حالياً برنامج اقتصادي رسمي مع الصندوق. وحول معدل التضخم العالي في السودان والذي قال مجلس الوحدة الاقتصادية العربي أخيراً أنه من أكبر المعدلات في العالم العربي ويبلغ حوالي 106 في المئة، قال حمدي ل "الوسط" ان معدل التضخم في البلاد انخفض في شباط فبراير الماضي الى 87 في المئة. وكانت لجنة الاقتصاد في المجلس الوطني في السودان البرلمان دعت الحكومة الى تطبيق برنامج تقشف صارم لكبح التضخم وخصوصاً خفض الاستدانة من النظام المصرفي التي بلغت أرقامها في الأعوام الأخيرة 92 مليار بليار جنيه 610 ملايين دولار منها 18 مليار جنيه فقط في الشهور الستة الماضية، وقال وزير المال ل "الوسط" ان الحكومة نفذت في الواقع برنامجاً تقشفياً صارماً أوقفت فيه معظم بنود الانفاق الحكومي ما عدا مشاريع محددة. وأضاف ان "معظم استدانة الحكومة ذهب لتمويل المؤسسات العامة والزراعية والتي أساءت استخدام هذه الأموال لذا أوقفناها عنها وحولها البنك المركزي لقروض طويلة الأجل". وعن دعوة لجنة الاقتصاد في البرلمان الحكومة لمعالجة مشكلة سعر صرف العملات الصعبة مقابل الجنيه بالنسبة الى الفرق الكبير بين السعر الرسمي والسعر في السوق السوداء والتي أدت الى عدم حماس المصدرين والى ركود الصادرات وتوقف تحويلات المغتربين قال الوزير حمدي "اننا دعونا الى تحرير سعر الصرف كاملاً كحل للمشكلة". وأوضح الوزير ان جملة موارد العملات الصعبة التي وصلت البلاد خلال الشهور الستة الماضية من العام المالي الحالي 92/93 بلغت حتى الآن 541 مليون دولار، بينها أكثر من مئة مليون دولار قروض أجنبية ومئة مليون دولار أخرى من الصادرات والباقي تحويلات غير منظورة، وقال "ان القروض أتت من مصادر تمويل جديدة مما يوضح أن السودان ليس محاصراً اقتصادياً". وقال الوزير حمدي ان عجز الموازنة العامة الصافي المتوقع أن يكون في حدود 34 مليار جنيه سيرتفع الى 68 ملياراً بسبب الالتزامات الجديدة، مثل زيادة الاجور، مشيراً الى أنه كان أوصى بإزالة الدعم عن الطاقة حتى لا يرتفع حجمه الى 45 مليار جنيه، وحول توقع زيادة جديدة في أسعار الوقود قال الوزير ان أسعاره أصلاً بأسعار الدولار والتي هي في تزايد مستمر. وكانت لجنة الاقتصاد طالبت الحكومة بالاهتمام بدعم صادرات البلاد التي تأثرت بارتفاع أسعار الطاقة والنقل والضرائب.