كل عمل سواء كان قليلاً أم كثيراً لا بد من حصاد، إما حصاداً نافعاً أو ضاراً. أما"الربيع العربي المزعوم"، فحصدنا منه حصاداً لا أقول فاشلاً فحسب، بل قاتلاً لا يعرف التاريخ مثله. كثيراً ما يذكر الشيخ الألباني - رحمه الله - ذلك المثل السوري:"قال الحائط للوتد لِم تشقني؟ قال الوتد سل من يدقني". فالشعب السوري أصحاب المثل هم من أخذوا نصيب الأسد من هذا المثل، لسوء ما لحق بهم من ذلك الربيع المزعوم، ولسان حالهم يقول:"ليش يا ربيع تشقنا؟ قال الربيع سلُ من يدقنا". هذه هي الفتنة العربية لا ما يسمونه ب"الربيع العربي"، لقد أخطأ من سمى هذا، كما أخطأ حزب حسن نصرالله في لبنان لتسميتهم لحزبهم"حزب الله"، وكلاهما اسم على غير مسمى، ولقد عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أفعال أناس في آخر الزمان يستحلون الخمر فقال:"يسمونها بغير اسمها". هذه الفتنة والتي طافت كثيراً في البلاد العربية والتي أشعلها أناس لا عقل لهم ولا دين صحيح، لأن الدين الصحيح يدين هذه الأعمال التي لا تمت له بصلة، والتي تنافي الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها، لذلك حصدنا جميعاً ذلك الحصاد، سواء قلّ أم كثر، والسبب الخروج على الحكام. إذاً، من هم وراء هذه الأحداث؟ وما هو حصاد ذلك؟ أما الذين وراء هذه الأحداث فقوم تظاهروا واعتصموا وكفروا ثم فجروا، برنامج منظّم يخطط له الأعداء، لكن بأيد أبناء جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، كما روى حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يكون دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم قذفوه فيها"، قلت: يا رسول الله، صفهم لنا، قال:"هم قوم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا"، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال:"فالزم جماعة المسلمين وإمامهم"، قلت: وإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال:"فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت كذلك". وروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما، أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير فقالا:"إن الناس ضيعوا، وأنت ابن عمر وصاحب النبي صلى الله عليه وسلم، فما يمنعك أن تخرج؟ قال يمنعني أن الله حرّم دم أخي، فقالا: ألم يقل الله: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ؟ فقال: قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله". سبحان الله! وكأن ابن عمر يحذّر من ذلك الربيع المزعوم. وجاء عن المقداد بن الأسود قال: وايم الله! لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن السعيد لَمَن جُنّب الفتن، إِن السعيد لَمَن جُنّب الفتن، إن السعيد لَمَن جُنّب الفتن، ولمن ابتُلي فصبر فواها". رواه أبو داود وصححه الألباني. ومعنى"فواها": تعجب تعني من طيب كل شيء. وأما نتاج الحصاد أو حصاد"الربيع العربي المزعوم"فهو كما يلي: التعرض لأبشع أنواع القتل وبأبشع المواد الفتاكة الكيماوي كما هو حاصل في سورية ومقتل أكثر من 125 ألف قتيل، وتشريدهم إلى غير بلادهم ممن نجوا ونصبوا لهم مخيمات البؤس والشقاء والتي لا تقيهم الحر والبرد، تعطيل العمل والإنماء للبلد وتعطيل الدراسة، فقدان الأمن صمام الأمان للبلد وتنميته، قتل الأطفال والنساء الذين لا حول لهم ولا قوة والذين يُستثنى قتلهم حتى في الحروب كما هو معلوم في الشريعة الإسلامية، كثرة التفجيرات وإثارة الفوضى من المتطرفين، سواء من السُّنة أم الشيعة أم النصارى، مع تدمير المساجد والكنائس وغيرها من دور العبادة، فتح الفرص لجمع الأموال بحجة إغاثة الشعب الفلاني وربما استغل هذه الحجة جماعة التكفير والتفجير لنيل مآربهم، مدخل للأعداء لتشويه صورة الإسلام المشرقة السمحة، واستغلال ذلك لترويج باطلهم، ازدياد أعداد ذوي الإعاقة ممن بُترت ساقهم أو قطعت أيديهم أو فقدت أعينهم أو غير ذلك، تراكم الديون للدول التي استضافت هذا الربيع المزعوم مع مغادرة الشركات الكبرى أماكن الوباء، تغيير مسار البلد إلى الوراء بدلاً من الإقدام إلى الأمام، حتى أصبحت محبوسة متسولة تنظر ما في يد غيرها، ارتفاع غلاء المعيشة، ما أدى إلى ازدياد نسبة الفقر وتفشي الأمراض وتعطيل عجلة التنمية. هاشم محمد علي السيد [email protected]