الجهود التي بذلها رئيس جنوب افريقيا دوكليرك، وزعيم "المؤتمر الوطني الافريقي" نيلسون مانديلا خلال السنوات الثلاث الماضية كوفئت بجائزة نوبل للسلام تقديراً "لعملهما في سبيل انهاء نظام التمييز العنصري سلمياً، وإرسائهما أسس جنوب افريقيا الديموقراطية الجديدة" على حد تعبير بيان اللجنة المانحة. ولم يكن النبأ مفاجئاً، فأحد الفائزين "رجل حرب" بدأ مفاوضات السلام مع الرئيس السابق ويليام بيتر بوتا، وهو في السجن الذي خرج منه العام 1990 بعد 26 سنة. اما الثاني فسياسي مخلص كادت مجازفته باعلان الحرب على التمييز العنصري، منذ وصوله الى السلطة سنة 1990، تودي به، لولا انه كسب ثقة المواطنين البيض الذين ايدوه في استفتاء حاسم ضد متشددين طالبوا برأسه. ولا تزال أصوات المتطرفين البيض والسود صاخبة كما كانت في الماضي، حتى ان الحواجز "العرقية" والايديولوجية بين الطرفين سقطت. ففي حين شكل الزعيم القبلي الاسود "المعتدل" مونغستو بوتيليزي حلفاً مع "الحزب الوطني" المدافع عن نظام التمييز العنصري، بهدف معارضة مانديلا ودوكليرك، ها هي منظمة "مؤتمر الوحدة الافريقية" اليسارية تتفق مع زعيم النازيين الجدد ايوجين تيربلانش في التنديد بمنح الجائزة للزعيمين. ولئن ساهمت الجائزة، التي منحت لزعيم "المؤتمر الوطني الافريقي" ألبرت لوتولي 1960، والأسقف ديزموند توتو 1984، في تعزيز كفاح بعض الشعوب لنيل حقوقها الانسانية، فهي فشلت مرات عدة، اذ ها هم الشيوعيون، الذين فاز ليش فاونسا بجائزة نوبل 1983 اعترافاً بنضاله ضدهم، يعودون الى السلطة في بولندا. ولا تزال زعيمة المعارضة في بورما اونغ سان سوكي الحاصلة على نوبل للسلام 1991، رهن الاقامة الجبرية. ويبقى السؤال عن دور الجائزة في دفع عجلة السلام في جنوب افريقيا برسم المستقبل. لكن الأكيد هو ان دوكليرك ومانديلا مطالبان عالمياً بالبقاء اصدقاء دائمين. اما اولئك الذين يعملون بصمت فواثقون من ان الجائزة لن تغير سلباً او ايجاباً في واقع الحال، فلا أمل لنظام التمييز العنصري بالعيش طويلاً.