"الاريتريون ليسوا عرباً، واريتريا ليست جزءاً من العالم العربي وسنقيم علاقات ديبلوماسية مع اسرائيل". هذا ما قاله لنا المفوض العام لاريتريا في فرنسا دانيال يوهانس الذي تسلم منصبه الرسمي في 25 كانون الثاني يناير الماضي اثر افتتاح مفوضية اريترية عامة في باريس. هذا الكلام يبدو مفاجئاً للذين اعتبروا، ويعتبرون، اريتريا ارضاً عربية. لكن يوهانس، في حواره معنا، يصر على موقفه ويوضحه: "بصراحة لسنا عرباً. العرب يعتبرون اريتريا جزءاً من الشعب العربي والعالم العربي، والشعب عندنا يقول انه لا يشكل جزءاً من العالم العربي. هذا لا ينفي وجود اشياء كثيرة مشتركة. في الثقافة والتاريخ، ولا ينفي اننا على حدود الشرق الاوسط، ولكن الشعب الاريتري لم يشعر في اي يوم انه يمثل جزءاً من العالم العربي". ويؤكد محدثنا ان الاريتريين "أفارقة". لكن السودانيين والمغاربة أفارقة وعرب؟ فيرد ممثل اريتريا بالقول: "اذا كان السودانيون والمغاربة يعتبرون انفسهم عرباً فهذا شأنهم. اما نحن فلا يمكن ان نكون عرباً لمجرد انتشار اللغة العربية في جزء كبير من اريتريا". ويضيف: "كان الرئيس العراقي السابق احمد حسن البكر يعتبرنا عرباً في خرائط بلاده الرسمية، وكنا نحن نرى إسم اريتريا في الخارطة ونتساءل عن السبب لان احداً لم يطلب رأينا في هذه القضية. اعتقد ان هناك سوء تفاهم في هذا المجال ولا بد من ايضاح هذه المسألة مرة اخرى. لسنا معادين للعالم العربي ولسنا عرباً. نحن اريتريون فقط. ان ثورتنا الرئيسية كانت من اجل تأكيد هويتنا الاريترية، والكثير من اصدقائنا العرب يجد صعوبة في فهم هذه الوضعية". ونصرّ على السؤال لمعرفة ما اذا كان المسلم الاريتري يحتفظ بالشعور نفسه، فيكرر الممثل الاريتري القول: "ان واقع ان تكون مسلماً وان تتحدث اللغة العربية يمكن ان يحتوي على اتجاه للانتماء العربي. ان هذا الواقع لا يعني انك عربي ومن بعد اريتري، ان المسلم الاريتري اريتري فقط، ولا يوجد خلاف ولا بحث في مسألة اننا عرب او غير عرب، نحن اريتريون وافارقة فقط". أما الاطراف المعارضة في الخارج والتي تعتبر بلادها عربية فهي في نظر يوهانس "غير تمثيلية عندما يؤكد هؤلاء ان اريتريا عربية فإننا نتساءل باسم من يتحدثون ومن يمثلون؟ يجب الا يكون هناك غموض حول هذه الوضعية. ومرة اخرى اكرر القول ان هؤلاء لا يمثلون الشعب الاريتري ولا قيمة جدية لاقوالهم". ان اعلان هوية افريقية بحتة لاريتريا يعني استبعاد انضمام هذا البلد الى "الجامعة العربية" بوصفها منظمة تضم دولاً عربية، فهل تنضم اريتريا الى الجامعة العربية في هذه الحالة؟ هنا يفضل محدثنا العودة الى التمهل ومراعاة الاعتبارات الديبلوماسية فيقول: "الانتماء الى الجامعة العربية هو مسألة سياسية وليس شهادة بأن الدولة العضو عربية. وفي كل الحالات يجب انتظار الاستفتاء على الاستقلال في نيسان - ابريل - المقبل واعلان الاستقلال وتشكيل حكومة جديدة يكون لها ان تقرر في انتماء اريتريا الى المنظمات الدولية والاقليمية. اما اذا كان قانون الجامعة يشترط الهوية العربية للانضمام اليها فعندها يمكن ان يكون هذا الاحتمال مستبعداً". ماذا عن العلاقات بين اريتريا واسرائيل؟ يجيب يوهانس عن هذا السؤال فيقول: "جاء سفير اسرائيل في اثيوبيا الى اسمرة مباشرة بعد الاستقلال 24 ايار - مايو - 1991 وطرح علينا اقامة علاقات ديبلوماسية. وكانت اسرائيل الدولة الاولى التي اتخذت مثل هذه المبادرة. ونحن سنقيم علاقات مع اسرائيل ولسنا مجبرين وليس لدينا حساب نؤديه لاحد في هذا المجال. لكن ذلك لا يعني اننا نتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني. ان موقفنا المبدئي من تأييد حقوق الشعب الفلسطيني لن يتغير واسرائيل تعرف ذلك. سنقيم علاقات مع كل الدول، بما فيها الدول العربية. ففي العالم العربي بلدان يمكن التعاون معها كالسودان ومصر واليمن، وهذه الدول تحتفظ بقناصل لها في أسمرة. ولن تكون علاقاتنا مبنية على اعتبارات متصلة بالماضي، اي على اساس الدعم الذي جاءنا خلال ثورتنا ضد الجيش الاثيوبي. ولو اعتمدنا هذا المعيار لما أقمنا علاقة مع احد، باستثناء الصومال الذي دعم ثورتنا مئة في المئة. لقد طوينا صفحة الماضي ونريد فتح صفحة علاقات جديدة مع كل دول العالم". لكن يوهانس نفى اي وجود عسكري اسرائيلي في اريتريا واكد ان اريتريا لن تقيم علاقات عسكرية مع الدولة اليهودية. وتحدث عن ردود الفعل العربية السلبية التي اثارتها مسألة تلقي اسياس افورقي رئيس الحكومة الاريترية الموقتة العلاج في اسرائيل، فقال: "لم نكن سعداء لان القضية تحولت الى قضية سياسية. كان الامر يتصل من ناحيتنا بخيار طبي. وكانت القضية قضية حياة او موت بالنسبة الى زعيمنا الذي انتقل الى اسرائيل وهو في حالة غياب عن الوعي وبسبب وجود مستشفى متخصص في مرض الملاريا. هل تعرف ان هذا المرض لا يمهل صاحبه اكثر من 24 ساعة؟ في كل الحالات من حق الاريتريين الذهاب الى حيث يشاؤون للعلاج. ان انتقاد سورية لنا مثير للضحك، كيف تنتقدنا سورية وهي تتفاوض مع اسرائيل لاستعادة الجولان؟". وذكر ان منظمة التحرير الفلسطينية لها تمثيل ديبلوماسي في اثيوبيا لا في اريتريا. وننتقل الى الحديث عن البحر الاحمر حيث تحتفظ اريتريا بواجهة بحرية ونسأل يوهانس عن السياسة التي ستعتمدها بلاده في البحر الاحمر الذي تطل على ضفتيه دول عربية فضلاً عن ثغرة اسرائيلية في "إيلات". عن موقف بلاده في البحر الاحمر يقول يوهانس: "ان سياستنا في البحر الاحمر ستكون مبنية على مصالح شعبنا بالدرجة الاولى. وستنطلق من مبدأ حسن الجوار والاحترام المتبادل، وسنقف ضد سياسات الهيمنة والعدوان ونزعة السيطرة ولن نقبل بأن تستخدم اية جهة البحر الاحمر من اجل العدوان".