رصيد العرب من الذهب الاولمبي يقف عند عشر ميداليات وهو رصيد ضئيل اذ بوسع الولاياتالمتحدة مثلاً ان تحصد هذا العدد في السباحة فقط وخلال دورة اولمبية واحدة… والملاحظ ان الميداليات الذهبية التي احرزها العرب موزعة بين رفع الاثقال والعاب القوى ولكن على مرحلتين مختلفتين، فبين عامي 1928 و1948 اقتصرت الميدالية الذهبية على رفع الاثقال وكانت من نصيب الابطال المصريين بينما تمتد المرحلة الثانية من سنة 1968 الى سنة 1988 وكانت فيها الميداليات الذهبية من حظ الابطال المغربيين في العاب القوى… رائد الذهب الاولمبي يعتبر سيد نصير رائد الذهب الاولمبي عند العرب وهو مصري احرز ميدالية ذهبية في رفع الاثقال لوزن الثقيل في دورة امستردام سنة 1928 مسجّلاً 355 كلغ. وفي الدورة ذاتها فاز الرباع المصري ابراهيم مصطفى بذهبية وزن خفيف الثقيل. وبعد ذلك كرت سبحة الرباعين المصريين الذين حفروا اسماءهم في ذاكرة الرياضة الاولمبية ففاز خضر التوني بذهبية رفع الاثقال لوزن المتوسط في دورة برلين 1936 مسجلاً 387.5 كلغ وفي الدورة ذاتها احرز مواطنه محمد مصباح ذهبية اخرى في وزن الخفيف مسجّلاً 342.5 كلغ. وفي دورة لندن 1948 انتزع الرباع المصري ابراهيم شمس الميدالية الذهبية في وزن الخفيف من مواطنه عطية حمودة بفارق الوزن بعد ان سجّل كلاهما 360 كلغ في حال تعادل رباعين في رفع الاثقال يعتبر الاخف وزناً فائزاً وانتزع الرباع محمود فيّاض ذهبية ثانية لمصر في وزن الريشة جامعاً 332.5كلغ. السنوات العجاف وكانت المرحلة الممتدة من سنة 1948 الى سنة 1968 عاقراً… فلم يحرز خلالها اي عربي ذهبية واحدة ويمكننا ان نطلق على هذه المرحلة اسم السنوات العجاف، اذ كان الابطال العرب طوالها بمثابة سيّاح او ضيوف شرف على الالعاب الاولمبية باستثناء المصارع اللبناني زكريا شهاب الذي احرز ميدالية فضية في دورة هلسنكي 1952 والعداء التونسي محمد القمودي الذي فاز بميدالية فضية ايضاً في دورة طوكيو 1964 في سباق ال 10 الاف متر… نادي الذهب الاولمبي الا ان العرب في دورة مكسيكو 1968 قرروا ان يقتحموا نادي الذهب الاولمبي من باب العاب القوى، وقد تمّ لهم ما ارادوا فزحزح العداء التونسي محمد القمودي الباب الموصد الذي غطّاه الصدأ طوال عشرين عاماً واعتلى منصة الشرف بعدما احرز الميدالية الذهبية في سباق ال 5 الاف متر. وبعد صيام عن الذهب استمر حتى سنة 1984 حققت العداءة المغربية نوال المتوكل انجازاً عظيماً في دورة لوس انجليس عندما فازت بذهبية ال 400 متر حواجز مسجلة 54.62 ثانية وهو رقم اولمبي جديد فكانت العربية الأولى التي نالت هذا الشرف الاولمبي. ولم تكن ميدالية نوال المتوكل ذهبية العرب اليتيمة في لوس انجليس بل اضاف مواطنها العداء سعيد عويطة ذهبية اخرى في سباق ال 5 آلاف متر. وفي دورة سيول 1988 انتقلت الشعلة الاولمبية الى العداء المغربي ابراهيم بوطيب الذي سرق الاضواء في سباق ال 10 آلاف متر وكان العربي الوحيد الذي احرز ذهبية في هذه الدورة. واضافة الى الذهب الاولمبي تضم الخزانة العربية ميداليات فضية وبرونزية بلغ مجموعها 28 ميدالية… التفاؤل والاوهام ومع انطلاق دورة برشلونة الاولمبية من الطبيعي ان نتساءل: اين موقعنا نحن العرب في هذه الدورة وما هي حظوظنا في احراز الذهب الاولمبي؟ على المرء ان يكون متفائلاً شرط الا يكون التفاؤل قائماً على الاوهام. ومع اننا نتمنى للابطال العرب في دورة برشلونة حظاً سعيداً وعودة مظفرة الا ان التمنيات شيء والنتائج الميدانية شيء آخر فالبطل الاولمبي لا يرتجل ارتجالاً بل يعد اعداداً علمياً طويلاً وشاقاً وهذا ما نفتقر اليه في معظم البلدان العربية. وما يؤسف له حقاً ان مصر التي شقت الطريق امام العرب الى مناجم الذهب الاولمبي تشارك في هذه الدورة وليس لديها امل ولو ضئيل بأن تحرز ميدالية ذهبية واحدة. والواقع ان بعض الدول العربية تشارك في دورة برشلونة على مستويين: مستوى الالعاب الجماعية ومستوى الالعاب الفردية. احتمالات ضئيلة على صعيد الالعاب الجماعية تشارك مصر في كرة القدم وكرة اليد والهوكي وتشارك الجزائر في الكرة بينما تشارك الكويت وقطر والمغرب في كرة القدم، واستناداً الى مستوى هذه الفرق ونتائجها الميدانية فاننا لا نجانب الصواب اذا اعتبرنا حظوظها في احراز ميدالية ذهبية كحظ ابليس في الجنة. اما على صعيد الالعاب الفردية فثمة مشاركات في السباحة والملاكمة ورفع الاثقال والجودو والمصارعة وفي جميع هذه الالعاب تبدو الميدالية الذهبية بعيدة المنال الا اذا حصلت مفاجأة من العيار الثقيل وعالم الرياضة لا يخلو من المفاجآت، والملاكم الجزائري حسين سلطاني قد يكون فلتة الشوط في هذا المضمار… الفرصة الحقيقية الا ان الفرصة الحقيقية امام العرب لاحراز ميداليات ذهبية في دورة برشلونة تتمثل في العاب القوى ولا سيما في مسابقات الجري. والامل معقود على مجموعة من العدائين المغاربيين وفي طليعتهم سعيد عويطة ونور الدين مرسلي وخالد سكاح وبوطيب مولاي وابراهيم بوطيب وعلى العداءة الجزائرية حسيبة بولمرقة. يعتبر المغربي سعيد عويطة عاثر الحظ نسبياً على الصعيد الاولمبي لانه لم يحرز الا ذهبية واحدة في ال 5 الاف متر مع انه صاحب خمسة ارقام قياسية عالمية في ال 1500 متر وال 2000 متر وال 3000 متر داخل القاعة وفي الهواء الطلق وال 5000 متر… علماً انه اول من كسر حاجز 3.30 دقيقة في سباق ال 1500 متر. والجدير بالذكر ان سعيد عويطة استعاد لياقته البدنية بعد جراحتين اجراهما في ساقه وقد مهّد لبرشلونة بسلسلة من الانجازات والانتصارات بدأت بستجيله رقماً عالمياً جديداً في سباق ال 3000 متر داخل القاعة في اثينا. وبفوزه بجميع السباقات التي شارك فيها هذا العام. الصراع الضاري اما الجزائري نور الدين مرسلي بطل العالم في سباق ال 1500متر في طوكيو الصيف الماضي وصاحب الرقم القياسي في ال 1500 متر داخل القاعة فهو من اوفر المرشحين حظاً للفوز بهذا السباق رغم تعرضه للاصابة في حوضه. ومع ان مشاركاته استعداداً لبرشلونة لم تتوج جميعها بالنجاح اذ هزم في روما امام الايطالي دي نابولي، فمن المتوقع ان يكون الصراع بينه وبين عويطة شرساً وضارياً فبرشلونة هي فرصة عويطة الاولمبية الاخيرة وفرصته الفضلى للثأر من مرسلي الذي هزمه في طوكيو… ولئن كانت خبرة عويطة ومخزونه الاحتياطي من الطموح والحيوية يعملان لصالحه فان العمر يعمل لصالح مرسلي… ومما لا شك فيه ان سباق الپ1500 متر في برشلونة لن يكون أقل اثارة من لقاء الوثب الطويل بين مايك باول وكارل لويس، لأنه يضم اضافة الى عويطة ومرسلي نخبة من ابطال العالم بينهم الايطالي جيناريو دي نابولي والاسباني خوسيه لويس غونزاليس والكيني ويلفريد كيروشي والقطري محمد سليمان. وللمغربي خالد سكاح حظ في الفوز بذهبية الپ5 آلاف متر يوازي حظ ابراهيم بوطيب في الفوز بذهبية الپ10 آلاف متر… الا انهما يواجهان منافسة عنيفة من ابطال كينيا والمكسيك تجعل المراهنة على فوزهما ضرباً من التكهنات المغرقة في تفاؤلها. الامل المتأرجح... اما العداءة الجزائرية حسيبة بولمرقة بطلة العالم في سباق الپ1500 متر في طوكيو الصيف الماضي والفائزة بذهبيتي ال 800 متر وال 1500 متر في دورة ألعاب البحر المتوسط، فقد تضاءل حظها باحراز ذهبية ال 1500 متر بعد نتائجها المخيبة في السباقات التي شاركت فيها استعداداً لبرشلونة فهي لم تفز في اي من تلك السباقات وأفضل نتيجة حققتها كانت حلولها ثالثة في لقاء نيس، ويبدو ان الاحداث التي تشهدها الجزائر قد انعكست سلباً على ادائها الا انها قد تتحول في اللحظة الاخيرة حافزاً اضافياً للفوز بحيث تهدي ذهبيتها الاولمبية في برشلونة لشعبها المعذب. ومن خلال عرضنا موضوعياً امكانات ابطالنا العرب ونتائجهم الميدانية نميل الى الاعتقاد بأن الفوز بميدالية ذهبية او اكثر في برشلونة امر ممكن جداً لا بل هو مرجح ولكنه غير مضمون. الا ان عواطفنا ستواكب ابطالنا وستهتف لهم متمنية ان يضيفوا الى رصيدنا من الذهب الاولمبي رصيداً جديداً.