وقّع وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل في العاصمة النمسوية فيينا أمس مع نائب المستشار النمسوي وزير الشؤون الأوروبية للنمسا ميخائيل شبيندلغر، ووزيرة الخارجية والتعاون في إسبانيا ترينيداد خمينيس غارسيا هريريا، اتفاق إنشاء مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار، بحضور عدد من ممثلي الهيئات والمنظمات الدولية وهيئات الحوار الديني والثقافي، وعدد من الشخصيات الاجتماعية. ووفق نص الاتفاق «يتخذ المركز من مدينة فيينا مقراً له ويتمتع بشخصية قانونية دولية، وله الحق في التعاقد والتمتع بالمميزات كافة، والضوابط التشريعية التي يخولها القانون، كما بإمكانه اتخاذ الإجراءات التي يراها مهمة في إطار ممارسة أنشطته وتأدية رسالته». وحدد الاتفاق أهداف المركز بدعم الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم والاحترام والتعاون بين الشعوب، وحفز العدالة والسلام والمصالحة، ومواجهة تبرير العنف والصراعات بغطاء الديانات، والدعوة إلى منهج مسؤول لتكريس البعد الديني والروحي للأفراد والمجتمعات. وانبثقت فكرة إنشاء المركز الذي تقدر كلفته ب 13 مليون دولار من المؤتمر العالمي للحوار الذي عقد في تموز (يوليو) 2008 في مدريد برعاية كل من خادم الحرمين الشريفين والعاهل الإسباني الملك خوان كارلوس وبمشاركة ممثلين من مختلف الأديان والثقافات. وكان مؤتمر مدريد دعا إلى إنشاء إطار مؤسساتي للحوار يكون مبنياً على أساس «حفظ الكرامة الإنسانية، ونشر حقوق الإنسان ودعم السلام، والوفاء بالعهود، واحترام تراث كل البشر وحقهم في الحرية والأمن وتقرير المصير». وكانت مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لإنشاء المؤسسة لقيت ترحاباً من العديد من الدول إلى أن تم الاتفاق قبل ثلاثة أعوام مع كل من النمسا وإسبانيا للعمل على بلْورة فكرة المشروع على أرض الواقع. ويضم المجلس هيئة إدارية مكونة من خمسة أشخاص، تمثل الأديان السماوية والمعتقدات الرئيسية في العالم، كما تتضمن الوثيقة التأسيسية إشارة إلى إرساء هيئة استشارية للمركز مكونة من 100 شخصية من أتباع الديانات الرئيسية في العالم، وإرساء أمانة عامة تتابع الأنشطة اليومية للمركز وتتخذ من فيينا مقراً لها. وفي هذا الصدد، شدد كل من وزير الخارجية السعودي ونظيرته الإسبانية ترينيداد ونائب المستشار النمسوي شبينديليغر على الدور الاستراتيجي الذي سيشكله مركز الملك عبدالله العالمي لحوار الحضارات في هذا الإطار باعتباره «سيمثل مرجعاً» لأية مبادرات تنصّب في هذا الاتجاه، فضلاً عما سيتيحه من تواصل مع النخب والمختصين في هذا المجال من أجل البحث العلمي والعمل على إزاحة سوء الفهم السائد بين الكثير من معتنقي الديانات المختلفة وتعزيز التعايش السلمي بين المجتمع والفرد في إطار المساواة والعدالة الاجتماعية. وأشار الامير سعود في كلمة ألقاها خلال مراسم التوقيع الى أن «كافة الأديان تتقاسم القيم الجوهرية ذاتها، وأن هدفها الأساسي الدعوة للخير والتصدي للشر»، مشيراً إلى أن أولويات المركز هي الإسهام في خلق أجواء التعايش السلمي والتسامح واحترام حقوق الأقليات المذهبية. كما أكد الفيصل استعداد المملكة للإسهام في تمويل المركز و«وضع كل ثقلها المعنوي والسياسي تأييداً ودعماً له، مع التأكيد على احترام استقلالية المركز، والنأي به عن أية تأثيرات سياسية». وتجدر الإشارة إلى أن مركز الملك عبدالله العالمي لحوار الحضارات سيدشن رسمياً في فيينا منتصف العام المقبل، وسيضم تحت أجنحته المتعددة أكثر من مائة موظف، إضافة لمجلس إدارة يضم ممثلين عن الأديان والطوائف كافة، كما سيشغل الكاردينال جان لويس تاوران رئيس المجلس البابوي لحوار الأديان صفة العضو المراقب فيه. كما وسيشهد المركز عملية اختيار الأمين العام له وفقاً للآلية المعمول بها داخل المنظمات الدولية، وذلك على اعتبار أن أسس المركز العالمي للحوار تنبثق من الميثاق العام للأمم المتحدة.