منتصف الشهر المقبل هو موعد الجلسة الأخيرة التي يعقدها البرلمانيون البيض في جنوب افريقيا للبحث في عدد من القضايا الفرعية، مثل اجراء اصلاحات في نظام الضرائب، وقضايا مصيرية تتمثل في اعتماد دستور جديد ينص على قيام نظام ديموقراطي تعددي على انقاض النظام العنصري، ابتداء من 27 نيسان ابريل المقبل، موعد اجراء انتخابات اشتراعية تعددية هي الأولى من نوعها في بلاد العنصرية منذ ثلاثة قرون. وكان 23 حزباً سياسياً في مقدمها "الحزب الوطني" برئاسة فريدريك دوكليرك، و"المؤتمر الوطني الافريقي" بقيادة نيلسون مانديلا، اتفقت على اجراء انتخابات اشتراعية على أساس "انسان واحد، صوت واحد". ما يعني فوز السود الذين يشكلون 87 في المئة من مجمل سكان البلاد. وإذا كان الرئيس دوكليرك حصل على ضمانات من "المؤتمر الوطني الافريقي" بتولي مركز نائب الرئيس بعد الانتخابات على ان يتولى مانديلا رئاسة البلاد، فإن "الحزب المحافظ" الأبيض وحركات البيض المتطرفة والعنصرية لا تثق بضمانات مانديلا خصوصاً والسود عموماً، ولذا فانها تطالب بانشاء دولة مستقلة للبيض تفادياً لانزلاق البلاد في مستنقع الحروب الأهلية. ولا يقتصر الشك في حقيقة نيات "المؤتمر الوطني الافريقي" على البيض وحدهم، بدليل ان زعيم حركة "اينكاثا" التي تمثل قبائل الزولو، بزعامة منغوسوتو بوتيليزي ترفض بشدة اتفاق مانديلا - دوكليرك، وتلح على اعتماد نظام كونفيديرالي يكفل لقبائل الزولو حرية ادارة دولتهم بعيداً عن تسلط الهوسا التي ينتمي اليها مانديلا وحركته السياسية عموماً. وأخشى ما يخشاه المراقبون الديبلوماسيون لتطورات أوضاع جنوب افريقيا هو ان لا تدخل البلاد في قلب الحروب القبلية قبل ان تخرج نهائياً من نفق الحرب العنصرية.