السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي واستعمال أوراق نقدية مقلدة والترويج لها    وزير الاستثمار: 1,238 مستثمرًا دوليًا يحصلون على الإقامة المميزة في المملكة    866 % نمو الامتياز التجاري خلال 3 سنوات.. والسياحة والمطاعم تتصدر الأنشطة    الجامعة العربية بيت العرب ورمز وحدتهم وحريصون على التنسيق الدائم معها    تحت رعاية ولي العهد.. انطلاق أعمال المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار في الرياض    مدير المنتخب السعودي يستقيل من منصبه    تعطل حركة السفر في بريطانيا مع استمرار تداعيات العاصفة بيرت    مسرحية كبسة وكمونيه .. مواقف كوميدية تعكس العلاقة الطيبة بين السعودية والسودان    بحضور وزير الثقافة.. روائع الأوركسترا السعودية تتألق في طوكيو    وزير الصناعة في رحاب هيئة الصحفيين بمكة المكرمة    جبل محجة الاثري في شملي حائل ..أيقونه تاريخية تلفت أنظار سواح العالم .!    أسعار النفط تستقر عند أعلى مستوى في أسبوعين    القيادة تهنئ رئيس جمهورية سورينام بذكرى استقلال بلاده    الأرصاد: انخفاض ملموس في درجات الحرارة على أجزاء من شمال ووسط المملكة    مدينة الأمير عبدالله بن جلوي الرياضية تستضيف ختام منافسات الدرفت    أمير الشرقية يفتتح أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية في مركز "إثراء"    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    نهاية الطفرة الصينية !    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    «كل البيعة خربانة»    مشاكل اللاعب السعودي!!    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوسط" تلتقي رئيس مجمع اللغة العربية في القاهرة لمناسبة الدورة السنوية للمجمع . ابراهيم بيومي مدكور : هذا أوان الفصحى في الكتابة والاذاعة ... وتعليم الطب
نشر في الحياة يوم 25 - 01 - 1993

يعقد مجمع اللغة العربية في القاهرة دورته لهذا العام في 30 كانون الثاني يناير 1993، وقيل انعقاد الدورة التقت "الوسط" رئيس المجمع الدكتور ابراهيم بيومي مدكور الذي تحدث عن آلية عمل المجمع وعلاقته بالمجامع اللغوية العربية والمدى الذي يصل اليه في التأثير على حضور اللغة العربية في المجتمعات الناطقة بها.
وابراهيم بيومي مدكور من مواليد العام 1902 احتل مقعد رئاسة المجمع بعد وفاة طه حسين، مارس التعليم الجامعي وشغل منصب الوزارة وعضوية مجلس الشيوخ، وله اهتماماته وكتاباته في شؤون اللغة والفلسفة والاجتماع. رئيس المجمع متفائل، فاللغة العربية أثبتت قدرتها على النمو وملاءمة تطورات الحضارة، وهي افضل حضوراً مما كانت عليه في اوائل القرن الحالي، ويبقى ان يعم استخدامها في التعليم الجامعي، بما في ذلك كليات الطب... وأول الكلام على آلية عمل المجمع من خلال دورته الجديدة:
* دورة مجمع اللغة العربية المقبلة ماذا أعددتم لها؟ وما هو موضوعها الرئيسي؟
- الواقع ان مجمع اللغة العربية له لقاء سنوي يلتقي فيه الاعضاء المصريون مع زملائهم من الاعضاء العرب والمستعربين وقد كان هذا اللقاء في الماضي يمتد شهرين كاملين، وقضت مصالح وواجبات كل الهيئات المشتركة فيه ان يستغرق اللقاء اسبوعين على اكثر تقدير وقد نمده الى ثلاثة اسابيع.
القصد من اللقاء ألا تقف خدمة اللغة العربية عند الاعضاء المصريين وحدهم، بل ان يعاونهم في ذلك المعنيون باللغة العربية في العالم العربي بل وفي العالم الغربي. ومن هنا كان لنا هيئتان: مجلس ومؤتمر. اما المجلس فيتولى الامر فيه الاعضاء المصريون ويعاونهم من يعاونهم من خبراء او من اعضاء المجمع والمراسلين اذا ما اقتضى الامر ذلك.
والحقيقة هذه نقطة أحب ان تكون واضحة، عمل المجمع يبدأ دائماً لدى المتخصصين في لجان معينة وفي المجمع عدة لجان، لكل لجنة اختصاصها ألفاظ الحضارة، لغة العلم، الفلسفة، العلوم السياسية... وهكذا. كل هذا اساسه ان تستوفى المسائل بحثاً، والمصطلحات العلمية بخاصة والحضارية ايضاً، ان يقول الكلمة فيها كل في ما يتصل به، هذه اللقاءات تتم في لجان، لكل لجنة تخصصها، وأعمال اللجان تعرض عادة على مجلس المؤتمر فإن أقرها لا تكون نهائية الا يوم ان تعرض على مؤتمر المجمع، ومؤتمر المجمع هيئة تشتمل على اعضاء المجمع من المصريين وعلى غيرهم من اخوانهم العرب والمستعربين.
وهذا اللقاء سنوي، كان يمتد كما قدمت الى شهرين والآن يقف عند اسابيع، اسبوعين او ثلاثة، نلتقي فيه مع اخواننا، هذا الى اننا عادة نبعث بمقترحاتنا وقراراتنا وقرارات لجاننا ومجلسنا الى الهيئات العلمية المتخصصة، بحيث اذا أبدت ملاحظة أمكن ان يعاد النظر في ما أبديت عليه الملاحظة. هذا هو التعاون الذي يتم عن طريق مجمع اللغة العربية، ولست في حاجة الى ان اقول ان لدينا اتحاداً هو اتحاد المجامع يمثل المجامع اللغوية في العالم العربي جميعه، وأعمالنا كلها نتبادلها بين اعضاء هذا الاتحاد ليبدي كل مجمع عضو ما يراه في ما يقترح من مصطلحات علمية او حضارية.
* ما هو موضوع الدورة؟
- دورتنا عادة تقوم اساساً على اعمال مجلس المجمع طوال عام مجمعي كامل، وأعمال المجمع اما ان تكون دراسات تتعلق بقواعد اللغة، نحوها وصرفها، او بالمصطلحات العلمية على اختلافها، وكل ذلك يمر بطريقه الطبيعي، وهو اللجان، ثم المجلس، وبعد ذلك لا تكون نهائية الا يوم ان تعرض على المؤتمر، وعند اعتمادها تبلغ للجهات المعنية وتأخذ طريقها الى التنفيذ لدى المجامع والاتحادات.
* لدورة المجمع السنوية عنوان رئيسي عادة؟
- قد نعنى بألفاظ علوم معينة نجعلها محل بحث، ولكن، حقيقة، نحن نفتح الباب للأعضاء المشتركين ليقدموا ما يعن لهم من مقترحات او محاضرات، وهذه المحاضرات بعد ان تعرض على المؤتمر تأخذ طريقها الى اللجان العلمية المتخصصة لتنتهي فيها الى قرارات تعود مرة اخرى الى مجلس المجمع ثم الى دورته.
* اذا اتفقت معي ومع من يقول ان اللغة كائن حي، ففي اي طور حياة اللغة العربية الآن؟ وما هو موقفها؟
- في طور النمو، واللغات الصحيحة هي التي تبرهن على حياتها وتطورها مع متطلبات العصر والعلم والحضارة، ولا شك في ان العربية افسحت صدرها قديماً ولا تزال تفسحه حتى اليوم لكل جديد، اما ان تجد له لفظاً عربياً او قد تضطر للتعريب، ولا بأس من التعريب ان دعت اليه ضرورة.
* اي انك ترى موقف اللغة العربية التاريخي الآن انها متسعة الصدر ومستوعبة للحضارة من حولها؟
- نعم... لا بد من ذلك وإلا فإن حضارتنا وعلمنا يتوقفان عند محطة الصفر ونحن لا نريد لهما ان يقفا عند محطة الصفر ابداً... ولا شك في ان العربية برهنت الآن على انها اذاعياً تستطيع ان تؤدي رسالتها، وعلمياً وبحثياً نكتب ونؤلف باللغة العربية محاضرات، مؤتمرات، لقاءات في اوساط عربية او تعنى بالعربية، كل ذلك لا شك يبرهن على ان العربية لغة حية تنمو بنمو الزمن وتواجه متطلبات العصر والحضارة.
* ما هي ملاحظاتك اللغوية على الأدب المكتوب باللغة العربية الآن؟
- دع جانباً بعض اجتهادات الشباب التي تقوم على إدخال العامية في ما يكتبون وما يؤلفون، ولكني ارجو لهم ان يأخذوا انفسهم بعربية سهلة واضحة ميسورة، ولا شك في ان لغة الاذاعة اليوم تبرهن على ان العربية قادرة على ان تؤدي رسالتها في العالم العربي جميعه وللسامعين جميعاً بألفاظ عربية واضحة مفهومة. صحافتنا تكتب باللغة العربية وفيها ما يؤدي ايضاً متطلبات العصر حضارياً وعلمياً وسياسياً واقتصادياً.
الشعر موسيقى
* وما هي ملاحظاتك على لغة الشعر؟
- الشعر... هذا موسيقى تترك لوزانيها، ونحن نحرص على الوزن التقليدي لكي يكون شعراً حقيقياً، ان كان هناك شعر دارج او يخرج على هذه الموسيقى، ان صح انه طابت له النفس لا مانع من ان يأخذ طريقه الى الحياة، وان يسير فيها، ومهما يكن من أمر المهم ان نثبت دائماً ان العربية لغة حية تستطيع ان تواجه متطلبات العصر علمياً وحضارياً واجتماعياً وسياسياً.
* وهل تدخل في هذا الاطار قصيدة النثر؟
- قصيدة ماذا؟
* يسميها اصحابها "قصيدة النثر".
- هذه تسمية فيها شيء من المغالطة، النثر لا يكون قصيدة، القصيدة موسيقى، اما ان يقول القائل نثراً ويزعم انه شعر، فإنه اذا كان فيه شيء من روح الموسيقى، قد يأخذ طريقه الى الحياة ويتبادله الناس. لا بد من شيء من النغم في ما يقدم للسامعين والقارئين والكاتبين، كي نسميه موسيقى، كي نسميه شعراً او كي نسميه شيئاً تطيب له النفس ويُتغنى به.
* ما هو موقف الشعر الجديد من الاستمرارية ومن الثبات في التاريخ الأدبي؟
- الشاعر حقاً يحرص على ان يكون لكلامه موسيقى ووزن، فإن لم يحقق ذلك فهو شعر منثور وليس شعراً.
* وهذا شيء موجود في العربية "الشعر المنثور"؟
- موجود للاستعمال ولكن لا أظن انه في غناء او في حفل موسيقي يجد سبيله الى الحياة، الا ان كان له شيء من الوزن و "الريتم" كما يقولون.
* هل القرآن الكريم هو الذي نقيس اليه تطور اللغة العربية وسلامتها وصحتها؟ وما شأن المسافة بين لغة القرآن ولغة العامة في عصرنا الراهن؟
- لغة القرآن لغة مقدسة وهي عربية، وعربية سهلة لمن يفهم العربية، ولنضع هذه جانباً لقداستها ولمنزلتها، قداستها لأنها لغة القرآن لغة الرب، اهميتها هي قيادة، لأننا حين نحتج على اي استعمال بآية قرآنية يحيا هذا الاستعمال ويأخذ طريقه الى كل الكاتبين والباحثين. العربية نسميها عربية لأنها لغة القرآن، من بين لغة العامة الآن ما يقرب من لغة القرآن ومن بينها ما يبعد، وهذا البعيد يموت قطعاً، قد يحيا اسبوعاً او اسبوعين او شهراً ولكنه لا يرزق الحياة الدائمة.
* ما رأي سيادتك في لغة الخطاب السياسي العربي وأعني بها لغة الرؤساء والزعماء وكبار الساسة العرب والوزراء؟
- لا شك في انها في تطور ولا شك في انها تحاول ان تخاطب الناس خطاباً يفهمونه ويقدرونه، وخطباؤنا من السياسيين لهم منازلهم على حسب مقدرتهم في أداء ما يقولون اداء واضحاً سهلاً مقبولاً.
* أتذكر انه منذ عامين او اكثر قليلاً اصدر مجمع اللغة العربية بالقاهرة في توصيات دورته توصية تطالب الزعماء العرب بالاعتناء بالبلاغة في خطاباتهم؟
- ما لغتنا؟... لغتنا الوطنية والدينية والقومية هي هي العربية ام شيء آخر؟ اذن لنحترمها ونقدسها، انما المهم ألا نغمض فيها، ألا نجعلها غريبة. ألا نبحث عن القديم البائد لنضعه في الاستعمال فلا يقوى على الحياة لأنه لا يشتمل على عناصر الحياة.
وأنا لا اسلم بكل ما يُخطب وبكل من يقول خطبة من السياسيين، ولكن في هذه الخطب ما هو صحيح، وهذا الصحيح هو الذي تقدر له الحياة، ولم يتمثل كاتب ولا باحث ولا دارس بجزء من خطبة ساقطة، كم من خطب تذهب مع الريح لأنها لا تستوفي عوامل البقاء.
* لم يعد هناك خطباء كبار؟
- كل ذلك اساسه النشأة، التكوين، القراءة، ومن توفر له ذلك سيؤدي ما يريد الأداء اللائق المفهوم. خاطبوا الناس على قدر عقولهم ولكن خاطبوهم بلغة سهلة واضحة صحيحة، كل ذلك سببه عمن نتحدث، ونرمي اليه. الواقع ان القيادات الآن بابها مفتوح لكل من له نشاط، وله حيوية، وقد لا تتوفر له وسائل الأداء اللغوي الكاملة، ولكن، ثق ان هؤلاء يشعرون بهذا النقص ويحاولون ان يستكملوه، ولا سبيل لأن تلقي خطاباً وتوجهه الى المشرق والمغرب دون ان يكون واضحاً الوضوح الذي يفهمه به اهل المشرق كما يفهمه اهل المغرب.
* ارى ان "سلة اللغة" في سبيلها الى التفريغ الدائم، والتسهيل والتخفيف والتيسير مما يذهب بالكثير من جمالياتها. ما رأيك، خصوصاً "انه ليس كل التسهيل امراً مطلوباً في اللغة"؟ وما دور مجمع اللغة العربية في وقف هذا النزيف؟
- التيسير الذي يهبط باللغة عن مستواها الحقيقي يعتبر قضاء على اللغة، لا شك في هذا، نحن نيسّر، ولكن نيسر بما هو مقبول وسليم، اما ما ليس بمقبول فتيسيره معناه غرس بذرة لا تصلح للبقاء، ونحن نرفض هذا تماماً.
استيعاب العاميات
* منذ عدة أشهر ثار جدل حول كلمات من العامية المصرية أقرها المجمع باعتبارها عربية صحيحة، وحققنا الموضوع في "الوسط" وأخذنا رأيك ورأي لغويين وادباء في تحقيق ثقافي واسع، ومن هذه الكلمات رزع وبلم وبرطم وغيرها، لماذا يثار أمر العامية المصرية على المستوى العربي بين وقت وآخر؟ هل هي منافسة بين المجامع العربية أم بين الحواضر العربية على الدور الثقافي؟
- نفيت هذا، لم نجز مثل هذه الكلمات، هذا ظلم لنا، هي مغالطات، ومن الخير ان تغلق عليها الباب، فينتهي الأمر، ولا تجعل من ذلك موضوع شكوى او مهاجمة. ولا نؤخذ الا بما نقره نحن، اما ما يقول به الآخرون فإن كان صالحاً سيبقى وان كان فاسداً سيموت وسنقرر فساده دون تردد، لا اعتقد ان هناك منافسة بين المجامع او بين الحواضر العربية، ونحن نفضل التعاون بدلاً من المنافسة، بدليل ان مجمعنا ليس مكوناً من اعضاء مصريين فقط، ولكن به اعضاء من العالم العربي شرقه وغربه وكل ذلك لأن اللغة لغة الجميع، ليست لغة مصر، مصر تؤدي رسالتها، ولكن هذه الرسالة نرجو ان يلتقي عندها اخوانها في العالم العربي جميعاً.
* لماذا لا تجاز ألفاظ من العامية التونسية او اليمنية او اللبنانية عن طريق مجمع اللغة العربية بالقاهرة؟
- اذا كانت ألفاظاً لها سندها من العربية لا غبار عليها، اذا ما جاء لفظ لبناني او عراقي ولكنه لا سند له من اللغة لا يستطيع مجمع اللغة العربية اجازته، لا تنس ان لدينا هيئة اسمها "اتحاد المجامع" وهذه عملها ان توحد الكلمة بين المجامع المختلفة ولنا لقاءات سنوية منتظمة، ولها مطبوعاتها ومؤلفاتها وتقوم باحياء اصول عربية الى غير ذلك، وبالتالي فإن اي مجمع عربي لا يجيز لبلده فقط، المجمع ليس هيئة سياسية، ونرجو ان تكون السياسة العربية واحدة لدى العرب جميعاً، مثل المجامع، هذا هو الذي ينبغي ان يكون، نحن امة واحدة ولنبرهن على اننا حقيقة امة واحدة. في اتحاد المجامع العربية نحن على صلة دائمة وتعاون ولدينا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة اعضاء من المجامع الاخرى، لأن اللغة واحدة.
* ما هي ملاحظاتك على الاسماء والمسميات في مجتمع القاهرة؟
- مع الأسف فيها بعض العدوى من الألفاظ الاجنبية ولا يتدخل المجمع في هذا الا اذا عرض عليه، ولكن اعتقد انها "موضات" كالريح تهب وقتاً ثم تذهب، ومنها ما يقدر له البقاء، ومنها ما يفنى، ونحاول ان نفرض على الجماهير استعمالاً معيناً او لفظاً معيناً.
قلنا "محمدين" وهما "محمدان"، "الأحمدون" وهكذا، كل ذلك ما له حظ من البقاء سيبقى وما لا حظ له يذهب مع الريح.
الطب بالعربية
* أليس من الافضل ان يصدر مجمع اللغة العربية بالقاهرة وثيقة سنوية للعامة ينصح فيها بأشياء من هذا القبيل ويصحح فيها اي اعوجاج؟
- اعمال المجمع لا تقع في أيدي الناس جميعاً... المجمع له مجلة وله الى جانب هذا معجمات، أخرج "المعجم الوجيز" وأعطاه لوزارة التعليم المصرية واشترط عليها ان يكون معجماً مدرسياً، وأخرج "المعجم الوسيط" وهو على درجة اوسع، وأظنه المعجم المعتمد الآن في العالم العربي، وأخيراً اربعة اجزاء من "المعجم الكبير" وهذا للخاصة والمتخصصين، كل ذلك يريد به ان ييسر، فضلاً عن معجمات علمية في الطب والفلسفة والهندسة والسياسة، لغة العلم كما نسميها كنا نخرجها في الماضي في ما نسميه "مجموعات المصطلحات"، كل عام مجمع اللغة العربية في مؤتمره، المجلس اولاً يعد عدة من مصطلحات علمية في الرياضة في الطب في الهندسة ثم تعرض على المؤتمر، واذا ما اقرت اخرجت في "مجموعة المصطلحات"، انتقلنا من هذه المجموعة الى المعجمات التي اشرت اليها، المعجمات العلمية، لأن العلم اساسه لغته، ونريد لعملنا حتى الطب ان يكون باللغة العربية، ويكفي ان اشير الى اننا اخرجنا الآن جزأين من معجم طبي عربي، ونحن نتابع السير في هذا لكي يدرّس الطب كما تدرّس المواد الاخرى باللغة العربية.
* ولكن علماء الطب العرب وأساتذته الكبار يرفضون تدريسه باللغة العربية؟
- أظن سينتهي بهم الامر الى الموافقة، هم يرفضون لأنهم يريدون ان يقرأوا في الطب الحديث باللغة العربية، فليؤلفوا، وعلى المعنيين كتابة كتب طبية باللغة العربية، وعند ذلك من يعرف اللغة الاجنبية سينظر بها ليكمل حاجة او يستوضح شيئاً قرأه في النص العربي، نريد من المتخصصين ان يكتبوا علمهم وان يسجلوا دراساتهم في مؤلفات عربية ولا اظن ان السوق يضيق بهم بل، بالعكس، طلابهم وتلاميذهم في المدارس الثانوية وفي الجامعات يرحبون بأي كتاب عربي في اية مادة من المواد العلمية: هندسة، فلسفة، طب.
* ألا ينتج عن هذا انقطاع مع الحضارة الغربية؟
- لا، الانقطاع يكون إذا كنت لا تأخذ ولا تعطي، بالعكس نحن الآن اعتدنا الأخذ ولا نعطي، علينا ان نعطي.
* هل نحن في موقف يؤهلنا للعطاء؟
- أظن، وأرجو ان يكون هناك دراسات لبعض الباحثين منا تترجم الى اللغة الاجنبية فوراً، لأنهم يرون خيراً في ان تدخل وتنتقل هذه الثروة الى لغتهم، والعملية معروفة وتحصل في ألمانيا وفرنسا وانكلترا، واذا آمنا بأن العلم يسير فيجب ان نسير معه، والواقع ان حياتنا الجامعية ليست قديمة الا اذا نظرنا الى الدراسة الازهرية مثلاً او نحوها، لكن في القرن العشرين الواقع ان عمر الدراسات الجامعية 50 عاماً على آخر تقدير، هذا العمر كفيل بأن يعطي مؤلفات ومطبوعات، نحن سائرون في هذا الطريق الآن، العالم، طبيباً او جغرافياً او مؤرخاً، يكتب بالعربية كما يكتب بلغة اجنبية.
اسماء المحال التجارية
* ما الذي يمنع مجمع اللغة العربية بالقاهرة من ان يطلب من محافظة القاهرة عدم السماح بأسماء اجنبية على المحال التجارية وإعلانات الشوارع؟
- لا يفرض المجمع نفسه على هذا، انما يرجو القائمين على الأمر - ونحن على اتصال بهم - معالجة هذا، هي "موضة"، و "موضة" تموت وأخرى تعيش، "الموضات" السيئة تموت وتريحنا من ان نقول للناس او نمنعهم، وأظن اننا نتذوق العربية الآن بقدر احسن مما كنا عليه منذ خمسين او ستين عاماً مضت، البيت والمدرسة يجب ان نوجه العناية نحوهما اذا كنا نريد للغتنا حياة صحيحة مقبولة.
* كتابك "مع الأيام... شيء من الذكريات" لم يكن مذكرات بالمعنى المفهوم، اختلط فيه الشخصي بالموضوعي، بالدروس المستفادة، وكتبت بشكل منهجي بل وتعليمي، لماذا رفضت الافراط في السيرة الشخصية، وهل تختزن ذلك لعمل او لكتابة اخرى؟
- قصدت بما اكتب ما أرمي اليه لا لما اريده لنفسي، يهمني ان هذا الذي تتعاملون معه، وابراهيم بيومي مدكور تعنيه هذه القضايا وعلى كل حال أدع للآخرين ان يتحدثوا عني ولا أتحدث عن نفسي وأرجو ان اتابع ما كتبت، وأرجو الله ان استعيد صحتي لاستكمال هذه الذكريات، ان كان في العمر بقية فهذه سلسلة سأعود اليها مرة اخرى.
* هل لديك الوقت والصحة لكتابة شيء الآن؟
- لدي ان أملي، أُملي ما اريد ان اسجله ليقرأه الناس، هذا ما اعمله، احضر الى مكتبي هنا في مجمع اللغة العربية لأتابع نشاطه، ولأسجل احياناً ما يمكن ان يفيد الناس او يروا رأيهم فيه، الواقع انه يعنيني اولاً الجماهير وإعدادهم الإعداد الملائم، نشأتهم النشأة الصحيحة، كل ذلك اظنه رسالة الداعية او المصلح او من يحاول ان يفتح باب الامل امام الجميع.
* هكذا ترى رسالتك؟
- نعم، إذا كنت بصدد التوجيه فيجب ان تكون اللغة لغة اخرى غير لغة التأليف، اما قراءاتي فأكثرها يتصل بالاصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.