هل يتحول الارهاب من خطف الطائرات وقتل الابرياء الى عالم الكمبيوتر في اشكال مختلفة مع بداية القرن الحادي والعشرين؟ هذا السؤال طرح بجدية من قبل خبراء الكمبيوتر خلال مؤتمر خاص بهم عقد اخيرا في لندن، حيث حذّر عدد منهم حكومات العالم من هذا الخطر الداهم الذي بدأت ملامحه تتضح رويدا رويدا وبخاصة في الدول المتقدمة. واكد احدهم ان عمليات الارهاب في السنوات المقبلة لن تنحصر في الخطف والتفجير وعمليات العنف بل ستتحول الى نوع جديد وهو ما يسمى بالارهاب "الكمبيوتري" الذي سيختلط فيه التجسس بالامن وبسرقة التكنولوجيا ومحاولات الابتزاز، وقد تقوده دول ومنظمات وحركات سياسية وقراصنة. ولكن ما هي ملامح هذا الارهاب الجديد؟ وهل بالامكان معالجة أسبابه؟ في الاسبوع الثاني من شهر كانون الاول "ديسمبر" من العام 1989 وقع روبرت مويد الباحث في كلية الطب في جامعة لندن في المحظور الذي طالما حذر زملاءه العلماء والباحثين من الوقوع فيه. كان روبرت وقتها يركز على دراسة مخاطر اجراء التجارب على دم الانسان حين وصله طرد بريدي في داخله قرص كمبيوتر متحرك ديسك مرفق بورقة كتب عليها "معلومات صحية مفيدة حول مرض نقص المناعة الايدز". فتح روبرت القرص ونسي كل التحذيرات التي كان يطلقها قبل ان يدفعه الى داخل جهاز الكمبيوتر. لم يكن "القرص" اكثر من خدعة طروادية - لاحظها روبرت بعدما تم الوقوع في الخطأ، لاسيما وان الكمبيوتر لم يكن يعمل بدون العودة الى تشغيل القرص الثابت. ومع تشغيله أصدر البرنامج تعديلات بوجوب فتح الطابعة التي ما لبثت ان أصدرت أمرا بإرسال مبلغ من المال الى صندوق بريد في بنما. حينها أيقن روبرت وزملاؤه انهم وقعوا ضحية عملية ابتزاز هي الاولى من نوعها في مختبرهم. وما حصل لهم حصل ل 20 ألف شخص في انحاء العالم تلقوا "القرص" نفسه المرسل على العناوين المختلفة بواسطة البريد. وفي التفاصيل التي كتبت على ورقة زرقاء مع القرص "ان كل من يستعمل القرص عليه دفع مبلغ مقداره 189 دولارا اميركيا اذا استعمل لمدة عام، ومبلغ 378 دولارا للاستعمال مدى الحياة". وحمل رقم الصندوق البريدي المسجل في بنما اسم شركة "كيبورج كوربوريشن". وحذرت ورقة صغيرة اخرى على الجانب الخلفي من الشريط من ان "شركة كيبورج" تحتفظ بحقها القانوني لتحصيل مستحقاتها، وانها قد تلجأ الى استعمال برنامج خاص لتعطيل الكمبيوتر المستعمل عن العمل". وحذرت الملاحظة من "ان البرنامج المذكور يؤثر على كل البرامج المستعملة في الكمبيوتر. ولذلك ننصح بأن يدفع المبلغ المذكور اعلاه، وإلا فإن ضميرك سوف يؤنبك مدى الحياة". وبعد التحريات التي اجرتها شرطة سكوتلنديارد على الفور، تبين أن 20 ألف قرص قد تم ارسالها من لندن في البريد خلال الفترة بين السابع من كانون الاول ديسمبر عام 1989 والحادي عشر منه. وقد شملت العناوين دولا عدة في العالم باستثناء الولاياتالمتحدة والدول العربية. التحذير جاء متأخرا ومع ان نشرة تحذيرية وزعت منذ اليوم الاول لوصول اول "قرص مسموم الى الكثير من المعاهد العلمية ومراكز البحث الصحي، الا انها جاءت متأخرة بالنسبة لخبراء وباحثين آخرين مما تسبب في خسارة معلومات قيمة وثمينة كانت ثمرة أبحاث استغرقت سنوات. فقد خسرت مؤسسة ايطالية مهتمة بمكافحة مرض نقص المناعة "الايدز" أبحاثا استغرقت عشر سنين وكلفتها مئات الآلاف من الدولارات. ووصف جون اوستن، رئيس وحدة مكافحة جرائم الكمبيوتر البريطانية في شرطة سكوتلنديارد العملية بأنها من أخطر العمليات التي واجهتها وحدته في بريطانيا. فلقد كانت عملية ابتزاز واسعة النطاق، اضافة الى إتلاف نتائج ابحاث اجرتها مؤسسات عدة في لمحة بصر. واشارت التحقيقات الاولية التي اجراها اوستن، الى ان المرسل حصل على قائمة عناوين ل 3000 مركز علمي ومنظمة صحية تهتم بمكافحة مرض الايدز، وكانت هذه المنظمات اجتمعت في استوكهولم بدعوة من منظمة الصحة العالمية. كما حصل على قائمة عناوين لمشتركين في مجلة كمبيوتر دولية. وتبين لرجال التحقيق البريطاني ان عدم توزيع الشريط في الولاياتالمتحدة مؤشر الى ان المرسل يعرف ان القوانين الاميركية تحظر هذا النوع من الاعمال وبالتالي قد يكون مواطنا اميركيا. وقال صاحب مجلة "عالم الاعمال" للشرطة، انه باع العناوين لرجل اعمال كيني، وقد شملت القائمة المبيعة عناوين لوزارة الدفاع البريطانية وشركة الصناعات الجوية البريطانية "بريتش ايروسبايس" وبنك لويدز ووكالة "رويتر" وشركة شل وغيرها من المؤسسات المهمة. وقد كثفت السلطات الامنية جهودها من أجل الكشف عن الفاعلين، فأجرت اتصالات دولية عبر جهاز الانتربول. وعشية عيد الميلاد من العام نفسه، اي بعد اسبوعين على ارسال آخر قرص بالبريد، كان المسؤول البريطاني في منزله عندما اتصل به زميل هولندي عمل معه في جهاز الانتربول الدولي ليبلغه عن اعتقال السلطات الهولندية في مطار امستردام لمواطن اميركي قادم من نيروبي. وكان هذا الاميركي ويدعى جوزيف لويس بوب، المتخرج من جامعة هارفارد، ويعمل مستشارا غير متفرغ لمنظمة الصحة العالمية، وفي طريق عودته من مؤتمر عقدته المنظمة في كينيا، أثارت تصرفاته شكوك السلطات الامنية التي بادرت الى تفتيشه والتحقيق معه قبل اطلاق سراحه والسماح له بالسفر الى كليفلاند في الولاياتالمتحدة، حيث عثر معه على اوراق تحمل اسم الشركة البنمية "كيبورج - كوربويشن". بعد أيام قليلة على اطلاق سراحه، ارسلت شرطة سكوتلنديارد الى جهاز المخابرات الفيديرالية ال "أف بي أي" الاميركي مذكرة توقيف بحقه وبطلب إحضاره الى بريطانيا لمحاكمته، وقد اوقفه جهاز الشرطة الاتحادي الاميركي، بالفعل، الا ان محاميه تدخل للدفاع عنه، فاعترف بقيام موكله بارسال الاقراص، لكنه قال انه رغم الاعراض العقلية التي يشكو منها، فقد كان تحذيره من استعمال القرص واضحا، لذا لا يحق اطلاق لقب عملية ابتزاز على ما قام به. وأبدى المحامي استعداد موكله للتبرع بالاموال التي حصل عليها لصالح منظمة الصحة العالمية. وقد رفض جون اوستن هذه المقولة وقال: "إن عبارة المتهم واضحة وتقول تدفع او يتضرر جهاز الكمبيوتر والبرامج المستعملة فيه". واستطاع روبرت هويد بعد يومين من العمل الشاق انقاذ البرامج التي يحتويها جهازه من التهديد الذي تلقاه، في حين خسر علماء آخرون الكثير من نتائج أبحاثهم نتيجة ارتباكهم اثناء محاولتهم التخلص من الضرر الذي تسبب به القرص المتحرك. ولو كتب لجوزيف بوب النجاح في مهمته لتمكن من جني أرباح تصل قيمتها الى ثلاثة ملايين جنيه استرليني في وقت لم تتجاوز تكاليف عملية ابتزازه، وثمن الاقراص، وكلفة السفر الى بنما للاستفادة من وجود الجنرال نورييغا في الحكم، سوى عشرة آلاف جنيه استرليني. وأشار اوستن الى ان الشرطة البنمية اثناء حكم نورييغا أبدت استعدادا للتعاون في الكشف عن الاسماء التي استأجرت صندوق البريد في شهر نيسان ابريل من العام 1989، وتبين انها اسماء حقيقية لاثيوبيين استعملت دون علم اصحابها. ورغم نجاح السلطات البريطانية في جلب جوزيف الى المحاكمة في بريطانيا، فإن القاضي في محكمة "ساوث ورك" جنوب شرق لندن، الذي نظر في القضية في شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي، أمر باخلاء سبيله وإعادته الى الولاياتالمتحدة بعدما أجمعت الادلة على عدم اهليته للمثول امام المحكمة بسبب الامراض العقلية والنفسية التي يعاني منها. وكانت هذه الحادثة بالذات وراء اصدار قانون بريطاني ينظم استعمال اجهزة الكمبيوتر ويقاضي المسيئين اليها في العام 1990. قضايا معقدة اخرى واذا كانت قرصنة جوزيف بوب قد حُلت ألغازها، فإن في ملفات التحقيق العديد من القضايا المشابهة، وربما المعقدة اكثر، والتي تنبئ بازدهار القرصنة والارهاب عبر الكمبيوتر، ومنها ما يمتد ابعد من الكسب المادي الفردي ليطال أمن دول ويهدد مصالحها الامنية والاقتصادية. ولعل ما تعرضت له الولاياتالمتحدة من محاولات لسرقة معلومات سرية وحساسة من بنوك معلوماتها بواسطة اجهزة استخبارات اجنبية هي أبرز مثال على ذلك. ففي العام 1986 نجح الاتحاد السوفياتي في سرقة معلومات سرية اميركية بعد اتصاله ببنوك معلومات في الولاياتالمتحدة بواسطة معهد أبحاث في فيينا يديره علماء من دول اوروبا الشرقية وبعض الغربيين. وفي وقت لاحق من العام نفسه، جرت محاولات غامضة عدة لاختراق اجهزة الكمبيوتر في مختبر "لورانس بيركلي" في كاليفورنيا. الا ان الدكتور كليفورد ستول، احد المسؤولين الاداريين في المختبر اكتشف الامر ونبه الشرطة الفيديرالية، كما اتصل بوكالة الامن الوطني وأبلغها بالمحاولات الجارية للوصول الى المعلومات التي تستعملها وكالة الفضاء الاميركية "ناسا". وبعد أسابيع من المراقبة والملاحقة، لاحظ الدكتور ستول ومسؤولون آخرون ان القراصنة يتجنبون الدخول الى برامج عسكرية نووية او يحاولون تدمير انظمتها في محاولة لابعاد الشبهات، الامر الذي زاد في قناعة المسؤولين الاميركيين بوجود عملية تجسس منظمة تقوم بها عناصر محترفة وليس من عمل "مراهقين". ولم تمض فترة بسيطة حتى نجح الدكتور ستول وخبراء آخرون من الاجهزة الحكومية الاميركية من تقفي أثر "الدخلاء" في اوروبا. ونتيجة للتعاون بين السلطات الاميركية والالمانية تم اعتقال ثلاثة مواطنين المان في مدينة هامبورغ في اذار مارس من العام 1989. وبعد التحقيق معهم تبين انهم تلقوا ألوفا عدة من الدولارات من جهاز الاستخبارات السوفياتي كي جي بي، ثمن أقراص الكمبيوتر التي تحمل معلومات عن وزارة الدفاع الاميركية "البنتاغون" ووكالة الفضاء الاميركية "ناسا". ولا شك ان هذا النوع من التجسس لصالح جهة اجنبية ينطبق على ما قام به آخرون من أمثال اليهودي الاميركي جوناثان بولارد الذي نقل معلومات حول انظمة دفاعية اميركية الى اسرائيل، ولا يزال يقضي عقوبة السجن حتى الآن. وفي اعتداء من نوع اخر على اجهزة الكمبيوتر، قام عالم يدعى روبرت تابان موريس المتخرج من جامعة كورنل في نهاية العام 1988 بزرع فيروس في شبكة "يونكس" مما أدى الى تعطيل 6000 جهاز كمبيوتر من بينها أجهزة جامعتي كولومبيا وستانفورد، ومختبرات لورنس مور، ومختبر الجيش الاميركي لأبحاث الصواريخ الباليستية في أبردين، وجهاز مركز ابحاث وكالة الفضاء ناسا. وقد اعترف موريس في شهر كانون الثاني يناير من العام 1990 بالتهمة الموجهة اليه، واجبر على دفع غرامة مقدارها عشرة آلاف دولار اميركي و400 ساعة من العمل الاجتماعي، وحسب قول اصدقاء له، فإن ما دفعه للقيام بذلك هو حبه للتحدي. واذا كانت عملية موريس خطيرة بالنسبة لعالم الكمبيوتر، فإن ما حدث في العام 1987 على يد شاب اميركي مراهق من سكان مدينة شيكاغو، يعتبر من اهم عمليات الاختراق لنظام الدفاع الاميركي. فقد نجح "هربرت زن" 17 عاما في الوصول الى نظام مختبرات "بل" المسؤولة عن جهاز توجيه الصواريخ وقاعدة "روبنز" الجوية العسكرية، وتمكن من نسخ البرنامج ومعلومات مصنفة لدى الادارة الاميركية تحت كلمتي "سري جدا". واعتقل الشاب المراهق بعدما اخذ في تشجيع هواة آخرين من أمثاله في السير على خطاه. وما لم يكن يعرفه "هربرت" ان قيمة المعلومات التي كان يلهو بها تتجاوز 2،1 مليون دولار اميركي، فقدم الى المحاكمة، وسجن لمدة تسعة اشهر بعدما دفع غرامة مقدارها عشرة آلاف دولار اميركي. واذا كان من شأن اعمال "صبيانية" من هذا النوع شلّ اجهزة حيوية في بلد مثل الولاياتالمتحدة، فإن المعنيين والخبراء يدرسون باهتمام الضرر الذي قد يلحق بدولة واجهزتها، اذا تمكن العدو من النجاح في شكل أجهزتها الدفاعية عبر الدخول الى انظمة برامجها الالكترونية. فيروس "القدس" ومن الامثلة الحية التي يضربها احد خبراء الكمبيوتر في الولاياتالمتحدة، ما أصاب جهاز MCS الذي كان يستعمل من قبل قيادة القوات الاميركية قبل بدء حرب الخليج. فقد تعرضت كنتيجة لذلك آلاف عدة من اجهزة الكمبيوتر الحاملة لفيروس أطلق عليه اسم فيروس القدس - ب، وقد كان من شأن الضرر الذي يلحقه بالاجهزة ان يؤثر على عملية تنسيق الهجمات بالدبابات وعلى حجم قوة الاسناد النارية للقوات المتحالفة ضد العراق، لو لم يتدارك الضرر في اللحظة المناسبة. وتعود تسمية الفيروس المذكور ب "القدس" نظرا لاصابة جهاز الكمبيوتر الرئيسي الخاص بجهاز الاستخبارات الاسرائيلية "الموساد" بالفيروس نفسه قبل اعوام عدة. وفي حوار خاص مع خبير بريطاني بارز هو المهندس كينيث لندب من شركة SRI المتخصصة في سلامة أجهزة الكمبيوتر وأمنها على الصعيد الدولي، قال لندب ان خطر ازدياد عمليات الارهاب والابتزاز والتجسس في السنوات المقبلة امر لا مفر منه، لا سيما مع انتشار اجهزة الكمبيوتر بما يزيد عن ضعف عددها الحالي الذي يتجاوز 70 مليون جهاز. وأشار لندب الى ان نجاح قراصنة الكمبيوتر من المراهقين في اختراق الحواجز والوصول الى معلومات سرية لادارات حكومية هو مؤشر على امكانية نجاح اجهزة الاستخبارات المضادة والمجموعات المنظمة، سواء أكانت لاسباب ارهابية او سياسية، للقيام بالشيء نفسه لتحقيق الاهداف التي تتطلع اليها. وقال لندب ان ما قامت به احدى المنظمات الالمانية في مطلع السبعينات حين وزعت منشورات تدعو الى تدمير المؤسسات التي تستعمل الكمبيوتر من خلال توزيع اشارات معينة حول الطرق التي يجب اتباعها، يمكن ان تتجدد بطرق اخرى، ولا شيء يمنع مؤسسات او منظمات اخرى من اتباع الاسلوب نفسه اذا سنحت لها الفرصة بذلك. ويورد لندب امثلة عن العمليات المسلحة التي كانت تتعرض لها البنوك اثناء حصول السرقات، والطرق التي يمكن ان تتم عمليات السطو بها في المستقبل. ويقول: "ان السلطات الامنية البريطانية اعتقلت أخيرا رجلين دخلا احد البنوك، وبدلا من السطو على اموال كان بامكانهم حملها، قاموا بسرقة قرصي كمبيوتر يتضمنان برامج تساعدهما على تحويل مبالغ مالية من حسابات الى اخرى وتوفر عليهما عناء نقل الاموال بسيارات، وتريحهما من الوقوع في قبضة رجال الامن الذين بامكانهم معرقة الرقم المتسلسل للاوراق النقدية المسروقة. ويضيف لندب: "الارهاب الذي حذر من انتشاره زميله دون باركر خلال ندوة علمية عقدت في لندن اخيرا" بأنه امر لا مفر من مواجهته، لا سيما ان هدف مجموعات كثيرة ودول وافراد الحاق الضرر بمجموعات مقابلة من خلال الحاق الخسائر بها والقيام بعمليات الابتزاز سواء عبر تنفيذ عمليات سياسية او مادية بحتة او حتى اقتصادية. وفي لقاء آخر خاص مع دونالد ديفيس وهو خبير بريطاني بارز في شؤون الكمبيوتر قال لنا ان نشاط شركات الكمبيوتر امتد الى حقول متنوعة في مقدمتها ورأس اولوياتها انشاء نظام أمني يمنع دخول اي طارئ على الاجهزة المثبتة في الشركات وبنوك المعلومات. واوضح ديفيس ان اجتماعات دورية تحصل على مستوى اوروبي ودولي بين المجموعات الكبرى من المصارف والشركات والمصانع للتداول في كل جديد ومفيد على هذا الصعيد. ووصف حجم الاموال التي تحول عن طريق الخطأ الذي ترتكبه اجهزة الكمبيوتر في بريطانيا وحدها يصل الى حوالي 150 مليون جنيه استرليني سنويا. ومع ذلك، قال ان الاجراءات المتخذة في بريطانيا على صعيد الامن الكمبيوتري فعالة وذلك بفضل التقدم في المجال التقني. خبير آخر يتكلم وذكر سامر ناجيا وهو خبير عربي بارز في واشنطن في حقل الكمبيوتر ان القراصنة نجحوا في الآونة الماضية بتحويل مبالغ طائلة من المال من حسابات مصرفية في لوس انجيليس الى زوريخ عبر نيويورك وذلك بعدما اوهم الفاعل اجهزة الكمبيوتر بأنه من العاملين في الحقل الدولي، وتمكن من تحويل عشرة ملايين دولار. ويفسر ناجيا نجاح هذا النوع من العمليات الى صعوبة التدقيق في الاعداد الكبيرة من عمليات التحويل اليومية والتي قد تصل قيمتها الى مئات الملايين من الدولارات. ولعل عدم وجود قانون منظم في اوروبا لمكافحة القرصنة شجع ويشجع الكثيرين على محاولة الدخول في انظمة الكمبيوتر الاميركية عن طريق الهاتف. واشهر العمليات الاوروبية التي تمت اخيرا هي تلك التي بث وقائعها التلفزيون الهولندي في شهر نيسان ابريل الماضي، حين عرض شريطا اخباريا مصورا لبعض القراصنة الهولنديين وهم يدخلون على خط مركز كينيدي الفضائي ومقر قيادة الاسطول الاميركي في المحيط الهادئ ومركز دولي آخر للاتصالات في الولاياتالمتحدة. ومع ان السلطات الفيديرالية اعلنت في تعقيبها على هذه العملية بأنها لم تتسبب بأي ضرر، الا ان ذلك يكشف مدى "القدرة والسهولة المتاحتين لأجهزة الاستخبارات الاجنبية واصحاب الاهداف المختلفة على استغلال الظروف وتسخير الكمبيوتر وتطور العلوم والتكنولوجيا للاستعمال الشيطاني كما هي للخير العام في آن معا.