حفل الثلث الاخير من حزيران يونيو الماضي، في لبنان، بخرق جدار التريث من قبل البنك الدولي ودول المجموعة الاوروبية وبعض الصناديق الاقليمية الممولة، اذ حضرت الى بيروت وفود ممثلة لها بعد ان طويت ملفات الرهائن الاجنبية في لبنان. باطلاق آخر رهينتين، هما الرهينتان الألمانيان. وتركزت مهمات هذه الوفود على بحث سبل مساعدة لبنان مالياً او تيسير القروض، واستطلاع المشاريع الكبرى الاساسية لتمويلها في برامج تمتد لسنوات. وحضرت بعثة للمجموعة الاوروبية برئاسة رئيس قسم البحر المتوسط الجنوبي والشرقي في المديرية العامة للعلاقات الخارجية في السوق الاوروبية المشتركة السيد جان بول جيسي. ولم يكن وفد السوق اول الوفود الاجنبية الواصلة الى لبنان نتيجة لاطلاق الرهينتين الالمانيين، اذ بدا ان كل الدول او الهيئات الراغبة في مساعدة لبنان، والتي ارتبطت معه باتفاقات اقتصادية او تجارية، او وقعت معه اتفاقات قروض ومساعدات، كانت تنتظر اغلاق ملف الرهائن لتفلت المساعدات من عقالها وتستعيد ثقتها بلبنان. وكان لبنان استقبل على مدى الاشهر الماضية من السنة وفوداً عدة من دول وصناديق تمويل عربية وأجنبية لكن زياراتها اقتصرت على الطابع الاستطلاعي، بما في ذلك زيارات وفود المؤسسات الدولية التابعة للامم المتحدة. حتى ان الهبات كانت خجولة وممنوعة باستثناء تلك التي قدمتها دول او مؤسسات دولية لمساعدة المنكوبين من جراء الاحداث او العواصف الثلجية في الشتاء الماضي. منسق الاممالمتحدة في لبنان السيد كريستيان دوكليرك قال لوزير الاقتصاد والتجارة اللبناني: "ان الاممالمتحدة ستبدأ تفعيل مساعداتها للبنان وستنفذ احد مشاريعها المجانية" فيه والذي يشمل انشاء مركز خدمات معلوماتية. وبدا من مساعدات الاممالمتحدة ان صندوق النقد الدولي الذي اوفد سابقاً اكثر من بعثة استطلاعية، عاد وأرسل وفداً برئاسة رئيس دائرة الشرق الاوسط الدكتور شكور شعلان، حيث عرض الوفد مع رئيسي الجمهورية والحكومة والوزراء اللبنانيين المختصين توجهات الحكومة اللبنانية، بالنسبة الى النهوض الاقتصادي، آملاً ان يكون للبرنامج الذي وضعه اثر كبير في مساعدة الهيئات الدولية للبنان. وعاد شعلان بانطباع ايجابي عن تطور الاوضاع في لبنان، مشيراً الى ان المساعدات سترد الى لبنان لكنها ستكون مساعدات تقنية في المرحلة الاولى. وكان وزير المال اللبناني الدكتور اسعد دياب اشار الى ان شعلان كان مرتاحاً للمخطط العام الذي وضعته شركة بكتل لصالح مجلس الانماء والاعمار بعنوان "خطة النهوض الاقتصادي"، ونقل وزير الاقتصاد اللبناني عنه "تفهمه للتوجهات التي ستقوم بها الحكومة وتفاؤله بالمستقبل اذا نفذت الخطة". وأكد شعلان ان لبنان سيحصل على مساعدات من صندوق النقد الدولي في مجالات مختلفة. وتزامن وجود موفد صندوق النقد الدولي في لبنان مع بعثة من بنك التنمية الاسلامي السعودي برئاسة السيد محمد العثمان، التقت المسؤولين واطلعت على حاجات لبنان خصوصاً على صعيد الخدمات والبنى التحتية. والبنك الاسلامي هو من بين قلة من المؤسسات التي قدمت مساعدات للبنان بعد الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وايطاليا، فهو وقّع مع وزير الصحة السيد مروان حماده بروتوكولاً بقيمة 9 ملايين دولار اميركي لتمويل بناء مستشفى بيروت الحكومي، واستطلع حاجات قطاعات الخدمات العامة والبنى التحتية لا سيما الكهرباء والزراعة والاتصالات السلكية واللاسلكية، وسيساعد على انشاء محطة تحويل كهربائية في منطقة عكار وتأهيل شبكة الكهرباء فيه، بما تبلغ كلفته 9 ملايين دولار اميركي أيضاً. كما تعهد كذلك بالمساهمة في تمويل انشاء مركز تبريد وتوضيب للفاكهة والخضر كلفته 15 مليون دولار اميركي. الى بنك التنمية الاسلامي وقّع صندوق اوبك للتنمية الدولية في فيينا اتفاقاً مع لبنان لتمويل مشروع لتربية الماشية قيمته 5 ملايين دولار اميركي وهو الأول الذي يحصل عليه لبنان من الصندوق. إلا ان اهم البعثات التي زارت لبنان هي بعثة السوق الاوروبية المشتركة لأن دورها يرتكز على اعادة فاعلية دور المجموعة الاوروبية في لبنان وبحث سبل التعاون على المدى البعيد، وطريقة صرف المساعدات التي تدخل ضمن البروتوكولات المعقودة بين لبنان والمجموعة. اذ ان هناك بعض الاموال من السوق ومن البنك الدولي موضوعة في تصرف الحكومة لاعادة اعمار لبنان. وكان لا بد من الاتفاق مع المسؤولين على طريقة صرف هذه الاموال البالغة 176 وحدة حسابية اوروبية او ما يوازي 210 ملايين دولار اميركي بينها 55 مليون دولار هبة، والباقي قروض طويلة الامد. وأفادت مصادر وزارة الخارجية اللبنانية ان البحث بين وفد السوق والجانب اللبناني تركز على متابعة الخطوات الآيلة الى اقرار المشاريع واستعمال القروض. كما تم التشاور في امكان حصول لبنان على مبلغ يراوح بين 50 و60 مليون دولار بقروض ميسرة يمكن استعمالها في تمويل مشاريع بيئية ومشاريع التكامل الاقليمي ومشاريع متعلقة بالتكامل مع دول السوق الاوروبية المشتركة. والى السوق الاوروبية، اعلنت الكويت انها ستقدم للبنان مساعدات بقيمة 181 مليون دولار اميركي في مجال الكهرباء والمياه والاتصالات السلكية واللاسلكية. وعلى رغم "ازدحام" الوفود واطلاق الوعود بوصول المساعدات، يبدو ان الافراج الفعلي عن القروض والمساعدات ينتظر الانتهاء من استحقاق الانتخابات النيابية المنتظر ان تجري هذا الصيف. ذلك ان المساعدة بمعناها الواسع هي ان تساهم دول السوق الاوروبية بقسطها المقرر في الصندوق الدولي لاعمار لبنان والبالغ 700 مليون دولار من اصل رصيد الصندوق المقرر بملياري دولار، منها مبلغ مليار دولار توفره الدول الخليجية و300 مليون دولار من اليابان. وما لم ينتقل صندوق الاعمار من الحبر والورق الى ارض الواقع والتنفيذ فان اللبنانيين، مع ترحيبهم بكل المساعدات، سيظلون مقتنعين بأن المساعدة الفعلية للبنان لم تبدأ بعد.