لم يكن عام 2002 عاماً عادياً مثل سابقيه، إذ شهد المجتمع السعودي خلاله دخول المرأة السعودية المجال الصناعي، والتحاقها بالعمل في مجال الكهرباء والميكانيكا للمرة الأولى، عبر مصنع شركة الإنارة السعودية الواقع في المدينة الصناعية الثانية في منطقة الرياض، إذ انخرطت المرأة في تجميع وتركيب وحدات الإنارة، وتوصيل أسلاكها واختبار جودتها، لتنتج 120 عاملة وموظفة سعودية في القسم النسائي بعد اعتماد عملهن رسمياً نصف مليون وحدة إنارة في عام 2005، ارتفعت إلى ثلاثة ملايين وحدة سنوياً حالياً. 120 عاملة وموظفة سعودية يعملن على خطوط الإنتاج الأربعة في المصنع طوال خمسة أيام في الأسبوع من الساعة السابعة صباحاً وحتى الثالثة عصراً، إذ تعمل مجموعة في تجميع كهربائي وميكانيكي بسيط لوحدات الإنارة فلورسنت، في حين تتكفل مجموعة أخرى بإجراء فحص شامل واختبار نهائي للوحدات والتأكد من جودتها، وتقوم مديرة القسم ومساعداتها الخمس بتدريب العاملات، وإعداد التقارير اليومية والشهرية، التي ترتبط بتدوين نسب الإنتاج وحسابها، إضافة إلى سجل الحضور والتقارير الفنية الأخرى المتعلقة بجودة المنتج والمشكلات الفنية، من خلال الحاسوب والبرامج الحديثة. ويتم احتساب معدل الإنتاج اليومي والشهري للعاملات بحسب صعوبة وسهولة المنتج ومناسبته لقدرات العاملة الجسمانية، إذ يبلغ متوسط إنتاج عاملة التجميع يومياً 218 وحدة لمعظم خطوط الإنتاج، في حين يبلغ معدل إنتاج العاملة الواحدة شهرياً بين 4000 و5000 وحدة، إضافة إلى عدد الحبات التي تنتجها الموظفة بنظام الحوافز، أما عاملة الاختبار الكهربائي، فتختبر 870 وحدة يومياً. وتتفاوت أعمار العاملات وحالاتهن الاجتماعية ورواتبهن تبعاً لمسمياتهن الوظيفية، في حين تتنوع نسب حوافزهن وفقاً لحصيلة إنتاجهن الإضافية، فأعمارهن تراوح بين 22 و40 عاماً، و65 في المئة منهن غير متزوجات، و25 في المئة متزوجات، وعشرة في المئة مطلقات. أما رواتبهن فتبلغ ثلاثة آلاف ريال، يضاف إليها 500 ريال في حال تحقيق العاملة الهدف اليومي، و80 هللة لكل حبة إضافية من وحدات الإنارة، أما القائمون بالأعمال الإدارية من المساعدات، فيتقاضين 3500 ريال، يضاف إليها 600ريال في حال تحقيقهن الهدف الشهري كاملاً، أما مشرفة القسم النسائي، فيبلغ راتبها 8000 ريال شاملاً البدلات، ويضاف إليه 1800ريال عند تحقيقها الهدف الشهري. وأكدت مديرة المصنع نادية عبدالرحمن البواب ل"الحياة"، أن"الموظفة السعودية أثبتت جدارتها في المجال الصناعي أكثر من الرجل، الذي عادة ما يصيبه الكلل والملل، ولا يستمر في العمل أكثر من بضعة أشهر". وشدّدت البواب على قدرة العاملات على مواجهة تحديات العمل وقالت:"في أحد الأعوام طلبت إدارة الشركة إنتاج 35 ألف وحدة إنارة خلال خمسة أيام، وكان عدد العاملات أقل من الفترة الحالية، وحققنا الهدف عبر مضاعفة الإنتاج، وشاركت المساعدات في عملية الإنتاج". من جهته، أشار مدير العلاقات العامة والحكومية لشركة الإنارة السعودية عبدالله بن لامي إلى أن القسم النسائي ينتج ثلاثة ملايين وحدة سنوياً تمثل 50 في المئة من وحدات الإنارة من النوع المكشوف الذي يستخدم كوحدة إنارة عامة في المنازل والبنايات العامة والمدارس. وذكر أنه تم توظيف العاملات السعوديات منذ عام 2002، وبلغت حصيلة إنتاج العاملات بعد التحاقهن رسمياً بالوظيفة بداية عام 2005 نصف مليون وحدة إنارة، واصفاً فكرة توظيف المرأة السعودية في الصناعة بأنها"صائبة"، ووجدنا تشجيعاً من جمعية النهضة النسائية الخيرية، من خلال تواصلنا معها واستشارتنا لها وطلب التوظيف من خلالها. وتابع رمي:"لدينا 120عاملة وموظفة حالياً، وأول دفعة شملت 30 عاملة، ثم تم تعيين أكثر من عشر دفعات متوالية بعدها، ونأمل أن يصل عددهن إلى 200 في نهاية عام 2014". وعن شروط توظيفهن، قال إن الشركة لا تفرض شروطاً على المتقدمات، ولكن تنصح بأن يكون للعاملة محرم أو سائق للمجموعة يتولى توصيلها من وإلى المصنع، كما أننا نمنح الأولوية في التوظيف لذوي الاحتياجات الخاصة. وحول تطوير مهارات العاملات، قال لامي إننا عمدنا إلى إعداد برامج تدريبية خلال الأشهر الثلاثة الأولى للعاملة لتدريبها على جميع العمليات الفنية المطلوبة، ونركز على تحسين وتطوير بيئة العمل من خلال صيانة الأجهزة والمعدات باستمرار، وتوفير كل ما تحتاجه العاملة، وتأمين حراسة مشددة على دخولهن وخروجهن. وأضاف:"توفر الشركة فرصاً لتحسين الوضع المالي للعاملة، إذ إن هناك عاملات يتقاضين 2000 ريال شهرياً كحافز مادي فقط من زيادة الإنتاج، كما يتم تحفيز العاملة بمبلغ 750 ريالاً كل ثلاثة أشهر في حال حققت إنتاجاً أكثر من الهدف الشهري المطلوب خلال الأشهر المتتالية، مشيرة إلى أن العاملة تتمتع بإجازة مدفوعة الأجر مدتها 30 يوماً، إضافة إلى 10 أيام كإجازة اضطرارية غير مدفوعة الأجر. وعن المشكلات التي يواجهها المصنع من العمالة الوطنية ذكر لامي:"نعاني من نسبة تسرب العاملات المستجدات، خصوصاً بعد إكمالهن فترة التجربة، وهذا التسرب يرجع إلى بعد المسافة بين البيت والمصنع، وافتقارهن إلى محرم أو سائق مناسب".