وكيل وزارة الداخلية يرأس اجتماع وكلاء إمارات المناطق    دوريات الأمن بالقصيم تضبط مخالفاً لنظام البيئة    القادسية يكسب الرائد بهدفين    «أخضر 20» يخسر ودية إيران    القادسية يتفوق على الرائد بثنائية.. وهاتريك حمدالله يهدي الشباب الفوز على الخليج    المناطق الاقتصادية الخاصة.. قفزة نوعية في جذب الاستثمارات    عمل إنساني تخطى الحدود    الملك وولي العهد يُعزيان ملك السويد في ضحايا حادثة إطلاق نار بمدرسة    المؤثرات السعوديات قوة ناعمة عبر المنصات الرقمية    أمريكا تعلن فرض عقوبات على شبكة تنقل النفط الإيراني إلى الصين    "الرياض للجولف" يحتضن أبرز البطولات العالمية للرجال والسيدات    كيف أسهمت الرياضة في تحسين جودة الحياة؟    جسر حضاري يربط المملكة بالعالم    هيئة الفنون تنظّم "أسبوع فن الرياض" للاحتفاء بالمشهد الفني في المملكة    العلي يقدم قراءات ونماذج في أدب السيرة    «السعودي للتنمية» يشارك في افتتاح المشروع الإسكاني بوادي السيل والقلالي في البحرين    البرازيلي مارسيلو يعلن اعتزاله كرة القدم    مصر: مخطط إسرائيل لتهجير الفلسطينيين كارثي ويهدد التفاوض    الحميدي الرخيص في ذمة الله    الأمير سعود بن عبدالله يتوّج الفرس «نجابة العز» بكأس الأمير «سعود بن محمد» للفروسية    نيمار: سأرد على جيسوس في الملعب    تفقد المرافق العدلية في الأحساء.. الصمعاني: خدمة المستفيدين أولوية    إحباط تهريب 30 ألف قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    أمير القصيم يستقبل مديري المجاهدين السابق والجديد    ترمب: إسرائيل ستسلم غزة لأمريكا بعد انتهاء القتال    إنجاز عالمي لمصور سعودي على لائحة الجوائز العالمية    تسارع وتيرة نمو مبيعات التجزئة في اليورو خلال ديسمبر    "هيئة الطرق": طريق "الحقو – الريث" محور مهم لربط جازان بعسير    القتل تعزيراً لمهرب الإمفيتامين في مكة    ثبات محمد بن سلمان    «8» سنوات للأمير سعود في خدمة المدينة المنورة    توقيت نومك.. يتحكم في مزاجك    مستشفى سعودي يحصد المرتبة ال 15 عالمياً ويتصدر منشآت الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    آدم ينير منزل شريف    الشريف والمزين يزفان محمد    ملك الأردن : نرفض محاولة تهجير الفلسطينيين    الرئيس الأوكراني: مستعدون للتفاوض مع بوتين    الرئيس عون يتعهد وزيارة أميركية مرتقبة لبيروت.. حراك داخلي وخارجي لتسريع تشكيل الحكومة اللبنانية    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    الموت يغيب الفنان صالح العويل    تراث الأحساء كنز أصيل يبهر العالم    إطلاق معرض «آرت نهيل» لدعم الحرفيين    لبلب شبهها ب «جعفر العمدة».. امرأة تقاضي زوجها    رعي الحفل الختامي لمسابقة التحفيظ .. أمير الرياض: القيادة تهتم بالقرآن الكريم وحفظته والقائمين عليه    النزاهة مفهوم عصري    مفتي عام المملكة يستقبل المشرف على وحدة التوعية الفكرية بجامعة الملك فيصل    2.6 مليار ريال لإنشاء محطة «رأس محيسن»    الرديني يحتفل بعقد قران نجله ساهر    «الصحة»: إحالة مدعي الطب البديل لجهات الاختصاص لمحاسبته    رفقاً بمحاربي السرطان    قاعدة: الأصل براءة الذمة    معادلة السعودية «الذهبية»    التأسيس عز وفخر    مركز القرار.. السياسة الإنسانية الحصيفة تنشر السلام    صفحة بيت    إقامة ورشة عمل حول " توسيع أفق بحوث العلاج في أمراض الروماتيزم " الملتقى العلمي الدولي ٢٠٢٥    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    الرئيس السوري أحمد الشرع يغادر جدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن العلقمي
نشر في الحياة يوم 10 - 12 - 2013

كتبت ذات مرة ساخراً من قصة ابن سبأ بدعوى أن تلك الشخصية"المُلغزة"تحولت إلى رمز مكثف، يشير إلى غلبة الفكر التآمري على عقلية العرب والمسلمين. وإذا كان ابن سبأ تم تحميله مسؤولية إشعال شرارة الفتنة الكبرى في أواخر أيام الخليفة الراشدي عثمان بن عفان، والتي أفضت إلى تشرذم المسلمين وتفرق كلمتهم وتفتت وحدتهم، فإن الوزير الشيعي ابن العلقمي تم تحميله أيضاً مسؤولية التخابر مع العدو والتآمر معه على هدم الخلافة وسقوط رايتها، إن استدعاء الذاكرة المأزومة لابن سبأ ومثله ابن العلقمي في كل مرة تطبق علينا الهزيمة وتحل بنا الرزية، هو سلوك يريح النفس، ويجنبها مرارة المساءلة، وينحي على الآخرين باللائمة.
معظم الظن أن ابن سبأ، وهو شخصية مشكوك في تاريخها جرى تضخيمه، ومن ثم إقحامه ضمن نسيج أحداث الفتنة الكبرى، بغرض تحميله بكل خطايا وآثام الصراع الدنيوي بين المتنافسين على مقاليد السلطة، وهو الأمر الذي سيضمن سلامة الصورة الطوباوية من التعرض لأي خدش، ولقي توظيف المؤرخين لابن سبأ للقيام بزرع بذور الفتنة قبولاً وتأييداً، بخاصة وأن الرجل يقال عنه أنه يهودي، تظاهر بالإسلام والتشيع لعلي، وما نيته إلا أن يكيد للإسلام وأهله.
وأما الوزير ابن العلقمي، وهو ما سنخصه بمعظم الكلام، فوجد فيه المؤرخون والمتعصبون ملجأً لتحميله وزر ضياع الخلافة وانطفاء شعلتها، عوضاً عن مكاشفة النفس ومواجهتها بشجاعة.
فالرجل، الذي صار اسمه مثلاً للخيانة ورمزاً للعمالة، متهم بمباطنة التتار ومكاتبتهم سراً، لأجل غزو بغداد وهدم الخلافة، بعد أن امتلأ قلبه بالغل والحقد، جراء ما طاول أبناء طائفته الشيعة من قتل وسبي وحرق ونهب على يد جيش الخليفة المستعصم، وإذا سلمنا بهذا الادعاء، فأيّ نفع حصل للوزير أو لطائفته بعد أن فتكت سيوف التتار بأهل بغداد قاطبة من دون تفريق بين سني أو شيعي؟
وعلاوة على ذلك، فهل يعقل أن يطوي هولاكو وجيشه الجرار السهول والوديان والفيافي والجبال، لكي يشفي غليل الوزير من أعدائه، ويعينه على تشييد دولة العلويين فوق أنقاض دولة العباسيين؟ أيّ ساذج هذا الذي يظن أن هولاكو كان بحاجة إلى كتب ابن العلقمي حتى يعلن النفير في جنده، ويزحف بهم على بغداد؟
كانت بغداد وغيرها من ممالك الأرض تحت أنظار المغول، وما كان هؤلاء الغزاة الأوباش المتجردون من كل رحمة بحاجة إلى خيانة ابن العلقمي، حتى ينثالوا بجموع تسد عين الشمس من كثرتهم، وحين بلغ الخليفة كتاب هولاكو الذي يتوعده فيه بالسير إلى بغداد بجيش كالنمل والجراد، ارتجف الخليفة المستضعف واضطرب، فأشار إليه وزيره ببذل الأموال والتحف والهدايا وإرسالها إلى هولاكو مع تقديم الاعتذار إليه، وجعل الخطبة والسكة باسمه، على نحو ما كانت الأمور تسير عليه أيام البويهيين والسلاجقة، ولما همّ المستعصم بالأخذ برأي وزيره، اعترض قائد جيشه"الدواتدار"الصغير ومن معه من الحاشية، بحجة أنهم قادرون على التصدي لهولاكو وكسر شوكته، فما كان من المستعصم إلا أن مال إلى رأي قائد جيشه، وعدل عن رأي وزيره، أيقال بعد هذا الرأي إن الرجل كان يخابر هولاكو، ويحرضه على غزو بغداد، لأجل ما جرى لطائفته من النهب والخزي؟
عموماً، الجعبة ما زال فيها من الأدلة ما يكفي لدحض التهمة المنسوبة إلى ابن العلقمي ورد الاعتبار إليه، ولكن ضيق المساحة المخصصة يفرض عليّ تحري الإيجاز والابتسار. خلاصة القول، إن وجود كل من ابن سبأ وابن العلقمي في الذاكرة الجمعية، في رأيي الشخصي، يعد ضرورة ماسة للعقلية العربية التي اعتادت على الاقتئات من فكر المؤامرة، إنك مهما جئت ببراهين تقزّم بها أسطورة ابن سبأ، وتبرئ بها ساحة ابن العلقمي، فلن تجد لها أذناً صاغية، وذلك لأنه ليس هناك ما هو أجمل من أن تضع رأسك على وسادة المؤامرة، ملقياً بهزائمك على الآخرين!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.