تفاعلت أمس تداعيات «أحداث ماسبيرو» على نحو متسارع دفع نائب رئيس الوزراء وزير المال الدكتور حازم الببلاوي إلى تقديم استقالته، احتجاجاً على التعاطي مع الأزمة، فيما تبدأ اللجنة العليا للانتخابات اليوم تلقي طلبات الترشح لانتخابات غرفتي البرلمان (مجلسي الشعب والشورى) التي تتم على ثلاث مراحل ابتداء من منتصف الشهر المقبل. وما زالت الأحزاب السياسية تعكف على إعداد قوائمها الانتخابية. وبدا أن الأمور تتجه نحو أزمة وزارية، إذ تقدم نائب رئيس الوزراء باستقالته احتجاجاً على تعامل الحكومة مع أحداث ماسبيرو. وقال الببلاوي إنه قدم الاستقالة لرئيس الوزراء الدكتور عصام شرف «في ضوء خلفيات أحداث ماسبيرو، وما ترتب عليها من إخلال شديد بأمن وأمان المجتمع الذي هو من المسؤولية الأساسية للحكومة... على رغم أنه قد لا تكون هناك مسؤولية مباشرة على الحكومة في ذلك، إلا أن المسؤولية في النهاية تقع على عاتقها. والظروف الحالية صعبة للغاية وتحتاج إلى فكر وعمل جديد ومختلف». وقال رئيس الوزراء عصام شرف إن الحكومة تضع استقالتها في مثل هذه الظروف تحت إمرة المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وحرص على تأكيد أن «هذا الإجراء متبع ولا يعني الاستقالة». وأضاف في مؤتمر صحافي مشترك مع النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان طه، أن الدكتور حازم الببلاوي أرسل له استقالته، وأنها محل بحث. وتابع: «نحن مستمرون إلى أن يجدّ جديد». وكانت قوى سياسية عدة طالبت الحكومة بالاستقالة. واعتبر شرف أن ما حدث أمام ماسبيرو من أحداث مؤسفة «يؤكد أن هناك شيئاً غريباً ننتظر أن تفسره التحقيقات»، مؤكداً أن «إحساس الجميع يؤكد أن ما حدث لا يعبر عن طبيعة الشعب المصري، وسننتظر نتيجة التحقيقات الجارية حتى نضع أيدينا على حقيقة الأمور». وأصدر وزير العدل المستشار محمد عبدالعزيز الجندي أمس قراراً بتشكيل لجنة تقصي حقائق في أحداث ماسبيرو برئاسة المستشار عمر مروان وعضوية المستشارين حمادة الصاوي وأيمن محمد كامل عفيفي. وطلب الوزير من اللجنة سرعة الانتهاء من أعمالها في أسرع وقت ممكن. على صعيد متصل، قررت النيابة العسكرية التي تباشر التحقيقات مع 27 متهماً في أحداث ماسبيرو، بينهم مسلمون وأقباط، حبسهم جميعاً 15 يوماً على ذمة التحقيقات. ووجهت النيابة العسكرية إلى المتهمين تهم «التعدي على أفراد القوات المسلحة وإتلاف وتخريب معدات تابعة للجيش، ما أدى إلى وفاة وإصابة عدد من هذه القوات». وشيّع آلاف المسيحيين والمسلمين فجر أمس من ميدان التحرير جثمان الشاب مينا دانيال الذي قُتل في أحداث ماسبيرو. وطافوا به الميدان مرات عدة قبل أن يشيعوه إلى مثواه الأخير. وردد المشيعون بعض الهتافات المطالبة بضرورة كشف حقيقة «أحداث ماسبيرو» ومحاسبة الجناة. وتعرض مشيعو الجنازة بعد خروجهم من مقر الكاتدرائية المرقسية في ضاحية العباسية صوب ميدان التحرير إلى هجوم من مجهولين بالحجارة والزجاجات الفارغة. وأعربت «الدعوة السلفية» عن أسفها وحزنها وقلقها تجاه أحداث ماسبيرو التي قالت إنها «تهدد كيان الدولة ومستقبل البلاد». وأدانت في شدة «الاعتداء على القوات المسلحة والشرطة والممتلكات العامة والخاصة، والمطالبات بالتدخل الأجنبي»، معتبرة أن هناك «تواطؤاً بين أطراف داخلية وخارجية تستهدف إدخال مصر إلى حال الفوضى الخلاقة». وحذرت المسيحيين من «الوقوع فريسة لمن يحاولون توظيفهم لتنفيذ مخططات لا تريد الخير لوطنهم». وقالت إن «تظاهرات ماسبيرو حماها الجيش على رغم التجاوزات اللفظية التي كانت فيها، حتى بدأ العنف من المتظاهرين». وحذرت الحكومة من التعجل في إصدار أي قوانين بخصوص بناء الكنائس، وطالبتها بترك الأمر للبرلمان المنتخب. أما حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، فدان «كل صور العنف التي وقعت في الأحداث أياً كان مصدرها ومبرراتها». وأكد «ضرورة إزالة الاحتقان الحالي الذي تسبب فيه عدم تقنين وضع الكنائس غير المرخصة التي غرسها النظام السابق كوسيلة للابتزاز وزرع الفتن داخل المجتمع المصري». وطالب المصريين، خصوصاً الأقباط، ب «المشاركة النشطة في الحياة العامة والانتخابات المقبلة». ووسط هذه الأجواء المرتبكة، تبدأ اللجنة العليا للانتخابات في تلقي طلبات الترشح في الانتخابات البرلمانية اليوم، فيما لم تنتهِ الأحزاب من إعداد قوائمها الانتخابية. وقال المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية وكيل مؤسسي حزب «الغد الجديد» الدكتور أيمن نور إن «التحالف الديموقراطي من أجل مصر» الذي يضم أكثر من 40 حزباً أبرزها «الحرية والعدالة»، لم تنتهِ من إعداد قائمتها الموحدة، مشيراً إلى أن اجتماعات مستمرة بين الأحزاب تعقد من أجل الاستقرار على قائمة نهائية. وأوضح أن موضوع نسبة كل حزب في هذه القائمة ما زال محل بحث. وقال رئيس حزب «التجمع» الدكتور رفعت السعيد ل «الحياة» إن أحزاب «الكتلة المصرية» المنضوي حزبه في إطارها لم تحسم هي الأخرى قائمتها النهائية. وعن رأيه في موضوع تأجيل الانتخابات في ظل هذه الأجواء، قال: «الأمر يتوقف على فترة التأجيل... هل تكون شهرين أم عامين». وأضاف أن المجلس العسكري أبلغ رؤساء الأحزاب أن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي أبلغتا القاهرة أنه لن يتم منح أية معونات لحكومة عسكرية، ومن ثم فإنه يجب الإسراع في تسليم السلطة للمدنيين. وقرر «اتحاد شباب الثورة» مقاطعة الانتخابات احتجاجاً على «إصرار المجلس العسكري على عدم تغيير قانون مجلس الشعب الجديد وقانون الدوائر الانتخابية». ورأى الاتحاد في بيان أن الوضع الحالي للبلاد، «لا يتحمل معارك الاستقطاب السياسي والديني بين القوى السياسية، وهو ما جعله يفضل تجنب هذه المعارك وتوجيه كل قواه لتحقيق أهداف الثورة». وكان الاتحاد الذي يضم عدداً من شباب الثورة وائتلافاتها أعلن في وقت سابق اعتزامه خوض الانتخابات بقائمة تضم 150 مرشحاً.