يمرّ المسرح العربي اليوم في مرحلة انحدار واضحة بعد ازدهاره الواضح في الستينات والسبعينات، فهل يختم العرب القرن العشرين بموت المسرح كما ختموا القرن التاسع عشر بولادته على يد مارون النقاش وابو خليل القباني ويعقوب صنوع؟ في الحلقة الاولى من هذا التحقيق قدمت "الوسط" عرضاً للازمة ولمرحلة الزهو والتجريب المسرحي في مختلف البلاد العربية، وفي هذه الحلقة الاخيرة عرض لمحنة المسرح على يد اهله... واقتراحات حلول. بعد التاريخ الحافل من المسرح العربي الذي حقق ضمن مستويات، ونبرات، وتوجهات عالية، ومتعددة، وطليعية، وشعبية كيف يمكن ان نفسر هذا التراجع الذي يمكن ان يؤدي، في حدته وخطره، الى انقراض المسرح العربي، او على الاقل، الى تحوله الى نشاطات فولكلورية، ومناسبية، ووظيفية؟ البعض رد هذا الواقع الى سبب حضاري، يقول ان عمر المسرح في العالم العربي لا يتجاوز ال 150 سنة. وان هذه "الكمية" من السنوات غير كافية لتأصيل المسرح. هذا التفسير "الكمي" لا يمكن ان يشكل اجابة شافية، لأنه تفسير آلي، يربط الابداع بظروف جاهزة، و"طبيعية". وخطره في اننا لو عممناه، لما بقي شيء من ابداعاتنا وفنوننا المعاصرة كالفن التشكيلي، والسينما، والرواية، والقصة القصيرة، لانها، كلها، لا تتجاوز عمر المسرح او دونه. وثمة رد آخر: ان المسرح هو من ضمن العبقرية العربية. عرفه العرب وان في تضاعيف وتكاوين وبنى اخرى. وهناك تفسير آخر: ان المسرح فن غربي، لا علاقة لنا، نحن العرب، به. وتالياً لا يمكن ان يزرع "جسم" غريب، زرعاً اعتسافياً، ويعيش او ينمو نمواً طبيعياً. اصحاب هذا الرأي ينظرون الى عملية الابداع كبنى وككتل نهائية ومغلقة، ويصنفونها من عنصرها العرقي، او التاريخي، ويعتبرون ان عمليتي التأثر والتأثير لا تتمّان الا عبر هذا النظام المغلق، او ضمن هذه البنى التاريخية، متجاوزين اشكال التزاوج والتي تمت بين الحضارات. وهناك من ينسب اسباب التراجع الى مسألتي الديموقراطية والحرية، قائلاً ان المسرح هو ابن الحرية، وابن الديموقراطية، ومن دونهما يموت. لكن عملياً، وهذه مفارقة، قامت النهضة المسرحية الطليعية في معظم البلدان العربية منذ منتصف الخمسينات، في ظل انظمة عربية لم توصف بالديموقراطية. ويقول "مفسرون"، بأن الجمهور هو احد الاسباب الرئيسية في تدهور المسرح، لانه "هجره"، او لم يؤمّه اصلاً. والعلة سببها انه ليس عندنا عادات مسرحية، او بالاحرى ليس عندنا جمهور "مكون" مسرحياً، ويرد ذلك الى اسباب تربوية وثقافية خصوصاً عندما يعلن ان نسبة الامية في العالم العربي، حسب الاحصاءات الاخيرة، تبلغ نحو 70 في المئة. فاذا كان المسرح لا يقوم الا بمتلقيه اي الجمهور، فكيف يمكن ان يستمر من دون جمهور. ويرد على هذا القول بأن المسرح الجدي وخصوصاً الطليعي الذي يؤسس لذائقة جديدة، ولارهافات مختلفة، هو مسرح غير جماهيري اصلاً، ولا يمكن ان يستمد قوته من الجماهير التي تختار مسرحاً اقل وعورة، وصعوبة واكثر راحة. وليست نكسة للعروض الطليعية اذا "انهزمت" "شعبياً". وينبغي ان نفرق بين مسرح "جماهيري" و"مسرح شعبي". هذا اذا كان ثمة ما يمكن تسميته مسرحاً جماهيرياً. حتى المسارح التجارية المعروفة ليست في العمق مسارح جماهيرية، اذا ما قيست مثلاً بجماهيرية كرة القدم، او التلفزيون. حتى هذه المسارح التي يستمر بعضها في العرض عدة سنوات، هي في النهاية، ونسبياً، مسارح اقلية. لكن "اقلية واسعة" اذا صح التعبير. اذن المشكلة في التلفزيون. يرد البعض. مشكلة المسرح ان التلفزيون سرق منه جمهوره، واهله معاً. والناس بدل ان تذهب الى المسرح تلزم بيوتها وتتفرج على التلفزيون او الفيديو. وهكذا توفر عليها عناء الانتقال، وعناء المكوث في "مكان" آخر... اضافة الى انه اقل تكلفة وربما اكثر اماناً. ربما كان ذلك في جانب منه صحيحاً. لكن المسرح، بلغته وبجمهوره وبامكنته، يختلف عن التلفزيون اختلافه عن اي فن آخر، وجمهور آخر، وامكنة اخرى. واذا كان البعض، من مسرحيين ونقاد، خالطين بين العالمين، رأوا في التلفزيون وسيلة لخروج المسرح من عزلته، وذلك ببرمجة الاعمال المسرحية في الشاشة الصغيرة، مما يوفر في رأيهم ترويجاً للمسرح، واجازة مرور الى البيوت والغرف، فان مثل هذه الاقتراحات تصيب المسرح في صميمه، وترده الى التلفزيون، وتطمس اهم علامة مميزة فيه وهي اللقاء الانساني المباشر، بين الممثل والجمهور. لكن يقال ان الاسباب التي سقناها تعتبر اسباباً "خارجية" وذرائع، وان الاسباب الاساسية الكامنة وراء تدهور المسرح العربي هي، اولاً واخيراً اسباب ذاتية. اي اسباب تتصل بالمسرحيين العرب انفسهم، فمشكلة المسرح، اصلاً، مسرحية، ترجع الى الممارسات، واشكال السلوك، وطبيعة التعاطي، والروح، التي تعامل بها اهل المسرح مع المسرح لأن العوامل التي اشرنا اليها، والتي تشكل جوانب من الازمة، لا يمكن، مهما كانت قوية، وضاغطة، وقاهرة، ان تؤدي الى هذا الواقع، لو لم تساعدها، عمقاً، ازمات المسرح الداخلية، والخاصة. واصحاب هذا "التحليل"، يذهبون الى ابعد، عندما يقولون ان المسرحيين "خانوا" المسرح قبل سواهم، وعليه، فلا يمكن ان نطالب الجمهور او المؤسسات بأن تخلص للمسرح عندما يتخلى عنه اهلوه. فالمسرحيون العرب، لم يكونوا جديين حتى عندما صنعوا مسرحاً جدياً. ولم يكونوا في المستوى الطليعي المطلوب، عندما ارادوا ان يكونوا طليعيين، ولم يكونوا "احراراً" عندما حاولوا ان يؤسسوا مسرحاً حراً، ولم يكونوا فعلياً منفتحين، عندما ارادوا، بفعل ثقافاتهم المتعددة، ان ينفتحوا... فسرقوا التجارب التراثية، حيث كان يجب ان يتأثروا بها. ونهبوا المفاهيم، والافكار، والنصوص، والاخراجات حيث كان يجب ان يتفاعلوا معها تفاعلاً ابداعياً. ويضرب اصحاب هذه الآراء امثلة منها: تعرف المسرحيون العرب الى البرشتية، فقلدوها كالببغاءات، والبعض منهم "صادر" نصوص برشت، وكذلك اخراجاته، ونسبها الى نفسه. والامثلة كثيرة. وتعرفوا الى المسرح العبثي فنسخوه. وتعرفوا الى المسرح التسجيلي الذي يعتبر بيتر فايس احد رواده الكبار فنسخوه ايضاً. وتعرفوا الى المسرح البرانديللوي فشرشحوه. وتعرفوا الى "مسرح الشمس" مع اريان منوشكين. فلم يوفروه. وكان يترجم بعضهم اعمالاً فيسميها اقتباساً او اعادة كتابة، مقتصراً على تبديل الاسماء الاجنبية باسماء عربية، كل هذا يعني انهم لا يعمقوا اي تجربة لا من تجاربهم الخاصة، ولا من تجاربهم المستعارة. فالبرشتي العربي يتحول بين مسرحية واخرى الى برانديللوي. والتسجيلي يتحول الى "ملحمي" النظرية البرشتية، و"الملحمي" يتحول الى مسرح البولفار، او المسرح التجاري، او الى اي تجربة اخرى. وهذا معناه ان المسرحيين العرب باستثناء قلة افتقروا الى الاستمرارية التي من شأنها تأسيس النموذج الخاص، المتحول، والمتفتح، هذا التأسيس، الذي يؤصل التجارب، ويدمغها بما هو خاص متطور. فالقفز بين التأثرات، لم يسمح للمسرح العربي ان يكون "هويته"، ولا نعني هنا "هوية" تقدم نموذجاً واحداً معمماً، بقدر ما تعني مقاربة المعطيات المتاحة مقاربة ابداعية خاصة، وذاتية وهذا لا يتم الا عبر ممارسة يومية للمسرح. وضمن هذا الاطار، تقطعت هذه الممارسة حتى اصبحت عند كثيرين من مسرحيينا مجرد هواية يقومون بها في اوقات فراغهم او في الاجازات او بين مسلسل تلفزيوني وآخر، وبين فيلم سينمائي وآخر، تماماً كما هي هواية الصيد مثلاً، حتى صار المسرح عند بعض كبار مسرحيينا اهتماماً ثانوياً، وبرانياً، يعودون اليه في المناسبات المتباعدة، او في المهرجانات. واذا شئت ان تبحث عن هؤلاء المسرحيين فلن تجدهم في مسرح، او في مسرحية، او في مناخ مسرحي، او في حالة مسرحية، او في همّ مسرحي، وانما في استوديو تلفزيوني او سينمائي او في مشاريع لا تمت الى الفن بصلة. وكتابنا المسرحيون وقد وجد بعضهم نفسه، ضمن الاحباطات الخاصة والعامة، وضمن ظروف الانتاج الصعبة او اضطرتهم الاحوال الى العمل خارج "المهنة"... فعز الدين المدني تونس صاحب "على بحر الوافر"، و"التربيع والتدوير"، مقلّ. وسعد الله ونوس سورية شبه منكفئ، والفرد فرج مصر بعيد نسبياً، وعبدالعزيز السريع الكويت رفيق صقر الرشود في ابرز اعمالهما، لا يزال ربما تحت صدمة حرب الخليج، وسعد الدين وهبه مصر موزع بين الادارات والنشاطات غير المسرحية، وعبدالرحمن الصالح الامارات تمتصه الادارة، وإن نفذ اعمالاً قدمت، وحمد الرمحي قطر صاحب بودرياه، و"عذابات ابن ماجد" هزته عاصفة الحروب ولا يزال في رد الفعل، وانطوان معلوف وادوار البستاني، وعصام محفوظ لبنان انقطعوا منذ زمان عن الكتابة المسرحية... والتقنيون فقدوا، تبحث عنهم بمصباح ديوجين ولا تجدهم، وهذا ينعكس بوضوح على آلية العمل، وعلى نوعية التنفيذ وطبيعته، واثره، واهميته... وربما، لهذا، نلحظ في معظم المسرحيات العربية الراهنة خللاً في التنفيذ التقني... وهذه من الاسباب الكثيرة والمتعددة التي تحمل المخرج مثلاً على ان يكون مصمم ديكور ومصمم إنارة، وأزياء... وماكياج بتاع كله في التعبير المصري... عندما نقول ان المسرح العربي يعيش حالة صعبة، يصفها البعض بالاحتضار، والبعض الآخر باعراض الانقراض، والبعض الآخر بالعزلة... الخ، وعندما نقول ان علينا انقاذ هذاالمسرح، ونحاول علاجه من امراضه، فهذا لا يعني اننا او سوانا، نحمل في اقلامنا "حبراً" عجائبياً ما ان يسل على الورق حتى ينهض المسرح العربي كالحصان، فالحلول لا تأتي دفعة واحدة، كما لا تأتي لا من فوق "المسرح"، ولا من "تحته"، ولا من خارجه. الحلول اما ان تنبع من المسرح ذاته، او لا تكون. نقول هذا لأن عدداً من اهل المسرح ومن سواهم، هرباً من مواجهة المشاكل الخاصة، الذاتية، بالمسرح، اقترحوا حلولاً من خارجه. تماماً كأن تبحث حلولاً لمشاكل السينما في الفن التشكيلي، او حلولاً لمشاكل الفن التشكيلي في وزارة الزراعة. وقد سمعنا وقرأنا آراء كثيرة "تبسيطية" تقول انه اذا كان الناس لا يأتون الى المسرح، فيجب ان يذهب المسرح اليهم. كيف؟ عبر التلفزيون. وهنا يخططون بين فنين مختلفين، وبين مكانين مختلفين، وبين لغتين مختلفتين فيلغون واحداً المسرح لحساب الثاني التلفزيون. ورأى البعض ان "استحضار" بعض النجوم السينمائيين "الكبار" كحسين فهمي، ومحمود ياسين ومحمود عبدالعزيز، والهام شاهين، واخير محاولة مع فاتن حمامة، وفاروق الفيشاوي، وشيرين، ويحيى الفخراني، وحتى يونس شلبي، ويمكن ان يجذب الناس الى المسرح كالطعم المعسول. ونزل نجوم السينما الى المسرح "الجماهيري"، لا لأنه مسرح، بل لأنه "لا مسرح". لانه امتداد للتلفزيون، والجماهير التي أمّت مسرحيات هؤلاء، ولم "تؤمها" باعتبارها "مسرحاً"، وانما "مكان" تشاهد فيه شخصياً نجومها المفضلين... فالعلاقة غير مسرحية اصلاً، وعلاقة غير مسرحية لا تحل المشاكل المسرحية. البعض رأى في الفرق "الجوالة" حلاً مزدوجاً: كسراً لاحتكار مركزية العاصمة، وتأسيس جمهور من خارج المدن. من الريف، او من الاطراف. واذا كانت هذه الاعمال وسعت الفضاء المسرحي من الخشبة الى "الحياة" كمسرح، اي حاولت ان تجعل من كل مكان مكاناً مسرحياً، ومن كل جمهور جمهوراً مسرحياً، وقدمت ضمن هذا الاطار تجارب ناجحة، الا ان نجاحها لا يعود الى مجرد توسيع الاطار، ولا الى هواجسها السياسية المباشرة، بقدر ما يعود الى ارهافاتها التجريبية في تحويل الفضاءات المسرحية، والاستفادة تقنياً من الامكنة. ولا يجوز رد نجاحاتها الى اعتبارات ايديولوجية او سياسية. ورأى البعض انه من اجل "التحرر" من سلطة الانتاج سواء كانت رسمية ام غير رسمية، ويمكن صنع مسرح مقتصد جداً... وابرز مظاهره المسرح المونودرامي الشخصية الواحدة. هذا المسرح رائج كثيراً في المهرجانات، بحيث كاد يتحول احد المهرجانات المسرحية العربية الى مهرجان للمونودراما. مثل هذا التوجه موجود كذلك في المسرح الفرنسي حالياً. صحيح انه قدمت اعمال بارزة في هذا الاطار ويقال في المناسبة ان كل مسرح بيكيت مونودرامي، لكن المونودراما "نوع" مسرحي، ولا يمكن ان يحل نوع مسرحي بذاته ازمات المسرح العربي، خصوصاً ان كثيراً مما يقدم في هذا المسرح يقع في السهولة وفي السردية اذ يخلطون بين المونودراما والرواية او النص الادبي. والالقاء والصراخ والاداء. وضمن هاجس التحرر من الانتاج الرسمي وغير الرسمي ايضاً، اسس عدد من المسرحيين العرب فرقاً مسرحية جماعية خاصة، موّلوها من جهودهم الخاصة، وتجنبوا فيها الانتاجات المكلفة خصوصاً في الديكورات وفي الاماكن المسرحية، اضافة الى رؤى مسرحية متجددة، كفرقة الحكواتي اللبنانية، وفرقة الحكواتي الفلسطينية، ومسرح الشوك، ومسرح الفوانيس، ومسرح اليوم... والمسرح الجديد، ومسرح الارض، الا ان هذه الفرق في معظمها لم تستمر. لكن أهو الطريق المسدود؟ أهي علامات الإنقراض؟ ربما لا! وربما نعم! والامر يعود اولاً واخيراً الى المسرح ذاته. كل الحلول الخارجية، وردود الفعل الآتية، والانتفاضات الموقتة، والصرخات السريعة، لا تشكل حلولاً جذرية لما يعانيه المسرح العربي اليوم. واذا كان ثمة مبتدأ للبحث عن هذه الحلول، فيمكن وضع عنوان عريض له: كيف نستعيد الحالة المسرحية الى المسرح العربي؟ نقصد بالحالة المسرحية ذلك الشغف، والرسولية، والعلاقة العضوية، التي تقوم على شكل مستمر ويومي، ومعمق، حتى الهاجس والوسواس، بالمسرح. وهذه الحالة لا تطول فقط الى اهل المسرح انفسهم من كتاب، ومخرجين، وتقنيين... وانما ايضاً الى الجمهور المسرحي نفسه. ان استرجاع هذه الحالة المسرحية شبه المفقودة في طرفي أهل المسرح والجمهور معاً، تتطلب خطة طويلة الامد، علمية البحث، تأخذ بالاعتبار الابداع اولاً واخيراً. الابداع والتجريب والطليعية الدائبة اولاً واخيراً. وذلك من خلال: 1 - اعادة النظر بالبنى التي تقوم عليها معاهد الفنون العربية، وهي بنى لا تزال "ادبية" من ناحية، ونظرية من ناحية اخرى، وتقليدية المنحى، بحيث تصبح هذه المعاهد المسرحية مختبرات حية للتجارب الطليعية، ومنابع لتخريج الممثل المكون تكويناً صحيحاً. 2 - ادخال التربية المسرحية في صلب البرامج التعليمية ابتداء من الصفوف الابتدائية حتى الجامعية، فتشكل لدى الاطفال والفتيات ما سميناه "الحالة" المسرحية او "الهواية" المسرحية، او الادمان المسرحي. اذ لا يكفي ان يكون عندنا مسرح للاطفال قائم عندنا عموماً على تشويه الاطفال والطفولة والاحاسيس والاذواق، ولكن يجب ان يكون مسرح يبدأ "منذ الطفولة" كمادة تعليمية حية لا تقوم على التلقين والتقليد كما هي العادة احياناً. 3 - اقامة مكتبات مسرحية ميسرة في المعاهد والمدارس والجامعات. 4 - زيادة الميزانيات المخصصة للمسرح، من قبل المؤسسات الرسمية المسارح القومية والوطنية بحيث تكفل لاهل المسرح حداً يجعلهم يتفرغون للعمل، وتوفر للمسارح التجهيزات العصرية اللازمة. على ان يتوازى ذلك مع توسيع الهامش الديموقراطي للتجارب المسرحية. 5 - ترميم المسارح المتبقية في العالم العربي، والحفاظ عليها، بعدما صارت تحول الى مستودعات ومحال للبيع. وبناء مسارح جديدة عصرية، في المدن وفي الاطراف. اذ لا يمكن ان ينهض المسرح العربي اذا فقد امكنته الاصلية. 6 - الحفاظ على المهرجانات المسرحية العربية دمشق، قرطاج، بغداد، دول مجلس التعاون الخليجي، الهواة...، كمكاسب للمسرح ولاهله وللناس، على ان يعاد النظر ببناها، فلا تكون مجرد تجميع للمسرحيات التي تنفذ هنا وهناك، ولا تكون مجرد مناسبة عابرة سياحية او ثقافية، بقدر ما تكون تتويجاً حياً للطليعيات العربية المميزة. 7 - تحرير اذهان بعض المسرحيين وغير المسرحيين من اوهام الجماهير. او من اوهام مسرح جماهيري وطليعي معاً. او من اوهام مسرح ذي وظائف سياسية وايديولوجية وطائفية واجتماعية وتربوية... اي التحرر من ان المسرح يمكن ان يغير العالم والحياة والازمنة. وهذا يعني اعتبار ان المسرح فن خاص، بدون دور اجتماعي مباشر، او وعظي. اي عدم خلط دور المسرح ودور الحزب، والمؤسسات المناضلة وغير المناضلة. واكبر دليل على ما نقول سقوط المسرح السياسي العربي كله.... وعندما نحاول ان نقترح مثل هذه "الحلول" الخاصة بالمسرح، لا يعني ذلك، اننا نفصل ازمة المسرح العربي عن ظروفه الاقتصادية، والتاريخية، والاجتماعية، ولا عن حالات الاحباط العامة: ايديولوجية وفكرية، ولا عن الانهيار شبه الشامل الذي تعانيه الثقافة العربية عموماً... ولا عن الهزائم التي اصابت العقل العربي، والابداع العربي. فالمسرح، يمكن ان يحقق ازدهاره، وحده، خصوصاً عندما يكون محاصراً بكل هذه الظواهر السلبية التي تحاصره حتى اليأس. ولكن، او ليس مطلوباً من المسرحي، على رغم كل شيء، ان يبقى مسرحياً؟ او ليس مطلوباً من المسرحي الذي يطمح الى تجاوز وطليعية، ان يخترق ولو جزءاً من هذا الحصار! ومن هذا اليأس ومن هذا العبث؟