تواصلت أمس في مصر مساعي التهدئة لتجاوز تداعيات «أحداث ماسبيرو» التي شهدت اشتباكات بين قوات الجيش ومتظاهرين أقباط الأحد الماضي أوقعت 25 قتيلاً وأكثر من 200 مصاب، فيما أعلن رئيس هيئة القضاء العسكري اللواء عادل المرسي أن التحقيق العسكري سيكون الوحيد في الأحداث، مشيراً إلى أن «أسرار» تحقيقات النيابة لن تعلن. وأكد المرسي «إحالة جميع تحقيقات النيابة العامة في الأحداث إلى النيابة العسكرية التي تباشر التحقيق دون غيرها لاختصاصها القضائي الأصيل في القضية»، مشدداً على أن «القضاء العسكري يباشر التحقيق في القضية طبقاً للدستور والقانون باعتباره هيئة قضائية مستقلة تتوافر لها كل ضمانات الحياد والعدالة القانونية وسبل الدفاع عن المتهمين بصورة كاملة من دون تحيز لمصلحة أحد أطراف الدعوى أو ضد مصلحته». ودعا «كل من لديه مستندات أو أدلة أو معلومات تفيد التحقيقات في الأحداث التقدم بها فوراً للنيابة العسكرية. وأوضح أن «التحقيقات التي تجريها النيابة والمسالك التي تسفر عنها من أسرار لا يجوز إفشاؤها من أعضاء النيابة ومساعديهم من كتاب وخبراء، سواء ممن يتصلون بالتحقيق أو يحضرونه بصفة مهنتهم أو وظيفتهم». إلى ذلك، دعا المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يحكم مصر في اختتام اجتماع مشترك مع المجلس الوزاري المصغر أمس إلى «ضرورة الانتباه لمحاولات البعض الوقيعة بين الشعب والقوات المسلحة من جهة، وبين مسلمي الوطن ومسيحييه من جهة أخرى». وأكد «تجديد ثقته في الحكومة القائمة مع تقديم الدعم الكامل لها». وتعهد العمل مع الحكومة «بمنتهى الجدية على رغم الظروف التي تشهدها البلاد خلال المرحلة الانتقالية، وذلك لتحقيق الأمن والاستقرار للبلاد، انتهاء بالوصول إلى دولة مدنية حديثة ذات أسس ديموقراطية سليمة تحترم فيها حقوق جميع العقائد وحقوق الإنسان». وقال وزير الإعلام أسامة هيكل إن اجتماع المجلس العسكري ومجلس الوزراء المصغر «أبدى أسفه لوقوع ضحايا من المصريين خلال هذه الأحداث وتقدم بخالص العزاء لأسر جميع الضحايا». وأوضح أن «الاجتماع أكد أن القوات المسلحة لم تكن ولن تكون أبداً في مواجهة مع أبناء الوطن مهما كانت الدوافع والأسباب والظروف، وأن ما حدث أمام ماسبيرو كان تظاهرة سلمية استغلها البعض في محاولة لضرب استقرار الوطن وإحداث الفوضى وإسقاط الدولة ككل ولا يزال البعض يحاول استثمار هذه الأحداث لتحقيق هذه الأهداف». وقدم رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف باسم الحكومة «واجب العزاء للقوات المسلحة في ضحايا الأحداث» خلال اجتماعه مع أعضاء المجلس العسكري أمس. وأكد «قدرة مصر على التصدي للفتن ومروجيها والمحافظة على سلامة النسيج الاجتماعي المصري من المتربصين به والسير قدماً في طريق بناء مصر الديموقراطية الحديثة». وزار شرف بطريرك الأقباط البابا شنودة الثالث، وعرضا وجهتي نظر الكنيسة والحكومة في شأن أسباب المشكلة وسبل علاجها وكيفية منع تكرار تلك الأحداث. واتفقا على «ضرورة حماية الوحدة الوطنية باعتبارها أحد أركان الدولة»، وأكدا «حاجة المجتمع إلى الاستقرار والسلام في هذه المرحلة الانتقالية الحرجة التي تخوضها البلاد». وزارت لجنة تقصي الحقائق المشكلة من وزارة العدل قرية المريناب في أسوان للاطلاع على مشكلة كنيسة القرية التي أطلق الاعتداء عليها شرارة «أحداث ماسبيرو»، والتقت أسقف أسوان الأنبا هيدرا ورئيس مجلس مدينة إدفو عبدالفتاح زغلول وبعض القيادات التنفيذية في المحافظة. وعقد ناشطون أمس مؤتمراً صحافياً قدم رواية مغايرة لرواية الجيش للأحداث التي سردها عضوا المجلس العسكري اللواءان عادل عمارة ومحمد حجازي أول من أمس وأكدا فيها أن الجنود لم يطلقوا النار على المتظاهرين وشككا في وقائع دهس بعض المتظاهرين بمدرعات عسكرية. وقالت عضو المكتب السياسي في «حركة 6 أبريل» إنجي حمدي إن المؤتمر «يضلل الرأي العام، وعلى المجلس العسكري أن يحمي مصر والمصريين ويتخلى عن حماية نظام (الرئيس السابق حسني) مبارك». وتساءلت: «من أطلق الرصاص ومن دهس المتظاهرين بالمدرعات؟... هناك أشرطة مصورة كثيرة توضح عنف الشرطة العسكرية ودهس المتظاهرين بالمدرعات». وطالبت بإقالة وزير الإعلام ومحاكمته بتهمة «نشر الإشاعات والتحريض المباشر على حرب أهلية»، معتبرة أن «ما قام به التلفزيون في تغطية الأحداث هو أكثر فجوراً من تغطيته أحداث يناير». وفي إطار المساعي لتهدئة الأوضاع، دعت حركات وائتلافات عدة إلى المشاركة في مسيرة لتأكيد الوحدة الوطنية، منها «ائتلاف الأزهر الشريف» و «حركة 6 أبريل - الجبهة الديموقراطية»، و «صفحة ثورة الغضب المصرية الثانية»، و «الثوار المستقلون». وقالت القوى الداعية إلى المسيرة التي تنطلق بعد صلاة الجمعة من الأزهر إن هدف التظاهرة «إثبات أن لا وجود لفتنة في مصر». من جهة أخرى، واصلت لجان القيد تلقي طلبات الترشح للانتخابات البرلمانية المقررة الشهر المقبل. وقال رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار عبدالمعز إبراهيم إن 1325 مرشحاً، بينهم 1228 عن المقاعد الفردية للشعب و97 عن المقاعد الفردية للشورى، تقدموا بأوراقهم في أول أيام فتح باب الترشح أول من أمس. وأشار إلى أنه لم يتقدم أحد بقوائم حزبية في اليوم الأول الذي مر بسلام. وعلمت «الحياة» من مصادر حزبية أن هناك خلافات على إعداد القوائم النهائية، إذ يطالب قياديون وأعضاء بوضعهم في مراتب متقدمة على رؤوس القوائم لضمان نجاحهم. وقالت مصادر في «التحالف الديموقراطي من أجل مصر» الذي يضم أكثر من 40 حزباً وائتلافاً على رأسها «حزب الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، إن بعض الأحزاب داخل التحالف اعترض على وضع أعضاء حزب «الإخوان» على رأس قوائم التحالف، فيما اعترض أعضاء في حزب «الوفد» على تضمين قوائم الحزب أعضاء سابقين في الحزب «الوطني» المنحل. وعطل الخلاف داخل حزب «التجمع» حول عقد جمعيته العمومية لاختيار قيادة جديدة للحزب تشكيل قوائم «الكتلة المصرية» التي يعتبر «التجمع» أحد أهم أحزابها. وأفيد بأن الأحزاب تنتظر الأيام الأخيرة قبل غلق باب الترشح في الانتخابات الثلثاء المقبل من أجل منحها فرصة أكبر لتجاوز خلافاتها تجنباً لأية انشقاقات. وإزاء إقبال قيادات وأعضاء الحزب «الوطني» المنحل على الترشح في الانتخابات على المقاعد الفردية وأيضاً من خلال أحزاب ولدت من رحم الحزب الحاكم السابق، أطلقت فاعليات عدة حملة تحت عنوان «أمسك فلول» للتوعية بعدم انتخاب الأعضاء السابقين في «الوطني» الذين توعدت الحملة بإعلان أسمائهم بعد غلق باب الترشح للطعن عليها.